|
رواية للفتيان سامو وسومو طلال حسن
طلال حسن عبد الرحمن
الحوار المتمدن-العدد: 7702 - 2023 / 8 / 13 - 02:47
المحور:
الادب والفن
رواية للفتيان
سامو وسومو
طلال حسن
شخصيات ـــــــــــــــــــــــــ
1 ـ الزوج
2 ـ الزوجة
3 ـ سامو
4 ـ سومو
5 ـ المرأة المولدة .. جايا
6 ـ الساحر
7 ـ ميرا
8 ـ والد ميرا
" 1 " ــــــــــــــــ
تهيأ الزوج للخروج ، دون أن يتناول طعام الفطور ، فتحاملت الزوجة الشابة على نفسها ، واعتدلت قليلاً في فراشها ، وقالت : لا تذهب إلى الصيد اليوم ، ابقّ معي ، فأنا كما ترى مريضة . فأخذ رمحه ، ونظر إليها ، وقال : لأنك مريضة ، وقد تلدين اليوم ابني الأول ، لابد أن أذهب إلى الغابة ، لعلي أصطاد لك أرنباً أو ظبياً . فتنهدت الزوجة متوجعة ، وقالت : لدينا بعض الفواكه ، التي جلبتها من الغابة يوم أمس . وشدّ الزوج قبضته الشابة على رمحه ، وقال : هذا لا يكفي ، أنت مريضة ، وبحاجة إلى اللحم . ثم نظر إليها ، وقال : أريد ولداً . فغالبت الزوجة ابتسامتها ، وقالت مازحة : ابقَ إذن وإلا ولدتُ لك بنتاً . وابتسم الزوج بدوره ، ثم قال : أهلاً بها ، إذا كانت جميلة مثلكِ . وضحكت الزوجة الشابة فرحة ، وتمددت في فراشها ، وقالت كاتمة توجعها : كن حذراً ، فالخنازير الشرسة كثيرة في الغابة هذه الأيام . ومضى الزوج الشاب ، ورمحه في يده ، وظلت الزوجة الشابة ، تتابعه بعينيها المحبتين ، دون أن تدري بأنها تراه للمرة الأخيرة . وأغمضت الزوجة الشابة عينيها ، لعلها تغفو قليلاً ، فنومها كان متقطعاً طول الليل ، وكيف تستغرق في نوم هادىء متواصل ، وجنينها يرفس في بطنها كالخشف ، بين فترة وأخرى ؟ لكنها لم تغفُ ، فقد تململ الجنين في بطنها ، كأنه يحتج على رغبتها في النوم ، فوضعت يديها على بطنها تهدهده ، وتطمئنه على أنها لن تنام . وابتسمت فرحة ، رغم توجعها ، وهي تتحسس بطنها المرتفعة ، وفكرت أن جنينها ، الذي تريده ولداً ، وليس بنتاً ، سيأتي ضخماً كأبيه . وعند منتصف النهار ، أقبلت المرأة المولدة جايا ، فاعتدلت الزوجة الشابة في فراشها قليلاً ، وقالت مرحبة بها " أهلاً ومرحباً بالعزيزة جايا . وتطلعت جايا إليها ، وردت قائلة : أهلاً بك ، يا بنيتي . ثم جلست إلى جانب الزوجة الشابة ، وقالت : جئت أراك اليوم أيضاً ، فوليدك على ما أرى ، يريد الخروج إلى الدنيا قريباً . وابتسمت الزوجة الشابة ، وقالت : هذا ما يبدو ، فقد ظل يرفس في بطني طول الليل . ووضعت جايا يدها المجربة على بطن الزوجة الشابة ، ثم قالت مخاطبة الجنين : لا تتعجل ، يا بنيّ ، فالدنيا ليست كلها عسل نحل . وابتسمت الزوجة الشابة ، فقالت جايا : بنيتي ، ابشري ، فوليدك لن يتأخر عن رؤية الدنيا ، وربما سيأتي قبل فجر الغد . ورغم فرحها ، بدا الخوف والقلق على الزوجة الشابة ، فتشبثت بيد المولدة جايا ، وقالت لها : هذه ولادتي الأولى ، أرجوكِ لا تتركيني . وربتت المولدة جايا على يدها ، وقالت : اطمئني ، سأبقى إلى جانبك ، حتى أرى وليدك الشقي ، يواجه الدنيا بصرخاته الحبيبة .
" 2 " ـــــــــــــــــ
على أحرّ من الجمر ، انتظرت الزوجة زوجها ، والجنين يرفسها بشدة ، بين فترة وأخرى ، لا ليأتيها بأرنب أو غزال ، وإنما ليعود إليها سالماً . وجاء الليل بخيمته السوداء الموحشة ، لكن الزوج الشاب لم يجيء ، وتزايد خوف الزوجة وقلقها ، وحاولت الجدة تهدئتها ، لكن دون جدوى . وقبيل منتصف الليل ، بدل أن يجيء زوجها الشاب ، جاءها المخاض ، وراحت تتلوى وتصرخ من شدة الألم ، وبدا للمولدة جايا ، ولامرأتين عجوزين ، انضمتا إليها منذ المساء ، أن ولادتها ليست عادية ، وراحت قواها تخور مع مرور الوقت ، حتى ضعفت ، وأوشكت على الإغماء . وتحيرت النساء الثلاث ، وخاصة جايا ، وهي الموّلدة الأولى ، في هذه المنطقة ، فهن لم يصادفن حتى الآن ، ولادة عسيرة كهذه الولادة . وعند الفجر ، وقد كادت الزوجة الشابة أن تنطفىء ، تلقت الجدة العجوز بيديها الخبيرتين ، طفلاً ضخماً يصرخ ، وبعد هنيهة ، وأمام أنظار المرأتين العجوزين المصعوقة ، تلقت طفلاً آخر يصرخ ، كأنه صورة من الطفل الأول . وكما لم ترَ الزوجة الشابة ، زوجها الشاب ، يعود من الصيد ، فإنها لم ترَ أياً من وليديها المتصارخين ، وكيف تراهما ، وقد انطفأت كما تنطفىء جذوة من النار ، ضربتها عاصفة هوجاء . وما إن رأت المرأتان العجوزان الطفلين المتشابهين ، والمولدة جايا تتلقاهما الواحد بعد الآخر ، حتى شهقتا مذهولتين ، وصاحت الأولى : توأمان ! يا للشؤم . واتسعت عينا الثانية ، وقالت : لقد قتلا أمهما . وقالت الأولى : ومن يدري ، ربما قتلا أباهما أيضاً ، وهو يصطاد في الغابة . والتفتت المولدة جايا إليهما ، ونهرتهما بغضب قائلة : كفى ، اسكتا . فقالت الأولى : أنت موّلدة مجربة ، وتعرفين كلّ شيء ، هل رأيت امرأة تلد أكثر من مولود واحد ، كما تلد الوحوش ؟ وقالت الثانية : حتى القرود ، وهي ليست بشراً مثلنا ، تستنكر مثل هذه الولادة . ونهضت الثانية ، وقالت للأولى : تعالي ، تعالي نذهب ، ولنترك هذا للساحر العظيم . ونهضت الأولى ، وقالت : مثل هذا الأمر لن يتساهل فيه أحد ، وخاصة الرجال . ونهضت المولدة جايا ، وقالت مشيرة إلى الزوجة ، ووليداها الصغيران يصرخان إلى جانبها : هذه فتاة طيبة ، وزوجها فتى طيب ، ومثلهما لا يمكن أن يلدا إلا من هو طيب . واستدارت الأولى ، وقالت : لقد ولدا وحشين ، وليس طفلين ، كما يلد البشر . وحاولت المولدة جايا أن تتمالك نفسها ، وقالت : أخرجا ، أيتها اللعينتان أنتما تثيران نيراناً حارقة . واتجهت الأولى إلى الخارج ، وهي تقول للثانية : تعالي نذهب ، هذا لا يعنينا . ولحقتها الثانية ، دون أن تتفوه بكلمة ، ومضتا مبتعدين لا تلويان على شيء . وأخذت المولدة جايا الطفلين ، ولفتهما بأردية من جلود الحيوانات الصغيرة ، أعدتها الزوجة الشابة لمولودها القادم ، وها قد قدم بدل المولود الواحد مولودان ، أحدهما يشبه الآخر تماماً . وهنا ارتفعت في الخارج ضجة وولولة نسوة ، وسرعان ما دخل عليها الكهف شاب يلهث ، وقد شحب وجهه ، فنظرت إليه ، وتساءلت متوجسة : ما الأمر ؟ فقال الشاب : وجدناه .. وفغرت المولدة جايا فاها مصعوقة ، فتابع الشاب قائلاً : قتله خنزير متوحش شرس .
" 3 " ـــــــــــــــــ
عند الضحى ، والزوجة مازالت مطروحة جثو هامدة ، في مكانها فوق الفراش ، وإلى جانبها يتمدد طفلاها ، ملفوفين بفرو الحيوانات الصغيرة ، ارتفعت ضجة خارج الكهف . وتلفتت المولدة جايا حولها ، ونظرت متوجسة خائفة إلى مدخل الكهف ، وأدركت أنه الساحر وجماعته ، وخمنت أن وراء ذلك المرأتان العجوزان . وفي الخارج ، أمام مدخل الكهف ، توقف الساحر ومن معه ، وتوقفت خلفه تماماً المرأتان العجوزان ، وقد علا وجهيهما التجهم والغضب . وكما توقعت الجدة العجوز ، اقتحم الساحر الكهف ، دون استئذان ، وخلفه دخلت المرأتان العجوزان ، ووقفت المولدة جايا ، وكأنها تتصدى لهم ، وقالت مشيرة إلى الزوجة : ماتت وهي تضعهما . فصاحت الأولى : طبعاً أماتاها ، فهما شؤم . وقالت الثانية : وأماتا أباهما أيضاً . ونظر الساحر إلى التوأمين ملياً ، ثم التفت إلى المولدة جايا ، وقال : انظري إليهما ، أنظري جيداّ ، حتى شكلاهما غير طبيعي . وصاحت الأولى : المرأة لا تضع مثل هذين . وقالت الثانية : إنهما من الوحوش وليس من البشر . ونظر الساحر إلى المولدة جايا ، وقال بصوت حازم : القردة نفسها ، وهي حيوانات كما تعرفين ، تطرد من بينها كلّ أنثى تضع أكثر من وليد . وقالت الثانية : فما بالنا ونحن بشر . ونظرت المولدة جايا إلى الساحر ، وقالت : إنهما طفلان بريئان ، لا ذنب لهما . فهز الساحر رأسه ، وقال : لا تقولي هذا ، أنتِ تعرفين سِنة الأجداد . وصاحت الثانية : إنهما نذير شؤم . وصاحت الأولى : فليقتلا . ونظرت المولدة جايا إليهما حانقة ، وقالت : هذا كلام وحوش ، وليس بشر ، اسكتا أنتما . وأشار الساحر للمرأتين العجوزين أن تلزما الصمت ، دون أن يلتفت إليهما ، فامتثلتا لإشارته ، ولزمتا الصمت ، ثم قال للمولدة جايا : الزوجة ستبقى في مكانها ، لن يدفنها أحد ، حتى يتقرر مصير هذين الوحشين . وصمت لحظة ، ثم قال : أمهلك حتى صباح الغد ، وإلا سننفذ فيهما سِنة الأجداد . وأطرقت المولدة جايا رأسها ، فاستدار الساحر ، وغادر الكهف ، وفي أثره أسرعت المرأتان العجوزان ، لا تلويان على شيء .
" 4 " ـــــــــــــــــ
حين أطلت الشمس ، من وراء الجبال البعيدة ، في صباح اليوم التالي ، لم يجد الساحر ، أو أي واحد من سكان الكهوف ، أثراً للطفلين التوأمين ، ولا للمولدةجايا ، أو لعنزتها أو كلبها الفتي . وتتالت الأيام والأسابيع بل والأشهر أيضاً ، دون أن يذكر أحد من سكان الكهوف ، أنه رأى أياً منهم ، في محيط الكهوف والتلال ، الممتدة حتى سفوح جبل الإله ، الذي يسكنه إله المرتفعات والجبال . ولم يعرف أحد ، أن المولدة جايا ، حملت الطفلين الملفوفين بفرو دافىء من جلود الحيوانات ، ثم أخذت عنزتها وكلبها الفتي ، وغادرت منطقة الكهوف مع الفجر ، متجهة نحو جبل الإله البعيد . وسارت المرأة حاملة الطفلين ، يتبعها كلبها الفتي وعنزتها ، وكأنها فتاة فتية ، دون أن تتوقف ، إلا عندما تغيب الشمس ، ويخيم الليل . ولم تتوقف نهائياً ، حتى وصلت جبل إله المرتفعات والجبال ، وتسلقت أحد سفوحه ، وحطت رحالها أخيراً ، في كهف صغير ، تحميه عن الأنظار ، أشجار ضخمة عملاقة ، وينبثق من بين صخور قريبة منه ، نبع ماء عذب . ووضعت المرأة الطفلين داخل الكهف ، ودثرتهما بالفرو جيداً ، ثم خرجت بهدوء ، ووقفت في المدخل ، وراحت تتلفت متأملة ما حولها ، من قمم عالية تكللها الثلوج ، ووديان عميقة تغص بالغابات والجداول . وتنفست ملء رئتيها مرتاحة ، هنا لن يصلهم أحد ، لا من سكان الكهوف ، ولا من أية منطقة أخرى ، وستعيش هي والطفلان التوأمان ، وعنزتها وكلبها الفتي ، في راحة وسلام تامين . وتراءى لها الطفلان ، ينامان هانئين في دثاريهما الدافئين ، كما لو أن أمهما وأباهما على قيد الحياة ، يحبانهما ويحيطانهما بالرعاية ، حتى يكبران ، ويشبان عن الطوق . وابتسمت بشيء من المرارة ، إنها لم تتزوج ، فمن أحبها وأحبته ، خرج للصيد مرة ، وقتله دب ضخم ، وقتل معه أملها وسعادتها ، وهزت رأسها ، صحيح إنها لم تتزوج ، ولم يكن لها أطفال من حبيبها ، لكنها سعدت بكل الأطفال ، الذين ساعدتهم على الخروج إلى الحياة ، وها هي أخيراً تعود إلى فتوتها ، ويكون لها بدل الطفل طفلان ، وستربيهما وتسعدهما ، فهي وحدها الآن أمهما وأباهما الحنونة المحبة . واقتربت من النبع ، وتراءت لها في مياهه الصافية ، فتوتها المليئة بالأحلام ، فابتسمت ، وقالت في نفسها : إنهما طفلاي ، فلأسمهما . وفكرت ملياً ، ثم قالت : هما توأمان متشابهان ، فلأسمهما اسمين متشابهين ، نعم فليكن الأول ، وهو صخّاب كثير الصراخ ، سومو ، وليكن الثاني ، وهو على العكس منه تماماً ، سامو . وهنا ارتفع من داخل الكهف ، صراخ يصمّ الأذان ، فضحكت المرأة ، وقالت : هذا سومو ، فلأسرع إليه ، وأطعمه ، وإلا فلن يسكت أبداً . ونهضت المرأة على عجل ، وأسرعت كأي أم فتية ، إلى ولديها داخل الكهف .
" 5 " ــــــــــــــــ
ولأن الأحياء جميعاً ، نباتات وطيوراً وحتى الأسماك ، ينمون ويكبرون ، فإن سامو وسومو ، راحا ينموان ويكبران ، تحت أنظار المولدة جايا . ومثلما كانا منذ الأيام الأولى ، ظلا وهما ينموان ويكبران ، يختلف أحدهما عن الآخر ، فعلى العكس من سامو ، ظلّ ساما هادئاً ، متأنياً في أقواله وأفعاله . ورغم اختلافهما ، في كلّ شيء تقريباً ، عدا الشكل طبعاً ، إلا أنهما كانا متعلقين بها ، يكنان لها مشاعر عميقة ، ومنذ أن تعلما النطق ، راحا يناديانها : ماما . وفرحت المولدة جايا ، نعم إنها بمثابة أم ، بل إنها أم حقيقية لهما ، صحيح أنها لم تحمل بهما ، لكنها استقبلتما بيديها المحبتين ، وهما يخرجان إلى الحياة ، ولم تتركهما للموت ، بل هربت بهما إلى الحياة . وككل أم ، لم تشأ المولدة جايا ، أو ترضى ، أن تميز بينهما لكنها مع ذلك ، كانت أكثر اهتماماً بسامو ، فهي تخاف عليه ، ليس فقط من الحيوانات المتوحشة ، بل من نفسه المتمردة أيضاً . ولعل اختلاف الأخوين التوأمين ، قرب أحدهما إلى الآخر ، فكان سامو يحب سومو ، ومن جهته ، كان سومو رغم عنفه ، يرعى ساما ، ويدرأ عنه كلّ خطر ، يمكن أن يتعرض له . وكان ساما يضحك من سرعة غضب سامو ، ويقول له : عواصفك هذه ، لا ترحم أحداً . ويرد سامو ، وهو ينظر إليه : كن مثلي ، اغضب على من يخطىء ، أو يسيء . ويرد ساما : بدل أن أغضب ، وأحطم مثلك ، أسامح ، أو أصلح الخطأ . ويضحك سامو ، ويقول : حتى الدب ؟ فيقول ساما : نعم ، عليّ أن أسامحه ، لأنه دب . وذات يوم ، عثر سامو بشجيرة ، وهو يطارد العنزة ، وهوى على الأرض ، فأسرع ساما إليه ، وحاول أن يمد له يد المساعدة ، لكنه هبّ غاضباً ، وقال : تباً لهذه الشجيرة ، دعني . ثم انقض على الشجيرة ، وانهال عليها بيديه الغاضبتين ، ولم يهدأ حتى مزق أغصانها ، واقتلعها من الأرض ، ورماها بعيداً . أما الطيور والأرانب والخشوف وحتى الثعالب ، فلم تكن تسلم منه ، فكان يتسلق الأشجار ، ويسطو على بيض الطيور وصغارها ، ويلاحق الأرانب ، حتى لو هربت ، ولاذت بجحورها . وطالما ضحكت جايا فرحة ، عندما يأتيها بأرنب ضخم ، أو حتى غزال ، فتقول له : سامو ، رفقاً بأحياء الغابة ، ستهلكها جميعاً . ويضحك سامو ، ويقول : ليأكل ساما ، ويزداد قوة ، لعله يصير مثلي . فيبتسم ساما ، ويرد قائلاً : كلا ، لا أريد أن أصير مثلك ، يا سامو . وتضحك الأم ، وتقول : هذا حق ، يكفي سامو واحد ، وإلا انقرضت الحيوانات في هذه الغابة .
" 6 " ــــــــــــــــ
طالما حكت المولدة جايا ، لساما وسامو منذ نشأتهما الأولى ، وخاصة في الليالي الدافئة المقمرة ، حكايات عن الأحياء على مختلف أنواعهم . حدثتهما عن السنجاب والأرنب والغزال والحمامة والبومة والنسر ، كما حدثتهما عن الذئب والثعلب والدب والأفعى ، وحدثتهما أيضاً عن الناس ، الذين يعيشون في الغابات والكهوف البعيدة . وتملكهما الفرح ، وخاصة سومو ، حين حدثتهما عن بعض الصيادين الشجعان ، الذين يتصدون حتى للوحوش الضارية ، بل ويصرعونها بهراواتهم أو رماحهن القوية . وحين ذكرت المولدة جايا الصيادين لأول مرة ، تساءل سومو : أهم نوع من الوحوش القوية ؟ فردت المولدة جايا ضاحكة : لا يا سومو ، إنهم بشر مثلنا ، وهم عادة لا يعيشون وحيدين بل جماعات . وتساءل ساما : جماعات ؟ وردت المولدة جايا قائلة : نعم ، يعيشون مع ناس آخرين ، بينهم زوجاتهم وأولادهم . ومرة ثانية تساءل ساما : أولادهم ، أهم مثلنا أنا وسامو ، يا ماما ؟ وابتسمت المولدة جايا ، وقالت : نعم ، ولكن قد يكون معهم بنات أيضاً . وتساءل سومو : بنات ! وقبل أن تجيب الأم ، تساءل سامو : ما معنى بنات ؟ ولاذت المولدة جايا بالصمت لحظة ، ثم قالت : البنت مثلي ، وليس مثلكما ، قد تكون طفلة صغيرة ، وقد تكون في عمركما ، وأحياناً تكون أكبر . وتبادل سامو وسومو نظرات سريعة ، مليئة بالدهشة ، ثم لاذا بالصمت . وشيئاً فشيئاً عرف سامو وسومو ، من المولدة جايا ، التي لاحقاها بأسئلة لا تكاد تنتهي ، معنى الناس بالضبط ، وكيف يعيشون ، ويتصدون للوحوش المختلفة ، بل وحتى للأغراب ، إذا كانوا معتدين . وإذ اكتفى سامو بحديث المولدة جايا ، وخاصة عن الناس ، الذين يعيشون وراء التلال المليئة بالغابات ، فإن ساما كان يتطلع إلى الوصول إليهم ، خاصة بعد أن عرف ، أن أمه وأبيه الراحلين ، كانا ينتميان إليهم . وذات ليلة ، والقمر يطل عليهم بدراً ، قال سامو : ماما ، هناك سرّ في حياتنا ، أخفيته عنا ، لسبب ما ، أرجوكِ أريد أن أعرفه . وتطلع ساما إليها صامتاً ، ثم قال : ماما ، هذا حقنا ، وأنا وسامو لم نعد صغيرين . ولاذت الأم بالصمت قليلاً ، ثم قالت : حسن ، أنتما محقان ، سأروي لكما كلّ شيء . وروت لهما الأم كلّ شيء ، عن أمهما وأبيهما ، وعن كلّ ما جرى لهما ، منذ ولادتهما حتى اليوم ، ثم قالت : في منطقة الكهوف ، حيث يعيش الناس الذين عشنا معهم ، لديكما كهف صغير ، هو كهف والديكما ، وكذلك أنا لي كهفي ، وقد نعود إليهما ، في يوم من الأيام . وتلك الليلة ، نام ساما ، وهو يحلم بالكهوف والنهر والناس وخاصة الشباب ، بنين وبنات ، أما سامو فإنه لم ينم ، حتى الساعات الأولى من الفجر ، فقد كان الغضب يحتدم في أعماقه ، على الساحر وأتباعه ، وسكان الكهوف جميعاً ، الذين كادوا يقتلوهما ، لو لم تهرب بهما المولدة جايا ، وتأتي بهما إلى هذا المكان المنعزل من الجبال البعيدة .
" 7 " ـــــــــــــــــ
عند منتصف ليلة غاب عنها القمر ، واشتدت فيها الريح ، استيقظ سامو على صوت عواء بشع موصول : عووووو . وفتحت المولدة جايا عينيها الناعستين ، وقلبها يخفق بشدة ، وأحست رغم الظلام ، بأن ساما وسومو قد استيقظا ، فقالت : إنه الذئب ، هذا اللعين ، يبدو أنه عاد من جديد . وعوى الذئب ثانية ، فقال ساما : هذا اللعين ، إنه يطمع في الوصول إلى العنزة . ونهض الكلب ، وراح ينبح بصوت غاضب ، كأنه يتهدد الذئب ويحذره : عو عو عو . وأنصتوا جميعاً ، ولم يتناه إليهم إلا صوت الريح الشديدة ، وهي تهز أشجار الغابة ، وكأنها تريد أن تقتلعها ، فقالت المولدة جايا : ناما مطمئنين ، لقد ولى الذئب . وأغمض ساما عينيه ، وسرعان ما استغرق في النوم ، أما سامو وكالعادة ، لم ينم ، وظل الذئب يعوي في أعماقه ، ولكي ينام قرر أن يقتله . وفي صباح اليوم التالي ، وبعد أن تناولوا طعام الإفطار ، أخذ سامو هراوته ، واتجه إلى الخارج ، ونظرت المولدة جايا إليه ، وقالت : سامو ، لا تتأخر . وردّ سامو ، وهو يخرج من الكهف : نعم ماما . وهزت المولدة جايا رأسها ، فقال ساما : لا تخافي عليه ، إنه أقوى من دب . فقالت المولدة جايا : وهذا ما يخيفني . ومضى سامو ، وتبعه الكلب على الفور ، وانحدر إلى الوادي ، وراح يدور متلفتاً حوله بين الأشجار ، وهراوته الثقيلة متحفزة بين يديه . وصادفته هنا وهناك ، أرانب وثعالب وغزلان ، وما أن يقع نظرها عليه من بعيد ، حتى تلوذ بالفرار ، وتمضي بعيداً عن طريقه ، ومن جهته ، لم يلتفت إليها ، فما كان يبحث عنه ، إنما هو شيء آخر . وتوقف سامو ، حين برز له من وراء إحدى الأشجار ، ما جاء للبحث عنه ، وتوقف الكلب ، وراح ينبح الذئب مهدداً ، نعم إنه الذئب . وكشر الذئب عن أنيابه ، وشرر الغضب يتطاير من عينيه المتوحشتين ، ثم انقض على سامو ، وعلى الفور ، اندفع الكلب متصدياً للذئب ، واشتبك معه في معركة ضارية . وأنشب الذئب أنيابه ومخالبه في الكلب ، فرفع سامو هراوته الثقيلة ، وأهوى بها على الذئب ، فتراجع الذئب صارخاً متوجعاً ، ثم هوى على الأرض . ووقف الكلب مترنحاً ، والدماء تسيل من جروحه ، ثم تهاوى متوجعاً إلى جانب الذئب ، فحمله سامو بين يديه ، وعاد به إلى الكهف . وما إن رأتهما الأم وساما ، حتى أسرعا إليهما ، وشهقت الأم قائلة : يا ويلي ، سامو ، ماذا جرى ؟ فردّ سامو ، والكلب مدمى بين يديه : إنه الذئب ، لقد قتلته ، ولن نسمع صوته مرة أخرى . وبالفعل ، لم يُسمع للذئب عواء مرة أخرى ، لكن الكلب لفض أنفاسه الأخيرة ، في آخر الليل ، فواروه التراب ، تحت شجرة الصنوبر ، المطلة على الوادي .
" 8 " ــــــــــــــــ
لاحظت المولدة جايا ، أن العنزة تكبر ، وتبدو عليها مظاهر الشيخوخة ، وانتابها الحزن ، حين بدأ حليبها يشحّ شيئاً فشيئاً ، حتى نضب . وصارت العنزة ، حين ترعى ، لا تبتعد كثيراً ، ولا تأكل إلا الشيء القليل ، وسرعان ما تقفل عائدة ، وتستلقي منهكة ، عند مدخل الكهف . وقد لاحظ ساما وسومو ، ما يجري من تغيرات على العنزة ، التي كانا يحبانها حباً جماً ، لكنهما تجنبا الحديث عنها ، أمام المولدة جايا . حتى كان يوم ، انحنت المولدة جايا على العنزة ، بحضور ساما وسومو ، وقد غدت المسكينة أشبه بجثة هامدة ، فقالت جايا : هذه العنزة شاخت ، وقد تموت فجأة ، في يوم قريب . ثم رفعت عينيها إلى ساما وسومو ، وقالت : الأفضل أن ننحرها الآن ، ونأكلها . وشهق ساما : نأكلها ! واحتج سامو قائلاً : كلا ، لن ننحرها . فقالت المولدة جايا : لكنها ستموت ، يا صغيريّ . وبنبرة دامعة ، قال ساما : لقد أرضعتنا ،يا ماما ، وهي بمثابة أم لنا . وصاح سامو منفعلاً : لن آكل أمي العنزة هذه ، حتى لو متّ من الجوع . ورضخت المولدة جايا ، تحت تأثير وإصرار ساما وسومو ، فلم تنحر العنزة ، بل وراحت ترعاها ، وتقدم لها الطعام والشراب ، حتى حين انهارت تماماً ، وعجزت عن الوقوف أو الحركة . وبعد أيام قليلة ، أفاقوا صباحاً مبكرين ، ووتفقدوا العنزة ، فوجدوها مضطجعة ، أمام مدخل الكهف ، جثة هامدة ، لا أثر فيها للحياة . ودمعت عينا ساما ، وتمتم بصوت باكٍ : آه .. يبدو أن العنزة ماتت . وتجهم سامو منفعلاً ، وتمتم قائلاً : يا للمسكينة ، لقد لحقت بالكلب . وصمت لحظة ، ثم قال غاضباً : لو أعرف فقط ، لماذا ماتت ، أومن أماتها . فقالت المولدة جايا بصوت حزين : إنه العمر ، يا سامو ، وهذه نهاية جميع الأحياء ، ومنهم .. نحن البشر . ووقفوا ثلاثتهم صامتين ، وعيونهم الجامدة الغارقة بالدموع ، متعلقة بالعنزة ، وهزت المولدة جايا رأسها ، وقالت : لا فائدة ، الحزن لن يعيدها إلى الحياة . وأطرق سامو رأسه ، وقال : أنت على حق ، لقد حزنا على الكلب ، حين مات ، لكن دون جدوى . ونظر سامو إليه ، وقال : المسكين ، لقد تصدى للذئب دفاعاً عني ، وقتل بسبب ذلك . ولاذت المولدة جايا بالصمت ، ثم قالت : هيا يا صغيريّ ، علينا أن نواريها التراب . وعند منتصف النهار ، من ذلك اليوم ، كانت العنزة ترقد إلى جانب الكلب ، تحت شجرة الصنوبر الضخمة ، التي تطل على الوادي .
" 9 " ـــــــــــــــ
الأيام تركض ، كما تركض الغيوم في السماء ، هذا ما تقوله المولدة جايا دائماً ، ولكن أحياناً بشيء من الشعور بالخوف والمرارة . وبالرغم من ذلك ، فإن الفرح يملأها ، حين ترى ساما وسومو يكبران ، ويزدادان قوة وجمالاً ، لكنها تهز رأسها أحياناً ، وتقول في نفسها : " إنهما يكبران ، هذا أمر مفرح ، لولا أنهما يدفعاني إلى الهرم . ولأن الأيام تركض ، ولا تتمهل ، فإن أيام الأم أيضاً كانت تركض ، وتأخذ شيئاً فشيئاً من صحتها وعافيتها ، وتقترب بها من خط النهاية . وبين حين وآخر ، كانت تراودها مشاعر مقلقة ، ماذا لو مرضت ، واشتدّ مرضها ، وأجبرها المرض والوهن على البقاء في الفراش ، كما يحدث أحياناً لمن يتقدم بهم السن ، وبأتت تتطلع في نفسها ، عبر التلال المليئة بالغابات ، إلى الكهوف وما فيها من دفء ، وعلاقات إنسانية حميمة . ولمّحت لساما وسومو ، أكثر من مرة ، بأنهم ربما يضطرون للعودة إلى الكهوف ، التي جاءوا منها ، قبل أكثر من ست عشرة سنة . وذات ليلة مقمرة ، وهم يجلسون في مدخل الكهف ، عبّرت عن ذلك بصراحة قائلة : ما رأيكما ، أن نعود إلى الكهوف ، ولو في زيارة ؟ وتطلع ساما إليها ، وقد لمع في عينيه ، حنين غامض ، إلى عالم يفتقده ، وإن لم يره من قبل ، أما سامو فقد ردّ بشيء من الانفعال : كلا . وابتسمت امولدة جايا ، وقالت : إنهم أهلنا . فقال سامو : كادوا يقتلوننا ، لو لم تهربي بنا ، إلى هذا الكهف البعيد عنهم . وقالت المولدة جايا : لابد أن موقفهم قد تغير الآن ، فمن عادة سكان الكهوف والغابات ، في كلّ مكان ، أن يتقبلوا التوائم ، إذا بلغوا السادسة عشرة . وقال ساما بشيء من الحماس : لقد بلغنا ، أنا وسامو ، السادسة عشرة من العمر . وهبّ سامو من مكانه ، ودخل الكهف ، وهو يقول : كلا ، لن نعود ، مهما كان الأمر . ولكن ، وكما يقال ، للضرورة أحكام ، فقد حدث ما كانت الأم تخشاه ، ووقعت مريضة ، ورقدت في فراشها ، فراح ساما وسومو يعنيان بها ، ويقدما لها كلّ ما تحتاجه من طعام وشراب . وتماثلت للشفاء بعد عدة أيام ، لكنها أحست أن خطّ النهاية ، الذي لم يخطر لها أن تفكر فيه في شبابها ، صار قاب قوسين أو أدنى منها . وذات يوم ، خرج سامو للصيد ، فانتهزت الأم هذه الفرصة ، وقالت لساما : بني لدي طلب عندك . فنظر ساما إليها ، وقد شعر أن لديها طلباً مهماً للغاية ، فقال : اطلبي حياتي . ومدت يديها الشائختين ، وعانقته ، وعيناها تترقرقان بالدموع :ساما .. ونظر ساما إليها ، والدموع تغرق عينيها ، فقال بصوت تبلله الدموع : ماما . فقالت المولدة جايا : لن أعيش طويلاً ، يا ساما . وقال ساما : لا تقولي هذا ، يا ماما . وقالت المولدة جايا ، وهي تكفكف دموعها : لا تدعاني أموت هنا ، أنتما ولداي ، وقد ربيتكما ، حتى كبرتما ، وصرتما شابين قويين ، لم تعودا بحاجة إليّ . وعانقها ساما ، وقال : لا تقولي هذا ، يا ماما ، نحن بحاجة إليك دوماً ، ولا نستطيع الاستغناء عنك ، مهما كانت الظروف . وابتسمت المولدة جايا من خلال دموعها ، وقالت : أرجوكما ، خذاني إلى كهفي ، إنني مشتاقة إليه . وأطرق ساما رأسه ، ثم نظر إليها ، وقال : لكِ ما تريدين ، يا ماما . بدا الارتياح على المولدة جايا ، فتابع ساما قائلاً : دعي أمر سامو لي ، سأتحدث إليه ، وسيقتنع .
" 11 " ـــــــــــــــــــ جاء اليوم ، الذي لم يفكر فيه أو يتوقعه ، لا ساما ولا سومو ، ولا حتى المولدة جايا ، بعد أكثر من ستة عشر عاماً ، على مغادرتهم منطقة الكهوف ، وهاهم يغادرون الكهف ، ويتأهبون للعودة من حيث أتوا . وتوقف سامو أمام الكهف ، وتوقفت المولدة جايا إلى جانبه ، وظلا جامدين ، حتى هتف بهما ساما مغالباً عواطفه : ماذا تنتظران ؟ لنمض ِ قبل أن ترتفع الشمس ، ويشتد الحرّ . وفي خطوات مترددة ، مضوا ينحدرون السفح ، والمولدة جايا تتقدمهما بخطوات متوجسة بطيئة ، فهي لم تسترد قواها تماماً ، رغم شفائها من المرض . وسار خلفها سامان وسامو ، وغالباً ما مدا لها يد المساعدة ، حتى ليكادان يرفعانها عن الأرض ، وخاصة في المناطق الصعبة أو الوعرة . وعند منتصف النهار ، وصلوا نهاية السفح ، وتوقفت الأم لاهثة ، وقالت : لنرتح هنا قليلاً . فقال ساما : اجلسي تحت هذه الشجرة ، يا ماما . وتنهدت الأم ، وقالت : هذا مكان مريح . وأسرع سامو ، وأخذ يدها ، وأجلسها برفق تحت الشجرة ، وقال : في الجوار نبع ماء . وأسندت الأم رأسها إلى جذع الشجرة ، وأغمضت عينيها ، وقالت : شكراً ، لست عطشانة ، سنبقى هنا بعض الوقت ، ثم نواصل السير . وبعد قليل ، تحاملت الأم على نفسها ، وقالت : هيا ، لقد ارتحت ، لنواصل سيرنا . وسارت بخطوات بطيئة متوجسة ، خيفة أن تتعثر ، وتتهاوى على الأرض ، وسار ساما وسامو خلفها ، لا يرفعان عيونهما عنها ، وحين توغلوا في الغابة ، توقفت المولدة جايا لاهثة ، وقالت بصوت متقطع : لو كان عندنا حمار ، لحملني على ظهره ، وارتحت . فاقترب ساما منها ، وقال : ماما ، لا عليك ، أنا أحملك ، على ظهري ، وأريحك . واقترب سامو محتجاً ، وقال : كلا ، أنت ضعيف ، ولا تستطيع حملها . ونظر إلى المولدة جايا ، وقال : ماما ، لا تقولي ليس لدي حمار ، أنا حمارك . وكتم ساما ضحكته ، وقهقهت المولدة جايا قئلة : سامو .. وقبل أن تكمل المولدة جايا كلامها ، وجدت نفسها فوق ظهر سامو ، فصاحت ضاحكة : سامو ، أنزلني ، إنني ثقيلة كدبة عجوز . وبدل أن ينزلها سامو ، راح يركض بها ، وهو يقول : لا تنسي أنني لست ساما بل سامو ، وأنت عندي أخفّ من غزالة فتية . وقبل غروب الشمس ، توقفوا قرب غدير ماء ، يتناولون طعامهم ، ويتهيأون للنوم ، وأخذت المولدة جايا تقدم لسامو أكثر مما تقدمه لساما ، فقال ساما محتجاً بنبرة مزاح : ماما ، أين عدالتك ؟ فردت الأم قائلة ، وهي تضع مزيداً من الطعام أمام سامو : إنه يتعب أكثر منكَ . فقال ساما : حسن ، في المرة القادمة ، أنا سأحملك ، يا ماما ، مهما كلف الأمر . فردّ سامو ، وهو يلوك لقمته : كلا ، لن يحمل ماما غيري ، أنا حمارها المفضل . وفي اليوم التالي ، أصرّ ساما أن يحمل المولدة جايا ، فحملها بعض الطريق ، وحملها سامو أيضاً ، وأكثر مما فعل ساما ، وكانت بين فترة وأخرى ، تطلب منهما أن يتوقفا ، فتنزل ليرتاح ساما وسومو ، ثم تتحامل على نفسها قائلة : لنواصل السير . وتمشي أمامهما متمايلة ، وتقول : اتركاني ، لست متعبة ، سأمشي هذه المرة . لكنها سرعان ما تبطىء في سيرها ، محاولة كتم لهاثها ، فيتناول سامو يديها ، ويردفها فوق ظهره ، دون أن يعطي أذناً صاغية لاحتجاجها الضاحك . ويسير سامو مبتسماً ، ويقول لها بنبرة مزاح : ما أطول هذا الطريق ، لا أدري كيف كنت قطعته في يومين فقط ، عندما هربت بتا من منطقة الكهوف . فتردّ المولدة جايا قائلة : لو عدت إلى عمري ذاك ، لقطعت هذه المسافة ، حتى بأقل من يومين . وقبيل المساء توقفا ، فقالت المولدة جايا ، وهي تهيىء طعام العشاء : غداً أو بعد غد ، نصل إلى الكهوف ، وأرى الأهل من جديد .
" 12 " ـــــــــــــــــــ
استيقظوا قبل أن تستيقظ الشمس ، وبدأوا مسيرتهم ، التي أسمتها المولدة جايا مسيرة السلحفاة ، فقد أصرت الأم على السير ، ووافقها ساما وسامو . وسارت الأم متظاهرة بالنشاط ، وراح ساما وسامو يسيران خلفها ، ويتابعان خطواتها ، خشية أن تعثر ، وتسقط عل الأرض . ومال ساما عليها ، وقال مازحاً : يبدو أننا اقتربنا من موقع الكهوف ، التي حدثتنا عنها . فقال سامو مازحاً : لا تتعجل ، يا ساما ، سنرى الربيع القادم هناك . وتوقفت المولدة جايا ، وقالت محتجة : سامو . وأسرع سامو وأردفها على الفور ، فوق ظهره ، وهو يقول : حمارك . ورغم احتجاجها ، استسلمت الأم ، فهي تعرف أن سامو لن يتراجع ، يؤيده في ذلك ساما ، لكنها قالت : حسن ، أنزلني بين فترة وأخرى . وقال سامو : كما تشائين . وسار ساما خلفهما ، وقال : اطمئني ، يا ماما ، لن أدعه يحملك وحده ، سنتعاون على حملك ، حتى نصل بك الكهوف . وواصلوا سيرهم صامتين ، وسط غابة بدا أنها بلا نهاية ، وكما وعدا المولدة جايا ، فإنهما تبادلا حملها ، وراحا يتوقفان للراحة بين فترة وأخرى . وعند منتصف النهار ، توقفا بين أشجار متكاثفة ، وقد أنهكهم التعب ، فجلسوا بين الأشجار يرتاحون ، ويتناولون طعام الغداء . وتناهى من بين الأشجار ، وقع أقدام خافت ، فرفعوا رؤوسهم منصتين ، ثم نظر أحدهم إلى الآخر متسائلين ، وقالت المولدة جايا : إنها وقع أقدام . وهبّ سامو ، ممسكاً برمحه ، وتقدم خطوات نحو مصدر الصوت ، وهو يتمتم : لعله دب . وقالت الأم ، وهي تحاول النهوض :هذه ليست خطوات دب ، يا سامو . ولحق به ساما ، وقال : لا تتعجل ، يا سامو ، انتظر ، فقد يتراجع ، أياً كان ، ويبتعد . وفجأة برز من بين الأشجار ، رجل في أواسط العمر ، ومعه فتاة في حدود الرابعة عشرة من عمرها ، ورفع سامو رمحه ، وسدده نحو الرجل ، فأمسك ساما الرمح ، وقال : لا ، لا يا سامو . وتوقف الرجل مصعوقاً ، وتشبثت به الفتاة خائفة ، وهي تتمتم بصوت مرتعش : بابا . وتقدمت المولدة جايا منهم ، وعيناها لا تفارقان الرجل ، والفتاة التي معه ، وقالت : سامو ، توقف ، فقد يكونان من أهلنا ، سكان الكهوف . وتوقفت المولدة جايا ، وأشارت إلى الرجل والفتاة ، وقالت : لا تخافا ، اقتربا . واقترب الرجل متردداً ، والفتاة تتشبث به ، وحدق في المولدة جايا ، ثم قال مذهولاً : المولدة جايا ! وحدقت الأم فيه ملياً ، ثم قالت : آه أنت مانو . والتفتت إلى ساما وسومو ، وأضافت : أنظرا إليه ، لقد استقبلته وليداً بيدي هاتين . وابتسم الرجل بارتياح ، ثم أشار إلى الفتاة ، وقال : ابنتي تولا . وتمتم سامو : بنت ! فرد ساما ، وهو يتأملها بعينين حالمتين : نعم ، بنت ، هذا ما قاله أبوها . وأشارت الأم إلى ساما وسومو ، وقالت : تعالا ، وتعرفا على أحد سكان الكهوف ، وعلى ابنته تولا . واقترب سامو وسومو ، فقال الرجل : آه . ثم أخذ الأم جانباً ، وقال بصوت خافت : أخذت التوأمين ، منذ فترة طويلة ، واختفيت تماماً . فابتسمت الأم ، وقالت : هذان الشابان ، اللذان تراهما معي هما .. التوأمان . فنظر الرجل إلى ساما وسومو ، ثم قال : الجميع يذكرونك بخير ، عودوا إلينا . فردت الممولدة قائلة : هذا ما نفعله الآن . فقال الرجل : كنتُ في زيارة لقريب لي في الغابة ، إنني عائد إلى الكهوف ، تعالوا معنا . فقالت المولدة : اسبقانا ، وسنلحق بكم . وعاد الرجل إلى ساما وسومو والفتاة ، وقال لابنته : هيا يا تولا ، لنواصل سيرنا . ومضى الرجل ، ومضت معه ابنته ، لكنها التفتت إليهم ، وهي تنظر إلى سامو ، وقالت : سأنتظركم هناك .فقال سامو : لن يطول انتظارك . وما إن ابتعد الرجل وابنته ، وتواريا بين الأشجار ، حتى أسرع سامو إلى المولم جايا ، وهمّ أن يحملها ، وهو يقول : هيا ، لقد تأخرنا . وابتسم ساما ، وقال : لا تتعجل ، يا سامو ، ستنتظرك تولا ، وستحظى بها عاجلاً أو آجلاً .
" 13 " ــــــــــــــــــ
تمنت ميرا أن تصل المولدة جايا ، ومعها ساما وسومو ، قبل أن ينتهي النهار ، ويخيم الليل ، وخرجت من الكهف ، مرات عديدة ، وتطلعت إلى مشارف الغابة ، لعلها تراهم قادمين ، لكن دون جدوى . وجاء الليل ، وخيم بظلامه على الكهوف ، فيئست الفتاة من مجيئهم ، وخمنت أنهم سيصلون يوم غد ، فأوت إلى فراشها ، وأغمضت عينيها لتنام ، وكأنها تستعجل بذلك قدوم الغد . واستيقظت في اليوم التالي ، قبل شروق الشمس ، ولم تكد تأكل بضعة لقيمات ، حتى هبت إلى الخارج ، فهتف بها أبوها مانو : لا تتعجلي ، يا ميرا ، لن يصلوا قبل منتصف النهار . ويبدو أن خبر وصول المولدة جايا ، والتوأمان ساما وسومو قد انتشر سريعاً ، بين سكان الكهوف ، فراح العديد من الفتيان والفتيات يترددون على الساحة ، التي يمكن أن يتطلعوا منها إلى مشارف الغابة ، التي ستصل منها المولدة جايا والتوأمان ساما وسومو . وطال الانتظار ، وارتفعت الشمس في الأفق ، وراحت تصعد السماء ، لكن أحداً منهم لم يلح في الأفق ، وراح الفتيان والفتيات يتشاغلون بالأحاديث المختلفة ، عدا ميرا ، فقد وقفت تنتظر في آخر الساحة . وفجأة ، والنهار يكاد ينتصف ، برز الثلاثة من الغابة ، يسيرون ببطء ، تتقدمهم المولدة جايا ، بخطوات ثقيلة متمايلة ، فصاحت ميرا منفعلة : انظروا ، هاهم قد جاءوا . وعلى الفور ، تجمع الفتيان والفتيات حول الفتاة ، يتطلعون إلى الأشخاص الثلاثة ، يقتربون شيئاً فشيئاً من الساحة ، التي تجمعوا فيها منذ الصباح . وتحاملت الأم على نفسها ، وراحت تتقدم بصعوبة ، فمال ساما عليها ، وقال : أنت متعبة ، يا ماما ، دعينا نساعدك . وقال سامو :أخشى أن تمرضي ، نتيجة لهذا الإرهاق ، دعيني أحملك حتى الساحة . ودون أن تلتفت ، أو تتوقف ، قالت المولدة : لا ، لا أريد أن أبدو ضعيفة أمامهم . ولم ينتظر الفتيان والفتيات خاصة ، أن تصل المرأة ، ومعها التوأمان ساما وسومو ، الساحة التي تجمعوا فيها ، بل أسرعوا راكضين إليهم ، وتجمعوا حولهم مهللين فرحين . وراح ساما ينظر إليهم فرحاً ، بينما كان سامو يحدق فيهم بعينين متشككتين ، يلمع الانفعال والغضب فيهما ، بين حين وآخر ، وسمع فتى في عمره ، يقول لمن حوله : ها هما أخيراً ، التوأمان اللذان قال عنهم البعض ، أنهما كانا شؤماً على والديهما . وجن جنون سامو ، فانقض عليه غاضباً ، وهو يصرخ كالذئب ، وقبل أن يدرك الفتيان والفتيات ما يجري أمامهم ، كان سامو ينهال على الفتى بضربات مجنونة ، أفقدته توازنه ، وألقته متوجعاً على الأرض . وحاول الفتيان والفتيات ، تخليص الفتى من بين يديه ، لكن دون جدوى ، وأسرع ساما إلى أخيه ، وحاول أن يحول بينه وبين الفتى ، وهو يهتف : سامو .. كفى .. أنت تقتله . لكن سامو دفعه عنه ، وصاح : ابتعد أنت . وهنا تقدمت ميرا ، ووقفت في مواجهة سامو ، وقالت : سامو ، أنا ميرا .
وهنا توقف سامو متقطع الأنفاس ، وعيناه الجاحظتين ثلبتتين على الفتاة ، دون أن يتفوه بكلمة ، فقالت له ميرا : تعال معي ، لقد انتظرتك ياسامو . وبدل أن يستجيب سامو لها ، تراجع إلى الوراء ، ثم استدار ، وانطلق يسرعة الريح الهوجاء ، إلى الغابة ، وسرعان ما توارى بين أشجارها الكثيفة .
" 14 " ــــــــــــــــــ
حلّ الليل ، ولم يعد سامو ، وهذا ما توقعه ساما ، لقد حاول بعد منتصف النهار ، أن يبحث عنه ، في طرف من الغابة ، حيث هرب ، لكن دون جدوى . وحين عاد إلى الكهف ، طمأنته المولدة جايا قائلة : لا تقلق ، يا ساما ، سيعود سامو حتماً ، أنت تعرفه ، إنه غاضب ، وسيهدأ عاجلاً أو آجلاً ، ويعود . وقبيل العصر ، جاء الساحر ، ومعه ثلاثة من أتباعه ، فاستقبلته المولدة جايا مرحبة ، وقالت : أهلاً ومرحباً بك ، يا سيدي . وابتسم الساحر ، وقال : هذا ما نقوله جميعاً لك ولمن معك ، فأهلاً بكم ومرحباً . وابتسمت المولدة جايا ممتنة ، وأشارت إلى ساما ، وقالت : هذا أحد التوأمين ، إنه ساما . ونظر الساحر إليه ، وقال : أهلاً ساما ، أنت وأخوك سامو ، رغم عنفه وسرعة غضبه ، من أبنائنا الأعزاء ، ومكانكما هنا بيننا ، وستبقون بيننا . والتفت إلى المولدة ، وقال : جايا .. قالت جايا : نعم سيدي . وتابع الساحر قائلاً : أنت امرأة حكيمة ، وطيبة ، ونحن نشكرك على كلّ ما فعلته . وابتسمت المولدة جايا ابتسامة واهنة ، لكنها متاحة وسعيدة ، وقالت : عفواً ، هذا واجبي . والتفت الساحر إلى ساما ، وقال : أنتم ضيوفنا لمدة عشرة أيام ، وبعدها ستعتمدون على أنفسكم ، وتتعاونوا مع الجميع في توفير الطعام . فرد ساما قائلاً : نشكرك ، يا سيدي . ونظر الساحر مرة أخرى إلى جايا ، وقال : كهفك ، رغم مرور هذه السنين العديدة ، ينتظرك ، فهو لك ، وقد حافظنا عليه . وقالت المولدة جايا ممتنة : أشكرك ، يا سيدي . وقبل أن يخرج من الكهف ، هو وأتباعه الثلاثة ، قال : جايا ، أبقي هنا ، حتى يعود سامو . وما إن ابتعد الساحر وأتباعه الثلاثة ، عن كهف ساما وسومو ، حتى أقبلت ميرا وأبوها ، وقدمت ميرا للمولدة جايا اناء فيه طعام ، وهي تقول : هذه وجبة من الطعام ، أعددتها بنفسي ، أرجو أن تعجبكم . فقالت جايا ، وهي تضع الإناء جانباً : ليت سامو هنا ، لفرح بمشاركتنا هذا الطعام . وهز ساما رأسه ، فقال أبو ميرا : لا تقلق ، يا ساما ، سنذهب غداً إلى الغابة ، ونبحث عنه . ونظر ساما إلى ميرا ، وقال : سامو لم يذهب بعيداً ، لكنه ربما لم يرد أن يقابلني ، فهو على ما يبدو غاضب ومجروح مما جرى . ورمقت ميرا أباها بنظرة خاطفة ، ثم تطلعت إلى ساما ، وقالت : دعوني أحاول ، سأذهب إليه غداً وحدي ، وأحاول أن أعود به . ولاذ ساما بالصمت ، فقال الأب : ميرا .. فقالت ميرا : إنني أفهم سامو . وهمّ أبو ميرا أن يتكلم ، وربما أن يعترض ، فقالت المولدة جايا : ميرا على حق ، أنا أيضاً أعرفه ، سيعود معها . ثم نظرت إلى ميرا ، وقالت : ميرا ، غداً مع الفجر ، اذهبي إليه وحدك .
" 15 " ــــــــــــــــــ
مع شروق الشمس ، في صباح اليوم التالي ، دخلت ميرا الغابة ، لابد أن تجد سامو ، وتحاول إقناعه بالعودة إلى أهله في الكهوف . وتوغلت ميرا بين الأشجار الكثيفة ، متلفتة حولها ، منصتة ، لعلها تسمع ما ينمّ عن وجوده ، في مكان قريب ، وداخلها شعور ، أن سامو ليس بعيداً ، وأنه ربما يراقبها من مكان ما ، فتوقفت ، وهتفت : سامو . وتردد صدى صوتها بين الأشجار : ساموووو . وأنصتت ، لكن أحداً لم يجب ، فهتفت بصوت أعلى : سامو . وتردد الصدى ثانية : ساموووو . وتناهى إليها ، عند انتهاء الصدى ، ومن مكان قريب ، حركة بين الأشجار ، وأنصتت ، أهو سامو ؟ نعم ، إنه هو ، فنظرت إلى مصدر الصوت ، وقالت : سامو ، أعرف أنك هنا ، تعال إليّ .. وصمتت لحظة ، ثم قالت : جئت إليك ، بعد موافقة جايا وأخيك ساما ، فأنا أعرف أنّ لي مكانة عندك ، وأنك لن تخذلني .. وصمتت ثانية ، ثم قالت : سامو ، تعال أرجوك ، وعد معي ، إنهم ينتظرونك جميعاً .. وصمتت ميرا مرة أخرى ، وظلت صامتة بعض الوقت ، وأنصتت ملياً ، لعلها تسمع الحركة ثانية بين الأشجار ، لكن دون جدوى . وأطرقت ميرا رأسها ، وقالت : يبدو أنني أخطأت ، لقد ظننت أن لي مكانة عندك ، وأنك ستضع يدك في يدي ، وتعود معي إلى الأهل . ولاذت بالصمت ، وانتظرت مرة أخرى ، ثم تنهدت بمرارة ، واستدارت لتعود من حيث أتت ، لكنها سرعان ما توقفت ، إذ سمعت وقع أقدام بين الأشجار . والتفتت بسرعة إلى مصدر الصوت ، وإذا سامو يقف على بعد خطوات منها ، وهو يحدق فيها ، ولا أثر عليه للانفعال أوالغضب . وخفق قلبها فرحاً ، وأسرعت إليه هاتفة : سامو . ونظر سامو إليها ، وقال : ميرا .. وهتفت ميرا فرحة : سامو . وتابع سامو قائلاً : أشكركِ لمجيئكِ .. وصمت لحظة ، ثم قال : لن أدعكِ تعودين وحدك إلى تلك ..الكهوف . وابتسمت ميرا فرحة ، وقالت : هذا ما جئت من أجله ، أشكرك ، يا سامو . ومدت يدها ، واحتضنت يده ، وقالت : عرفت أنك ستضع يدك في يدي ، لنسير معاً ، العمر كله ، هيا فلنبدأ السير ، يا سامو .
11 / 3 / 2013
#طلال_حسن_عبد_الرحمن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رواية للفتيان النمر
...
-
رواية للفتيان البديل طلال حسن
-
رواية للفتيان الزواج المقدس
...
-
رواية للفتيان رجل النار
...
-
شجرة الزيتون
-
رواية للفتيان فتاة الحلم طلال حسن
-
رواية للفتيان طيف الاهوار
-
اللبوة الجريحة
-
رواية للأطفال حي ابن الإنسان
...
-
رواية للفتيان جزيرة القمر
...
-
رواية للفتيان الجوهرة المفقودة طلال
...
-
رواية للفتيان كوخ في أعلى الجبل
-
رواية للفتيان إله الدمار
...
-
جايا الغزالة
-
رواية للفتيان شترا و ريشيا
...
-
رواية للفتيان النمر طلال حسن
-
الهدنة
-
رواية للفتيان وادي الافاعي
...
-
رواية للفتيان الفتاة الغزالة طلال
...
-
رواية للفتيان غابة الذئاب
...
المزيد.....
-
أم كلثوم.. هل كانت من أقوى الأصوات في تاريخ الغناء؟
-
بعد نصف قرن على رحيلها.. سحر أم كلثوم لايزال حيا!
-
-دوغ مان- يهيمن على شباك التذاكر وفيلم ميل غيبسون يتراجع
-
وسط مزاعم بالعنصرية وانتقادها للثقافة الإسلامية.. كارلا صوفي
...
-
الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته
...
-
شائعات عن طرد كاني ويست وبيانكا سينسوري من حفل غرامي!
-
آداب المجالس.. كيف استقبل الخلفاء العباسيون ضيوفهم؟
-
هل أجبرها على التعري كما ولدتها أمها أمام الكاميرات؟.. أوامر
...
-
شباب كوبا يحتشدون في هافانا للاحتفال بثقافة الغرب المتوحش
-
لندن تحتفي برأس السنة القمرية بعروض راقصة وموسيقية حاشدة
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|