احمد جمعة
روائي
(A.juma)
الحوار المتمدن-العدد: 7708 - 2023 / 8 / 19 - 14:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل أُطيح بالمثقفين التحرّرين أخيرًا؟ أمريكا اللاتينية شهدت مؤخرًا انتفاضة تحررية خرجت من تحت معطف الهيمنة العالمية وقادها المثقفون والكتاب في البداية وأثبتوا أنهم طليعة التغيير، وليت الأديب العالمي غابرييل غارسيا ماركيز حيًا يرزق لرؤية حلمة بسقوط خريف الدكتاتوريات الذي توقعه ولم يشهده. فاذا كانت الثقافة نبضٌ، وعيٌ، جسر الشعوب، تلملم الجراح وتضيق وتتسلل بين ثقوب الكراهية لتمحو بقدر المستطاع النتوءات التي خلفتها موروثات قديمة بين الشعوب، تغذيها الأديان، فإن هذه الطليعة المثقفة أطيح بها هنا عندنا ولم تعد صالحة لقيادة التغيير لأنها أهدته للغوغاء من رجال دين ومحتالين وطبقات وسطى تم محوها من فوق السطح...استغرب بعد كل هذه القرون المديدة من الكراهية، وحتى بعد زوال الأنظمة الثيوقراطية والدكتاتورية من العالم، كالنازية والفاشية ظلت تيارات تحقنها سياسات ثيوقراطية، بهدف الإبقاء على صراعات الجماعات، طوائف وقوميات وشرائح لمصلحة ضيقة تتمثل بمحاولة السيطرة على عقول الشعوب وحملها على مزيد من كراهية بعضها البعض، هذا ما نراه اليوم بأشكال صارخة بين قوى ظلاميّة متزمتة وبين قوى تنويريّة، تغذيها قيادات حاكمة، تضيق الهوة بين ثقافات الشعوب، ولو تحقق ذلك لزال الكثير من الاحتقان وذابت الكراهية وأمكن رؤية ثقب ضوء يقود لنزع الكراهية من المنطقة التي عمها الصراع منذ قرون بسبب مشاعر الكراهية وأخطاء ارتكبها عمداً مرجوا السلفيات الدينية بمختلف أطيافها لبث الكراهية، والسيطرة على عقول القطيع!
عندما أطيح بالثقفين التحرّرين ازدهرت قافلة مروجي الكراهية العمياء التي تسود المنطقة منذ عقود، لم تعد هناك عقلانية ثقافية، كفيلة بفتح ثقب بجدار الخوف، وهو خوف غير مبرّر ولا يستند على ثقة بالنفس، فمنذ سنوات الصراع السياسي والدموي محتدم ويتكرّر بكل دورة زمنية لكنه لا ينتهي بل يعود كلما انطلقت شرارة في الفضاء، كان هناك بداخل المجتمع نزوع بل استقطاب للثقافة، علماً بأن مئات من المثقفين على الجانب الآخر من الأدباء والفنانين تواروا أو أطيح بهم أو استوعبوا داخل النظام وضاعت الطليعة ومعها الفلسفة والأدب والفكر والحقوق والتنوير. تلاشت ثقتنا بأنفسنا وبحضارتنا؟ توجد قاعدة صلبة تجدّد للنظام وتُجمد المجتمع، بدت حضارتنا كلها ريشة في الهواء، مثل كذبة لم تقوَ على صد نسمة هواء؟ سيطرت داخل النظام وخارجه تيارات متطرفة وبداخلها كراهية تفوق المتصوُّر، بإيجاز، العالم يتحرّر ونحن نتقيّد...
خروجك من السرب ضرورة إذا فقد السرب وجهته.
#احمد_جمعة (هاشتاغ)
A.juma#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟