سالم الباوي
الحوار المتمدن-العدد: 7755 - 2023 / 10 / 5 - 13:16
المحور:
الادب والفن
كنا هناك عندما أطلقوا النار على مرداو. كنا نصطاد اليعاسيب ، ثم نأخذها ونعطيها لعندليبنا ليأكلها.
كان مرداو شابا طيبا يتحدث مع جميع أهل المدينة. كان يسمى شاعر الأشجار والنخيل والفتيات الجميلات.
بعض الأحيان، عندما يجدنا في الشارع نلعب كرة القدم. يجمعنا ويقرأ لنا شعرًا بصوت عال . ثم يضحك ويطلب منا حفظ أشعاره دون أن ينظر إلينا.
كنا هناك ولم يرنا أحد. كنا نبحث عن يعسوب مثل كل يوم عندما فتحت سلوة زوجة رزيج الباب. نظرت حولها ثم دخلت المنزل دون أن تغلق الباب. كنا هناك ولم نسمح للص باقتحام منزل سلوة لأننا كنا نحب سلوة كثيرًا. هي أيضًا تحبنا كثيرًا جدًا جدًا. لم يكن لدى سلوة أطفال لكي يلعبوا معنا. كانت تجمعنا في بيتها الجميل وتنظر إلينا. تبكي ثم تقبلنا وفي النهاية تعطينا الكعك أو تخبز الكعك لنا. بعض الأحيان تخيط لنا ملابس ثم تعطينا إياها لنرتديها.
: دخل مرداو... صرخ احد منا وهو يشير إلى بيت سلوة. ضحكنا. لم يكن مرداو لصًا. كنا نعرف كل اللصوص في المدينة. غضب من ضحكتنا
- "لا تكذب..." قلنا جميعًا له
- "أعمى الله بصري إذا كنت كاذباً." قالها ثم مسح دموعه.
: هل تحب سلوة الشعر؟! سأل شخص آخر منا. كانت سلوة تحكي لنا قصصًا كثيرة جدًا. لكننا لم نسمع منها أي شعر. ربما كانت تحب الشعر، لكنها كانت تعتقد أننا لا نحب الشعر، لذا لم تقل أي قصيدة .
واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة رجال مدججين بالسلاح دخلوا بيت سلوة بسرعة . صرخت سلوة ثم سمعنا طلقات نارية. ساد الصمت. ركض مرداو إلى خارج المنزل خطوة أو خطوتين. سقط و لم ينهض بعد ذلك. خرج المسلحون من المنزل. وقفوا فوق جثة مرداو . أطلق الرجال الأربعة النار في توقيت واحد . أطلقوا الكثير من العيارات النارية لدرجة أن جميع جيران سلوة خرجوا من منازلهم. لم يتقدم أحد. ثم ركب المسلحون سيارتهم وغادروا. خرج الناس بحذر من بيوتهم. وقفوا فوق جثة مرداو . لم يتعرف عليه أحد. نحن الأطفال لم نلتقط يعسوباً بعد . كنا نبكي فقط. لم ينهض أحد منا ، لقد بللنا سراويلنا. لو لم تأت أمهاتنا، لجلسنا هناك حتى تجف ملابسنا.
#سالم_الباوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟