أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - ..حين يسافر بنا الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي داخل ذاته..ليعيش غربة أنيقة مع خلجات الذات وزخات الفكر..متطلعا إلى غذ أفضل في مأمله وأمنياته.















المزيد.....

..حين يسافر بنا الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي داخل ذاته..ليعيش غربة أنيقة مع خلجات الذات وزخات الفكر..متطلعا إلى غذ أفضل في مأمله وأمنياته.


محمد المحسن
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 7751 - 2023 / 10 / 1 - 15:42
المحور: الادب والفن
    


القصيدة لدى-هذا الشاعر القدير-د-طاهر مشي حياة جديدة تتعانق فيها رعشات الإحساس ونبضات القلب ونتاج العقل..

قد لا يحيد القول عن جادة الصواب إذا قلت أنّ القصيدة عند الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي عمليّة استشهاد على الورق،فهذا الشاعر-دون مجاملة ولا محاباة-يقف-كرجل سلطة- بحكم قدرته على الوصول إلى الجماهير والإمساك بنبض الشارع،بلغة تتغلغل في فقر الفقير، وتتجول على عربة البائع المتجول،وتجعل نفسها في موضع آخر وردة تعبق بعطر الجمال على رموش حسناء،فالشاعر التونسي د-طاهر مشي يرفض في كل الأحوال قصيدة مثل قصيدة زهير بن أبي سلمى،القصيدة التي تعيش نصف عمرها مرتجفة الكلمات في خيمة وتخاف ساعة الخروج إلى الناس.
وهنا أقول : هناك قراءات متعددة للنص الإبداعي،ولكن حين يتعلق الأمر بشاعر له قامة شاعرنا القدير د-طاهر مشي فإن قراءته تشكل تحدياً للقارئ والناقد معاً.
وأنا من المؤمنين أن لكل نص خصوصية،تفرض على القارئ رؤيته ومنهجه الخاص في التعامل معه.واعترف أن قراءة جل قصائد طاهر مشي فرضت عليّ نوعاً من الحصار لم أستطع منه الفكاك،كان ما سيطر علي هو رؤية الشاعر للعمل الإبداعي من حيث عملية الخلق،واللغة والصورة والتجربة.ولعلي أجد دور الناقد لا يبتعد كثيراً عن رؤية والاس مارتن الذي يقول :
(فمسؤولية الناقد،هي اكتشاف أو خلق منظومة من العناصر ضمن ثقافة عصره بحيث تجعل الأدب مفهوماً.وكثيراً ما يتحتم عليه خلق البناء الضروري الذي يتم بوساطته تعليل الفوضوية “الطبيعة” للأدب،غير أنه على العكس من الكاتب التخيلي،فهو يعمل ضمن حدود أنظمة من الكوابح الموضوعة من قبل ثقافته وغرض نشاطه.
فهو لذلك أشبه ما يكون بعامل متجول بين شتى الحرف ،حيث يعمد ببراعة إلى تطويع مجموعة متنافرة من الأشياء لحل مشكلة عملية .(ما هو النقد – والاس مارتن: مقالة ويليم ستانلي ميروين ص 90-91)
والسؤال الذي ينبت على حواشي الواقع : هل يمكننا الدخول إلى فهم رؤية الشاعر من خلال شعره ؟ بنفس الطريقة التي يمكننا بها معرفة شخصيته من خلال شعره.
يقول ستيفن سبندر: “ولكن الشعر مسألة أخرى؛ فشخصية الشاعر هي شعره. إننا نعرف الرجل عن طريق شعره أكثر مما نعرفه عن طريق دقائق تاريخ حياته، بل إن ما يجذبنا إلى قراءة سير الشعراء والفنانين هو أننا نعرف ماذا كانوا من خلال إنتاجهم وما لم يكونوه عن طريق وقوفنا على دقائق حياتهم”. (الحياة والشاعر : ص. 65)
في هذا السياق،يؤكّد الشاعر التونسي د-طاهر مشي أن الحياةَ داخل القصيدة غير الحياة التي يعرفها الآخرون،فالقصيدة لدى-هذا الشاعر-حياة جديدة تتعانق فيها رعشات الإحساس ونبضات القلب ونتاج العقل،وقد جسّد في بعض قصائده التي اطلعت عليها من زاوية نقدية،فكرة الزمان والإنسان وعلاقة الإنسان بالأزمنة وامتداد الهاجس المرافق للحس الإنساني،ليرسمَ لنا لوحات شعرية خلابة تترجم معالم الحياة في قلب وفكر الإنسان لحظة بلحظة.
وإذن؟
إنها إكراهات القصيدة إذا-نراها-،تمارس سطوتها على وجدان الشاعر،لم يعد للوعي مكان لأن اللاوعي استحوذ على أمكنة النزيف والبوح،إلهام كالسيل الجارف يحمل إلينا عبق الذات المنصهرة في صفحات الزمن،يحمل إلينا عبير فسيفساء فكرية رائعة..
تفننت قريحة الشاعر طاهر مشي في رسم قصائده الشعرية لتصير غواية البحث عن أسئلته الرابضة خلف دلالات-القصيدة-هاجسا جميلا يطارده في كل لحظة،لأنه اختار القصيدة منفى له يفر إليها من واقع مؤلم باحثا عن فوضى جديدة ولكنها أجمل من عالمه الخارجي،وألذ فراش ينام عليه ساعة الإمتزاج بالقصيدة والسفر إلى عوالم الحس الفلسفي بسريالية جميلة دون سابق إنذار.
هكذا يسافر الشاعر التونسي القدير طاهر مشي داخل ذاته ليعيش غربة أنيقة مع خلجات الذات وزخات الفكر متطلعا إلى غذ أفضل في مأمله وأمنيته.
ختاما أقول : صحيح ان طقس الكتابة،يشبه موعدا مع الغياب،قد يأتي وقد لا يأتي .قد يجيء ولا يأتي،ولكن المبدع المجتهد،بعد كل خطوة ناجحة،مضطر لمتابعة التقدم في الكتابة،لتحصين خطواته السابقة،وتطوير حضوره.فبعد النجاح،لا يعود التوقف الإرادي،مُباحا ولا يجوز.
ولكن..قصائد د-طاهر مشي التي أبهرتني هي قصائد جماليّة(وهذا الرأي يخصني) ترتسم رؤيتها بهندسة نسقية متفاعلة الخطوط،والألوان،والإيحاءات،والظلال اللونيَّة،والإيقاعات الداخليَّة؛إذْ تتفاعل الشذرات التصويريّة فيما بينها بأنساق مؤتلفة تؤكد فنيّة القصيدة،وتنظيمها النسقي الفاعل لديه في إضفاء طابع جمالي منسق على اللوحة المشهديّة ككل،كما لو أنَّها مرسومة بريشة فنية دقيقة ترصد الأبعاد والمشاهد والرؤى بدقة متناهية للمتلقي.
وها أنا..أرفع قبعتي-بتواضع شديد-انتصارا مطلقا لخطابه الشعري الوهّاج..

لمن يقول عن السّجود..
وَما بكَ يا بُنيَّ
هل ِ السّجودُ إعصار ٌ
وبُركانٌ وطوفانٌ ،شظايا وَعُقَدْ؟
إنّهُ النّورُ واالإيمانُ والإشراقُ
يسري في الجسدْ
رَحَماتُ رَبّي في خشوعِكَ ساجِداً
للهِ في الأبدانِ والوجدانِ تتْرى لا تُعَدّْ
فيهِ التّوسُّلُ والرّجاءُ بصحّةٍ
وبجنّةِ الفِردَوْسِ
لِلّهِ الأحَد !
نبضٌ بِقلبي يستكينْ بِراحةٍ
تعْلو صهيلَ الرّوح ِ
لو جِسمي سجَدْ!
روحي تُعانِقُ خالِقي
تهفو لِصِدْقِ توَجُّهٍ
لِرِضاهُ للنّفَحاتِ تسري في
عُروقي للأبَد !
فاسجُدْ وقُلْ :"يا ربِّ غُفراناً
فَعَبدُكَ يستجيرُكَ
كَيْ تكونَ له السّنَدْ
أنتَ الإلهُ وليسَ غيرُكَ لي أحَدْ"
(د-طاهر مشي)
قد تميزت لغة شاعرنا بالشفافية والوضوح،فهي بعيدة عن لغة التعتيم والتهويم في سرف الوهم واللاوعي،تلك اللغة التي تلفها الضبابية القائمة والرمزية المبهمة،فلغته ناصعة واضحة لا غموض فيها،وتعبّر عن مضامينه بأسلوب أقرب فيه إلى التصريح المليح منه إلى التلميح،هذا يعني أن الشاعر ذو مهج تعبيري سلس،وقاموسه الشعري لا يحتاج إلى كد ذهني وبحث في تقاعير اللغة،وأنا إذ أصرح بهذا إنما أغبط شاعرنا على الرؤى الواضحة والألفاظ المعبرة بذاتها.
ختاما أقول : يحاول هذاالشاعر القدير(د-طاهرمشي) أن يتحفنا-حينا-بما جادت به قريحته،وأن يحلق بنا في خيالاته العلوية،ويصهرنا في أتون ثورته الداخلية الوطنية المعطاءة حينا آخر،ولا يسعنا إلا أن نتمنى له ديمومة الإيداع ونأمل منه المزيد،ونهمس في أذنه-بكل لطف-بألا يكرر ذاته، وان يكون دائما ودائما متجددا.



#محمد_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع الشاعرة التونسية د-آمال بوحرب
- النص الشعري لدى الشاعرة التونسية القديرة أ-نعيمة المديوني يع ...
- اشراقات الصورة الشعرية..وتمظهرات المعنى في قصيدة الشاعرة الت ...
- قراءة فنية..في بعض قصائد الشاعرة التونسية القديرة سعاد عوني ...
- قراءة تأملية متعجلة في قصيدة -عيناك..شعر- للكاتبة والشاعرة ا ...
- قصيدة الومضة.. لدى الشاعرة التونسية المتميزة سعاد عوني : الص ...
- لمن لا يعرف الشاعر التونسي القدير..كمال العرفاوي
- ( تعقيبا على تفاعل المبدعة التونسية د-آمال بوحرب مع مقاربة ن ...
- تمظهرات الإبداع..ولمعانه في شعر الشاعرة التونسية القديرة د- ...
- اشراقات اللغة..وجمالية الإبداع.. لدى الشاعرة التونسية المتأل ...
- الشاعرة والكاتبة التونسية السامقة د-آمال بوحرب* : نبراس يضيء ...
- عمق الدلالة..وفيض الجمال للكاتبة التونسية القديرة د-آمال بوح ...
- على هامش..التسمية الإشكالية -“الكتابة النسائية” أو “الإبداع ...
- حين يَصدح الشعر..على ربى قرطاج الشاعرة التونسية السامقة نعيم ...
- ومضة عابرة.. إن عناق الأيادي للجميع..ولكن عناق الروح فريدٌ ب ...
- وجهًا لوجه.. الشاعرة التونسية المتميزة نعيمة مديوني : -آن ال ...
- كلمات منبجسة من خلف شغاف القلب..إلى الشاعر التونسي الكبير د- ...
- الإبداع النثري..وسؤال الإدراك الأسطوري والمعرفي.. لدى الكاتب ...
- تجليات المشاعر الوطنية في قصيدة : دمشق..قلعةُ السّلامِ..للشا ...
- الروائي التونسي السامق محسن بن هنية..كما عرفته


المزيد.....




- “مباشرة”.. مسلسل المؤسس عثمان الجزء السادس والقنوات الناقلة ...
- فيلم عصابة الماكس بطولة أحمد فهمي بجميع دور العرض
- أهالي قتلى 7 أكتوبر يطالبون المحكمة العليا الإسرائيلية بلجنة ...
- أهالي قتلى 7 أكتوبر يطالبون المحكمة العليا الإسرائيلية بلجنة ...
- الناقد عادل التونى وقراءة ومناقشة رواية (يوم الانتقام)للكاتب ...
- مصر.. فنانة شهيرة تتقدم بشكوى ضد -مصبغة غسيل-
- تردد قناة الزعيم سينما 2024 نايل سات مشاهدة احدث افلام عيد ا ...
- جبل الزيتون.. يوميات ضابط تركي في المشرق العربي
- شوف ابنك هيدخل كلية إيه.. رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2024 ب ...
- LINK نتيجة الدبلومات الفنية 2024 الدور الأول بالاسم ورقم الج ...


المزيد.....

- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - ..حين يسافر بنا الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي داخل ذاته..ليعيش غربة أنيقة مع خلجات الذات وزخات الفكر..متطلعا إلى غذ أفضل في مأمله وأمنياته.