نعيم عبد مهلهل
الحوار المتمدن-العدد: 1734 - 2006 / 11 / 14 - 12:08
المحور:
الادب والفن
لم يعد لنا أن نسترجي الساسة . ولاقواد الشرطة والجيش ، وامري المليشات . لم يعد لنا أن نستعطف رجال المرور وجباة الضرائب وعدادي قوائم الهاتف والكهرباء . لم يعد مجديا ان تقف على باب الوزير وتقول : لله درك افعل بروح القسم وقد الرجال الى حلم الناس وامالهم . لم يعد مجديا ان تقف عند تكية المؤمن وترجوه ان يقوم من صلاة التذكر والتفكر ليحول خطاب الجمعة الى فعل يمنع الدمعة .
البلاد تضيع . البلاد تذهب للقدر الذي لايحسب عقباه . البلاد تصير خرائط .
ولكي يبقى الامل علينا ان نلوذ بالنخلة . عمتنا مالكة اقدم فيء واشرف نسب حين كرمها الرسول بقوله الشريف : اكرموا عمتكم النخلة .
وها نحن نلوذ بكرمها لانها تمثل ابد هذه البلاد ، فعلى سعفها تمرجحت الهة بابل وسومر واشور ، ومن رطبها اكل فقراء اور ونينوى ولكش حتى قبل ان يهزها حلم مريم لتولد لنا يسوع .
نخلة شبعاد واور نمو ونبوخذنصر وسنحاريب . نخلة الحسين والمتنبي والجاحظ والسياب . نخلة العراق الذي ماغفى إلا حين تهدء فيه اجفان النخل .
والان الاجفان بها رماد الموت والتهجير وفوضى غياب الحلم بعدما اردناها حياة جديدة ، فما ملكنا غير فوضى المسير الى الديمقراطية وما ملكنا غير الهجرات والتخندق والقطع المبرمج والامان المفقود ، والسحت الاداري الذي صار التفكير به بشراء عمارة في بيروت افضل الف مرة من تعبيد طريق في العمارة .
علينا ان نلوذ بها لتجمع الشمل . لتوحد فينا فكرة توحيد بدن لاتهديم وطن . أن نجعلها شعرا لنسيان الهم وهجر التصريح والتذبيح والفتن .
فهي جديرة ان تكون وسيط المحبة لانها تجمع في ذاكرتها فقر العراق وغناه ، شعره وهواه . تاريخه واحلامه .
هذه الشاخصة منذ الابد فوق تراب الوطن الواحد تنظر بعيون خضرة الحقول وخواطر المسافرين والعشاق شاهد عيان لمسيرة وطن منذ ان كتب اللوح اسم العراق وحتى السقوط المبرمج لدار السلام .وربما هي الكائن الحي الوحيد من فصيلة النبات من تملك مشاعر البكاء لتدمع وهي ترى الاديم الذي تنمو فوقه تسقيه دماء الشهداء المغدورين ونواح امهات يقفن بجزع على ابواب المشارح وثلاجات الطب العدلي وفي مبازل الري حيث يرمى المغدور غير ماسوف عليه .
طرق جديدة لحزن العراق يدفع النخل ليبكي .
يدفعنا لنتسائل : مالذي يحدث بالضبط ؟
هل العراق دون قدريته هذه بيديه طائعا ، ام ان الامر جيء به بإرادة خارجية .
هل الداخل كان من الطبيعي ان ينتهي الحال فيه هكذا .ام ان فلسفة جديدة للعنف عبرت الحدود وخلقت هكذا نمط من التعامل مع الانسان البريء .؟
الانسان الذي لم يفكر يوم ما ان يرى في التمذهب علامة فارقة وقدر لموته على اساس مامدون في بطاقته الشخصية .
تبكي النخلة . ونبكي نحن .
ولانها اقدم ابد على التراب العراقي تقول : احتموا بي خيمة للمصالحة فانا عمتكم .
ادعوا الله ان يجمع اهل الرائ حلم النخلة في اجفانهم ويجتمعوا ليحفظوا لنا العراق ونخيله .
#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟