أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد رباص - Le téléphone arabe














المزيد.....


Le téléphone arabe


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 7720 - 2023 / 8 / 31 - 10:51
المحور: الادب والفن
    


قبل بضعة اشهر، اتيحت لي فرصة قراءة رواية الكاتبة الأوسترالية الراحلة كولين ماك غوليغ (Colleen Mcullough) بعنوان "تختفي الطيور لتموت". بغض النظر عن احداث الرواية وأمكنتها وشخوصها وتشابكاتها، أثارني في متنها تكرار عبارة "le téléphone arabe" التي بدت لي محملة بالألغاز رغم أني أدركت المعنى المقصود منها اداؤه وهو نقل الكلام بطريقة شفوية، وظللت أتساءل: كيف ينسب الهاتف إلى قومي العرب وهم ليسوا من اخترعوه؟ وهكذا أرجأت إزالة الظلال التي تحوم في ذهني حول هذه العبارة إلى زمن لاحق.
وها أنا الآن على أهبة للقيام بالمهمة المؤجلة حيث نهضت أبحث عن معنى هذه العبارة، فاكتشفت أن المقصود بها في موسوعة "ويكيبيديا" لعبة بنفس الاسم، وأنها تسمى أيضا الهاتف اللاسلكي، هي لعبة جماعية. يشارك فيها ثلاثة لاعبين على الأقل، ويمكن لعبها انطلاقا من سن 3 سنوات فما فوق. تختلف مدتها حسب عدد المشاركين، وقد يستغرق الطرح الواحد حوالي بضع دقائق بالنسبة إلى خمسة حتى عشرة لاعبين. أصل اللعبة غير مؤكد.
يشكل اللاعبون خطا. يأتي اللاعب الأول برسالة ويهمس بها في أذن الشخص الثاني في الصف. يقوم اللاعب الثاني بتكرار الرسالة للاعب الثالث، وهكذا. عند الوصول إلى آخر لاعب، يعلن بصوت عالٍ الرسالة التي سمعها. يقوم الشخص الأول في القائمة بعد ذلك بمقارنة الرسالة الأصلية بالنسخة النهائية (وربما بالنسخ الوسيطة).
ورغم أن هدف اللعبة هو إيصال الرسالة دون تشويهها خلال مسارها، إلا أن جزء من المتعة هو أنه بغض النظر عن الأمر، عادةً ما ينتهي بالرسالة إلى التشويه. عادةً ما تتراكم الأخطاء في التعديلات في كل مرة يتم فيها إرسال الرسالة، بحيث يختلف التصريح الذي أعلنه اللاعب الأخير بشكل كبير عن تصريح اللاعب الأول، وعادةً ما يكون ذلك مشفوعا بتأثير مسل أو فكاهي. تشمل أسباب هذه التغييرات القلق أو نفاد الصبر، أو التصحيحات المضللة، أو صعوبة فهم الآليات، أو بعض اللاعبين الذين قد يتعمدون تغيير ما يقال، من أجل ضمان تغيير الرسالة في نهاية المطاف.
في موقع آخر، اكتشفت كذلك أنها تعتي: النشر الشفوي والسريع للمعلومات بواسطة الكلام. كما علمت أن أصل الحكاية يعود إلى أن المستعمرين الأوروبيين المستوطنين في شمال أفريقيا، إبان فجر القرن العشرين، انبهروا بالسرعة التي يتم بها تداول المعلومات بين السكان بطريقة شفوية لا غير. ومن هنا نشأ هذا التعبير الذي عبر بعد ذلك حدود المغرب العربي.
وإذا أردنا تعميق البحث عن معاني العبارة، نجد مستعملة اجنبية اسمها "Joelle" أنشأت على شبكة الإنترنت موقعا ناطقا بلسان حال مركز للتكوين اختارت له من الأسماء "الهاتف العربي". وقادها تبريرها لهذه التسمية إلى القيام بمحاولة بيداغوجية حول دلالة العبارة ونشرتها يوم فاتح نونبر 2021.
كتبت الأستاذة "جويل تقول إن الأمر يتعلق بلعبة مدرسية ولكنها أيضا تعبير شائع، فالهاتف العربي يمثل طريقة رؤية هذا الموقع والشركة التي يمثلها. ما مدى أهمية "الهاتف العربي" بالنسبة إلى قيم مركز التكوين؟ ماذا تعني هذه العبارة؟ لماذا يتم الإفراط في استخدامها؟ وما هي معانيها المختلفة؟ باختصار، لماذا أرادت أن تطلق على مركز التكوين الخاص بها اسم "الهاتف العربي"؟
عن أصول عبارة "الهاتف العربي" قالت الأستاذة "جويل" إنها تعود إلى الحقبة الاستعمارية، عندما سيطر المستعمرون الفرنسيون والإنجليز على شمال أفريقيا. لاحظوا أن المعلومات يتم تداولها بشكل أسرع بكثير مما يقع في أوروبا، وذلك بفضل انتقال الكلام من الفم إلى الأذن. وسرعان ما تم التوصل إلى أن الكلام الشفهي هو وسيلة الاتصال الأكثر فعالية في العالم العربي.
وبما أن سرعة نشر المعلومات، بشكل عام، تضمن تحريفها، تتابع "جويل"، أسندت إلى عبارة "الهاتف العربي" دلالة تحقيرية تشير إلى أن المعلومات التي يمكن استخلاصها من هذه العملية ليست بالضرورة موثوقة.
وهكذا، تم خلق تشبيه بين العملية العربية وعدم كفاءة هذه العملية. من الواضح أنه من غير المجدي الإشارة إلى أن هذا الارتباط غير صالح منطقيا نظرا لأنه لا يصلح إلا كوسيلة اتصال مستخدمة في جميع أنحاء العالم، في ذلك الوقت كان الهاتف الحقيقي أو الإنترنت في عداد العدم حتى في بعض المناطق التي تتمتع بخدمات بريدية فعالة جدا . في ذلك الوقت، كانت اللغة العربية مساوية لعدم الكفاءة من قبل المستعمرين الذين اعتبروا السكان المستعمرين "متوحشين" لا يملكون ثقافة تستحق التقدير.
لعبة "الهاتف العربي"، التي استمدت كمسمى مباشرة اسمها من نفس العبارة، هي لعبة جماعية تجري اطوارها بين 3 لاعبين على الأقل وتقوم على مبدإ أن الكلمات تشوه بالضرورة. الهدف من اللعبة هو تكرار المعلومات لعدة محاورين ومقارنة العبارات الأولى بآخرها. من الواضح أن هذه اللعبة تصاب كلماتها بالتشوه لأنها غالبا ما تصرف بين أطفال صغار يميلون إلى خدش الكلمات. كما أنها تساهم في الدلالة السلبية للتعبير.
من ذلك، تخلص الأستاذة الجليلة التي دافعت عن العرب ضد احكام الأوربيين المسبقة، إلى أن الهاتف العربي يرمز إلى: (١) وسيلة اتصال فعالة وكفؤة، (٢) تعبير شعبي، (٣) تشبيه مؤسف بين الثقافة العربية وسوء الفهم و (٤) لعبة للأطفال.
والآن، هل يمكن لنا أن نقول إن أصل العبارة غير مؤكد، كما قررت "ويكيبيديا"؟



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اختلاسات تطال المال العام بمدينة أونجي الفرنسية تحت غطاء تسي ...
- إعفاء وزيرة الخارجية الليبية مؤقتا من من مهامها بعد اجتماع إ ...
- المتصرفون الإداريون الكونفدراليون يرفضون مقترح إطار مفتش إدا ...
- جمهورية النيجر: لماذا تحتاج المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفر ...
- لماذا فشلت الجزائر في الانضمام إلى منظمة بريكس؟
- العرائش: الدورة الأولى لمهرجان شميس للسينما تكرم الكلاعي وتج ...
- فلسفة سقراط عبر ثلاث مراحل (الجزء الثاني)
- فرضيات حول مستقبل االإنسان
- فلسفة سقراط عبر ثلاث مراحل (الجزء الأول)
- مشكلة الصحراء ترخي بظلالها على قمة البريكس
- لتعديل الوزاري في المغرب.. ملهاة وسيناريوهات
- عبد الرحيم بوعيدة ينطلق في معارضة الحكومة من قاعدة الأغلبية ...
- نبذة تاريخية عن التوسع العمراني لمدينة المحمدية خلال المائة ...
- هزة الجماع حسب وليام رايخ (الجزء الثاني)
- وظيفة هزة الجماع حسب ويليام رايخ
- -غياب- دي ميستورا ومحاولات الجزائر لحمل أمريكا على التراجع ع ...
- وظيفة هزة الجماع حسب ويليام رايش (الجزء الأول)
- ساركوزي: انتحاء ماكرون على الجزائر -يأخذنا بعيدا عن المغرب، ...
- إبراهيم غالي يدعو من مدينة بومرداس الجزائرية إلى -حرب شاملة- ...
- شذرات من سجل الشهداء


المزيد.....




- الملكة رانيا خلال إفطار مع مجموعة من الشباب: -رأس مالنا قيمن ...
- قراءة نقدية وتحليلية فى مجموعة قصصية( أناتوكسين )للكاتبة لين ...
- كاتب إيطالي يبوح بحبه للجزائر في رواية رابعة
- البرازيل: موسيقيون ومهرجون يرسمون البسمة على وجوه الأطفال في ...
- رجال دين يجتمعون في عنكاوا أمام الفيلم العراقي -المسيحيون-
- فيلم -أنورا-.. هل تستحق -ساندريلا الفاسدة- 5 جوائز أوسكار؟
- الحلقــة الجــديــدة نــزلــت.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 18 ...
- بعد سنوات من الانقطاع.. سوريا تعود إلى عضويتها الكاملة في ال ...
- -لغة استقلال الهند-.. حرب اللغات في شبه القارة تستهدف الأردي ...
- كيف وصل العرب لأفغانستان وكيف يعيشون بها؟


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد رباص - Le téléphone arabe