ضيا اسكندر
الحوار المتمدن-العدد: 7752 - 2023 / 10 / 2 - 14:03
المحور:
الادب والفن
في عام 1989 وبعد ثلاثة أسابيع من إخلاء سبيلي من فرع أمن الدولة، توجّهتُ إلى دمشق للقاء أصدقائي هناك.
وفي غرفة صغيرة في حي دمّر يستأجرها الصديق الفنان المسرحي (زكي كورديللو) المغيّب عنا منذ بداية الأزمة السورية وحتى الآن، اجتمعت مساءً مع عدد من الأصدقاء لأحدّثهم عن تجربة الاعتقال المريرة التي دامت سنتين.
الكهرباء مقطوعة لسبب لا أذكره، وشمعة وحيدة تضيء المكان. لحظات ويُدقّ الباب ويدخل شاب مربوع القامة يلقي التحية دون مصافحة ويجلس. وكان الأصدقاء متلهفين لإكمال حديثي عن تجربتي. لدرجة أنهم لم يقوموا بتعريفي على الضيف الجديد كما جرت العادة في أحوالٍ كهذه.
ولدى استئنافي الحديث معرّجاً على بعض المحطات المرعبة من تجربتي، مع ذكر بعض الأسماء ممّن كانوا معي في المعتقل، نهض الشاب مربوع القائمة واحتضنني قائلاً:
- أنا خالد خليفة، لقد حدّثني عنك كثيراً صديقنا المشترك (ع.أ) وقد عرفتك من خلال سردك لبعض الوقائع وذكرك لاسمه.
كان هذا اللقاء هو الأول مع خالد، والحقيقة كنت في غاية السعادة بالتعرّف عليه؛ إذ لطالما كان ذكره حاضراً في المعتقل من قبل صديقه الرائع (ع.أ) لغزارة ذكرياتهما معاً في حلب ومصياف..
لا أدّعي أنني كنت صديقاً شخصياً لخالد. فلقاءاتي معه اقتصرت على مرات ثلاث وبأوقات متباعدة.
لكنني قرأت كل ما كتبه هذا الروائي الكبير.
والمأساة، أنه وفي ذروة عطائه، يرحل عنا بغتةً مخلّفاً حرقةً في قلوب كل من عرفه؛ فهو الإنسان المثقف المتواضع النبيل الودود الخلوق الكريم..
خالد: أغبطك على طريقة رحيلك دون ألم عن هذي البلاد المليئة بالسكاكين والقرباط والكراهية والموت الشاقّ..
#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟