|
أبناء الرب
علا مجد الدين
الحوار المتمدن-العدد: 7757 - 2023 / 10 / 7 - 23:33
المحور:
الادب والفن
يحكى أن قرية عاش سكانها يعانون الجهل و الفقر والذل تحت قبضه حاكم ظالم ، امطرهم بالضرائب ، يعملون بلا توقف لجمعها هرباً من الموت على يديه ، أما الموت في العموم فلم يكن هناك سبيل إلى منعه ، في هذه القرية يمكن للمرء أن يموت جوعاً او ان يموت في معركة لأجل الحصول على طعام أو شربه ماء ، أو دفاعاً عن صغاره الذين يخطفون ويباعون في سوق النخاسه بالقرى المجاوره ، في هذه القريه يواجه الناس الموت في كل لحظة ومع ذلك كانوا يلهثون وراء العمل يسعون خلف هدف جمع ما عليهم من ضرائب وكأن مد أعمارهم في هذه الحياة البائسه هي اكبر المتع .
المعبد
كان يجلس في معبده ، يحضر للصلاه الاسبوعيه متأملاً في حضور عدد أكبر من المصلين ، ناظراً إلى صندوق عطايا سكنته العناكب بعد أن هجرته نقود ميسورين ما عادوا كذلك ، مرت سنوات وهو يتضرع إلى إله لم يستجب لدعاء أو يهلك عدواً أو يحرك ساكناً . فكر "لعله لا يسمع او ربما كان لا يتكلم" صرخ بيأس : حتى لو كنت لا تتكلم فبالتأكيد أنت تفعل ، أين قدرتك ؟ أين قوتك يا سيد الأكوان ؟!!! انكفأ على وجهه يبكي ، ثم رفع رأسه وتابع : لقد مللت من إنتظار عدلك ، من دعوة الناس إليك ، من تخديرهم بكلمات تتحدث عن قدرتك و من سخرية تفضحها عيونهم ، من نبره اصواتهم المؤمنه بعجزك في كلمه "آمين" !!! ومن فقري يا سيدي !! انت تعلم جيداً أن لا عمل لي سوى الحديث عنك ، حراسة معبدك ، والتضرع إليك ليل نهار . هل أنت هنا ؟! طرقاتٍ ضعيفة على الباب أخرجته من غضبه ، مستعيداً هدوءه قائلا : ادخل . دخل بستاني المعبد بصحن فيه بعض الزيت وكسره خبز يابسه . : ألن تأكل يا سيدنا ؟ نظر رجل الدين إلى الصحن وقال : بل كل أنت ، يطمعني الله ويسقيني لا حاجة لي إلي طعام . بتملل إنسحب البستاني خارجاً : وأين هو الطعام ، هل تسمي هذا طعام ...
بلاط الحاكم
يتضور جوعاً لم يعد يتذكر متى كانت آخر مره يأكل فيها حتى الشبع ، وكيف يشبع وهو يلهث كالحمار خلف ضرائبه الشهريه التي يجمعها لينال مكافأة الاحتفاظ برأسه فوق كتفيه ، المضحك في الأمر انه يعمل في بلاط الحاكم ، انه المسؤول عن تزويد المطبخ بالطعام ومع ذلك لا يستطيع اقتطاع درهم واحد او بيضة واحده اثناء ذهابه أو عودته من السوق ، وحوله كتيبه من الحراس المراقبين . حمل كيس المال وركب عربه يجرها حصان ، أشار لعربتين مكتظتين بالحرس أمامه وخلفه أن إنطلقوا .
ثور منتشي
كانت تتقيأ في الحمام ، تتمنى لو تقيأت عقلها ، دمها وحياتها إن لزم الأمر حتى تطهر . القت بنفسها في المغطس تزيل رائحة الزبون المستلقي على السرير كالثور الميت بعد أن اثبت لنفسه أنه فحل الفحول بشد شعرها ولطمها وترك علاماته الزرقاء على جسدها النحيل . تغسل جسدها بغل وهي تفكر ، لعنه الله على الضرائب التي تجمعها ببيع جسدها . ارتدت ملابسها وخرجت تنظر الرجل ، كان نائماً تسللت إلى بنطاله تأخذ اجرها ولكنها وجدت الكثير ، الكثير الذي يغنيها وجدت اجرها الحقيقي تعويضٌ عادل عن استباحه جسدها لسنوات ، وفي لحظة اتخذت قرارها و وضعت النقود في حقيبتها وخرجت مسرعه ، خرجت وهي تعلم انها لن تعود إلى هذا البيت ولا هذه القريه ابداً
الهروب يتحسس كيس النقود المعلق على خصره ، انها خمسمائة درهم ، تكفي لشراء طعام يشبع اسره الملك ليوم واحد وتكفي لاطعام أهل بيته لثلاثة اشهر !!! ، بطنه تترجاه أن اطعمني ، يداه ترتعشان ممسكة بلجام الحصان في وهن ، وحدها قدماه كانت قويه وسريعة ، سريعة إلى درجة دفعته للقفز عن العربة والركض بعيداً في الغابة ، إلي أين لا يدري ولكن عليه ألا يتوقف .
الصلاة توافد المصلين بفتور إلى المعبد ، افترشوا الارض بملل من يتوق الانصراف ، أما هو فقد اطلق البخور وأعد كلمات يلقيها تمنح رعاياه الأمل ، توافد عليه الكثير من السائلين عن بعض من مال الله ، قال لهم أن لا مال لدى الناس ليساعدوهم ، رمقه أحد السائلين باشمئزاز وقال له : نحن لا نطلب مال الناس نحن نطلب مال الله ، أي إله فقير هذا الذي لا يمنح خلقه بعض النقود !!!! صرفهم بلطف وانسحب إلى غرفته ، جثى على ركبتيه باكياً لم يكن بكاء يأس هذه المره ولا بكاء رجاء ، لقد كان تأبيناً لخالق لم يعد هو نفسه مؤمناً بوجوده . انتصب مغادراً بعد أن أقسم لنفسه أن يخرج معلناً للعامة موت الاله !!!!
( يتبع )
#علا_مجد_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
-
إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
-
الكاتبة ريم مراد تطرح رواية -إليك أنتمي- في معرض الكتاب الدو
...
-
-ما هنالك-.. الأديب إبراهيم المويلحي راويا لآخر أيام العثمان
...
-
تخطى 120 مليون جنيه.. -الحريفة 2- يدخل قائمة أعلى الأفلام ال
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|