محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث
(Mohammad Abdul-karem Yousef)
الحوار المتمدن-العدد: 7702 - 2023 / 8 / 13 - 11:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الديسابورا إهانة للوطن
عندما تصبح دوائر الهجرة محجة للشباب وعندما يصبح جواز السفر حلم كل شاب وصبية عليك أن تتوقف لحظة وتتساءل: ما المشكلة ولماذا؟
هناك فرق واضح لا لبس فيه بين المصطلحات ذات الصلة بدوائر الهجرة وجواز السفر. فالاغتراب غير الهجرة الدائمة والهجرة الدائمة غير الهجرة المؤقتة والانتشار غير الاغتراب ، وكل في فلك يسبحون .
الاغتراب يأتي من الغربة و البعد عن الوطن، وغالبا تشير إلى المشاعر السلبية المرافقة للانقطاع عن الأهل والأجواء المعتادة. ويتغرب الإنسان غالبا من أجل الدراسة أو كسب العيش أو ربح مادي أفضل ويطمح إلى الوصول إلى مستوى معيشي مرموق على حساب تغربه عن أهله، أو قد يغترب بشكل قسري في حالات الحروب وانعدام الاستقرار الأمني والسياسي.
والهجرة لها أنواع عديدة منها الداخلية ومنها الخارجية ومنها الدائمة ومنها المؤقتة ومنها الدائرية ، والهجرة على أنواعها تخل معيار التوازن في الدولة والوطن وتقود إلى اعتلال حركي لقدرات الوطن وهي ظاهرة غير صحية ولا صحيحة وقد عانت منها دول قوية الاقتصاد مثل ألمانيا التي تعاني من استنزاف أمريكي مستمر لقدراتها الفكرية وعقولها . ألمانيا تربي الولد وتعلمه وتلتقطة الولايات المتحدة جاهزا للعمل.
وأما الانتشار فقدر للشعوب التي تعرضت للحروب الداخلية إذ تقود هذه الأخيرة إلى الانتشار في مشارق الأرض ومغاربها بحثا عن الأمان والرزق وضمان الحد الأدنى من الحياة ، وقد أسميتها ديسابورا لأنها ترمز للتشرد والتشتت والضياع منذ اليونان القديمة ، أصل الكلمة ومعناها ومغزاها.
على الدولة المكلفة قانونا وشرعا أن تحد من الاغتراب والهجرة والانتشار حماية لكرامة الوطن والمواطن . و التَشتت والضياع للمواطنين قبائل وأَفرادا مشرّدين في كل اتجاه وما عاد لهم وَطَن. وفي مواضع أخرى ترادف هذه المصطلحات "المنفى" لأناس مشتتون ضياعا ومنفيون تشردا خارج وطنهم وما عاد لهم وطن.
كنت دائما ضد الهجرة والاغتراب بأنواعها لأنها هدر لطاقات الوطن والدولة . كم هو صعب أن تربي طفلا حتى يكبر ليأخذه الأخرون. أليس ذلك استنزافا للقدرات الوطنية والمعرفية و الحكومية؟ أليس من الأجدى أن يغدق الوطن عطاياه لهولاء ويزيح من عقولهم فكرة الاغتراب؟
وأنا ما لدي جواب لهذه السؤال بل الجواب لدى صناع القرار: أولادنا الساطعون كالشمس في كل أرض ، يشرقون مثل الشمس كل صباح وفي المساء يتحولون إلى نجوم ، يحملون محتدهم وجذورهم وثقافتهم وتراثم وألمهم وشتتاتهم صليبا فوق أكتافهم، يلتفتون بين الحين والآخر نحو وطنهم ، يشتمون أخباره ورائحة خبزة وخصوبة بيادره بحنين من طالت غيبته عن الديار ويعلقون أيقونة العودة للديار على صدورهم ينتظرون لهفة أم تنتظرهم عند الباب.
أسميتها ديسابورا لأنها كذلك ، وهي في رأيي عندما نسمح بها فإننا نهين الوطن وكرامته ومستقبله.
#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)
Mohammad_Abdul-karem_Yousef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟