أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سالم الباوي - قصة قصيرة














المزيد.....

قصة قصيرة


سالم الباوي

الحوار المتمدن-العدد: 7706 - 2023 / 8 / 17 - 13:39
المحور: الادب والفن
    


واقع غير متوقع


حرّك الرجل نظارته السوداء الكبيرة وقرأ البريد الإلكتروني مجددًا. كان البريد يتكون فقط من بضع كلمات.
- "لن أقوم بتدخين السجائر بعد الآن".
نظر المراسل إلى السقف. فكر في الرسالة للحظات. أصدر تنهيدة.

رفع رأسه قليلًا من فوق الساتر الترابي ليلقي نظرة تجاه خطوط المعارك. امتدت يد قوية ودفعته بقوة نحو الأسفل.
- هل جننت؟ همس الضابط بغضب.
- ربما. رد المراسل بابتسامة مريرة.
قبل عدة أيام، قرر أن يذهب إلى الجبهة مع مجموعة من الجنود ليكتب قصة عن تجارب الحرب. ولكنه سرعان ما ندم على قراره وأراد الاستغناء عن الذهاب ومحاولة الكتابة من خلال مشاهدة أفلام الحرب كما يفعل الآخرون. ولكن رئيس التحرير أصر على أن الإلهام الحقيقي يكمن في الجبهات الحقيقية. كان يعرف الصحفي سبب إرساله الحقيقي إلى الحرب؛ لأن ذلك سيجعل الصحيفة تحصل على سمعة واسعة في الوسائط وأيضا تصبح الصحيفة الأخبارية الأولى التي ترسل مراسلا إلى الخطوط الأمامية للحرب وبهذه الطريقة ستحصل الصحيفة على امتيازات من السلطات المعنية.
- هوووي سيدي.
رفع المراسل رأسه عندها لاحظ جنديًا يشير إليه. قام بالتوجه نحوه.
- قمنا بأسر فتاة.ضحك الجندي ثم أحكم قبضته على يد المراسل وسحبه باتجاه مقر القيادة. دخلوا المبنى. استغرقت عيناهما بضع دقائق حتى تعتاد على الضوء الخافت في الملجأ . جلس المراسل بجانب الفتاة التي كانت تنظر إلى السقف وكأنها في عالم آخر.
- ماذا تفعلين هنا؟ سأل المراسل بدهشة.
- نفس الشيء الذي تفعله أنت. ردت الفتاة بصوت هادئ.
- فتاة! هل تعلمين أن هنا جبهة؟ صاح المراسل بدهشة.
- في لحظات الحرب، المكان الذي يتواجد فيه الإنسان لا يملك أهمية. أجابت الفتاة ببرود.
قام المراسل بحركة مستديرة وتبادل الأنظار مع الفتاة. لكن الفتاة لا تزال تحملق إلى السقف.
- هل تعتقدين أن الحرب مجرد لعبة طفولية؟ سأل المراسل بصوت متأكد.
- هل الناس يموتون في ألعابكم؟ همست الفتاة بصوت حزين.
- يا فتاة، أنت الآن فريسة لدينا، لذا لا داعي للحديث كثيرًا. قال المراسل بقسوة.
لم ترد الفتاة بكلمة. نظرت إلى المراسل لمدة ثوانٍ قليلة فقط. لمح المراسل ضيقًا في عينيها، كما لو كان قد فقد شيئًا ما منذ لقائه معها. تدهورت حالته وخفق قلبه بشدة. لم يعرف ما يدور في رأسه بعد لقائه مع الفتاة. خرج من الملجأ. قام بزفير ثم شهق لعدة ثوانٍ. وضع يديه في جيوبه. أخرج سيجارة. أشعلها.
- يا حضرة الصحفي. صاحت الفتاة . عاد المراسل إلى الداخل. أراد أن يلقي سيجارته.
- لا تفعل هذا. اشتقت إلى التدخين.
مد المراسل سيجارة نحو الفتاة.
- يدي مقيدة. قالت الفتاة ونظرت إلى عينَي المراسل. اضطر المراسل لأخذ السيجارة بين شفتي الفتاة. خرجَ سُحُبٌ منَ الدُخَانِ الكثيفِ مِنْ فَمِ الفتاةِ وَانْتَشَرَ في الجَوِ. نظرت الى المراسل.
كانت يد المراسل ترتجف. لاحظت الفتاة رجفة يده. ضحكت. خرج المراسل بسرعة ليترك الملجأ.
- ما الذي سيفعلونه بي؟ سألت الفتاة بصوت خائف.
- سيتم إرسالك خلف الخطوط الأمامية، وربما يتم ترحيلك إلى بلدك بأسم حقوق الإنسان.
- هل أنت فعلًا مراسل؟
لم يرد عليها فقط قام بهز رأسه للتأكيد.
- أنا أيضًا كنت، لكن بعد اغتيال والدي، تركت مهنة الصحافة. همست الفتاة.
- ما اسمك؟ طلبت الفتاة بحنان.
قال المراسل اسمه.
- أحببت أن أعطيك سيجارة أخرى، ولكن التدخين ليس صحيًا بالنسبة لك. قالها المراسل بابتسامة خافتة.
- إذا بقيت على قيد الحياة، فلن أنسى نصيحتك. قالت الفتاة بضحكة.
اشتعلت السيجارة بإصبع المراسل قبل أن يخمدها بسرعة. بدأ المراسل في الكتابة مجددًا، لكن هذه المرة قصة فتاة تركت التدخين لسنوات ولكن لا تزال تدخن في خيال رجل رآها مرة واحدة فقط...



#سالم_الباوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة جدا
- دراسة سيميائية وجيزة لقصة نفاد الشاي والرتابة المكررة
- كارون و ذكريات غير معلنة_ قصة قصيرة
- قصص قصيرة جدا
- خوف- قصة قصيرة جدا
- ذكريات ممنوعة الذكرى- قصة قصيرة جدا
- لعنات الألم- قصة قصيرة جدا
- سقم الحب - قصة قصيرة جدا
- أنغام الألم- قصة قصيرة جدا
- عبء الضيافة- قصة قصيرة جدا


المزيد.....




- من كام السنادي؟؟ توقعات تنسيق الدبلومات الفنية 2025 للالتحاق ...
- واخيرا.. موعد إعلان مسلسل قيامة عثمان الحلقة 165 الموسم السا ...
- الغاوون:قصيدة (جحود ) الشاعرمدحت سبيع.مصر.
- الحلقة الاولى مترجمة : متي يعرض مسلسل عثمان الجزء السادس الح ...
- مهرجان أفينيون المسرحي: اللغة العربية ضيفة الشرف في نسخة الع ...
- أصيلة تناقش دور الخبرة في التمييز بين الأصلي والمزيف في سوق ...
- محاولة اغتيال ترامب، مسرحية ام واقع؟ مواقع التواصل تحكم..
- الجليلة وأنّتها الشعرية!
- نزل اغنية البندورة الحمرا.. تردد قناة طيور الجنه الجديد 2024 ...
- الشاب المصفوع من -محمد رمضان- يعلق على اعتذار الفنان له (فيد ...


المزيد.....

- الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة / محمد الهلالي
- أسواق الحقيقة / محمد الهلالي
- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سالم الباوي - قصة قصيرة