كيف جعلت سوريا من روسيا بوتين قوة أرثوذكسية عالمية ، كمال علم

محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث
(Mohammad Abdul-karem Yousef)

الحوار المتمدن-العدد: 7693 - 2023 / 8 / 4 - 21:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

كيف جعلت سوريا من روسيا بوتين قوة أرثوذكسية عالمية

كمال علم

11 أيار 2022
ترجمة محمد عبد الكريم يوسف

لقد لعب بوتين الورقة الدينية لتحقيق مكاسب جيوسياسية. وبذلك ، فقد استخدم سوريا والزاوية الأرثوذكسية لكسب النفوذ على جزء كبير من الشرق الأوسط.

عندما زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دمشق للقاء نظيره السوري الرئيس بشار الأسد ، في كانون الثاني 2020 ، كان يُنظر إليه على أنه ترسيخ كبير للدعم الروسي للأسد.

ومع ذلك ، رأى البعض - على وجه التحديد المسيحيين الشرقيين ، ولكن أيضا الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية - أن إضاءة الزعيمين للشموع في يوم عيد الميلاد الأرثوذكسي هي دفعة تمس الحاجة إليها للمسيحية.

ووصفها البعض في وسائل الإعلام اليونانية والإيطالية بأنها زيارة مقدسة جاءت في الوقت المناسب لحماية المسيحيين السوريين المحاصرين والمنسيين. في الواقع ، صاغ بوتين نفسه أيضا هذه الصورة ، بالتزامن مع الكنيسة الأرثوذكسية الروسية ، التي باركت علنا حربه في سوريا.

لم يضيف الاهتمام الديني لروسيا بسوريا بعدا آخر إلى الأهمية المتزايدة لبوتين كلاعب جيوسياسي في المنطقة فحسب ، بل عزز أيضا مكانته كإيقونة مع الكنيسة الروسية.

الحرب الحالية في أوكرانيا هي امتداد إضافي لهذا الزواج بين الدولة الروسية والكنيسة الأرثوذكسية، والذي بدأه الإمبراطور فلاديمير الأول منذ أكثر من 1000 عام ، وجاءت دورة كاملة مع ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014 - وفقا للأسطورة ، موقع تحول الدولة الروسية إلى العقيدة الأرثوذكسية.

ارتباط سوريا بالأرثوذكسية الروسية:
====================

في كتابه المسيحيون الأرثوذكس العرب في ظل العثمانيين ، بذل المؤلف قسطنطين بانتشينكو بعض الجهد لربط تحول فلاديمير الأول عام 988 بأحداث أنطاكية ودمشق.

إلى جانب بعض المصادر الروسية المعاصرة ، نشأ المصدر الأساسي للتحول التاريخي للدولة والشعب الروسيين إلى المسيحية الأرثوذكسية في سوريا. كتب العديد من الشخصيات التاريخية السورية البارزة في العصور الوسطى ، مثل شمس الدين الأنصاري الدمشقي (1256-1327) وجرجس الماكين (1205-1273) ويحيى الأنطاكي (980-1066) ، عن تحول فلاديمير في كييف وسيفاستوبول.

كتبت إلينا كامبل في كتابها السؤال الإسلامي والحكم الإمبراطوري الروسي عن زيارات العديد من الأساقفة الروس البارزين إلى سوريا. في هذه الزيارات ، لم يستفسروا فقط عن العلاقات بين المسلمين والمسيحيين والتسامح مع الانسجام بين الأديان ، ولكنهم درسوا أيضا وتعلموا من الرهبان في دمشق ، التي كانت المقر الرئيسي للكنيسة الأرثوذكسية اليونانية بعد سقوط أنطاكية أثناء الحملة الصليبية الأولى.

ساعد ألكسندر الثالث ، إمبراطور روسيا في أواخر القرن التاسع عشر ، في إنشاء جمعية فلسطين الإمبراطورية الأرثوذكسية ، بهدف ربط المؤمنين بالأرض المقدسة. واليوم ، يلتقي رئيسها الرئيس السوري بانتظام ، وله نفوذ في دمشق. لم يكن من قبيل المصادفة أن يكشف بوتين ، الذي يعجب بالمحافظ والاستبدادي ألكسندر الثالث ويؤيد الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية ، النقاب عن تمثال للإمبراطور في شبه جزيرة القرم بعد ضم المنطقة في عام 2014.

كما ذهب الرئيس الروسي عن طريقه للتفاوض بشأن إعادة ممتلكات الجمعية في القدس في كانون الأول 2019. وتزامنت العودة مع زيارة بوتين في كانون الثاني 2020 إلى دمشق ، وأيضا مع صعود موسكو - على عكس واشنطن - كقائد رئيسي وضامن لمصالح إسرائيل في سوريا.

غاية لعبة بوتين الروحية:
==============

كان هناك تدفق مستمر للمقالات حول التأثير الديني لبوتين على غزوه لأوكرانيا.

في حين أن تحول الإمبراطور فلاديمير في شبه جزيرة القرم ، بالإضافة إلى سعي الإسكندر الثالث الأرثوذكسي في الأرض المقدسة ، يلعب دورا كبيرا في ذهن بوتين، إلا أنه ليس التاريخ الذي يحبه فقط. يمزج بوتين بين النفعية السياسية واستخدام الكنيسة لتعزيز طموحات روسيا - ويسمح للكنيسة باستخدام سلطته داخل روسيا وخارج حدودها.

مثلما يمكن اعتبار اعتناق فلاديمير عام 988 منفعة سياسية على المتدينين ، كذلك يمكن اعتبار دوافع بوتين. لقد استخدم سوريا والركن الأرثوذكسي لكسب نفوذ على جزء كبير من الشرق الأوسط وتركيا ، فضلا عن إقامة حوار مع الفاتيكان.

اكتسب بوتين أيضا معجبين غريبين ، بما في ذلك مذيع التلفزيون الأمريكي الأكثر مشاهدة ، تاكر كارلسون ، الذي يقود الضغط من أجل المحافظين الأمريكيين لدعم أجندة بوتين المسيحية. حقق الروس أيضا مكاسب مع بطريركية الإسكندرية ذات النفوذ ، الأمر الذي أثار استياء البطريركية المسكونية الأرثوذكسية في إسطنبول.

كما استخدم بوتين علاقته الخاصة مع اليهود الروس ، بما في ذلك الأوليغارشية ، لكسب النفوذ والنفوذ على إسرائيل. كان قادرا على إبرام صفقات على الممتلكات الأرثوذكسية في القدس ، مثل المفاوضات المذكورة أعلاه في عام 2019 ، والتي كان من المستحيل تخيلها قبل عقد من الزمن ، قبل الحرب في سوريا.
" دور روسيا المتجدد "
=============
استخدم بوتين أيضا الحرب في سوريا ، تماما كما استخدم الإسكندر الثالث جمعية فلسطين الإمبراطورية الأرثوذكسية ، لإرسال رجال دين إلى دمشق لإقامة حوار بين الأديان ، مما أدى إلى مكانة جديدة في العالم العربي. كما نال الرئيس الروسي إشادة من رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان لتواصله مع العالم الإسلامي.

قال ماركوس ماركيرت ، الفيلسوف من جامعة أكسفورد الذي يعمل معي في مشروع يبحث في دور الدبلوماسية الدينية وتأثير الكنيسة الأرثوذكسية: "بصرف النظر عن مباركة البطريرك كيريل الرسمية للحرب السورية ، فإن رئيس الكنيسة ونقلت عن لجنة الشؤون العامة فسيفولود شابلن [المتوفى عام 2020] قوله إن محاربة الإرهاب معركة مقدسة ، واليوم بلدنا هو القوة الأكثر نشاطا في العالم.

"يُنظر إلى دور روسيا المتجدد بصفتها الحامي المعلن عن نفسه للمسيحية في الشرق الأوسط على أنها نقيض للغرب الذي يبدو ماديا وليبراليا وعلمانيا."

هذا هو الجانب الذي يجذب أيضا أمثال فيكتور أوربان المجري ومارين لوبان الفرنسية إلى بوتين - العنصر المسيحي الذي يتراجع الآن في أوروبا ، ولكنه يزداد بروزا في روسيا. ربما ليس من قبيل المصادفة أيضا أن أمثال كارلسون وأوربان ولوبان يفضلون الأسد السوري.
في النهاية ، لا تزال الكنيسة الأرثوذكسية نفسها منقسمة في موقفها من الحرب الروسية في أوكرانيا. لكن بالنسبة لبوتين ، كان اللعب بالورقة الأرثوذكسية استراتيجية ذكية - استراتيجية تتجاوز الروحانية إلى ساحة المكاسب الجيوسياسية.

كمال علم: متخصص في التاريخ العسكري المعاصر للشرق الأوسط. كان زميلا في المعهد الملكي للخدمات المتحدة من 2015 إلى 2019. حاليا ، هو زميل في معهد ستيت كرافت وزميل أول غير مقيم في المجلس الأطلسي ، ويحاضر في العديد من كليات الأركان العسكرية في جميع أنحاء الشرق الأوسط .

المصدر:
=====
How Syria made Putin s Russia an Orthodox power
Kamal Alam
11 May 2022
https://www.middleeasteye.net/opinion/syria-russia-putin-orthodox-power-why-matters

#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات