محاضرات في البلاغة مح3 (علم المعاني، الخبر). الجزء الأول.

مديح الصادق

الحوار المتمدن-العدد: 7753 - 2023 / 10 / 3 - 23:42
المحور: الادب والفن
    

علم المعاني: ذكر (الخطيب القزويني)، في كتابه الإِيضاح: "علم المعاني هو علم يُعرف به أحوال اللَّفظ العربي التي بها يُطابق الكلام مُقتضى الحال"؛ فهو علم يهتَمُّ بتوافقِ الكلامِ مع مقامه ومُقتضاه.
المعاني جمعُ معنى، وهو في اللغة: المقصود، وفي اصطلاح البيانيِّين: "هو التعبير باللفظ عما يتصوَّره الذِّهن، أو هو الصورة الذِّهنيَّة من حيث تُقصد من اللفظ".
إنَّ أوّل مَن سمّى (علم المعاني) بهذه التسمية هو شيخ البلاغييّن (عبد القاهر الجُرجاني)، ت 471 هجرية، في كتابه (دلائل الإِعجاز)، والمقصود بكلمة (المعاني) (معاني النَّحو)، حسب شرحه إذ قال: "إنَّه ائتلاف الألفاظ، ووضعها في الجُملة الموضع الذي يفرضه معناه النَّحوي".
ممّا قاله (الجرجاني) في (علم المعاني): "واعلم أَن ليس النظم إلَّا أن تضع كلامك المَوضع الذي يقتضيه علم النحو؛ فتعمل على قوانينه وأصوله، وتعرف مناهجه التي نُهِجَت؛ فلا تزيغ عنها، وتحفظ الرسوم التي رُسِمَت لك؛ فلا تخلّ بشيء منها، وهذا هو السبيل، فلستَ تجد شيئاً يرجع صوابه- إنْ كان صواباً- وخطؤه- إنْ كان خطأً- ويدخل تحت هذا الاسم؛ إلّا وهو معنى مِن معاني النَّحو، قد أُصِيبَ به موضعُه، ووُضِعَ في حقِّه، أو عُومِلَ بِخلاف هذه المعاملة؛ فأُزيلَ عن موضعه، واستُعمِلَ في غير ما ينبغي له". انتهى.
قال السَّكَاكِي، ت 626 هجرية: "علم المعاني: هو تتبُّع خواص تراكيب الكلام في الإِفادة، ومَا يتَّصل بها مِن الاستحسان وغيره، لِيَحترِز بالوقوف عليها عن الخطأ في تطبيق الكلام على ما يقضي الحالُ ذِكرَه".
يهتمّ (علم المعاني) بجانبين أساسييّن: الأوَّل- دراسة الكلمة المفردة في أحوالها المختلفة، والثاني- مطابقة هذه الكلمة مُقتضَى الحال.
.......................
سوف نتناول في (علم المعاني) الأبواب التالية:
أولاً- الخبر.
ثانياً- الإِنشاء.
ثالثاً- القَصر.
رابعاً- الفَصل والوصل.
خامساً- الإِيجاز والإِطناب والمُساواة.
أولاً- الخبر:
يُعرَّف الخبر بأنه: (ما يتم قوله أو تناقله بين مجموعة من الأفراد، ويحتمل الصدق أو الكذب)، فإنْ كان الخبر صحيحاً، وواقعياً؛ فهو صادق، وإنْ كان غير واقعي؛ فهو كاذب، بعكس الإنشاء؛ فهو القول الذي لا يصحّ تَصنيفه بالصواب، أو الخطأ؛ لأنه قد يكون من تأليف قائله لسبب ما، وبالتالي فهو المرجع الأول فيه.
الغرض من الخبر:
أ‌- (فائدة الخبر)؛ أي إفادة المُخاطب بما لا يعرفه. قال شاعر:
.""إنَّ الثمانينَ- وبُلِّـغْـتُها- قد أحوجَتْ سَمعِي إلى ترجُمان
ب- (لزوم الفائدة)؛ أي إشعار المخاطب بعلمك بالخبر الذي يعلمه هو. قال أبو نؤاس: " قــد أســأْنَا كُــلَّ الإِســاءة فــاللـ ـهُمَّ صفْحاً عنَّا وغَفْـراً وعفْـوا".
.........................
قد يخرج الخبر عن الغرضين السابقين إلى أغراض أخرى تُستفاد بالقرائن ومن سياق الكلام، أهمُّها:
1- الاسترحام والاستعطاف، نحو: (يرجو التَّابعُ عطفَ سيدِّهِ عليهِ).
ب‌- 2- تحريك الهمَّة إلى ما يلزم تحصيله، نحو: (ليس سواءً عالمٌ وجهولُ).
3- إظهار الضَّعف والخشوع، نحو: {رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي} مريم 4.
4- التحسُّر على شيء محبوب، نحو: {إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى} آل عمران 36.
5- إظهار الفرح بمُقْبِل والشماتة بمُدبِر، نحو: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ} الإسراء81.
ت‌- 6- التوبيخ كقولك للعاثر: (الشَّمسُ في كبدِ السَّماءِ).
7- التذكير بما بين المراتب من التفاوت، نحو: (لا يستوي شجاعٌ وجبانٌ).
8- التحذير، نحو: (أبغضُ الحلالِ إلى اللهِ الطلاقُ).
ث‌- 9- الفخر، نحو: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} آل عمران 33.
10- المدح كقول النابغة الذبياني يمدح النعمان بن المنذر:
."فإنَّكَ شمسٌ والملوكُ كواكبٌ ... إذا طلَعْتَ لم يَبْدُ مِنهُنَّ كوكبُ"
......................
يتكون الخبر من:
أ- جملة اسمية أي (مبتدأ، وخبر)، وهي تأكيد إسناد المسند للمسند إليه، نحو: (الحقٌّ منتصرٌ).
ب- جملةٌ فعلية أي (فعل، وفاعل) نحو: (ألقَى الشَّاعرُ قصيدةً).
يأتي الأسلوب الخبري بلاغيّاً، ويتيح لمن يقرأ هذا الكلام تصديقه، ثم الموافقة عليه؛ أو التشكيك فيه وتكذيبه، ثم عدم الموافقة عليه.
عند قولنا: (الصحةُ كنزٌ لا يُعوَّضُ)؛ فإنَّ هذا القول حقيقي، وليس هناك أي مجال للتشكيك فيه، أمَّا في قولنا: (الإهمالُ طريقُ النجاحِ)؛ فإن مُتلقي الكلام لا يوافق عليه لأنه غير مُقنع.
...........................
يتبعه الجزء الثاني من المحاضرة لاحقاً

#مديح_الصادق (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات