عبد الله خطوري
الحوار المتمدن-العدد: 7745 - 2023 / 9 / 25 - 21:47
المحور:
الادب والفن
هنالك رأيتُها تستحم بِدَعَةٍ وحُبور.ترسل شعرها الفاحم في الهواء.تنتفظ خصلاته على القذال.يرفرف كجنون طير المنون. يسيح في الأجواء فوق الصخور والأحراش، فوق أسطح البلدة المهجورة والبيوت المهملة.كانت جالسةً في آسترخاء فوق حجرة صلداء تمدّ رجلها اليمنى جهة الماء، بينما ظلت الأخرى منكمشة مطوية عند الركبة.يدُها اليسرى تُسَرِّحُ الشعْـرَ بمُشط عَظم يمتزج فيه بياض أغبر بسواد فاحم ذي أسنان رقيقة من جهة وغليظة من جهة أخرى متقاربة تتخلل خصلات مُتمردة بآنسياب سَلس تخط سُبُلَها في غابة دَهماء كثيفة العَـفَــصِ ... وكانت تشدو، تهمهم بصوت مبحوح لا يكاد يُبينُ.وما كدتُ أصلُ حذاءها حتى توقف الصوت عن الغمغمة.نظرَتْ إلَيَّ ساهمةً.اِبتسمتْ. وقفَتْ.اِستدارتْ جهة الترعة الآسنة.دنتْ من الماء الراكد الأخضر القاتم.انحنت على ركبتَيْها راكعةً ثم ساجدةً وشرعت تَــكَــرَعُ في الماء مباشرة ترشف منه مشربها، فصرخْتُ :
_خالتي .. لا .. لا .. !! ..
لَمْ تأبَهْ بي.ظلتْ مُستغرقةً في هيئتها تلك فترة غير قصيرة.ولما آكتفى رَيُّـها من آرتشاف الجرعات تلو الجرعات رفعَتْ رأسها مستديرة جهتي، فإذا بالشعر الكثيف المجنون المُبتل يُدَثِّـرُ جميع وجهها وصدرها وبطنها منسرحا منطلقا يجاوز حقْـــوَيْهَا ..
_خالتي .. خالتي .. !! ..
شرعْتُ أردِّدُ كمعتوه لا يُجابُ نِدَاهُ.وما إنْ أجَلْتُ بصري في الأنحاء جهة التينة الخضراء وبعضا من أشجار البرقوق والجوز واللوز والتفاح والسفرجل وخم الدجاج هناك، وإلى السماء الصافية الزرقاء، أرقبُ مساعدة ما حتى فاجأتني بحركة مباغتة خاطفة لم أكُ أتوقعها ملقيةً جسدها في البركة الملوثة تخبُّ فيها برجليْها ويدَيْها وبكل جوارحها غارقةً مستغرقةً في أوحال داكنة وطحالب متعفنة .. لقد كانت سعيييدة ..
#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟