|
عُصَيْفيرُ الكِتَابَة
عبد الله خطوري
الحوار المتمدن-العدد: 7697 - 2023 / 8 / 8 - 15:11
المحور:
الادب والفن
●وَهْمُ : هناك من تنطلي عليه لعبة الإيهام بالواقع، فيخال المكتوبات السردية بتفاصيلها الدقيقة واقعًا تلصقه إسقاطات جاهزة على ما يعيشه المتلقي وعاشه ويعرفه عن واقعه .. هذه قضية تربك كثيرا الذات الكاتبة عندما تُوَجَّه إليها ملاحظات بموجب التطابق الفعلي مع التاريخ المعيش ومقاربات من قبيل الصدق والمصداقية وما إلى ذلك .. يجب أن يفهم هذا المستوى من التلقي بأننا أمام أدب من لغة وحروف وأصوات وآستيهامات لا أكثر لا أقل .. خيال وتشكيل جديد لما عِيشَ يعاش، وليس إعادة إنتاج معيشات بطريقة نسخ مسخ مشوه رذيء كوبي كولي .. أبو العلاء المعري صَور جحيم الآخرة وجنانها دون تجربة واقعية، ومثله نهج دانتيه في فردوسه المفقود، وكتب كافكا عن أمريكا وقدمه لم تطأها قط، ومِن الكتابات من آختصت بتوصيف السجون والمعتقلات ومارستانات الأمراض العقلية دون أن يباشروا في واقعهم عوالمها وما يمور وراء أبوابها الموصدة، وهناك مَن تقرأ له فتخاله إيكسْ شَمْكَارْ (١) مسجون أو مجنون عربيد أو منعدم الضمير أو فاجر فضائحي مومس أو لا خلاق له لص شفار خطاف سراق قطاطعي ووو .. لا لشيء إلا لانه صادق الاسلوب والمشاعر، يكتب من داخل عمق حيوات الشخوص، من خلال أحاسيسها ينفذ يتوغل يَعْبُر يُعَبِّر، تماما كما يفعل الممثل الجيد الذي يتقمص دوره بعمق يعيش تفاصيله النفسية والعاطفية بكل نزوعاتها السوية والشاذة، فيعتقد قارئ مفترض أن ضمير المتلكم (أنا) هو نسخة فوتوكوبي (أنا) الكاتب، وهذا مشكل كبير يضعنا في مواجهة سوء فهم وتفاهم مع ظاهرة تلقي محدودة الآفاق تربط الأماكن والأزمنة وأسماء القوى الفاعلة والأحداث ربطا ميكانيكيا فجا بما جرى ويجري في الواقع، فيناقش هذا التلقي الكاتبَ من خلفية هل وقع ما كُتِبَ حقيقة واشْ بصاحْ وقع ولا غير الكذوب .. والمسألة في نهاية المطاف وفي بدايته كلها مجرد كتابة لا غير .. فلنرق بتلقينا، إذن، ولا نضيق على صيغ مكتوبات نجعلها وفق يافطة ما يطلبه المستمعون، وإذا لم نستطع ذلك لم نُطقه، فلنخرج دون جلبة من اللعبة برمتها وننهي هذا الارتباك المفتعل، لأننا فعلا إزاء لعبة محضة بقواعد وأبعاد لا تحدها حدود ...
●الكتابة: أمازال هناك معنى أو دلالة رمزية لينحشر في أزمنتنا الراهنة كائن ما بصيغة آلمفرد ذي حساسية هشة في غرفة ضيقة منعزلة معتمة ليكتب رواية طويلة تستغرق سنوات كاملة من عمره ..؟؟ .. كان للأمر رُواء وشأن، وأي شأن بالأمس القريب فقط، كان طقسا آستيهاميا رومانسيا عجائبيا تستسيغه ذائقة الكُتاب وشغوفي القراءة، يعتز به آلمتوغلون في مهامهها؛ أما الآن، فقد يُنظر إلى الحالة برمتها بعين آلتوجس أو الشك والريبة أو الارتباك أو السخرية أو الشفقة في أحسن الأحوال ... أخال القضية، رغم كل شيء، ليس لها علاقة بمؤشر الزمن بصيغته المحدودة "لحظة اليوم"، فالكتابة بمفهومها العميق كينونة خارج حدود التوقيت؛ قد أراها جذوة مشتعلة من مُطْلق يروم سباحة في كل الأزمنة في كل الأمكنة ما آستطاعت إلى ذلك سبيلا .. لذا، ليس عليها أن ترتبط بأي ظروف كيفما كانت، أو دوافع خارج الذات، أو عوامل أو مثيرات كانت أو ستكون ما خلا بواعث حميمة خاصة تعيشها الكتابة الشغوفة ساعة الانكباب على الإنجاز في لحظات معينة يُحولها فعلُ الغطس في التداعي المسترسل الى قَدَر محتوم يحط بردا وسلاما بكلكله الثقيل على قلوب المولعين الممسوسين بحب نيران تحبير التفاصيل الدقيقة المتدفقة التي تنثال على القريحة سلسبيلا شفافا رغم آلجو العاثر والإعصار الجارف لحياة لا تساعد على التركيز أبدا ... على كل شغوف أن يتشبت، رغم كل شيء، بهذه الشعلة الهائجة وبقدرتها النابعة من الدواخل من أجل مزيد من العطاء السخي بلا مقابل بلا غاية بلا مطمع يصفد المسير .. على كل مولع التمسك بإرادة التسويد ومزيد من التحبير والتحرير والنقر وإعادة النقر وتشتيت الخربشات والتشطيب والمحو والتمزيق والإثبات والإلغاء والإبقاء والإهمال، ومراودة إكسير الإعادة والاستعادة .. بلسمٌ هو ذاك التوق إلى الذكرى وآسترجاع اللامحدود من تجليات الحواس المنفلتة الهاربة، تُحولها الخيالات إلى أجنحة ملونة محلقة تتخلص من ثقل جاذبية الراهن إلى رحابة آفاق بلا ضفاف .. ولعل شيءً من هذا وذاك، يمكن أن يجعل من فعل مناورة الكتابة في زمننا الراهن إنجاز حرية وآنعتاق من براثن أقفاص أوباء ضغوط سخام الإسمنت والحديد والنحاس والنيون ليظل عُصَيْفيرُ الكتابة شاديًا مغردا يعاني .. نعم .. لكن، لا يبالي ...
☆إشارات : _إكسْ شمكار : متشرد مدمن حياة الشوارع
#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سَبْعِيامْ دَالْبَاكُورْ
-
بيولوجيا
-
الأضواء آلحمراء
-
مُجَرَّدُ زَفْرَة
-
لَا شَيْءَ يَهُم
-
فَجيعةُ صديقِنا آلمَمْسُوح
-
أمُومَة مُعَلَّقَة
-
فائية ابن المُؤَقِّتْ المراكشي
-
تَاخْفيفْتْ نْبُوشفَرْ
-
نحنُ _ آلمُترددين آلخائبين أبدًا _ نُ ...
-
فِطْرَة عَارِية
-
عِنَاااااقُ آلبَوَاشِق
-
سِبَاقُ آلْحِمْلَان
-
تَكَلّمِي أيّتُها الحَوّامةُ آلمتعجرفةُ
-
مَاذَا لَوْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ .. ؟؟ ..
-
طُوفَااان
-
أعراسُ آيَتْ وَرَايَنْ
-
أمازيغُ أنوال
-
لَا .. لَمْ يَكُنْ أَهْلُونَا آنْدِيجِينْ
-
اِفْعَلْهَا، أَيُّهَا آلسَّلَمُونُ، قَبْلَ يَفْعَلُوهَا بِكَ
المزيد.....
-
مسقط.. برنامج المواسم الثقافية الروسية
-
الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته
...
-
موسكو ومسقط توقعان بيان إطلاق مهرجان -المواسم الروسية- في سل
...
-
-أجمل كلمة في القاموس-.. -تعريفة- ترامب وتجارة الكلمات بين ل
...
-
-يا فؤادي لا تسل أين الهوى-...50 عاما على رحيل كوكب الشرق أم
...
-
تلاشي الحبر وانكسار القلم.. اندثار الكتابة اليدوية يهدد قدرا
...
-
مسلسل طائر الرفراف الحلقة92 مترجمة للعربية تردد قناة star tv
...
-
الفنانة دنيا بطمة تنهي محكوميتها في قضية -حمزة مون بيبي- وتغ
...
-
دي?يد لينتش المخرج السينمائي الأميركي.. وداعاً!
-
مالية الإقليم تقول إنها تقترب من حل المشاكل الفنية مع المالي
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|