أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - هل من حق روسيا أن تغزو أوكرانيا؟














المزيد.....

هل من حق روسيا أن تغزو أوكرانيا؟


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 7724 - 2023 / 9 / 4 - 14:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قبل أكثر من ثلاثة عقود خلت، تهيأت الظروف في العراق لكي يصل نظام صدام حسين، ومعه الكثيرون حول العالم العربي، إلى قناعة مفادها أن من حق العراق أن يحتل دولة شقيقة مستقلة ذات سيادة ومعترف بها دولياً إلى الجنوب، ويحولها إلى منزلة المحافظة العراقية التاسعة عشر. الحجة العراقية كانت واضحة: دولة العراق قديمة قدم التاريخ بينما الكويت لا تعدو كونها نتئاً حديثاً اقتطع من الأولى لأسباب تُعزى إلى مؤامرة استعمارية غربية أكثر منها إلى ديناميكيات وطنية محلية عربية. في الواقع، ما من شيء حقيقي يسمى دولة الكويت أو مواطنون كويتيون بل مؤامرة غربية، أو هكذا كانت قناعة بعض العراقيين على الأقل.

بصرف النظر عن القناعات، العراق غزى الكويت بالفعل ليس بسبب قناعة صدام وأنصاره، ولا حتى رداً لمؤامرة غربية، بل لشيء بسيط ومختلف تماماً: العراق أقوى من الكويت.

على مدى آلاف مؤلفة من السنين، ظل توازن القوى هو القانون الحاكم والمنظم للعلاقات بين الدول والشعوب والتجمعات والمجموعات البشرية المختلفة حول العالم. وهذا لا ينفي وجود قوانين وأعراف وعادات وتقاليد ومعاهدات وما شابه ذلك بالتوازي إلى جواره. لكن قانون القوة ظل على الدوام الرقم واحد، وعلى مسافة طويلة من الرقم اثنين من وراءه. ظل العالم يسير ويُدار على هذا النحو – الغلبة للأقوى- حتى منتصف القرن الماضي، بالتحديد بعد الحرب العالمية الثانية. قبل هذا التاريخ ببضع سنين فقط، خلال الفترة بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، كانت أعظم الأمم الأوروبية الغربية حضارة وتقدماً تتقاسم فيما بينها غزو واحتلال العالم أجمع، ومن ضمنه دولتي الكويت والعراق نفسيهما. أو، بتعبير آخر، كان العالم أجمع وعلى رأسه دول أوروبا الغربية يمارس نفس ما مارسه العراق بحق الكويت وهو مقتنع، مثل العراق في الماضي وروسيا حالياً، أن من حقه أن يفعل ذلك لمبررات كثيرة- ليس أقلها نشر الرخاء والديمقراطية والتقدم والقيم الإنسانية (أو الدينية) وسط الأماكن المتخلفة من العالم.

ثم، بعد الحرب العالمية الثانية وإنشاء الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية التي تقنن وتنظم العلاقات بين الدول والشعوب حول العالم، تغيرت الأوضاع بشكل جوهري عما كان قائماً ومتبعاً ومصوناً ومعترفاً به من قبل. لقد تغيرت النظرة إلى الشعوب وأراضيها من مجرد ثروات طبيعية بلا هوية معنوية، متاحة وموزونة على ميزان القوة لكل من يقدر على أن يدفع ثمنها من قوته العسكرية، إلى شخصيات اعتبارية ذات حياة وتاريخ وثقافة وأحلام وتطلعات مستقبلية، وبنيان مادي ومعنوي مميز جدير بصون استقلاليته وسيادته على أرضه. وكما تحرر الإنسان من الرق والعبودية لإنسان آخر مثله، وجب كذلك أن تتحرر الدول والشعوب من قبضة واستعمار الإمبراطوريات. ومن ثم طويت صفحة الإمبراطورية وبدأ عهد الدولة الوطنية المستقلة وذات السيادة على أراضيها، مهما كانت ضئيلة.

بالتأكيد كانت حماقة من النظام العراقي ومؤيدوه أن يخرجوا أنفسهم من مظلة الحماية التي وفرتها لهم المنظومة القانونية الدولية الجديدة كما ترسخت بعد الحرب العالمية الثانية؛ لأن العراق عندما أغرته قوته والتهم سمكة صغيرة في متناوله، كان بذلك قد نكص إلى منظومة موازين القوى العتيقة وأغرى أسماك أخرى أقوى منه على أن تأتيه مسرعة من بعد آلاف الأميال لكي تلتهمه بدوره. بتعبير آخر، كان في الغزو العراقي للكويت دعوة ضمنية للعودة إلى عصر الإمبراطوريات الاستعمارية نفسه الذي وضعت الحرب العالمية الثانية نهاية له. ولأن الإمبراطورية والعبودية كانا وجهين لعملة واحدة، كان في العدوان العراقي أيضاً دعوة ضمنية للعودة إلى الرق واستعباد الإنسان لآخر مثله!

من سخرية الأقدار أن جميع الأنظمة الحاكمة تقريباً عبر المنطقة العربية، وربما أغلبية شعوبها، تقف معنوياً، إن لم يكن مادياً، مع روسيا في غزوها لشقيقتها الصغرى أوكرانيا، بالضبط كما فعلوا مع العراق حين غزت شقيقتها الصغرى الكويت. وهم لا يدركون في هذه المرة أيضاً، كما لم يدركوا في الماضي، أن العودة إلى قواعد اللعبة القديمة على المسرح الدولي ستحولهم جميعاً- دولاً وشعوباً- إلى بساريا تتغذى عليها الأسماك الكبيرة، تماماً كما كان يفعل الأتراك والفرنسيون والإنجليز والألمان والطليان والإيرانيون والروس وغيرهم قبل بضعة عقود وعلى مدار قرون خلت!



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لم تنجح روسيا في الانتقال إلى الديمقراطية (4)
- لماذا لم تنجح روسيا في الانتقال إلى الديمقراطية (3)
- لماذا لم تنجح روسيا في الانتقال إلى الديمقراطية (2)
- لماذا لم تنجح روسيا في الانتقال إلى الديمقراطية (1)
- نيمار في السعودية: ثورة ملك شاب
- في رحلة البحث عن النظام بعد رحيل الاستعمار
- بحثاً عن عدالة غائبة عن عالمنا
- هل خَلَق العرب حضارة؟
- هل العرب متخلفون؟
- الإعلان العالمي لحقوق الآلهة!
- كيف انْهَزَمت الجمهورية للمملكة (2)
- كيف انْهَزَمت الجمهورية للمملكة (1)
- النُخَبْ العربية يساراً ويميناً
- عُقْدة روسيا والعرب مع الحداثة الغربية
- بين بوتين وبريغوجين، الديكتاتورية نظام فاشل
- من شيطان الرأسمالية وملائكة الشيوعية- صناعة التطرف
- الكوميديان أند العسكري
- ثغرة الوعي والخطة الكونية
- اللهُ الذي لا نُريده
- الله الذي لا نراه


المزيد.....




- الحوثيون يعلنون استهداف حاملة الطائرات الأمريكية ترومان وقطع ...
- الضفة الغربية.. توسع استيطاني إسرائيلي غير مسبوق
- الرسوم الجمركية.. سلاح ترامب ضد كندا
- إسرائيل تلغي جميع الرسوم الجمركية على المنتجات الأمريكية قبي ...
- -البنتاغون- لـCNN: إرسال طائرات إضافية إلى الشرق الأوسط
- موسكو لواشنطن.. قوات كييف تقصف محطات الطاقة الروسية
- الجيش الإسرائيلي يصدر أوامر إخلاء جديدة في رفح
- تصعيد روسي في خاركيف: هجمات جديدة تخلّف إصابات ودمارًا واسعً ...
- -صدمة الأربعاء-.. ترقب عالمي لرسوم ترامب الجمركية
- بيليفيلد يطيح بباير ليفركوزن من نصف نهائي كأس ألمانيا


المزيد.....

- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - هل من حق روسيا أن تغزو أوكرانيا؟