خالد خليل
الحوار المتمدن-العدد: 7773 - 2023 / 10 / 23 - 15:31
المحور:
الادب والفن
في مدينة غزة الصاخبة، وسط بحر الوجوه التي مرت، عاش محمد. بالنسبة للمشاة المتسرعين، كان مجرد شخصية أخرى على الرصيف، لكنه اعتقد خلاف ذلك.
كل صباح، كان محمد يجلس على مقعد الحديقة المفضل لديه، تحت ظل شجرة زيتون قديمة. كان يشاهد الناس يمضون حياتهم، ولكل منهم حكاياته الفريدة. رأى الزوجين الشابين يمسكان بأيدي بعضهما، وتزدهر قصة حبهما مع كل خطوة يتخذانها. لاحظ أن الرجل المسن يطعم الحمام، متذكرا السنوات الماضية. ولاحظ موسيقي الشارع، الذي تحكي موسيقاه عن الأحلام والصراعات.
شعر محمد بعلاقة عميقة مع هؤلاء الغرباء، على الرغم من أنه لم يكن يعرف شيئا عنهم. رأى ما وراء السطح، مدركا أنهم ليسوا مجرد أرقام، وليس مجرد المارة، ولكن الأفراد الذين لديهم قصص محفورة في قلوبهم.
في أحد الأيام، قرر محمد كسر الحواجز غير المرئية التي فصلته عن العالم. بدأ في إجراء محادثات مع أولئك الذين لاحظهم لفترة طويلة. علم أن الزوجين الشابين التقيا بالصدفة في مكتبة، وكان الرجل المسن صيادا متقاعدا، وكان موسيقي الشارع عازف كمان موهوبا كان حلمه أن يؤدي على المسرح العالمي.
عندما استمع محمد إلى قصصهم، فهم عمق وتعقيد حياتهم. لم يكونوا مجرد كيانات مجهولة الهوية في حشد من الناس؛ بل كانوا أبطال رواياتهم الخاصة، المليئة بالفرح والألم والأمل.
بمرور الوقت، أصبح محمد الشخص الذي تحول إليه الناس عندما احتاجوا إلى أذن مستمعة. سمع قصصا عن الانتصار والمأساة، عن الحب الذي تم العثور عليه وفقدانه، عن الأحلام التي تم السعي إليها والتخلي عنها. كل شخص واجهه أثرى حياته بطرق لم يتخيلها أبدا.
وهكذا، استمر محمد في الجلوس على مقعد الحديقة في غزة، ولم يعد مجرد مراقب صامت ولكن مشارك نشط في النسيج البشري. لقد تعلم أنه في هذا البحر الشاسع من الإنسانية، لم يكن أحد مجرد رقم. كان لدى الجميع قصة يرويها، قصة تستحق أن يتم سماعها وفهمها والاعتزاز بها. في النهاية، كانت القصص هي التي ربطتهم جميعا، وتذكرهم بأنهم لم يكونوا وحدهم في رحلتهم عبر الحياة."
وفيما يتعرضون اليوم الى الابادة الجماعية، يصر العالم التحضر على اعتبارهم مجرد ارقام.
لكن محمد ما زال مصرا على الاستماع الى القصص
ويسردها تباعا، غير آبه بهدير الطائرات….
#خالد_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟