الفلسفة اليونانية (3): هيراقليطس

إلياس شتواني
باحث وشاعر

الحوار المتمدن-العدد: 7763 - 2023 / 10 / 13 - 00:35
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

بعد إنتهاء المرحلة الأيونية تعددت المسائل الفلسفية، و ظهر فلاسفة جدد بمفاهيم و حلول جديدة و مناقضة للمدرسة الأيونية. كان هيراقليطس رائدا و مؤسسا لإحدى هذه النظريات و التي تسمى بالمتغيرات أو نظرية التنوع Variablism. في تصور هيراقليطس، أساس العالم هو النار. في هذا الصدد لم يقدم هيراقليطس الشيء الجديد، إذ أن نظرته لم تتعددى أفكار الفلسفة الأيونية. إسهامه الكبير يتجلى في دراسته لتنوع و خواص الأشياء. إكتشف هيراقليطس أن أهم خاصية للوجود هي تنوعه. أبرز مثال للواقع هو النهر: "لا يمكن أن تعبر النهر مرتين". الطبيعة هي حالة دائمة من الموت و حالة دائمة من الولادة. نفس هذه الطبيعة هي طبيعة أخرى. الحقيقة الوحيدة هي أننا نتغير. لا توجد أشياء ثابتة، ليس هنالك وجود، هناك فقط التواجد.

لا توجد حقائق ثابتة، بل حالة إنتقال دائمة من الظواهر و الخواص. نسبية هيراقليطس تستلزم أن كل شيء تتغير خواصه و يدخل من تناقض لآخر، من الحياة إلى الموت، من اليقظة إلى الحلم، و هكذا دواليك. فلا معنى للخواص الثابتة و الدائمة لبداية العالم. نار هيراقليطس هي مرحلة دائمة التنوع و هي مقياس لكل الأشياء، فالنار تتحول إلى أشياء و الأشياء تتحول إلى نار.

العقل ليس قدرة إنسانية حصرية، بل هو قوة كونية "لوجوس". هيراقليطس هو أول من تحدث عن العقل الذي يعمل في كل الكون. هذا العقل خالد مثل العالم. فالعقل هو العامل الأساسي، العامل أو العقل الإلهي. فكرة "عقلانية العالم" هي أبرز ما أدخله هيراقليطس في الفلسفة. عقلانية العالم هي سبب تنوعه و تناقضاته. نحن نرى الإختلافات و التناقضات في العالم، لكن الكمال و الإنسجام يكمن في درجة أسمى و أعلى مما نراه أو نتخيله.

كان هيراقليطس أول فيلسوف تحدث عن القضايا الأخلاقية و الإنسانية. أكدت رؤيته الفلسفية على تقديس القانون و تمجيد الفرد الأعلى. كان يرى بأن هنالك نوعين من الأخلاق: الأخلاق المتوسطة و العليا، أخلاق العامة و أخلاق الحكماء. هذه الأخلاق في تناحر و تناقض، لكن التناقضات حتمية. فالشر هو الذي يوضح أهمية الخير و الجهل الذي يوضح لنا أهمية العلم. هذه التناقضات شكلت سنام فلسفة هيراقليطس و تصوره الأخلاقي.

#إلياس_شتواني (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات