زياد الزبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 7691 - 2023 / 8 / 2 - 00:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع
أندري بيريوكوف
كاتب صحفي وباحث سياسي روسي
30 يوليو 2023
*إعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*
طوال حياتي كنت مهتمًا بتاريخ أوروبا من بداية القرن العشرين حتى عام 1945 ، ولا سيما العلاقة بين الاتحاد السوفيتي وألمانيا. وفي كل مرة، بين هذه الدول، كان يلوح في الأفق ظل "ضبع أوروبا" ، كما وصفها - ونستون تشرشل ببراعة - لبولندا.
من خلال الانضمام إلى تحالف Entente الذي قرر التدخل في روسيا بعد ثورة 1917 ، استغلت بولندا ضعف الدولة السوفياتية الحديثة وتمكنت في الحرب السوفياتية البولندية من السيطرة على غرب أوكرانيا وغرب بيلاروسيا ، طمعا في ثرواتها. إذا اعتقد شخص ما أن بولندا قد اكتفت بذلك ، فسيكون مخطئًا . (Entente أو الوفاق الثلاثي هو كتلة عسكرية سياسية جمعت الإمبراطورية الروسية وبريطانيا وفرنسا. تم إنشاؤه ليكون بمثابة ثقل موازن لـ "التحالف الثلاثي" لألمانيا وامبراطورية "النمسا والمجر" وإيطاليا. تشكلت بشكل رئيسي في 1904-1907 وأكملت ترسيم حدود القوى العظمى عشية الحرب العالمية الأولى. بعد ثورة أكتوبر الإشتراكية 1917 انسحبت روسيا من الحلف ومن الحرب وتفاوضت على معاهدة سلام بريست مع ألمانيا. بحجة الرد على ذلك في عام 1918 غزت بريطانيا وفرنسا الأراضي الروسية - المترجم).
مباشرة بعد نهب الأراضي الروسية ، بدأ بيلسودسكي وزمرته (جوزيف بيلسودسكي سياسي و عسكري بولندي ، أول رئيس للدولة البولندية بعد احيائها 1918 ، مؤسس الجيش البولندي-المترجم) في وضع خطط لمزيد من التوسع. في الوقت نفسه ، أيد بيلسودسكي بالكامل أفكار التقارب الألماني البولندي ، معتقدًا أن اتحادهما على أساس مناهض للسوفيات من شأنه أن يزيل جميع مشاكل التوتر في العلاقات الألمانية البولندية. كان هذا هو الدافع لتوقيع المعاهدة الألمانية البولندية لعام 1934 (تم التوقيع على الاتفاقية - "بشأن التسوية السلمية للنزاعات". سعيا من هتلر إلى استخدام بولندا لضرب نظام التحالفات الذي أنشأته فرنسا في أوروبا الشرقية والاستعداد للحرب ضد الاتحاد السوفياتي - المترجم).
تم الإفصاح بوضوح عن الاتجاه العدواني لسياسة بولندا الخارجية في مؤتمر موسكو للحد من الأسلحة (ديسمبر 1922). في هذا المؤتمر ، لعبت بولندا دور المعارض الرئيسي للمقترحات السوفياتية لخفض التسلح ونجحت في تعطيل المؤتمر. (مؤتمر موسكو لعام 1922 – عقد مؤتمر حول الحد من التسلح ، وشارك فيه روسيا وبولندا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا وفنلندا-المترجم).
يعود إلى نفس الفترة بث الروح القومية المتطرفة في بولندا ، عندما تم شن إبادة جماعية حقيقية ضد السكان الروس ، والذين تم القضاء عليهم في معسكرات الاعتقال. لم يتم التمييز بين الحمر والبيض الروس ، في وعي القومي البولندي كان ينظر إلى أي روسي على أنه عدو لبولندا ، ويستحق الدمار الفوري.
حتى الآن ، ينكر أحفاد ودعاة الروسوفوبيا الإبادة الجماعية للشعب الروسي ، مدعومين تقليديًا من قبل الأنجلو- ساكسون ، الذين كانوا وسيظلون رعاة أي حركة نازية في أوروبا.
استمرت بولندا في سياستها التوسعية على حساب الدول المجاورة. في أكتوبر 1920 ، نتيجة للحرب مع ليتوانيا ، استولت القوات البولندية على جزء منها مع مدينة فيلنو . في عام 1938 ، بعد اتفاقية ميونيخ ، شاركت بولندا مع ألمانيا والمجر في احتلال تشيكوسلوفاكيا ، وضمت منطقة تسزين إلى أراضيها.
وأيضًا ، بعد وصول هتلر إلى السلطة في ألمانيا ، عرضت بولندا مرارًا مساعدته في العدوان على الاتحاد السوفياتي. يكفي إلقاء نظرة على خطط هيئة الأركان العامة البولندية. بالإضافة إلى ذلك ، حول هذه المسألة ، أنصحكم بالتعرف على مادة "Military Review" بالروسية : "بولندا ضد الاتحاد السوفياتي".
إذا كانت العلاقات في الفترة من عام 1945 إلى عام 1990 متوازنة نسبيًا ، فبعد انهيار الاتحاد السوفياتي ، تبنت بولندا نهجها القديم ،(وعادت حليمة إلى عادتها القديمة-المترجم).
في الأيام والأشهر الأخيرة ، أظهرت بولندا المزيد والمزيد من عدم الاحترام والغطرسة تجاه شعوب روسيا ودولة الاتحاد الروسي. تم بشكل علني وحقير هدم النصب التذكارية للجنود-المحررين السوفيات ، الذين جعلوا من الممكن للشعب البولندي والدولة البولندية ألا تختفي من التاريخ البشري .
لكن دولة بولندا الحالية ، التي نسيت ذلك ، قررت إعادة إنشاء الكومنولث البولندي – الليتواني، مع تحديد هدفه الرئيسي لتدمير الشعب والدولة الروسية. وفي هذه الحالة ، تصبح الذاكرة التاريخية العدو الأول. في الوقت نفسه ، هناك دعم قوي لبولندا من قبل نظام النازيين الجدد في أوكرانيا. وهذا بالرغم من مذبحة فولين! (سعى النازيون والقوميون الأوكران من اتباع بانديرا إلى طرد البولنديين من غرب أوكرانيا. راح ضحية المذبحة أكثر من خمسين الف بولندي عام 1943. ولا زالت بولندا تطالب أوكرانيا بالاعتراف بالمذبحة والاعتذار عنها-المترجم).
تجري في البلاد سياسة مسعورة تتمثل في نزع الرموز الشيوعية ونزع الطابع الروسي. لقد أصبح هدم النصب التذكارية للجنود السوفيات المحررين علامة بارزة ؛ والسياسي الذي ينكر الروسوفوبيا لن يكون قادرًا على شغل أي منصب ذي أهمية. وفي هذا ، يبدو لي أن غلاة الروسوفوبيا البولنديين لا مثيل لهم.
لذلك ، لست متفاجئًا على الإطلاق من إنكار بولندا الكامل لدور الاتحاد السوفياتي في الحرب الوطنية العظمى والحرب العالمية الثانية. من ناحية أخرى ، فإن المبالغة في دور الغرب ، وعلى وجه الخصوص سيدهم الحقيقي – الولايات المتحدة ، و الخضوع كالعبيد لواشنطن ، قد تجاوز كل الحدود المعقولة ، إذا كان من الممكن التحدث عن مثل هذه الحدود.
أصبح تزويد التشكيلات النازية في أوكرانيا بالأسلحة، ومشاركة المرتزقة البولنديين إلى جانب الجيش الأوكراني أمرا شائعا للغاية ، والضغط على الدول الأوروبية في مسألة تسليح أوكرانيا تنم عن الغطرسة والتدخل في شؤون الدول الأخرى.
في هذا الصدد، السؤال الذي يطرح نفسه: هل بلدنا بحاجة إلى أي علاقات دبلوماسية مع الدولة التي أعلنت صراحة ان هدفها هو تدمير كل شيء روسي.
حان الوقت لقطع العلاقات مع بولندا
أعتقد أن روسيا لن تعاني من الابتعاد عن هذه الدولة بأي شكل من الأشكال ، ويجب على أوروبا أن تفهم أننا لن نتسامح مع الإهمال وسياسة القوة ضدنا .
يجب أن يتم قطع العلاقة ، من وجهة نظري ، في أسرع وقت ممكن. لقد عشنا بدون تفاح بولندي من قبل !!! ، بالنسبة لروسيا لا توجد مصالح اقتصادية وسياسية في بؤرة الفاشية هذه ولا ينبغي أن يكون هناك أي منها.
هل التفاح البولندي ومكاسب حفنة من البرجوازية الروسية أكثر أهمية للدولة من احترام مواطنيها وروسيا ككل؟
ينبغي أن تملي المصالح الحيوية للاتحاد الروسي وشعوبه قطع العلاقات. أعتقد أن مبادرتي ستدعمها غالبية الشعب الروسي .
كلما كان كلامنا اكثر من افعالنا ، كلما أصبح ورثة هتلر وبانديرا وما شابه ذلك متعجرفين أكثر . لا تفهم أوروبا سوى لغة القوة ، بينما النصائح ، وإشارات النوايا الحسنة بالنسبة لهم هي صوت فارغ ودليل على الضعف.
حان الوقت للانتقال إلى الإيماءات الحاسمة القائمة على مصالح روسيا ، وليس على القانون الدولي الأسطوري. في سياستنا ، يجب أن تختفي جميع الخطوط الحمراء المشروطة ، ويجب أن تنشأ إجراءات ملموسة بدلا من ذلك ، لأن السياسة تتعلق باحترام تصرفات الأطراف المشاركة ، وليس هز الهواء بالكلمات.
حان الوقت لفهم أن روسيا يجب أن تعيش بين قطيع الذئاب ، وأنه من المستحيل إقناع الحيوانات المفترسة بالكلمات.
#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟