|
واحر قلباه ممن قلبه شبم.. المتنبي
نقوس المهدي
الحوار المتمدن-العدد: 7767 - 2023 / 10 / 17 - 10:21
المحور:
الادب والفن
يعتبر احمد ابو الطيب المتنبي اكثر شعراء العربية اثارة للجدل، وسيظل بفضل غموض شخصيته، والأنفه والكبرياء والزهو الذي يغلف حياته مثارا لكثير من الأسئلة المحيرة، فقد جاب الارض طولا وعرضا من بادية السماوة الى حلب ثم مصر بحثا عن ولاية ومجد لم يدركه، ونعتبر قصيدة واحر قلباه من اهم قصائده لانها تستعرض فلسفة حياته، ولها قصة طريفة تقول بان المتنبي أتى مجلس سيف الدوله، وبدأ ينشد بين يديه من صحيفة قصيدته الميمية الشهيرة واحر قلباه ممن قلبه شبم = ومن بجسمي وحالي عنده سقم وكان كلما قرأ بيتا علق ابو فراس الحمداني ابن عم سيف الدولة بصوت عال هذا بيت قاله شاعر قبله، الى ان وصل الى الأبيات التي يقول فيها يا أعدَلَ النّاسِ إلاّ في مُعامَلَتي = فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخصْمُ وَالحكَمُ أُعِيذُها نَظَراتٍ مِنْكَ صادِقَةً = أن تحسَبَ الشّحمَ فيمن شحمهُ وَرَمُ وَمَا انْتِفَاعُ أخي الدّنْيَا بِنَاظِرِهِ = إذا اسْتَوَتْ عِنْدَهُ الأنْوارُ وَالظُّلَمُ فقال ابو فراس بصوت مرتفع هذا بيت قاله شاعر قبله، فغضب ابو الطيب غضبا شديدا ووقف ورمى الورقه التي يقرأ منها، وأنشد مرتجلا، وهي المرة الاولى والوحيدة التي قرأ فيها واقفا سَيعْلَمُ الجَمعُ ممّنْ ضَمّ مَجلِسُنا = بأنّني خَيرُ مَنْ تَسْعَى بهِ قَدَمُ أنَا الذي نَظَرَ الأعْمَى إلى أدَبي = وَأسْمَعَتْ كَلِماتي مَنْ بهِ صَمَمُ أنَامُ مِلْءَ جُفُوني عَنْ شَوَارِدِهَا = وَيَسْهَرُ الخَلْقُ جَرّاهَا وَيخْتَصِمُ وَجاهِلٍ مَدّهُ في جَهْلِهِ ضَحِكي = حَتى أتَتْه يَدٌ فَرّاسَةٌ وَفَمُ إذا رَأيْتَ نُيُوبَ اللّيْثِ بارِزَةً = فَلا تَظُنّنّ أنّ اللّيْثَ يَبْتَسِمُ وَمُهْجَةٍ مُهْجَتي من هَمّ صَاحِبها = أدرَكْتُهَا بجَوَادٍ ظَهْرُه حَرَمُ رِجلاهُ في الرّكضِ رِجلٌ وَاليدانِ يَدٌ = وَفِعْلُهُ مَا تُريدُ الكَفُّ وَالقَدَمُ وَمُرْهَفٍ سرْتُ بينَ الجَحْفَلَينِ بهِ = حتى ضرَبْتُ وَمَوْجُ المَوْتِ يَلْتَطِمُ الخَيْلُ وَاللّيْلُ وَالبَيْداءُ تَعرِفُني = وَالسّيفُ وَالرّمحُ والقرْطاسُ وَالقَلَمُ صَحِبْتُ في الفَلَواتِ الوَحشَ منفَرِداً = حتى تَعَجّبَ مني القُورُ وَالأكَمُ غضب سيف الدولة من تصرف المتنبي، ومن قصيدته التي كان يجب ان تكون في مدحه امام حاشيته، وليس لمديح الشاعر لنفسه وتبيان خصاله، فرماه بمحبرة اصابت ابي الطيب بجرح في جبينه لكنه لم يسكت و اكمل قصيدته ارتجالا والجميع مندهش امام هذا المشهد يَا مَنْ يَعِزّ عَلَيْنَا أنْ نُفَارِقَهُمْ = وِجدانُنا كُلَّ شيءٍ بَعدَكمْ عَدَمُ مَا كانَ أخلَقَنَا مِنكُمْ بتَكرِمَةٍ = لَوْ أنّ أمْرَكُمُ مِن أمرِنَا أمَمُ إنْ كانَ سَرّكُمُ ما قالَ حاسِدُنَا = فَمَا لجُرْحٍ إذا أرْضاكُمُ ألَمُ وَبَيْنَنَا لَوْ رَعَيْتُمْ ذاكَ مَعرِفَةٌ = إنّ المَعارِفَ في أهْلِ النُّهَى ذِمَمُ ووجه كلامه لابي فراس الذي اصيب بالحرج كم تَطْلُبُونَ لَنَا عَيْباً فيُعجِزُكمْ = وَيَكْرَهُ الله ما تَأتُونَ وَالكَرَمُ ما أبعدَ العَيبَ والنّقصانَ منْ شرَفي = أنَا الثّرَيّا وَذانِ الشّيبُ وَالهَرَمُ لَيْتَ الغَمَامَ الذي عندي صَواعِقُهُ = يُزيلُهُنّ إلى مَنْ عِنْدَهُ الدِّيَمُ وتوجه الى الحاضرين قائلا لَئِنْ تَرَكْنَ ضُمَيراً عَنْ مَيامِنِنا = لَيَحْدُثَنّ لمَنْ وَدّعْتُهُمْ نَدَمُ إذا تَرَحّلْتَ عن قَوْمٍ وَقَد قَدَرُوا = أنْ لا تُفارِقَهُمْ فالرّاحِلونَ هُمُ شَرُّ البِلادِ مَكانٌ لا صَديقَ بِهِ = وَشَرُّ ما يَكسِبُ الإنسانُ ما يَصِمُ وَشَرُّ ما قَنّصَتْهُ رَاحَتي قَنَصٌ = شُهْبُ البُزاةِ سَواءٌ فيهِ والرَّخَمُ و نظر الى سيف الدولة وأبي فراس الحمداني معا وقال: بأيّ لَفْظٍ تَقُولُ الشّعْرَ زِعْنِفَةٌ = تَجُوزُ عِندَكَ لا عُرْبٌ وَلا عَجَمُ ثم استدار الى سيف الدولة خاتما قصيدته: هَذا عِتابُكَ إلاّ أنّهُ مِقَةٌ = قد ضُمّنَ الدُّرَّ إلاّ أنّهُ كَلِمُ
والى قصيدة مقبلة مع تحياتي
اختيار نقوس المهدي
*********
واحر قلباه ممن قلبه شبم وَاحَرّ قَلْباهُ ممّنْ قَلْبُهُ شَبِمُ = وَمَنْ بجِسْمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ ما لي أُكَتِّمُ حُبّاً قَدْ بَرَى جَسَدي = وَتَدّعي حُبّ سَيفِ الدّوْلةِ الأُمَمُ إنْ كَانَ يَجْمَعُنَا حُبٌّ لِغُرّتِهِ = فَلَيْتَ أنّا بِقَدْرِ الحُبّ نَقْتَسِمُ قد زُرْتُهُ وَسُيُوفُ الهِنْدِ مُغْمَدَةٌ = وَقد نَظَرْتُ إلَيْهِ وَالسّيُوفُ دَمُ فكانَ أحْسَنَ خَلقِ الله كُلّهِمِ = وَكانَ أحسنَ ما في الأحسَنِ الشّيَمُ فَوْتُ العَدُوّ الذي يَمّمْتَهُ ظَفَرٌ = في طَيّهِ أسَفٌ في طَيّهِ نِعَمُ قد نابَ عنكَ شديدُ الخوْفِ وَاصْطنعتْ = لَكَ المَهابَةُ ما لا تَصْنَعُ البُهَمُ أَلزَمتَ نَفسَكَ شَيئاً لَيسَ يَلزَمُها = أَن لا يُوارِيَهُم أَرضٌ وَلا عَلَمُ أكُلّمَا رُمْتَ جَيْشاً فانْثَنَى هَرَباً = تَصَرّفَتْ بِكَ في آثَارِهِ الهِمَمُ عَلَيْكَ هَزْمُهُمُ في كلّ مُعْتَرَكٍ = وَمَا عَلَيْكَ بهِمْ عارٌ إذا انهَزَمُوا أمَا تَرَى ظَفَراً حُلْواً سِوَى ظَفَرٍ = تَصافَحَتْ فيهِ بِيضُ الهِنْدِ وَاللِّممُ يا أعدَلَ النّاسِ إلاّ في مُعامَلَتي = فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخصْمُ وَالحكَمُ أُعِيذُها نَظَراتٍ مِنْكَ صادِقَةً = أن تحسَبَ الشّحمَ فيمن شحمهُ وَرَمُ وَمَا انْتِفَاعُ أخي الدّنْيَا بِنَاظِرِهِ = إذا اسْتَوَتْ عِنْدَهُ الأنْوارُ وَالظُّلَمُ سَيعْلَمُ الجَمعُ ممّنْ ضَمّ مَجلِسُنا = بأنّني خَيرُ مَنْ تَسْعَى بهِ قَدَمُ أنَا الذي نَظَرَ الأعْمَى إلى أدَبي = وَأسْمَعَتْ كَلِماتي مَنْ بهِ صَمَمُ أنَامُ مِلْءَ جُفُوني عَنْ شَوَارِدِهَا = وَيَسْهَرُ الخَلْقُ جَرّاهَا وَيخْتَصِمُ وَجاهِلٍ مَدّهُ في جَهْلِهِ ضَحِكي = حَتى أتَتْه يَدٌ فَرّاسَةٌ وَفَمُ إذا رَأيْتَ نُيُوبَ اللّيْثِ بارِزَةً = فَلا تَظُنّنّ أنّ اللّيْثَ يَبْتَسِمُ وَمُهْجَةٍ مُهْجَتي من هَمّ صَاحِبها = أدرَكْتُهَا بجَوَادٍ ظَهْرُه حَرَمُ رِجلاهُ في الرّكضِ رِجلٌ وَاليدانِ يَدٌ = وَفِعْلُهُ مَا تُريدُ الكَفُّ وَالقَدَمُ وَمُرْهَفٍ سرْتُ بينَ الجَحْفَلَينِ بهِ = حتى ضرَبْتُ وَمَوْجُ المَوْتِ يَلْتَطِمُ الخَيْلُ وَاللّيْلُ وَالبَيْداءُ تَعرِفُني = وَالسّيفُ وَالرّمحُ والقرْطاسُ وَالقَلَمُ صَحِبْتُ في الفَلَواتِ الوَحشَ منفَرِداً = حتى تَعَجّبَ مني القُورُ وَالأكَمُ يَا مَنْ يَعِزّ عَلَيْنَا أنْ نُفَارِقَهُمْ = وِجدانُنا كُلَّ شيءٍ بَعدَكمْ عَدَمُ مَا كانَ أخلَقَنَا مِنكُمْ بتَكرِمَةٍ = لَوْ أنّ أمْرَكُمُ مِن أمرِنَا أمَمُ إنْ كانَ سَرّكُمُ ما قالَ حاسِدُنَا = فَمَا لجُرْحٍ إذا أرْضاكُمُ ألَمُ وَبَيْنَنَا لَوْ رَعَيْتُمْ ذاكَ مَعرِفَةٌ = إنّ المَعارِفَ في أهْلِ النُّهَى ذِمَمُ كم تَطْلُبُونَ لَنَا عَيْباً فيُعجِزُكمْ = وَيَكْرَهُ الله ما تَأتُونَ وَالكَرَمُ ما أبعدَ العَيبَ والنّقصانَ منْ شرَفي = أنَا الثّرَيّا وَذانِ الشّيبُ وَالهَرَمُ لَيْتَ الغَمَامَ الذي عندي صَواعِقُهُ = يُزيلُهُنّ إلى مَنْ عِنْدَهُ الدِّيَمُ أرَى النّوَى يَقتَضيني كلَّ مَرْحَلَةٍ = لا تَسْتَقِلّ بها الوَخّادَةُ الرُّسُمُ لَئِنْ تَرَكْنَ ضُمَيراً عَنْ مَيامِنِنا = لَيَحْدُثَنّ لمَنْ وَدّعْتُهُمْ نَدَمُ إذا تَرَحّلْتَ عن قَوْمٍ وَقَد قَدَرُوا = أنْ لا تُفارِقَهُمْ فالرّاحِلونَ هُمُ شَرُّ البِلادِ مَكانٌ لا صَديقَ بِهِ = وَشَرُّ ما يَكسِبُ الإنسانُ ما يَصِمُ وَشَرُّ ما قَنّصَتْهُ رَاحَتي قَنَصٌ = شُهْبُ البُزاةِ سَواءٌ فيهِ والرَّخَمُ بأيّ لَفْظٍ تَقُولُ الشّعْرَ زِعْنِفَةٌ = تَجُوزُ عِندَكَ لا عُرْبٌ وَلا عَجَمُ هَذا عِتابُكَ إلاّ أنّهُ مِقَةٌ = قد ضُمّنَ الدُّرَّ إلاّ أنّهُ كَلِمُ
#نقوس_المهدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أوس بن معن المزني - فَيَا عَجَباً لمن رَبَّيْتُ طِفْلاً
-
أضاعوني وأي فتى أضاعوا - العرجي
-
الخبز أَرُزِّيّ - نَسيمُ عَبيرٍ في غِلالَةِ مَاء
-
إنّما الحَيزَبونُ والدّردَبيسُ.. صفي الدين الحلي
-
وإنّي لتعروني لذكراكِ رعدة ٌ.. عروة بن حزام
-
خمرية ابن الفارض
-
خـــــــــــالية بطرس كرامة
-
المجد والنصر لاهلنا في أرض فلسطين ضد الطغيان الصهيوني الغاشم
...
-
السلكة ام السليك في رثاء السليك
-
لبيت تخفق الأرياح فيه.. ميسون البحدلية
-
يا جارة الوادي (زحلة)- أحمد شوقي
-
قصيدة الحمى.. أبو الطيب المتنبي
-
يا فوزُ قدْ حدثتْ أشياءُ بعدَكُمُ.. العباس بن الأحنف
-
كيف عرفت منتدى مطر.. كيف اقمت في بيته
-
عبدالله ابن المعتز - ياغزالَ الوادي..
-
عَدِمْتُكَ عَاجِلاً يَاقَلْبُ قَلْبَا.. بشار بن برد
-
عباس بيضون - قصيدة حب لشعب مهان (مصرع علي شعيب) (يا علي)
-
مرثية مالك بن الريب.. (ألا ليت شعري هل أبيتن ليلةً)
-
لمن طلل (تعلق قلبي).. امرؤ القيس
-
داليّة الحُصْري القيرواني: -يا ليلُ الصبُّ متى غدُه-
المزيد.....
-
منظمة التحرير وشرعية التمثيل الوطني في الميزان الفلسطيني !!
...
-
مصر.. قرار للنيابة في واقعة صاحب رسالة الانتحار الموظف في دا
...
-
الذكاء الاصطناعي في الترجمة.. أداة مساعدة لا بديلا
-
-نسائم الإضاءة وستائر الدهشة-.. حوارات مع الشاعر الفلسطيني م
...
-
أوكرانيا تعترف بأن اللغة الروسية تضاهي الأوكرانية استخداما ب
...
-
زوار كثر بلا كتب.. جولة في معرض القاهرة للكتاب
-
وزارة الثقافة في صنعاء تحتضن معرضا فنيا عن القضية الفلسطينية
...
-
صوت أم كلثوم ينبعث من الكتب والمقاهي بعد 50 عاما على رحيلها
...
-
50 عامًا بعد الرحيل.. ودموع فرقة أم كلثوم لم تجف
-
محاضرة بمعرض القاهرة الدولي للكتاب تستعرض ثراء وتنوع الثقافة
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|