داخل حسن جريو
أكاديمي
(Dakhil Hassan Jerew)
الحوار المتمدن-العدد: 7784 - 2023 / 11 / 3 - 09:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تعود بدايات القضية الفلسطينية إلى مطلع القرن العشرين, بعد أن سيطرت بريطانيا على فلسطين عقب هزيمة الإمبراطورية العثمانية المتحالفة يومذاك مع ألمانيا ، حيث كانت فلسطين ومعظم البلدان العربية خاضعة للدولة العثمانية , والتي تم تقسيمها بين بريطانيا وفرنسا بموجب معاهدة سايكس بيكو سيئة الصيت , التي أخضعت العراق وشرق الأردن وفلسطين للهيمنة البريطانية . كانت فلسطين بلدا عربيا خالصا تسكنه أقلية يهودية نسبتها حسب تقديرات عام 1922 نحو (8%) من إجمالي سكان فلسطين , وفي عام 1918 بلغ مجموع الأراضي الفلسطينية التي كان يملكها اليهود (650 ) ألف دونم أي ما يشكل ( 2%) من إجمالي مساحة فلسطين، ارتفعت النسبة إلى( 8%) عام 1948. كما إرتفعت نسبة السكان اليهود لتصبح نحو (31.5%) بسبب سياسة الهجرة التي إعتمدتها سلطة الإنتداب البريطاني تجاههم ,بتشجيعهم على الهجرة من البلدان الأوربية , للإستطيان في فلسطين كوطن قومي لهم تنفيذا لوعد بلفور المشؤم الذي اطلقه وزير خارجيتها بلفور عام 1917 , والذي جاء نصه :
" تنظر حكومة صاحب الجلالة بعين العطف إلى إقامة وطن قوميّ للشعب اليهوديّ في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر ".
لم تبذل حكومة الإنتداب البريطاني أي جهد لحماية حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه ووطنه , بل العكس من ذلك تماما إذ أنها سعت لتغيير التركيبة السكانية الفلسطينية بفتح أبواب الهجرة اليهودية على مصراعيها , من الدول الأوربية في أعقاب الحرب العالمية الثانية دون أي كتراث لما قد يلحق بسكان فلسطين العرب من أضرار بالغة . ساعد البريطانيون اليهود على شراء الأراضي في فلسطين وبناء مستعمرات إستيطانية محمية بقوة السلاح , الأمر الذي أدى إلى صراعات دامية بين المستوطنين الجدد القادمين من مختلف دول العالم بدعم ورعاية دولة الإنتداب ومساندة الولايات المتحدة الأمريكية ويقية الدول الأوربية , للتخلص من عقدة الذنب التي إرتكبتها هذه الدول من مجازر بحق مواطنيها اليهود في الحرب العالمية الثانية وما قبلها.
اندلعت اضطرابات واشتباكات عدة في مختلف مناطق فلسطين، وزاد من حدتها تزايد الهجرات اليهودية ووصول عدد المستوطنات لأكثر من( 100) مستوطنة، إضافة إلى دخول المؤسسات الصهيونية في مؤسسات الانتداب البريطاني، مما اعتبره الفلسطينيون وضعا غير عادل لأصحاب الأرض . حدثت أبرز الاضطرابات المعادية للصهاينة , بمدينة يافا في نيسان 1920 وفي آيار 1921 التي إستشهد فيها (67 ) فلسطينيا وقتل (48 ) صهيونيا مستوطنا. اعترفت بريطانيا بالوكالة اليهودية بعد أن أنشأتها عام 1929، بالمقابل لم يتم الاعتراف بأي هيئة تمثل الغالبية العربية. وفي عام 1935 اكتشف الفلسطينيون شحنة ضخمة من الأسلحة المهربة لصالح المنظمة العسكرية الصهيونية "الهاغانا" (المسؤولة عن عدة مجازر ضد الفلسطينين) مما زاد من مخاوف الفلسطينيين من تشريدهم من مناطقهم بالوسائل العسكرية. وفي تشرين الأول 1933 إندلعت مظاهرات صاخبة في جميع أنحاء فلسطين، تعبيرا عن الغضب من السياسات البريطانية التي مارست كل أشكال العنف والقمع، خاصة بعدما أعدمت رموزا فلسطينية في آب 1929 شاركت في ثورة البراق .
بدأت منظمات فلسطينية سرية شبه عسكرية بالتشكل، منها جماعة اليد السوداء بقيادة عز الدين القسام، الذي استشهد في كمين نصبته له القوات البريطانية في 20 /تشرين الأول 1935 . أدى اغتيال القسام إلى إشعال فتيل الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936 تزامنا مع زيادة الاستيلاء اليهودي على الأراضي لاستيعاب الهجرة اليهودية المتزايدة، وفقدان المئات من العمال الفلسطينيين لفرص عملهم ، بالإضافة لخطط تقسيم فلسطين . إشتدت الإضطرابات بين الفلسطينيين واليهود الصهاينة، وإزداد عدد القتلى والجرحى ، فأعلنت بريطانيا حالة الطوارئ وفرضت حظر تجول في البلاد، فرد عليها الفلسطينيون بحملة إضراب عام ، وبدأوا حملة مسلحة ضد الانتداب البريطاني .وفي عام 1944 أصدر حزب العمال البريطاني قرارا يوصي بتهجير الفلسطينيين من مناطقهم مقابل استقبال أعداد أكبر من اليهود .
طالبت الوكالة اليهودية عام 1946بإقامة دولة في فلسطين، طبقا لما أوصت به "لجنة بيل" عام 1937، تضم جميع منطقة الجليل والسهل الساحلي الغربي باستثناء منطقة يافا . أوصت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية، على أن توضع القدس تحت الوصاية الدولية، مع إنهاء الانتداب البريطاني. وفي 9 نيسان 1948 أبادت العصابات الصهيونية قرية دير ياسين الفلسطينية عن بكرة أبيها، وقتلت جميع سكانها البالغ عددهم آنذاك( 279 ) شخصا، معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ . أعلنت بعدها المنظمات الصهيونية قيام دولة إسرائيل، بعد أن تم تهجير قرابة ( 950 ) ألف فلسطيني عبر المذابح والترهيب من قراهم ومدنهم إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المجاورة، من أصل( مليون و400 )ألف نسمة . بينما رفضت المنظمات الفلسطينية قرار التقسيم وتمسكت بوحدة الأراضي الفلسطينة وقيام دولة فلسطين حرة مستقلة تساندها بذلك البلدان العربية .
إندلعت أول معركة شاملة بين العرب والكيان الإسرائيلي عام 1948، وشاركت فيها جيوش الدول العربية المجاورة لإسرائيل بالإضافة لما كان يعرف بجيش الإنقاذ العربي، ومشاركة آلاف المتطوعين من البلدان العربية والإسلامية . كانت نتيجة هذه الحرب المباشرة هزيمة العرب ووقوع كارثة التهجير الفلسطيني وتشريد الشعب الفلسطيني وتحول أكثريته إلى لاجئين. تعزى أسباب هزيمة العرب إلى الصراعات العربية العربية التي منعتها من التنسيق الحقيقي فيما بينها لإدارة الصراع، إضافة للدعم الغربي وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية للدولة الصهيونية الناشئة, بتأثير اللوبي الصهيوني الأمريكي وضعف التأثير العربي , على الرغم من المصالح الإقتصادية الأمريكية الواسعة وبخاصة في المجال النفطي في البلدان العربية, وبخاصة في المملكة العربية السعودية التي لو أحسن العرب إستخدامها, ربما تكون قد أحدثت تأثير بالحد من الإندفاع الأمريكي غير المنضبط تجاه الكيان الصهيوني .
شنت إسرائيل وبريطانيا وفرنسا حربا على مصر عام 1956 بسبب القرار الذي اتخذه الرئيس جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس. وقد توقف العدوان بفعل المقاومة المصرية والتهديد السوفييتي بالتدخل في الحرب.وإندلعت حرب ثالثة في الخامس من حزيران عام 1967 بهجوم مفاجئ شنته القوات الجوية الإسرائيلية على المطارات العسكرية المصرية .حققت الهجمة أهدافها , بإحتلال قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء والضفة الغربية وهضبة الجولان في سوريا خلال( 6 ) أيام فقط . ومرة أخرى تعزى أسباب فشل العرب وهزيمتهم المدوية إلى عدم إمتلاكهم خططا عسكرية محكمة, ورؤية سياسية واضحة لإدارة الصراع العربي الصهيوني المدعوم عسكريا ومعنويا وماليا من الدول الغربية بعامة ومن الولايات الأمريكية بخاصة , وسوء قراءة صحيحة للعلاقات الدولية وتقدير قوة الخصم , بدلا من تكريس جهدها على إلقاء الخطابات الرنانة التي تلهب مشاعر الجماهير المتطلعة لتحرير فلسطين طوال سنين ,وإستعراض مظاهر القوة العسكرية التي تبين لاحقا أنها إستعراضات بهلوانية لا أكثر ولا أقل , لتفيق الجماهير منها على صدمة هزت الوجدان العربي في كل مكان ,تمثلت بتدمير ثلاث جيوش عربية في ستة أيام , وإحتلال كامل فلسطين وشبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان في سورية ومزارع شبعا في لبنان . وتشير جريدة الديلي تلغراف في إحد تقاريرها عن هذه الحرب إلى أن إسرائيل قد حشدت على جبهات الحرب السورية والأردنية والمصرية ما يفوق أعداد أفراد الجيوش العربية المقابلة لها , فضلا عن عقيدتها الصهيونية القائمة على أساس أن خسارة أية حرب مع العرب , إنما تعني نهاية دولة إسرائيل.بينما راحت وسائل الإعلام المصرية تروج لفرية مفادها أن الغاية من هذه الحرب ليس إحتلال الأرض العربية , إنما الهدف منها إسقاط النظم العربية التقدمية , وبذلك قطعت هذه النظم طريق محاسبتها عن هذا الفشل الفادح بحق فلسطين وبلدانها , وإستمرت في السلطة ونهج سياساتها الفاشلة . وكالعادة لا يصح أن تنتهي هذه الحرب دون تسمية , فقد أطلف عليها تسمية النكسة .
وفي العام 1973 دارت حرب أخرى بين مصر وسوريا من جهة والكيان الصهيونى من جهة أخرى. تلقى الجيش الإسرائيلي ضربة قاسية في هذه الحرب حيث تم اختراق خط عسكري أساسي في شبه جزيرة سيناء وهو خط بارليف. وكان النجاح المصري ساحقا حتى( 20) كم شرق القناة. سمى البعض هذه الحرب بحرب التحرير , وأطلق عليها آخرون بحرب التحريك , ويقصد بذلك تحريك جهود التسوية المتعثرة بين مصر وإسرائيل التي ترعاها الأمم المتحدة لتنفيذ قرار مجلس الأمن ذي الرقم (242 ) الصادر في 22 نشرين الثاني عام 1967 الذي وافقت عليه الدول العربية اذات العلاقة المباشرة بالصراع, ونص على :
" أن مجلس الأمن: إذ يعرب عن قلقه المتواصل بشان الوضع الخطر في الشرق الأوسط وإذ يؤكد عدم القبول بالاستيلاء علي اراض بواسطة الحرب. والحاجة إلي العمل من أجل سلام دائم وعادل تستطيع كل دولة في المنطقة أن تعيش فيه بأمن وإذ يؤكد أيضاً أن جميع الدول الأعضاء بقبولها ميثاق الأمم المتحدة قد التزمت بالعمل وفقاً للمادة ( 2 ) من الميثاق .
1.يؤكد أن تحقيق مباديء الميثاق يتطلب إقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط ويستوجب تطبيق كلا المبدأين التاليين :
أ - سحب القوات المسلحة من أراض (الأراضي) التي احتلتها في النزاع .
ب - إنهاء جميع ادعاءات أو حالات الحرب واحترام واعتراف بسيادة وحدة أراضي كل دولة في المنطقة واستقلالها السياسي وحقها في العيش بسلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها وحرة من التهديد وأعمال القوة .
2. يؤكد أيضا الحاجة إلي :
. أ- ضمان حرية الملاحة في الممرات المائية الدولية في المنطقة
. ب- تحقيق تسوية عادلة لمشكلة اللاجئين
ج - ضمان المناعة الأقليمية والاستقلال السياسي لكل دولة في المنطقة عن طريق اجراءات بينها إقامة مناطق مجردة من السلاح .
." د- وقف إطلاق النار
أتاحت نتائج هذه الحرب للسلطة المصرية الفرصة لمحادثات أكثر جدية من ذي قبل بتشجيع من الإدارة الأمريكية , بالتفاوض مع إسرائيل لتسوية االقضية الفلسطينية وما ترتب عليها من نتائج لدول جوار فلسطين , أفضت إلى إتفاقات كامب ديفيد التي وقعها الرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن في 17 أيلول عام 1978, بحضور الرئيس الأمريكي جيمي كارتر في البيت الأييض التي تضمنت إطارا لإبرام معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل ,التي مهدت لتوقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل 1979, وبذلك خرجت مصر من الصراع العربي الفلسطيني , مما دفع البلدان العربية بإستثناء السودان والصومال وسلطنة عمان إلى قطع علاقاتها مع مصر وتعليق عضويتها بالجامعة العربية ونقل مقر الجامعة إلى تونس , وإستبدال أمينها العام المصري الجنسية بآخر تونسي الجنسية في شهر آذار عام 1979. تلقى السادات وبيغن جائزة نوبل للسلام لعام 1978 بالتقاسم , تقديرا لجهودهما بعقد معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل. وفي شهر آذار عام 1990، عقد مؤتمر القمة العربية الطارئ في الدار البيضاء في المغرب ، الذي شهد إنهاء مقاطعة مصر, وعودة مقر جامعة الدول العربية إلى القاهرة .
لحقت منظمة التحرير الفلسطينية بقافلة التسوية مع إسرائيل التي تخلت عنها في كامب ديفيد عبر ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي بموجب اتفاق سلام وقعته إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في مدينة واشنطن الأمريكية في 13 سبتمبر 1993، بحضور الرئيس الأمريكي بيل كلينتون. وسمي الاتفاق نسبة إلى مدينة أوسلو النرويجية التي تمت فيها المحادثات السرّية التي تمت في عام 1991 أفرزت هذا الاتفاق في ما عرف بمؤتمر مدريد .تعتبر اتفاقية أوسلو، أول اتفاقية رسمية مباشرة بين إسرائيل ممثلة بوزير خارجيتها آنذاك شمعون بيريز، ومنظمة التحرير الفلسطينية، ممثلة بأمين سر اللجنة التنفيذية ياسر عرفات. وفي 26 تشرين الأول عام 1994، وقع الأردن وإسرائيل معاهدة سلام كامل. وفي عام 1995، تبادل الأردن وإسرائيل السفراء، وبدأت السياحة والتبادلات التجارية الأخرى .
وبرغم كل هذه التنازلات التي قدمتها منظمة التحرير الفلسطينية ومصر والأردن في الإتفاقيات التي فرطت بالحق الفلسطيني , فجميعها لم تفض لتحقبق السلام المنشود بين العرب والصهاينة , ذلك أنها لم تلبي أيا من حقوق الفلسطينيين العادلة التي أبرزها عودة اللاجئين إلى بلدهم فلسطين وتعويضهم عن كل خسائرهم , وتمتعهم بحقوق المواطنة الكاملة في وطنهم , وإيقاف هجرة الصهاينة إلى فلسطين وإيقاف بناء المستوطنات , إذ ما زالت فلسطين محتلة من قبل إسرائيل حتى يومنا هذا .ولكن للأسف إستمر قطار التنازلات المهينة التي أخذت تقدمها بعض البلدان العربية ممن لا علاقة مباشرة لها بالقضية الفلسطينية, ولم يعرف عنها مشاركتها يوما في الحروب العربية الصهيونية , إذ أن بعضها لم تكون دولها قائمة يومذاك , حيث قامت دولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب والسودان , بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل مجانا دون أن تقدم إسرائيل شيىا لهذه الدول التي فتحت أبوابها مشرعة لدخول الإسرائليين وتسويق منتجاتهم والإقامة فيها حيثما شاؤوا وأينما شاؤوا دون حسيب أو رقيب , والسماح لهم بممارسة عملياتهم التجسسية وتصفية بعض خصومهم من قادة فلسطين في بلدانهم كما حدث في دبي للقيادي الفلسطيني محمود المبحوح . وتناقلت بعض وسائل الإعلام ان هناك ثمة تفاهمات بتشجيع من الولايات المتحدة الأمريكية لإلحاق المملكة العربية السعودية بقطار التطبيع لولا قيام الغزو الأمريكي لقطاع غزة حاليا .
وبرغم كل هذا الوهن والتداعي العربي المهين , لم تهدأ الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة يوما ,ولم تسلما من العدوان المستمر على المدنيين الفلسطينيين الآمنين وتجريف أراضيهم وهدم مساكنهم لبناء المزيد من المستوطنات لإيواء المستوطنين الجدد , بهدف تغيير معالمها الفلسطينية ومحو أرثها الفلسطيني العتيد .ففي اواخر عام 2008 وبعد حصار دام أكثر من ستة أشهر من قبل إسرائيل, شن الجيش الإسرائيلي هجوما وحشيا على قطاع غزة بحجة تدمير حركة حماس فبدأ بالقصف الجوي والبحري الكثيف على قطاع غزة لتدمير القطاع حتى تجبر المقاومة على الاستسلام وتجريدها من الأسلحة ، وبعد عدة أيام بدأ الهجوم الإسرائيلي البري ولم تستطع القوات الإسرائيلية القضاء على حركات المقاومة في القطاع بسبب بسالة مقاتليها .
في منتصف شهر تشرين ثاني من العام 2012 أقدم سلاح الجو الإسرائيلي على اغتيال رئيس أركان كتائب الشهيد عز الدين القسام في غزة أحمد الجعبري، وتلا هذا الاغتيال رد من المقاومة الفلسطينية بالصواريخ على المستوطنات الإسرائيلية, أعقبه هجوم مكثف شنه الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة بهدف وقف الصواريخ. استمر القصف الجوي الكثيف على قطاع غزة لمدة أسبوع دون أن تتوقف راجمات المقاومة الفلسطينية عن السقوط على البلدات الإسرائيلية. وقد شهدت هذه الحرب التي سمتها كتائب القسام معركة «حجارة السجيل» وسمتها إسرائيل «عمود السحاب»، شهدت قصف المقاومة الفلسطينية لمدن تل أبيب والقدس المحتلتين لأول مرة منذ عقود .
وفي العام 2015 إنطلقت الانتفاضة الفلسطينية الثالثة أو انتفاضة القدس، وهي موجة احتجاجات وأعمال عنف تشهدها الضفة الغربية وقطاع غزة وإسرائيل. تلتها عام 2021
الإنتفاضة الفلسطينية الرابعة , هي موجة احتجاجات شهدتها الضفة الغربية وقطاع غزة ومناطق عديدة في القدس الشرقية، ، على خلفية قرارات قضائية إسرائيلية، بإخلاء بيوت من حي الشيخ جراح، من سكانها الفلسطينيين، لصالح جمعيات استيطانية إسرائيلية .
وتشهد فلسطين الآن معركة طوفان الأقصى، وهي عملية عسكرية شنَّتها فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وعلى رأسها حركة حماس عبر ذراعها العسكري كتائب الشهيد عز الدين القسام ردًّا على الانتهاكات الإسرائيلية في باحات المسجد الأقصى المبارك واعتداء المستوطنين الإسرائيليين على المواطنين الفلسطينيين في القدس والضفة والداخل المحتل . تصاعد الصراع إلى حرب شاملة مدمرة شنتها إسرائيل بدعم وإسناد مباشر من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية ضد سكان قطاع غزة ,بدعوى "حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها ", بينما بعرف العالم أجمع أن إسرائيل منذ نشأتها وحتى يومنا هذا بؤرة توتر وعدوان وآلة قتل وتدمير وتهجير لملايين الفلسطينيين , ليعيشوا في مخميات لاجئين تحت رعاية وكالة غوث اللاجئين التابعة لهيئة الأمم المتحدة منذ عام نكبتهم عام 1948 . تمثل الدعم الغربي غير المسبوق في حروب إسرائيل العدوانية السابقة, بمشاركة الولايات المتحدة المباشرة بالحرب بحضور رئيس الولايات المتحدة جو بايدن شخصيا إلى إسرائيل للإطلاع على خططها العسكرية وتزويدها بأسلحة وأعتدة مضافة , وكأنها بحاجة إليها وهي تملك أحدث الأسلحة وأكثرها فتكا بما في ذلك الأسلحة النووية ويصنف جيشها أحد أفضل الجيوش في العالم عدة وعتادا , ومرابطة بارجتين حربيتين أمريكية قرب سواحل غزة , وكأنها تعد لمحاربة دولة عظمى وليس قطاع غزة المحاصر منذ عقود, وبضعة آلاف من المقاتلين الفلسطينيين الذين لا يملكون سوى أسلحة بسيطة قياسا لآلة الحرب الصهيونية وترسانتها العسكرية , لكنهم يدركون أن المقاتلين الفلسطينيين يملكون قلوب عامرة بالإيمان وحتمية النصر مهما تكالبت عليهم قوى البغي والعدوان . وتبع بايدن بزيارته المشؤمة الرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء البريطاني وغيرهم من قادة الشر والعدوان, وهم جميعا يعزفون معزوفة " حق إسرائيل بالدفاع عن النفس ", وكأنها هي المهددة بالغزو من الفلسطينيين وليس العكس حيث تقوم بغزو قطاع غزة المحاصر من جميع الجهات والمحروم من كل مقومات الحياة الأساسية من ماء وغذاء ودواء . والعجيب أن قادة من يسمون أنفسهم بالعالم الحر والدفاع عن حقوق الإنسان , يبررون قصف الصهاينة للمستشفيات والمراكز الصحية ودور العبادة ومساكن الناس المدنيين المكتضة بملايين البشر , بسوء حظهم العاثر الذي قادهم للتواجد فيها بدلا من محاسبة القائمين بهذه الأفعال الشريرة التي لا تقيم وزنا لحياة ملايين البشر ,طالما أنهم من الفلسطينيين , بينما يقيمون الدنيا ولا يقعدوها لقتلاهم الذين يزجونهم في حروبهم العدوانية ومغامراتهم العسكرية في بلدان الآخرين الآمنين في أوطانهم , ولا ينشدون سوى حرية أوطانهم والعيش فيها بكرامة وأمن وآمان . فالناس سواسية في الحقوق والحياة الكريمة الآمنة بصرف النظر عن أي إعتبارات أخرى .
أخير نقول أن قوة السلاح قد تفرض أمرا واقعا , لكنها لا يمكن أن تفرض أمرا مستداما , ذلك أن موازين القوى تتغير بإستمرار , ومن لديه شك فليراجع وقائع التأريخ البشري ليتأكد من ذلك , فالحق الفلسطيني في أرضه ووطنه فلسطين حق ثابت لا تمحوه عاديات الزمن طال أم قصر , وأن غدا لناظره قريب .
#داخل_حسن_جريو (هاشتاغ)
Dakhil_Hassan_Jerew#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟