|
قصة قصيرة/ محور أدب رعب/ صدى الماضي
ليلى جمل الليل
الحوار المتمدن-العدد: 7689 - 2023 / 7 / 31 - 22:18
المحور:
الادب والفن
مراد علي السيد، أستاذ محاضر في إحدى الجامعات المرموقة في البلاد، متزوج من أمنة عبد عزيز التي تعمل معلمة، ولديه ابنتان/ أوسان اثني عشر عاما، سهام ثماني سنوات/. بعد خضوع مراد لعملية زراعة كبد، غرق في ديون أرقته هو وزوجته فصارت حياة الأسرة تحت نظام التقشف؛ تذمر الجميع.. فيما كانت أمنة تتحدث مع أعز صديقة لها، تبحث عن مخرج للأزمة المالية، وتلك الديون التي تستغرق أعواما لسدادها، ثم ارتفاع الأسعار الذي سببته أزمة كرونا الذي زاد من الطين بلة، فحدثتها أن الحل قد يكون في كراء منزلها، شهور معدودة، فمنزل بجمال ومساحة منزلها كفيل بتصفية كل الديون..!، راقت أمنه هذه الفكرة، خصوصا أن لدى مراد منزل قديم ورثه من أسرته، فالمنزل بمساحة كبيرة وسط حديقة شاسعة في ضيعة نائية.. تبقت مشكلة إقناع مراد بفكرتها. أطلعت أمنة زوجها على هذا الاقتراح، استقبله، بدهشة!!. لم يكن مرتاحا لفكرة سكن منزل جده الذي كان لا يحب ذكره مطلقا، أثار حديثها في النفس اِنزعاجا شديدا، رسم على ملامحه، لاحظته لكنها تجاهلت ذلك واستمرت بضغط والإقناع، ومع إلحاح أمنة وقلة الحيلة رضخ للأمر، ووجدها فرصة لإكمال أطروحته، لنيل درجة علمية أخرى، وبما أن لديه إجازة طويلة، أعطت له كنقاهة.. لا يعرف رجل مثله كيف يقضيها. حيث اِتفقا أن يقيموا فقط فترة عرضه للبيع ولو بثمن يكفي لتسديد جزء من الدين.. ودفع تكاليف إقامة مؤقتة لمنزل في مدينة، وتم الأمر سريعا بعد أسبوعين.. وجد مراد نفسه ذاهب إلى المنزل الرهيب الذي كانت والدته تحكي له أشياء غير منطقية تحدث هناك... وتوصيه بالابتعاد عن جده الذي ترميه بالسحر والشعوذة.. التي كانت بابا يدر أرباحا كبيرة وسط تبرك وتبجيل الجهلاء من البسطاء من الناس فقد كان قبلة الوفود الذي ينادونه (سيدي الشيخ علوان).. جهزت الحقائب، وضبت الأغراض الشخصية.. في صناديق.. ناموا باكرا، استعداد لرحلة الصباح.. اِنقبضت أسارير مراد.. من أول وهلة للوصول، لكنه قرر تناسي حديث والدته ومواجه ذلك.. بالمنطق، كان البيت واسعا مدفونا بالأتربة، والحديقة أصبحت أشبه بدغل من كثافة الأشجار وعلوها.. شعرت البنتان أنهما وسط غابة فاجتاحتهما روح المغامرة.. ثم قضوا أول أسبوع في تنظيف المنزل مستعينين بالسكان المحليين، الذين هاجت مشاعر الامتنان لأحفاد سيدهم علوان، فتحول المنزل إلى (متحف أنتيكة ). من كثرة الأثاث القديم الفاخر، سرت أمنة بنتيجة التي كانت أضعاف توقعاتها.. تجولت بكاميرا هاتفها تصور هنا وهناك وتستعرض البهاءه على الجميع، في دعاية غير مباشرة.. على أمل أن يباع بثمن يسد الدين.. لتعود لبيتها معززة مكرمة. صرخت سهام فزعة من القط الأسود الذي ظهر خلفها بغتة، حينما نبشت التراب لتجد الأميرة المسحورة، إذا كانت تلهو مع بنات القرويين الذين توافدوا إلى البيت مما كان يضايق أمنة قليل.. لقد كانت الدمية غريبة بشعر أجعد، وعيني سوداوتان يحفهما غموض عميق!!، وتحتهما تورم، وندبة عل الخد الأيسر!!، وكانت بملابس عروس وقد شكتها الدبابيس في جميع بدنها، خض الصراخ شقيقتها أوسان، فسقطت من الأرجوحة، ركض الوالدان بسرعة نحو الحديقة من الخوف، احتضنت أمنة صغيرتها سهام لتهدأ من روعها، فيما حمل مراد ابنته اوسان التي جرحت ركبتها أثر السقوط المفاجئ.. بعد تضميد جرح اوسان وتهدئه الصغيره سهام التي أخبرتهم عن الدمية الغريبة!.. والقط الأسود المخيف.. وما اخبرتها عنه رفيقاتها من خزعبلات عن جدها.. كالعادة، استقبل الوالدان الموضوع بستخفاف لطيف.. مراعاة لمشاعر الصغيرة.. ثم تلا لها آيات للطمئنينة، مسحت أمنة رأس ابنتها، فيما حملها والدها لتنام قرب شقيقتها في السرير المجاور تبادل الوالدين، جدال خافت، حيث لام نفسه على إصغائه لزوجته.. اخبرها عن قلقه من تأثير الرفيقات الجدد على ابنتيه، بادلته نفس التوجس.. فلقد روت لها إحدى النساء أن جده حول محبوبته التي رفضته وستعصت عليه.. حتى بعد الزفاف.. وكان منه أن قام بسحرها.. أو أنه قتلها..حسبما يظنون، فقد كانت يتيمة وصغيرة، حدجها بعينيه هل تصدقي قصص كهذه!!، أردفت ضاحكة .. وهل كانت والدتك كاذبة أيضا؟.. صمت وقد أعجزه طبعها اللئيم.. في عتمة الليل، بقي مراد مستيقظ ومستغرق في الكتابة أطروحته، لكن هناك أصوات في الخارج.. صوت جري حول المنزل.. أخذ مصباحه الكشاف.. توجه إلى الباب.. نظر هنا وهناك، صوت احتكاك أغصان من جهة الشجرة التي وجدت تحت ترابها تلك الدمية.. تراجع مراد أدراجه، أخرج بندقية الصيد الحديثة، ارتدى حذائيه طويلا الرقبة، ثم خرج ملوح بضوء المصباح مكتسحا ظلمة الدغل، أكمل دورة حول السكن، ما من شيء يدعون للريبة؛ عاد إلى الداخل وترك مصباح المدخل مضيء.. ليبدد رهبة الظلام.. شعر بالنعاس فتوجه لأخذه حماما باردا.. وقد كانت عادته قبل النوم، لكنه تفاجئ بأن صنبور الحمام يملؤه الصدأ من الداخل، حاول اخراج الماء بفتح ماسورة المياه، وإذ بماء موحل يخرج منها، ورائحة نتنه للغاية، انتابه شعور بالقرف.. قرر أن يحل الأمر صباحا، توجه ليتفقد ابنتيه، وجدهما يغطان في نوم هانئ.. غمرته بعض الطمينينة، وفي طريقه إلى غرفته، ألتفت الى الباب الخارجي ذو الواجهه الزجاجية، فوجد أن النور أنطفأ.. تعجب!!.. تفقد زر التشغيل وجده على وضعية التشغيل؟... استنتج.. أن المصباح قد تعطل فأكمل طريقة إلى الغرفه، توجه الئ السرير فوجد زوجته غاطة في نوم عميق.. راوده شعور بالغيرة.. كأنها سرقت النومنه !!.. حاول النوم.. وهو يتأمل النجوم كحبات لؤلؤ فرطت من عقد حسناء.. ثم.. طقطقة.. وصوت تكسير زحاج.. تبعها صوت غريب كأنه شجار استيقظ «متى.. نمت.. أصلا» اخذ يتمتم.. حاول ان يتجاهل الصوت لكن أرتفع.. كان مندهشا كيف لزوجته النوم وسط هذا الضجيج المفزع!!.. غادر السرير.. عاد إلى مكتبه، في زاوية الردهة.. كرر الجولة التفقدية لكن من داخل المنزل المكون من تسع غرف، منها أربع مخصصة لنوم، وغرفة مكتب، وصالة رياضية، حاول إغلاق باب الغرفة المكسور.. وندم حينما كسر الفقل ليلقي نظرة على داخل، وقد كان موصدا بقفل .. على كسر الفقل ليلقي نظرة على داخل، وقد كان موصدا بقفل وسلاسل، حاول إغلاقه بربط السلاسل ببعضها... كان الطابق الأرضي يحتوي على غرفتي نوم وصالة واسع باقي الغرف السبع في الأعلى، بعد أن أنهى الجولة التفقديه، تناول مهدء ليخرس زمجرة صداعه النصفي.. تناول ورقة وقلم وبدأ بالكتابة حتى غفى.. وإذا به يستيقظ على صوت زوجته أمنة.. نهض بجزع!!.. (ماذا يحدث؟!!).. حدجته بنظرة اِستغراب قائلة: (هل هناك مشكلة؟!.. لم أنت نائم هكذا ؟!).. صمت ثم نهض في الحال، توجه إلى المغسل.. كان الماء يخرج بسلاسة من الصنبور.. اِستغرب.!!، ثم سمعوا دوي اِطلاق نار!!، هلعت الفتاتين، واِندهشت أمنة، لكن مراد هرع متوجها يتفقد الخزانة، لم يجد البندقية !!.. زعزعه الشك بقوة، ركض إلى الخارج مسرعا، تعمق في الدغل الكثيف قليلا.. وإذ به يجد جثة القط الأسود وقد ثقبته رصاصتين نكأت منها أشلاءه، والبندقية بجانب تلك الدمية الغريبة التي أخذت تحدق!!... دخل مهرولا إلى المنزل، أخذ مفاتيح السيارة جذب البنتين، وزوجته، على غير هدى.. كانت حالته رثه... ووضعه لا يقبل النقاش !، اِنقادو ودون أن تنبس إحدهن ببنت شفة.. مغمورين بذهول يكبله الفزع!.. ترك كل شيء حتى الملابس والأوراق.. كانت يداه ترتتعشان أثناء القيادة، اعترته رجفة، وحالة هستريا، سمعوا صوتا قادم من صندوق السيارة، شموا رائحة كبريت قوية، أوقف السيارة.. وترجلو مسرعين.. تقدم.. إنتزع مطفأة حرائق فتح الصندوق وإذا بجثة القط تحترق.. ركضوا مبتعيدين خشية انفجار السيارة.. اعترضتهم الدمية مصوبة البندقية نحوهم، وأطلقت النار.. (ياااااالله.. يااااارحيم..) (عزيزي هل أنت بخير؟).. نهض فزع يتصبب عرق، مسحت له جبينه، ربتت على كتفه، عيناه ظلتا جاحظتين!!.. (أين أنا؟). (عزيزي نحن في منزلنا، هل أنت بخير، وقادر على قيادة السيارة إلى الضيعة؟!)..
#ليلى_جمل_الليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سلسلة (بين هو وهي) ج2
-
قصة قصيرة العنوان: استراتيجية
-
مقال / عيدك ياعدن
-
عيد الاعياد ياعدن
-
قصة قصيرة / محور صحافة/ العنوان: سبق صحفي
-
سلسلة هي وهو(ج١)
-
عدن مدينة تلحب
-
قصة قصيرة/أدب سجون بعنوان: صرصار الليل
-
قصة قصيرة / عناق البتلات
-
قصيدة الحميراء
-
قصص قصيرة جدا
-
قصة قصيرة: صدمة
-
ومضات بعنوان علاقات فاشلة
-
قصة/ سبق صحفي
-
نثر/مدينة الحب
-
قصيدة : لا تبكيني يا غلام
-
قصيدة سيد الغرام
-
سفينة
المزيد.....
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
-
إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
-
الكاتبة ريم مراد تطرح رواية -إليك أنتمي- في معرض الكتاب الدو
...
-
-ما هنالك-.. الأديب إبراهيم المويلحي راويا لآخر أيام العثمان
...
-
تخطى 120 مليون جنيه.. -الحريفة 2- يدخل قائمة أعلى الأفلام ال
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|