|
فائية ابن المُؤَقِّتْ المراكشي
عبد الله خطوري
الحوار المتمدن-العدد: 7689 - 2023 / 7 / 31 - 13:45
المحور:
الادب والفن
بين أيدينا قصيدة جَأَرَتْ بذكرها حناجر البائسين المغلوبين على أمرهم من مفكري البلاد _ عفوا من مُفَقّري البلاد _ صاحوا أعادوا الصياح في أودية لا ترد لا تجيب الصياح في أمل يستجاب آلنداء، لكن لا حياة لمن تنادي .. إنها جفرية (١) الفقيه الشاعر المغربي محمد بن محمد بن عبد الله بن مبارك المسفيوي المراكشي المعروف بابن المؤقت "محمد بن المؤقت المراكشي".سُمي بذلك لكونه تولى مهمة التوقيت بعد والده بالمسجد العتيق جامع ابن يوسف.نظم الناظم القصيدة نهاية القرن التاسع عشر على إثر ملاحظات لاحظها بخصوص التحولات التي عرفها الناس في هذه الفترة، لعل جوهرها يكمن في الابتعاد عن أصول منابع التراث والولع بتقليد الغرب الغازي المستعمر في صورته السلبية .. ولعل قراءة سريعة للقصيدة تبين الصرخة الجائرة الملحاحة الملتاعة في وجه أعراض أمراض اجتماعية سياسية اقتصادية حضارية وخيمة عاشها المجتمع المغربي في مجالات مختلفة أبكت الشاعر أخرجت من حناياه هذا الجؤار الذي أعطت له مجموعة "ناس الغيوان" السبعينية صدًى نغميا غنائيا ربَط السابق باللاحق، بتحويرات طفيفة حَيَّنَتْ معطيات الماضي في حاضر ضارعَ الأمس مضارعة صفيقة .. تبا لك أيها التاريخ البذيء الذي يعيد نفسه أو بالأحرى التاريخ الجامد المجمد الرابض بالمكان والزمان والأحوال رغم أننا نصر مرارا على دوام الحال من المحال؛ فكأننا نعيش أجواء القصيدة الآن هنا وكأن عجلةَ التاريخ المغربي قد توقفت فعلا منذ عهود خلت، فتغير شكل الأنام وظل جوهرهم الأصيل مغيبا تالفا تعفسه عجلات تقدم الأمم ...
سبحــان الله صِيفـْنـَا وْلَّـى شَـتـْـــــــوَا وْرْجْعْ فْصْلْ الرّْبِيعْ فْ البُلْدَانْ خْريفْ وَمْضَاتْ إيَّامْنَا سْرْقـَـتْـنَـا سَهْــــــــوَا وْتْخْـلْطـَـتْ لـْدْيَانْ شَلَّى لِيكْ نْصِيــــفْ قلْتْ أعْجْبِي اضْحَاتْ فْ الدّينْ الرّْخْوَا وْلَّى الإِيمَانْ عْنْدْنَا فْ لَعْرْبْ ضْعِيـــفْ الصّهْيُونْ فْ غايَة لَعْلُو دَرْكُو سَطْـوَا وْقْبْلْنـَـا دلْهُــمْ عـَــاد الشّرْقْ كْفِيــــفْ وْلاَ تَلْقَــى عـْـديـلْ كايْقبْــــل شَكْــــوى وْيْبَلّغْ مَا يْخُونْ ما يرضى تْكْلِيـــــــف جُورْ الحْكـَـامْ زَادْنَا تَعـَــــبْ وْقسْـــوا لاَ رَاحَة وُالعْبَادْ فْ نَكَدْ وُ تَعْسِيــــــفْ وُالحَاكْمْ كَايْصُولْ كَايْقْبْطْ الرّشْـــــــوَا وُالشّاهْدْ كَايْدِيرْ فْ الشهَادَة تْحْرِيــفْ افْهْمْ المَعْنَى وعِيقْ وُسْتَافـْــدْ وَارْوَى هَذَا سَرْ لَكْنَانْ مَـا رَامُه تَصْحِيــــــــفْ
ويمكن من خلال هذا المقتطف رصد التيمات التالية : _تقلب الأحوال في الأمصار _الأعراض السلبية للتحولات الاجتماعية _غفلة الأنام عن تربص الطغام _سوء تدبير آختلاط الملل والنحل _آثار تخلف الشرق أمام تقدم الغرب _غياب العدل _عدم تحمل المسؤوليات بأمانة _الشطط في آستعمال السلط _الظلم السياسي والاجتماعي _سياسة القمع السلطة الحاكمة ل "رعاياها" مقابل مهادنة الغزو الاستعماري الخارجي _تحفيز الهمم من أجل الإسراع في إدراك الآفات السياسية والاجتماعية والعمل على تغييرها _ضرورة إصلاح البيت الداخلي قبل مواجهة الغزاة الأجانب
أما القصيدة كاملة دون تغيييير أو تصرف غيواني، فهي على الشكل التالي .. يقول ابن المؤقت المراكشي :
سبحان الله صيفنا ولَّى شتــــوا ورجع فصل الربيع ف البلدان خْريف زْمان الناس ، غربْنا قالو شهــــوا واليوم بْلا هْواه لابس ثوب قصيـف ملِّي ف الغرب عندنا الطنبــور دْوا والناس ف ضيق حال لغلا والهيـف تـمَّا تنشا النكاس وكثرت النشـوا وفْشَى فينا النهيب والهيف ولخطيف دْراهمنا ضْحات فيدينا رغــــوا لا بَرَكَا بْقات لا شتوا لا صيــف الحرص على قلوبنا لينا الْتْــــوا ودفع ريح لكساد ع لسواق عْصيف ف زمانك ما تشوف للوالي سطـوا الدهر بين لعباد كَايْقبل ويْعيـــف وَلا تلقى وْزير كَايْقبل شكــــوا و يبلّغ ما يخون ما يرضى تكليــف قلت أعجبي ضْحات ف الدين الرخوا عاد الإيمان عندنا ف الغرب ضعيـف ليهود ف غاية لعلو دركو طغــوا وقبلنا ذلّهُم عاد الغرب كفيـــف لقهاوي عامْرين والمسجد خْـــوا وتنافسات لقوام ف الكٌَارُّو والكيف والفسق وماحْيا وعفيون وقهــوا وسفوف وكارطا وطَابَاقُو للنيـف والطر وكٌْنبري و عيطة ف العـدوا والعشية ضامنا تْعاويد الْخُرِّيــف لاكِن من الفجور صابتنا دعــوا وظهرنا للكٌْنوس حيط بلا تكفيف دبارت يَّامنا وسرقاتنا سهـــوا وكْمى فينا الجور والبغض وتتْليف لا نية لا إيمان خالص لا تقـــوا لا راحة ولعباد ف النكد وتعسيف وغبرت اهل لسرار وزفرت الجدوا وتخلّْطات لديان شلا ليك نْصيـف جُور الوُلاةْ زادْنا تعْب وقســـوا و العلَّة ف البلدان والنكد وتضعيف أَمَا مْن قوم دايْعين بْلا كســـوا عادو لكبار كل شيخ مخلل زيـف الحُرمة ما بقات ، لا الوالي يســوا وَلا لينا النكاس خلى ثوب نظيـف وَلا باقي صديق عن صدقو نَطْــوَا وَلا فاجر توجدو ويكون عْفيــف وَلا تلقى طبيب يصنع ليــك دوا إذا نزل القْضا يكون الضر خفيف بنادم كايْخبط والخبطة عَشْـــوَا لكن الله حق ما فاتو تصريــــف سبحانو حْليم غفار الهفـــــوا واللي راد يعطيه ما عندو تسويــف خوذ صْحيح لقوال ف صْحيح الفتوا عَمَّرْ بيهْ لذهان كون لبيب لطيـف افْهم الـمعنى وعيق وسْتافْد و رْوا هَذا سر لجواد ما ضرُّو تصحيـف الوجد إيلى يْهيج ما عندو صحـوا والسر إِذا يْحل ما غطَّاه اخْنيـف والجاحْد ما نظرت لو غير اللّقْـوا والحاسد كايْصيِّد لْراسو تطويـف كم من متلوف داع بلسانو نكـوا وسْعى ف عمِيّةْ لبصار ليه وتكتيف سيف الموهوب ساق، وسْقاهُم سقوا لـمواهب كاتورد بْلفضل وتتحيف لازم ف الغرب ، كل من فيه النخوا يدعي بالسر والجهر للشر يْجيـف طلبو لله يا اهل الله الفجــــوا يتهنَّى غربنا (٣) من النكد وتشغيــف ونغنمو ف الرّْذال بالنصرة غــزوا ليها تحضر اهل لوطا وجبال وريف وندركو بلهمام ف يَّامو سلــوا ونْصُولو بالرّْضا وعز الدين حنيف اللهُّمَ بجاه من ارتْقى وقــــوا ومْلا نور لكوان ما بالغ التكليــف وفتح مكة وبيه نور الحق ضْــوا ونصر دين لِيسلام وبْطل دين الجيف وصحابو والنّْصار والخاتم ولْـــوا وزْواجو والصّْهار كرَّامين الضيـف واللوح وما عليه من سرّك احْتْــوا والقرآن لعظيم ونقاطو والليــف والمعتاكفين حق ديما ف الخلـــوا وكْمال اهل لوفا ومن منهُم نصيف اهْدم سور لفجور تقصار الخطــوا وعْمل لسوار غربنا فرشا ورديـف يتبيّْن من صرّْ عْل لغدر ونْــــوا يقطع عرق ليسلام بلخدع والتخويف وسبابي ف لكلام ،ريت الغرب هْـوا بالذل الاَّ يْزوّْلُو من غير السيــف ياعالم ف لقلوب ما بعث واسْتْــوا اشفق منَّا وحن والْطف يا لَطيــف الحاكم كايْصول بقبيط الرشـــوا والشاهْد كايْزيد ف الشّْهادة تحريف والحرصي ولعوان والتجَّارا سْــوا صار المسكين للغْني مـملوك وْصيف والحرثاني إِيلى قْدام يْعود شْريـــف
☆إشارات : ١_الجفريات في الكلام الشعبي الملحون المغربي قصائد فى آستشراف المستقبل بطريقة تأملية و عن طريق الكشف والحدس والاستبصار، وهناك قصائد أخرى ترتبط بالواقع المعيش في حاضر الشاعر سميت ب(الوقتيات) بطريقة يمكن توصيفها بالدرامية الممزوجة بالحكمة والتنبيه و الوعظ والارشاد .. ويمكن آعتبار قصيدة ابن المؤقت المراكشي الفائية وقتية بهذا المعنى أكثر منها جفرية لارتباطها برصد مواضع الخلل في المجتمع المغربي الذي يعيشه الشاعر نهاية القرن التاسع عشر بداية العشرين ٢_مجموعة (ناس الغيوان) الغنائية تصرفت في القصيدة بحسب مستجدات سبعينيات القرن الماضي، موحية أن أوضاع المجتمعات العربية المتخلفة لم تتغير مطلقا على المستوى الداخلي والخارجي ٣_المقصود بالغرب في فائية ابن المؤقت المراكشي الغرب المغربي وليس ما نعنيه بالمنطوق نطلقه على أوروبا وما يقابل الشرق
#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تَاخْفيفْتْ نْبُوشفَرْ
-
نحنُ _ آلمُترددين آلخائبين أبدًا _ نُ ...
-
فِطْرَة عَارِية
-
عِنَاااااقُ آلبَوَاشِق
-
سِبَاقُ آلْحِمْلَان
-
تَكَلّمِي أيّتُها الحَوّامةُ آلمتعجرفةُ
-
مَاذَا لَوْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ .. ؟؟ ..
-
طُوفَااان
-
أعراسُ آيَتْ وَرَايَنْ
-
أمازيغُ أنوال
-
لَا .. لَمْ يَكُنْ أَهْلُونَا آنْدِيجِينْ
-
اِفْعَلْهَا، أَيُّهَا آلسَّلَمُونُ، قَبْلَ يَفْعَلُوهَا بِكَ
-
عَبَقُ آلْعَمَى
-
قِطّةٌ تَمُوءُ
-
يَرَقَةُ آلْخَرِيفِ
-
كباشِقٍ يَمُدُّ آلْجَنَاحَ أعَاوِدُ آلصِّياح
-
مُرُوووق
-
خِلْتُنِي أَنَاهُ
-
عُطْلَة
-
كَمِجْدارٍ جَامِدٍ يُنَاوِرُ آلْحَيَاةَ
المزيد.....
-
تركيا تقضي باعتقال مديرة أعمال فنانين مشهورة بتهمة محاولة ال
...
-
-من هو النمبر وان؟-.. الفنان المصري محمد رمضان يسأل والذكاء
...
-
الثقافة السورية توافق على تعيين لجنة تسيير أعمال نقابة الفنا
...
-
طيران الاحتلال الاسرائيلي يقصف دوار السينما في مدينة جنين با
...
-
الاحتلال يقصف محيط دوار السينما في جنين
-
فيلم وثائقي جديد يثير هوية المُلتقط الفعلي لصورة -فتاة الناب
...
-
افتتاح فعاليات مهرجان السنة الصينية الجديدة في موسكو ـ فيديو
...
-
ماكرون يعلن عن عملية تجديد تستغرق عدة سنوات لتحديث متحف اللو
...
-
محمد الأثري.. فارس اللغة
-
الممثلان التركيان خالد أرغنتش ورضا كوجا أوغلو يواجهان تهمة -
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|