الذكاء الصناعي وتأثيره على حياتنا ، محمد عبد الكريم يوسف

محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث
(Mohammad Abdul-karem Yousef)

الحوار المتمدن-العدد: 7697 - 2023 / 8 / 8 - 16:15
المحور: الادب والفن
    

الذكاء الصناعي وتأثيره على حياتنا

لقد بدأ تأثير الذكاء الصناعي يظهر جليا في حياتنا ويتغلغل في كل مفصل من مفاصلها وصولا إلى المساحات المحرمة غير المسموحة. قد تكون هناك أسباب موضوعية وجيهة تساعد في توطين الذكاء الصناعي في حياتنا جزءا لا يتجزأ منها ومن كينونتها. يأتي في طليعة الأسباب الموضوعية لتوطين الذكاء الصناعي في حياتنا ما يأتي : الحاجة إلى الدقة في العمل والابتعاد عن الأهواء الشخصية وثانيها توفير الأموال الكثيرة التي تنفق في التوظيف والتدريب والتأهيل وثالثها الابتعاد عن الفساد البشري المستفحل في كل مكان .

حاليا ومع كل شروق للشمس ، تتمدد الروبوتات وتقنيات الذكاء الصناعي في كل مكان . بدأت الفكرة بالفعل بهدف نبيل هو مساعدة البشر على انجاز أعمالهم بطريقة احترافية ولكن مع تقدم الوقت وتطور التقنيات بدأت في الحلول محل البشر في الكثير من الزوايا وصولا إلى استبدال البشر بالروبوتات والذكاء الصناعي .

تحاول الشركات الاعتماد أكثر على الروبوتات في انجاز عملياتها فشركة هوم سيرف الأمريكية على سبيل المثل تتلقى حوالي 14200 اتصال هاتفي يوميا يجيب على هذه المكالمات الرجل الألي تشارلي ولك أن تتخيل مقدار التوفير في الجهد والمال في هذا المجال إذ يصعب على بشري أن يجب باحترافية على هذه المكالمات الكثيرة . ويساعد تشارلي شركة هوم سيرف في دراسة الطلبات وفرزها وجدولتها وتحديد مواعيد الاستجابة ومعالجة الطلبات إضافة إلى مهام كثيرة .

يحدث الذكاء الصناعي قفزة نوعية الخدمات التي يقدمها وفي ذات الوقت يهدد وجود ملايين الوظائف سنويا على مستوى العالم خاصة تلك الوظائف التي تقوم على عمل متكرر وجمع بيانات وتحليلها وما شركة أمازون ومؤشر ناسداك وغوغل ومايكروسوفت إلا مثال حي على ذلك.

هناك خوف متأصل لدى الكثيرين على أن الذكاء الصناعي يشكل تهديدا وجوديا للكثيرين رغم أن البشر يظهرون قدرة هائلة على التكيف مع الأوضاع الجديدة . علينا أن نتذكر أن 70 بالمئة من السكان كانوا يعملون في الزراعة في العالم في عام 1900 وانخفض العدد ليصل إلى 20 بالمئة في نهاية القرن العشرين نتيجة الثورة الصناعية والتقنية وما تبعها، مع العلم أن الانتاجية الزراعية عدة أضعاف نتيجة التطور الهائل في عمليات التهجين والتخصيب والتطوير في مجال تحسين الانتاج الزراعي والحيواني.

هناك العديد من الوظائف التي قد تتأثر بالذكاء الصناعي خلال وقت قصير في المستقبل القريب مثل الأعمال المصرفية والنشاطات المرافقة لها والأعمال الاحصائية و المستودعية وأعمال الخدمات المختلفة. كما أدخلت ابتكارات تكنولوجيا المعلومات وظائف جديدة مثل مصممي صفحات الويب ومطوري البرامج ومحترفي التسويق الرقمي. كانت هناك أيضًا آثار متابعة لخلق الوظائف ، حيث أدى تعزيز الدخل الإجمالي بشكل غير مباشر إلى زيادة الطلب على عمال قطاع الخدمات في صناعات مثل الرعاية الصحية والتعليم والخدمات الغذائية.

تعتبر التغييرات الديموغرافية محركا لكيفية تحول الحكومات والصناعة والمؤسسات المالية إلى اقتصاد تقني أكثر. يعني النقص في البشر أنه يجب استبدال الناس بالتكنولوجيا ، في الواقع تظهر الأبحاث أن الروبوتات في الولايات المتحدة تستبدل العمال في الفئة المتوسطة بالفعل. بينما سيكون هناك رابحون وخاسرون من هذا الانتقال ، ستكون هناك عوامل خارجية داخل البلدان وتغيير في العلاقات الدولية. لن يكون الانتقال إلى مجتمع آلي خالي من الاضطرابات ، لذلك يجب أن تكون البشرية (و روبوتاتنا) شجاعة أو على الأقل مبرمجة لتبدو شجاعة للدخول للعالم الجديد الذي ندخل إليه.

العالم الذي نعيش فيه عالم شجاع ومتطور للغاية وبالتالي يدخل الذكاء الصناعي تقريبا في كل مجال من مجالات الحياة الظاهرة وغير الظاهرة . ويبدو جليا أن الاستعداد للتكيف مع القادم من الأفكار يقيس مقدار نجاح الأفراد والشركات في عالم متغير باستمرار.
قد تنتفي الحاجة للكتابة وقد تنتفي الحاجة للتحليل والمعلم الخصوصي والمستشار والمثقف والمترجم ومحلل النظم والتنقيب عن البيانات والتصميم الغرافيكي وخدمات الديلفري والخدمات البريدية والمحاسبة وخدمات الصراف الآلي وخدمات الدعم الاداري والقاني و الشحن والتوضيب وبعض خدمات الموارد البشرية والعلاقات العامة إضافة للعديد من الوظائف التقنية والفنية التي تحتاج مهارات اليد العاملة.

عالمنا متغير مثل ماء النهر . ويحتاج التكيف مع الظروف وإلا سيعود من يرفض التكيف إلى حضارة المغارة والكهف شاء من شاء وأبى من أبى.
هي الحقيقة المرة التي نجترعها اليوم بمرارة ولكنها شيء لا بد منه.

#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات