|
لقمة عيش... الجزء2
عبد الغني سهاد
الحوار المتمدن-العدد: 7694 - 2023 / 8 / 5 - 09:07
المحور:
الادب والفن
(لقمة عيش...) الجزء 2 البهجة قالوا ماااات...!!!!! لم يكن يعرف ماحدث لاعز اصحابه في المدرسة لوقت طويل مابعد حصوله على المعاش.. كان صديقا حميما يشتغل معي في آخر مؤسسة عمل بها .. مرت السنوات تجري امامه بسرعة.. وكان صديقه البهجة اخر من عانقه وودعه ووعده بزيارته في المؤسسة.. او على الاقل على مشارف بابها.. كونه كره ولا زال يكره العودة الي تلك المؤسسة اللعينة... كان كلما مر بباب مكتبه للحراسة العامة يسمع ترتيل القرآن ينبعث من الكومبيوتر.. ويطل عليه برأسه العريض.. و يقول ( استاذ.. شكون اللي مات عندنا اليوم..؟؟؟) ويضحك في وجهه ولا يجيب.. كان يفكر انه لابد ان ياتي يوم ما سيموت احدهما.. لابد ان يموت هو او البهجة..او هما معا.. وكان الصمت يسود لفترة طويلة من الوقت لايكسره من حين لاخر سوى هدير الحمام البري (كورة) الذي تحلق في الاعالي وتنتقل من شجرة لاخرى في سماء المدرسة..كلما غادر التلاميذ المدرسة الي منازلهم...!! كان البهجة يحرس ابواب المدرسة.. ولا يبخل بالقيام ببعض الخدمات الاضافية لادارتها واساتذتها وتلاميذتها... خارج وداخلها.. وكان محبوبا عند الجميع... هو عبار عن باس بارتو.. في المؤسسة. يتطوع باعداد الشاي في اوقات الاستراحة للادارة وللأساتذة.. او يعد لاطة (طبق) السردين في ايام الامتحانات الموحدة.. و عند الانتهاء من تلك الواجبات يتمدد في قاعة الاساتذة ليستريح.. وكثيرا ما كان يحكي شجونه وهمومه الاسرية لنا. مشاكله مع الزوجة التي ترفض الالتحاق به في المنزل الذي اشتراه في احد الدواوير البعيدة خارح المدينة.. و كانت تشكك في خيانته لها.. وحاجيات بناته المقبلات علي دخول المدرسة.. وهم الراتب الذي لايغني ولا يسمن من جوع.. وينهي البهجة كل حديث بنكثة او طريفة يبدعها بخياله و من تلقاء تجاربه اليومية مع التلاميذ او مع الاساتذة والاستاذات..واباء واولياء التلاميذ !! كنت في الايام الخيرة بعد انصرام جائحة كورونا كلما طلبته في هاتفه لا يرد.. لا يرد عاي هاتفه. ( ان الرقم الذي تطلبونه غير مشغل.. الرجاء الاتصال لاحقا..!!)..ظننت ان الجائحة حصدت روحه الطيبة.. بحتث عن رقم صديقه... وصديقنا معا... (ف) (الو... كيف هو حالك وحال البهجة... هل هو قريب منك.. طابته في هاتفه ... ولا يرد...؟ ؟؟... اجابني (ف)... :(لا.. ابدا لن يرد عليك... البهجة مات.. مات بازمة قلبية فاجأته وهو في السوق...؟ ؟؟ انا لله وانا اليه راجعون...) تصدعت كان كومة من الاحجار سفطت على الرأس.. لم أصدق ما سمعت... عادت بي الذاكرة بسرعة الي اخر لقاء لي مع البهجة في سوق الجوطية ذات صباح.. حين منحته هاتف ذكي من نوع نوكيا.. وحكي لي عن اخر اخباره.. حيث عجز عن تأدية نفقة البنات... لمدة طويلة.. واودع السجن لثلاثة اشهر كاملة.. (ف) صديقه في حراسة باب المدرسة الذي اخبرني بموته المباغث.. لم يحدثني بكل تفاصيل الموت... قال عنه انه يتصرف ويعامل الناس بالغريزة كالحيوان.. بل صرح لي هكذا (البهجة حمار لا يحتسب للامور عواقبها..خصوصا اموره الشخصية. كان سطحي التفكير و يعاني من ارتفاع مخزون السكر... ولم يكن يحترم حمية مرض السكري اي الرجيم.. يلتهم كل ما يقدم له من طعام وفواكه.. حياته طافحة بالمغامرات.. والمآسي والاحزان.. تزوج لمرة ثانية وانجب بنتين.. وحاصرته مصاريف الاسرة وواجبات النفقة.. وراتبه لا يكفيه.. لتغطية كل تلك المصاريف.. و عليه كان ان يجد فرص اخري لكسل الرزق..في بداية كل موسم دراسي كان يعاون نفسه ببيع مطبوعات الالتزام للتلاميذ.. وتزويدهم بالاظرفة والطوابع البريدية التي ينتزعها من الاظرفة القديمة المتراكمة في مكاتب الادارة منذ الموسم المنصرمة.. ويحقق بها مدخولا مهما الي ينضاف راتبه.. يزيد عليه مساعدات ماليةللادارة التي لا يتهاون في تقديم خدماته لها في فترات الامتحانات الموحدة واكراميات التلاميذ واوليائهم في فترة الدخول المدرسي حين يتوسط في التسجيل واداء الرسوم او في الانتقال من فصل لاخر يناسبهم.. المهم انه يجد حينها فرص ناذرة... للزيادة من مداخله اليومية... هذه المغامرات الغريبة يسميها (لقمة عيش...).. كان يشتري بالقرض دراجة نارية ثم يبيعها ليقتصر في تنقلاته الي بيته خارج المدينة على دراجة هوائية متقادمة.. ويردد.. (نكافح لاجل لقمة عيش...).. كان الحصول علي لقمة عيش امر شاق على كاهل البهجة.. وكان صامدا.. قانعا بمصيره المرير..!!!. الاساتذة والاستاذات.. وجمعية اباء واولياء التلاميذ.. لا يبخلَون عليه في الدعم وتقديم المساعدات كلما كان في حاجة لها....!!!.. لا استطيع ان انسي قولته التي يكررها خلال عمله.. او في وقت استراحته في قاعة الاساتذة... (المومن.. وما وجد..) ويعني بها ان يقبل المرء كل ما يقدم له... سواء كان قليلا او كثيرا... (المومن وما وجد..!!).. يتبع..
#عبد_الغني_سهاد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نزع الاقنعة.....!!!
-
لقمة عيش...(1)
-
خطاب الرايس
-
بلا اعجاب۔۔۔المقبور۔۔
-
قراءات خاصة۔䑉
-
حسب رواية موريس ۔۔۔
-
في البئر عاشق۔۔䑉
-
في كهوف شمهروش
-
هي الأيام...
-
تاجر القمع....
-
بلا جدوي...
-
لم يبق لنا سوى حب هذا الكلب..
-
حريق ...في طريق الوحدة.
-
عندما قال فلوبير ..انا ...مدام بوفاري
-
بعض الناس ...صناديق
-
من سيعيد تربية الاخر ..الشعب ام الحكومة ؟
-
الحرطاني في معرض الفنون الجميلة ..
-
الكأس الاخيرة
-
بنت الشيطان ...
-
بوشعيب ..المعلم المحبوب
المزيد.....
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
-
3isk : المؤسس عثمان الحلقة 171 مترجمة بجودة HD على قناة ATV
...
-
-مين يصدق-.. أشرف عبدالباقي أمام عدسة ابنته زينة السينمائية
...
-
NOOR PLAY .. المؤسس عثمان الموسم السادس الحلقه 171 مترجمة HD
...
-
بجودة HD مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 171 مترجمة بالعربي علي قص
...
-
بجودة HD مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 171 مترجمة بالعربي علي قص
...
-
حالا استقبل تردد قناة روتانا سينما Rotana Cinema الجديد 2024
...
-
ممثل أميركي يرفض كوب -ستاربكس- على المسرح ويدعو إلى المقاطعة
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|