|
تجليات فلسطين في النص الشعري عند الشاعرة التونسية السامقة فائزة بنمسعود قصيدة -يا ابنة الطوفان- نموذجا
محمد المحسن
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 7770 - 2023 / 10 / 20 - 14:24
المحور:
الادب والفن
لا تغيب فلسطين عن وجدان أي مسلم بصفة عامة،وأي عربي بصفة خاصة،فهي الهم العربي الإسلامي القابع في النفس والعقل..كما تتجلى القدس بكل جمالياتها..كيف لا وهي أولى القبلتين ومسرى النبي وثالث الحرمين.. هذا بالنسبة للبعد الديني،وعلى البعد القومي فهي القضية المحورية للأمة العربية منذ عقود، وأجيال،تنبض في وجدان كل عربي حر،وتؤرق كل مسلم غيور. بيد أن هذا الأرق يختلف عن الشاعر عمن سواه من الجماهير،وما سمي الشاعر شاعرا لأنه يشعر بما لا يشعر به غيره،فالأرق والقلق يحترق في عقل الشاعر،ويخترق سويداء قلبه،فينتج شعرا صادقا من خلال تجربة فنية ناضجة بالألم والأمل.وهو ما تجلى في قصيدة الشاعرة التونسية القديرة فائزة بنمسعود "يا ابنة الطوفان" فألم فلسطين الجريحة يؤرق شاعرتنا ويقلقها فتنتج تجربة شعرية خاصة،ترسم من خلالها صورة فلسطين الواقع والمستقبل،صورة تستشرف المستقبل قبل أن تنسخ الواقع. يــا ابـنـة الطـــوفــان
وتســـأل إدفــا والجواب واضح وجلي لِــمَ تســأل والجواب كان قبل السؤال مكتوبا في لوح محفوظ على جبين وطني كان ومازال كما يلي لا مكان للغرباء لا مكان للأنجاس لامكان لمـن لعنة الانسانية تتبعهم وغضب الرب عليهم سرمدي لا مكان للخزي والعار في موطن الطهر الأبي ووطني لا يتسع للمغتصب المعتدي ومهما جار ومهما تنكّر ولباس العهر استعار ومهما بسلاح الغدر استجار فتربة أرضي تلتهم كل من ظلم وجار يـا ابنة الطوفان لله كفيك ارفعي وابتهلي وبـكل ثقة في النصر القادم ردّدي اللهم لا تذر على الارض من الكافرين ديّارا وتسأل إدفـا جدتي واضعة حجر أساس الكيبوتس (المستوطنات) أسيرة عند العربي يـا قوم يا بني صهيون جدّتي أسيرة جدتي التي آمنت بالصهيونية أسيرة هو ذاك كسيرة الجناح أسبرة هو ذاك عدل السماء نزل يـا إدفا الحقيرة وأين حق جدتي التي أحرقتم بيتها وقلعتهم زيتون ضيعتها وقطعتم أوصالها وفقأتم عينيها وجدعتم أنفها حتى لا تستنشق عطر تربة قبرها أعيدوا لي جدتي وجداتي أعيدوا لي أرضي وزيتوني وزعتر غاباتي ردوا علي غزتي وقدسي وجليلي وكل اتجاهاتي جدّتي كانت في طلب حقها صامدة عنيدة جدتي أحتسبها عند الله شهيدة وجدتك يا إدفـا ورقة في شجرة نبتت في تربة أبيه ترفض الخبث والنجاسة وأعاصير(طوفان الاقصى) اقتلعتها فيا لـتعاستكم بآل التعاسة…
فائزه بنمسعود 15/10/2023
ملاحظة أدفـا أدار* هي صهيونية كتبت تقول :جدتي أسيرة في غزه وهي من اسست نظام المستوطنات(الكيبوتس) بيدها واسمها(يافي أدير) وآمنت بالصهيونية واحبت هذ البلد الذي تخلى عنها.
لقد نجت شاعرتنا من براثن البكائية الرومنسية التي لا تكف عن ندب الحال،والصراخ بلا انقطاع،تلك البكائية التي لا تختلف عن البكاء على الأطلال قيد أنملة،فكلاهما بكاء على اللبن المسكوب،واستدعاء للماضي دون بناء للمستقبل،في حين أن شاعرتنا تنطلق من جروح الواقع الغائرة،إلى إيقاظ النفوس الثائرة لتبني قُدْسا طاهرة خالية من الفساد والمفسدين. شاعرتنا الفذة فائزة بنمسعود جعلت النص الشعري مفعما حيوية،وجعلته أكثر حوارية مع المتلقي الذي بدوره يستدعي النصوص الدينية والتاريخية ليخرج بقراءة ذاتية للنص. على سبيل الخاتمة : ما زالت فلسطين تشكل جرحاً عربياً لم يندمل بعد،رغم مرور سنوات طويلة عليه،سنوات لم تستطع أن تمحو ذلك القهر والبؤس،الذي رسمته القوات الإسرائيلية الغاشمة على أوجه الأطفال الفلسطينيين،والدماء الكثيرة التي أريقت في حدائقهم،ومشاعر التنكيل والتصغير والاحتقار والمذلة،التي قوبل بها الشعب الفلسطيني. وإزاء الصمت شبه المطبق والرهيب اليوم حيال القضية الفلسطينية من جانب معظم الأنظمة العربية،التي يخيل إليها أن أميركا مستعدة دوما للدفاع عن "أمنها" في مقابل صمتها المأجور تجاه الممارسات الإسرائيلية،تُطرح تساؤلات: أليست القضية الفلسطينية هي من علمتنا دروساً في الوفاء للأرض والنضال؟ هل نسينا آلاف التضحيات،التي قدمها كبار المثقفين العرب من مختلف أصقاع البلاد العربية،ممن ظلوا يصرخون بإسم فلسطين حتى وافتهم المنية؟ ألم تعد فلسطين تستحق أن تكون نجمة العرب الأولى بامتياز؟ مثل هذه التساؤلات ترج كياني في لحظة من اللحظات وأنا أتتبع المسار الفكري والأدبي والفني لدى مثقفين عرب كثر،مستعيداً الزخم الفكري،الذي دشنه كبار المثقفين العرب حول هذه القضية،التي تحتفظ براهنيتها.وتتبدى لنا ماهية ذلك من خلال آلاف الكتب والجرائد والمجلات السبعينية والثمانينية،التي جعلت من القضية الفلسطينية بمختلف أبعادها قضية مركزية داخل صفحاتها،فلا يمكن تصور حجم القصص والأشعار والروايات والمسرحيات والأفلام والمعارض الفنية،التي أنجزت حول فلسطين،وما تزال تشكل اليوم وثيقة تاريخية وعلامة بارزة في تاريخ الفكر السياسي المعاصر. وتستحق فلسطين الآن أن نعيدها إلى الواجهة ضمن قصائد شعراء أبدعوا في انتصارهم لهذه القضية المقدسة : فلسطين الجريحة..على غرار قصيدة "يا ابنة الطوفان" التي نحتتها ببراعة واقتدار أنامل الشاعرة التونسية الفذة فائزة بنمسعود،هذا دون أن نقلل من أهمية الشاعرات والشعراء التونسيين الذين أثثوا المشهد الشعري التونسي والعربي بقصائد وابداعات تستنهض الههم وتؤسس لغد مشرق تتهودج فيه فلسطين في ثوب التحرير،سنتناولها في مقارباتنا القادمة بالدراسة والتحليل. لك مني-يافائزة-تحية-فلسطينية/تونسية-مفعمة بعطر النصر..والتحرير.
*بين الصور التي ضجت بها وسائل التواصل الاجتماعي ضمن عملية “طوفان الأقصى”، صور لمسنة اسرائيلية تدعى “يافا أدار” تبلغ من العمر 85 عاماً،والتي وقعت أسيرة في أيدي المقاومة الفلسطينية. وأظهرت صور متداولة أحد مقاومي كتائب عز الدين القسام،وهو يقف إلى جانب المسنة الإسرائيلية،وأعطاها سلاحه لتمسك به ـ ليعبر عن اللطف في التعامل معها لكبر سنها وظروفها الصحية.. ونشرت حفيدتها التي تدعي “أدفا آدار” تحديثة على حسابها على فيسبوك،قالت فيها إن جدتها تبلغ من العمر 85 عاما،واسمها “يافا آدار”،وهي من مؤسسي “الكيبوتس” (مستوطنة زراعية وعسكرية) في المنطقة المحيطة بقطاع غزة.
#محمد_المحسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عندما يستدرج الشاعر التونسي القدير د. طاهر مشي الشعرَ إلى جم
...
-
تجليات العشق والإنعتاق..في قصيدة الشاعرة التونسية السامقة أ-
...
-
من لا يعرف الشاعر التونسي القدير جلال باباي..أقول..
-
قراءة تأملية-متعجلة-في قصة قصيرة جدا للكاتب والشاعر التونسي
...
-
الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي..شاعر مختلف..فريد في تعاطيه
...
-
حين تتجلى بوضوح لا تخطئ العين نوره وإشعاعه..الرؤيا الإبداعية
...
-
..حين تكتب..الكاتبة والشاعرة التونسية المتميزة( د-آمال بوحرب
...
-
تمظهرات الصورة الجمالية في قصائد الشاعرة التونسية القديرة د-
...
-
قراءة-متعجلة-في قصيدة..-أنا العاشقة- للشاعرة التونسية القدير
...
-
قصيدة الومضة.. بين الإستسهال والاختزال والتكثيف
-
جلال باباي..شاعر تونسي كبير..بحجم هذا الوطن-نالت منه المواجع
...
-
..حين يسافر بنا الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي داخل ذاته..
...
-
حوار مع الشاعرة التونسية د-آمال بوحرب
-
النص الشعري لدى الشاعرة التونسية القديرة أ-نعيمة المديوني يع
...
-
اشراقات الصورة الشعرية..وتمظهرات المعنى في قصيدة الشاعرة الت
...
-
قراءة فنية..في بعض قصائد الشاعرة التونسية القديرة سعاد عوني
...
-
قراءة تأملية متعجلة في قصيدة -عيناك..شعر- للكاتبة والشاعرة ا
...
-
قصيدة الومضة.. لدى الشاعرة التونسية المتميزة سعاد عوني : الص
...
-
لمن لا يعرف الشاعر التونسي القدير..كمال العرفاوي
-
( تعقيبا على تفاعل المبدعة التونسية د-آمال بوحرب مع مقاربة ن
...
المزيد.....
-
شاهد.. -موسى كليم الله- يتألق في مهرجان فجر السينمائي الـ43
...
-
اكتشاف جديد تحت لوحة الرسام الإيطالي تيتسيان!
-
ميل غيبسون صانع الأفلام المثير للجدل يعود بـ-مخاطر الطيران-
...
-
80 ساعة من السرد المتواصل.. مهرجان الحكاية بمراكش يدخل موسوع
...
-
بعد إثارته الجدل في حفل الغرامي.. كاني ويست يكشف عن إصابته ب
...
-
مهندس تونسي يهجر التدريس الأكاديمي لإحياء صناعة البلاط الأند
...
-
كواليس -مدهشة- لأداء عبلة كامل ومحمد هنيدي بفيلم الرسوم المت
...
-
إحياء المعالم الأثرية في الموصل يعيد للمدينة -هويتها-
-
هاريسون فورد سعيد بالجزء الـ5 من فيلم -إنديانا جونز- رغم ضعف
...
-
كرنفال البندقية.. تقليد ساحر يجمع بين التاريخ والفن والغموض
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|