أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الزمير - صناعة وبرمجة الشعوب















المزيد.....


صناعة وبرمجة الشعوب


محمد الزمير
‏باحث ومُترجم نقوش في بوابة البحوث التاريخية والسياسية لوكالة ريا نوفوستي.

(أيمï زميٌ)


الحوار المتمدن-العدد: 7722 - 2023 / 9 / 2 - 11:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


(كتب)محمد الزمير
كيف تتم صناعة وبرمجة الشعوب ..

في خمسينيات القرن العشرين ، فكر طبيب نفسي كندي يدعى دونالد كاميرون بفكرة شيطانية ، حيث حاول البحث عن طريقة يستطيع من خلالها تغيير الانسان بشكل كامل ، اي ان يصنع من انسان ما .. انسان جديد مختلف تماما ... بافكاره و عواطفة و قناعاته .

كان الطبيب الكندي يرى ان افكارنا و مشاعرنا و اخلاقنا تاتي من مصدرين اثنين :

1- ذكريات الماضي

2- ادراكنا للحاضر .

و لكي يصنع كامرون الانسان الجديد الذي يريد، لابد اولا من ان يلغي الانسان القديم ... اي لابد ان يرجع الصفحة بيضاء قبل ان يكتب عليها ما يريد.

و حتى يفعل ذلك عليه ان يعرضه لصدمة كبيرة ، تلغي الماضي و تلغي الاحساس ايضا بالحاضر .

قام الطبيب الكندي بتجاربة على مرضاه النفسيين ، حيث كان يعرضهم لصدمات كهربائية شديدة و يعطيهم عقاقير مهلوسة، حتى يفقد المرضى ذاكرتهم . ثم كان يعطل جميع حواسهم، بان يضعهم في اماكن يسودها ظلام دامس و صمت مطبق ، حتى يفقدهم احساسهم بالواقع .

هل تعلم من مول ابحاث هذا الطبيب ؟

وكالة الاستخبارات الامريكية ، و قد طورت ابحاثة فيما بعد و طبقتها في معتقلاتها .

الفكرة الاساسية في نظرية الصدمة ، هي انك اذا اردت ان تجعل الطرف الاخر ملك لك و لافكارك، عليك ان تعرضة لصدمة شديدة لتجعله مستسلم لك و لكل ما تلقنه له .

-------------انتهى ---------



اعتقد بان هذه الفكرة التي قام بها الطبيب الكندي، ليست بالفكرة الجديدة حسب ما ذكره صاحب الفيديو، فالقوى السياسية من زمن اقدم و هي تفكر بنفس الطريقة التي فكر بها الطبيب الكندي، و هي ليست بالنظرية الخارقة الجديدة و التي صعب الوصول لها قديما .

هذه التجربة التي قام بها الطبيب الكندي قد تم استخدامها من قبل الغرب في فترة استعماره للعالم و مازال يستخدمها حاليا، و نفذها الغرب ايضا في منطقتنا بواسطة الغرب و الاتراك في فترة احتلالهم للمنطقة.

لقد طبق الغرب هذه التجربة حرفيا .... لكنهم لم يطبقوها على الافراد بل طبقوها على الشعوب الأمية ، و حولوها الى شعوب جديدة تنقاد لها بسهولة و يسر.

كيف ؟

دعونا نحاول اسقاط فكرة الطبيب الكندي لكونها نموذج بسيط و حديث على نموذج اخر كبير ... لنستطيع من خلالها تبسيط فكرة و تجربة الغرب الذي طبقها قديما على العالم و في منطقتنا حتى يمكن فهمها .

الفرد ليس الا صورة مصغرة للشعوب و الامم، و ما ينطبق على الفرد ينطبق ايضا على الشعوب و الامم ..... حيث يمكن دراسة الشعوب بنفس القوانين التي يتم فيها دراسة الفرد .

فمثلا

فعندما نريد دراسة اي شعب ....... فنحن سندرس هذا المجتمع و نتعامل معه كانه مثل الفرد ، يملك وعي و ذاكرة و نفسيه و سلوك و معتقدات و افكار و عواطف.

كما ان الفرد يملك عقل و وعي، فالشعب ايضا لديه عقل و وعي جمعي واحد.

و كما ان الانسان له ذاكرة شخصية، فالشعب ايضا يملك ذاكرة جمعية واحدة.

كما ان الفرد يملك شخصية و نفسيه ،فالشعب ايضا يملك نفسيه جمعية واحدة.

كما ان الفرد يملك سلوك شخصي ،فالشعب ايضا يملك سلوك جمعي واحد.

لذلك يمكن القول بان الشعوب و الامم مثل الفرد تماما.

و حسب نظرية و تجربة الطبيب الكندي التي طبقها على الافراد، فكما ان الفرد تاتي افكاره و مساعره و وعيه من شيئين ، فكذلك الشعوب تاتي افكارها و وعيها من مصدرين :

1- ذاكرة الماضي الجمعية

2- الادراك الجمعي للحاضر .

و لكي تصنع شعب جديد من شعب، لابد اولا من ان الغاء الشعب القديم داخل هذا الشعب.

كيف ؟

بطمس الذاكرة الجمعية لذلك الشعب ،و ارجاع ذاكرته الجمعية الى صفحة بيضاء ، قبل ان تكتب عليها ما تريد .

اي لابد من الغاء ماضي الشعب تماما .

اين توجد ذاكرة الشعوب ؟

ذاكرة الشعوب و الامم توجد في النصوص الكتابية التي كتبها اي شعب عبر الزمن ...... السجلات الكتابية القديمة لهذا الشعب عبر الزمن ، و سنسميها الارشيف القديم.

و نقوش المنطقة القديمة هو ذلك الارشيف القديم .

و الان من المنطقي ........ بانك اذا اردت طمس الذاكرة الجمعية للشعب، فكل ما عليك هو اخفاء الارشيف الكتابي القديم للشعب .

فعندما تقوم باخفاء ذلك الارشيف القديم بشكل نهائي، فانت بشكل تام تقوم بطمس ذاكرة الشعب الجمعية،و تحولها الى صفحة بيضاء تامة، و بعدها تستطيع ان تكتب ما تريده في الصفحة البيضاء، بحيث تصنع شعب جديد، و بطريقة تجعل هذا الشعب جديد و منقاد لك و يصدق افكارك و تحت سيطرتك .

كيف يمكن اخفاء تلك السجلات القديمة ؟

هناك طرق عديدة و كثيرة .... لكننا سنأخذ منها اثنتين فقط

● الطريقة الاولى

يمكن عملها في حالة وجود شعوب تملك ارشيف كتابي قديم و لا تستطيع قراءته.

كيف ؟

عندما تذهب الى شعب يملك ارشيف كتابي قديم ، و تقول له بانك تستطيع قراءة محتويات و معلومات هذا الارشيف القديم، ثم تقوم بحيلة ماكرة و تخدع هذا الشعب بقصص خارقة كبيرة عن عبقريتك التي اوصلتك لتنجح في ترجمة ذلك الارشيف القديم و قراءته بشكل صحيح، و انت بالحقيقة كاذب و مزور، ثم يصدقك هذا الشعب، عندها يصبح بين يديك شعب تحت تصرفك بشكل تام .

انت الان .... تكون قد اخفيت الارشيف القديم للشعب، و تكون قد مسحت ذاكرة الشعب الجمعية و حولت ماضي الشعب الى صفحة بيضاء بين يديك ، و عندها تستطيع بسهولة ان تكتب ما تريده من زيف في ذلك الارشيف.

اي ستصنع ذاكرة جديدة تناسبك و تخدمك، ستكتب في الصفحة البيضاء ما يناسبك من افكار و تاريخ و قصص و اخبار و امثال و مرويات و معتقدات الخ، و بطريقة تجعل هذا الشعب منقاد لك و يصدق كل افكارك و تحت سيطرتك.

في هذه الحالة و الطريقة ..... ستصنع شعب جديد يناسبك .

امثلة :

1- لو كتبت زورا ...... في الصفحة البيضاء ان ماضي ذلك الشعب كان يبجل شعب اخر ، فانت ستجعل هذا الشعب اليوم يبجل هذا الشعب في الحاضر في اللاوعي الجمعي له .

2- و لو كتبت زورا ............ في الصفحة البيضاء ان ماضي ذلك الشعب تعرض دائما لهزائم، فانت ستجعل هذا الشعب اليوم مصاب بعقدة الهزيمة في اللاوعي الجمعي له .

2- و لو كتبت زورا ....... في الصفحة البيضاء ان هذا الشعب كان لديه عقيدة دينية جميلة و مختلفة عن عقيدة اليوم، فانت اليوم ستجعل هذا الشعب ينفر دائما من عقيدة اليوم في اللاوعي الجمعي له ، و يحاول ان يستعيد عقيدة الماضي التي صممتها بنفسك في اللاوعي الجمعي لها .

3 - و لو كتبت زورا ....... في الصفحة البيضاء ان هذا الشعب كان في الماضي يعبد الهات كثيرة غير الاله الواحد الذي يعبده اليوم ، فانت اليوم ستجعل الشعب ينفر من الاله الذي يعبده اليوم و يعشق مسميات الالهات اجداده في اللاوعي الجمعي له .

4 - و لو كتبت زورا ....... في الصفحة البيضاء ان هذا الشعب في الماضي عاش ازهى تاريخ الى على يد حكام اجانب غزاة، فانت اليوم ستجعل هذا الشعب يحب الغازي و يؤمن في اللاوعي الجمعي له بانه لن يتطور الا على يد حكام اجانب غزاة .

5 - و لو كتبت زورا ..... في الصفحة البيضاء ان ارض هذا الشعب في الماضي كان يسكن فيها شعب اخر مختلف عنه و ذلك الشعب الاخر مازال موجود في الحاضر في ارض اخرى، فانت اليوم ستجعل هذا الشعب يؤمن في اللاوعي الجمعي له بان الارض التي يعيش فيها ليست ارضه و سيقبل هذا الشعب بشرعية تواجد ذلك الشعب الاخر على ارضه .

6 - و لو كتبت زورا .... في الصفحة البيضاء ان اجداد هذا الشعب كان يتخاطبون بلغة مختلفة عن هذا الشعب حاليا، و صنعت لتلك اللغة قاموس مفردات و وضعت لها قواعد،فانت اليوم ستجعل هذا الشعب ينفر من لغة اليوم و يحاول ان يتقن لغة اجداده التي قمت انت باخترعها في اللاوعي الجمعي له.

7 - و لو كتبت زورا .....في الصفحة البيضاء ان هذا الشعب كان في الماضي يعيش في عالم مثالي و في مدينة فاضلة و يملك قوانين راقية لم يصل اليها اليوم ........ فانت اليوم ستجعل هذا الشعب يرفض في اللاوعي الجمعي له واقعه و يسعى لتدمير واقعه و استبداله بتلك المدينة الفاضلة الغير واقعية و التي كان يعيشها فيها اجداده في الماضي.

بالمختصر

لو اردت ان تجعل اي شعب يقتنع باي فكرة تريدها ، فكل ما عليك القيام به هو ان تكتب في الصفحة البيضاء، بان هذا الشعب كان في الماضي يعتقد بنفس فكرتك.

و لو اردت ان تجعل هذا الشعب يقوم بتنفيذ عمل ما ، فكل ما عليك القيام به هو ان تكتب في الصفحة البيضاء، بان اجداد هذا الشعب كان في الماضي يقوم بنفس ذلك العمل الذي تريد من الشعب عمله اليوم في الحاضر .

نماذج واقعية :

1- نشرت صفحة على احد موقع التواصل الاجتماعي، متخصصة بتاريخ العراق موضوع طويل عن البيرة، و تسرد فيه معلومات من كتاب لباحث امريكي متخصص بالتاريخ العراقي .... و يقول فيه ان السومريون كانوا يعبدون الهة تسمى ( نينكاسي ) و هي الهة البيرة (الجعة)، و السومريون عرفوا سبعين طريقة لصناعة البيرة ، و كان السومريون يشربون البيرة عبر القصب او بدون قصب، حتى ان السومريون كان لديهم مثل مشهور يقول : "من لم يتذوق البيرة فلم يذق الحياة "، لدرجة ان هذا الشيء دفع شركة امريكية لصناعة البيرة الاستفادة من السومريين في انتاج البيرة .

تخيل معي الان

كيف ان باحث عراقي يصدق هذا التاريخ الكاذب و هذه الدعاية الاعلامية و التسويق الاعلامي لمنتج تجاري امريكي و يعتبرها من تاريخه الحقيقي و ماضيه الاصيل .... و لو شاهدت تعليقات بعض العراقين على هذا الموضوع،ستضحك جدا من افتخارهم بهذا التاريخ العظيم ... لدرجة ان البعض اصبح يريد تنفيذ هذا العمل و قرر البحث عن اسم هذه البيرة الامريكية ليتذوق نكهة البيرة التي كان يصنعها اجداده السومريون في العراق .

استخفاف بالعقول لدرجة لا تصدق !

2- و حتى تتاكد ....... ستشاهد قريبا مقال تاريخي لباحث غربي يقول فيه، ان ظاهرة الشواذ كانت منتشرة في الحضارة السومرية و الحضارة المصرية القديمة،و كان قدماء العراق و مصر يحترمون الشواذ جدا، لدرجة ان من اشهر ملوك العراق و مصر قديما كانوا من الشواذ.

● الطريقة الثانية

ايضا يمكن صناعة صفحة بيضاء لاي شعب من خلال ارشيفك الكتابي القديم، عن طريق كتابة نصوص تاريخية كاذبة وهمية، و الادعاء انك كتبتها في الزمن الماضي لشعبك الذي التقى بالزمن الماضي لذلك الشعب .

و تكتب احاديث كاذبة عن ذلك الشعب من كافة الجوانب، ثم يصدقك هذا الشعب ، عندها يصبح ذلك الشعب و كانه يملك ارشيف جديد، اي ذاكرة جديدة من داخل سجلاتك غير ذاكرته الحقيقية .

عندها ستصنع ذاكرة جمعية جديدة لذلك الشعب تناسبك و تخدمك ، لانك ستكتب له ذاكرة جديدة، و بطريقة تجعل هذا الشعب منقاد لك و يصدق كل افكارك و تحت سيطرتك.

في هذه الحالة ..... ستصنع شعب جديد يناسبك .

امثلة :

عندما تكتب رواية وهمية و بانها موجودة في ارشيفك القديم ، و تتحدث بان في ساعة دخولك لارض شعب اخر ، كان هذا الشعب يقدمون اضاحي بشرية و ياكلون قلوب الاضاحي .... و يصدقك هذا الشعب ... فانت ستجعل هذا الشعب يجدك دائما مثال للكمال الاخلاقي و الانساني .

نماذج واقعية :

قامت هوليود بانتاج فلم عن تاريخ امريكا الجنوبية ، و قد صور الفلم مشاهد قدوم الرجل الاوروبي لاحتلال امريكا ، بالتزامن مع مشهد لسكان امريكا و هي تقدم قرابين بشرية ......... و لذلك لا تستغرب لو شاهدت تعليقات لبعص سكان امريكا الاصلين و هم يشكرون الله بقدوم الاسبان الاوروبين الذين خلصوهم من هذه القرابين و التوحش الذي كان يمارسها اجدادهم .

-----------انتهى -----------

الان ....... دعونا نحاول تطبيق نفس تجربة الطبيب الكندي على الشعوب .

■ فكما قام الطبيب الكندي بعمل تجارب على مرضاة النفسين ، باعطاءهم عقارات مهلوسة ، فيمكن القيام بنفس التجارب على الشعوب ايضا.

فعندما تقوم باعطاء اي شعب تاريخ مليء بخرافات و قصص غير منطقية و اكاذيب، لايقبلها العقل السليم الطبيعي ( مثل خرافات اليونان الطفولية ) ، و تقول له بان اجداده كانوا يعيشون داخل هذا العالم، ثم يصدقك هذا الشعب، فانت عندها و كانك تجرع الشعب عقاقير طلية مهلوسة تماما، و كلما زادت الجرعات بشكل مكثف و متواصل، كلما اصبح الوعي الجمعي للشعب متعب من كثرة الهلاوس، و لا يستطيع معرفة ذاكرته الطبيعية و الحقيقية الواقعية و يفقد الاحساس بواقعه، بسبب الجرعات الكبيرة من عقاقير الهلوسة .

■ و كما قام الطبيب ايضا بتعطيل حواس المرضى عن طريق وضعهم داخل غرف مظلمة لتعطيلها ، فانه يمكن القيام بنفس التجربة لاي شعب .

فعندما تعطي اي شعب تقويم زمني، و تصنع في داخل التقويم فجوة زمنية ، غير مدون فيها اي شيء من التاريخ، فانت عندها و كانك تصنع غرفة مظلمة يسودها الصمت و تدخل كل هذا الشعب الى داخلها ، حتى تقوم بتعطيل حواس اادراك الواقع الجمعي لهذا الشعب .

لانه عندما تصل مخيلة الشعب الزمنية الى تلك الفجوة الزمنية، فان مخيلة الشعب تدخل تماما داخل غرفة مظلمة جدا، فيحدث تعطيل لحواس الادراك الجمعي بالواقع، و بعد ان تتعطل حواس الادراك الجمعي للشعب، تفقد الاحساس بالواقع الطبيعي، ثم تقوم باخراج هذا الشعب من تلك الفجوة الزمنية المظلمة، و تدخله الى تاريخ فيه عالم فانتازي سحري خرافي ....... اي تجرعة عقاقير هلوسة ... عندها سيتقبل الشعب وجود ذلك العالم بشكل طبيعي و منطقي .لان الادراك الجمعي بالواقع الطبيعي قد اصبح معطل تماما ... و اصبح عنده استعداد لقبول هذا العالم الخرافي و كانه كان عالم واقعي موجود عاش فيه اجداده .

هذا ماحدث لنا تماما.

لقد طبقت تلك التجربة علينا حرفيا .

فقد قام الغرب بمساعدة الاتراك في فترة احتلالهم لكل المنطقة ، بصناعة تلك الغرفة المظلمة و ادخلوا المنطقة فيها ، عندما منعوا الطابعة على المنطقة 300 سنة، و صنعوا فجوة زمنية مظلمة طوال تلك الفترة، ثم بعدها قاموا بتزوير الارشيف الكتابي القديم في المنطقة، و بعدها ادخلوا الطابعة و اخرجوا عبرها تاريخ جديد ، اي جرعوا المنطقة ذاكرة جديدة، تاريخ مليء بقصص خرافية وهمية .... فانتجت شعوب جديدة بمخيلات جديدة .

و هذا مازال يحدث معنا اليوم، من قبل الغرب الذي مازال يقوم بتطبيق التجربة علينا .

لقددخل الينا الغرب قبل 250 سنة محتلا، و كان في بداية دخوله لنا منشغل و مهتم جدا بترجمة نقوش المنطقة ( ارشيفنا القديم).

و الغرب الان ..... يقوم بكتابة ذاكرة جديدة لشعوب المنطقة، بعد ان تمكن من طمس الذاكرة القديمة.

و يقوم بكتابة ذاكرة جديدة على صفحة بيضاء، و يكتب ما يريده من عالم خرافي سحري ( يجرع الشعوب حبوب هلوسة )، لتفارق الواقع من حولها، و يكتب لها تاريخ بالطريقة، بحيث تتناسب مع توجهاته السياسية الاستراتيجية، و يضمن سيطرته على الشعوب .

هذه التجربة عبر عنها بشكل مختصر .... مؤرخ تشيكي عندما قال :

" لتصفية الشعوب، نبدا بمسح ذاكرتهم، ثم نتلف كتبهم التي تحوي ثقافتهم و تاريخهم، ثم ياتي شخص اخر ليكتب لهم كتب اخرى، و يعطيهم ثقافة اخرى، و يبتكر لهم تاريخ اخر ، ثم بعدها يبدا الشعب بالنسيان تدريجيا ، من هو!، و كيف كان!، و العالم الذي حوله سينساه ايضا بسرعة."

و هذا يبدو واضحا جدا في نظرة الغرب اليوم الينا.

فهناك باحث فرنسي و في مقابلة معه طرح عليه سؤال : مالفرق بين اليونان و الشرق ؟ ، كان جوابه: " ان الشرق كان يعيش في مرحلة الوعي الخرافي، بينما اليونان كان يعيش في عالم يمجد العقل "

هذا الباحث و غيره من الباحثين الغربين و الكثير من مؤرخي المنطقة ، لم يستوعبوا بعد حقيقة ... ان ذلك العالم الخرافي لم نكتبه نحن بل كتبه الغرب و قدمه لنا على انه تاريخنا الحقيقي .

و لذلك فالوعي الجمعي لمجتمعات المنطقة، هو نتيجة لتلك التجربة التي توصل لها الطبيب الكندي، و التي طبقها علينا الغرب .

لان ذاكرة مجتمعات المنطقة قد طمست، و استبدلت بعقاقير هلوسة ( تاريخ خرافي) لا يمت للواقع اليوم باي صله، يجعل الشعوب تعاني من اضطرابات نتيجة عدم وجود اي صلة بين الذاكرة التاريخية و الواقع.

و اصبحت الشعوب تسكن داخل عالمين، عالم فانتازي سحري ( ذاكرة الماضي )، و عالم واقع طبيعي اعتيادي (ادراك الحاضر الواقع ) .

◆ شعوب ....اصبح الغرب يستطيع صناعة افكارها و السيطرة عليها و توجيهها عبر التاريخ الذي يكتبه لها ، عبر كتابة ذاكرة جديدة تتناسب مع اي حدث او مشروع يراد تمريره.

فكلما جاء حدث سوى كان سياسي او علمي و يريد اقناعنا بمنطقه ، يقوم الغرب باخراج تاريخ جديد من نقوش المنطقة القديمة لنا يحوم حول ذلك الحدث حتى نؤمن به عبر علماء او باحثين او مؤسسات علمية، و كلما اراد الغرب تمرير مشروع لخدمة اطماعه في المنطقة ، يقوم الغرب باخراج تاريخ يتحدث بان اجدادنا قاموا بنفس العمل او عمل مقارب له ، ثم يقوم بنشره في دوريات علمية و مقالات و كتب، و يعمل على ترويجه في الاعلام.



لقد تم طمس الذاكرة الاصلية الحقيقية، و الان يتم استبدالها بذاكرة جديدة، و الغرب كل يوم يكتب ذاكرة جديدة، لتخدم توجهاته الفكرية و مشاريعه في المنطقة .

◆ شعوب ..... تعاني من تناقض و انفصام، بسبب كونها بين ماضي سحري فانتازي و بين واقع مختلف، شعوب تعاني من صعوبة في تخيل ماضيها كواقعها. و هذه الحالة تتسبب بانتاج ردات عنيفة من الشعب تجاه الواقع، يحاول ان يرفضه و يبحث عن ماضي سحري فانتازي ( هلاوس )، بعد ان ادمنت من عقارات الهلوسة .

و نحن اليوم اصبحنا نشاهد نتائج تلك التجربة بشكل واضح، من خلال مشاهدة جماعات في المنطقة تملك ذاكرة جديدة من تاليف الغرب و تسير وفق ما تريده مخططات الغرب ، فهي تعتقد بعد جرعات الهلاوس الكبيرة ، بان ماضيها كان خرافي و تحاول ان تعود له و تستعيد هويتها القديمة التي كتبها لهم الغرب، جماعات ترفض واقعها التي تعتقده بانه السبب الحقيقي من حرمانها من ذلك الماضي الفانتازي الخيالي السحري ( الهلاوس ).

-----------------

الان السؤال : كيف يمكن تركيب صورة لشخص يقرا القران الكريم داخل مشهد فلم إباحي ؟!.

اعتقد بان عملية تركيب الصورة ستكون صعبة نوعا ما، و هذا هو السحر الذي القاه الغرب علينا .



#محمد_الزمير (هاشتاغ)       أيمï_زميٌ#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلك في اليمن القديم – علم الكون اليمني وإنتشار العلوم الي ...
- قارئ النقوش القديمة، محمد الزمير، يكشف عن شخصية ملكة سبأ.
- القراءة الصحيحة لنقش النمارة-
- محمد الزمير -نسف فاضل الربيعي الجزء الاول من إعطاب النظريات ...
- نسف نظرية فاضل الربيعي الجزء الثاني


المزيد.....




- أي أخلاق للذكاء الاصطناعي؟ حوار مع العالم السوري إياد رهوان ...
- ملايين السويديين يتابعون برنامجًا تلفزيونيًا عن الهجرة السنو ...
- متطوعون في روسيا يساعدون الضفادع على عبور الطريق للوصول إلى ...
- واشنطن: صفقة المعادن مع كييف غير مرتبطة بجهود وقف القتال في ...
- wsj: محادثات روما قد تضع إطارا عاما وجدولا زمنيا لاتفاق أمري ...
- قتلى وجرحى.. مأساة في حلبة مصارعة الديوك! (فيديو)
- سيئول: 38 منشقا كوريا شماليا وصلوا إلى كوريا الجنوبية
- خبير أمريكي: الاتحاد الأوروبي سينهار وسيأخذ معه الناتو
- -أيدت فلسطين-.. قاض أمريكي يحدد جلسة للنظر بقضية طالبة تركية ...
- تونس: أحكام بالسجن بين 13 و66 عاما على زعماء من المعارضة في ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الزمير - صناعة وبرمجة الشعوب