أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضي السماك - السياسة والأسماء والهويات الطائفية














المزيد.....

السياسة والأسماء والهويات الطائفية


رضي السماك

الحوار المتمدن-العدد: 7687 - 2023 / 7 / 29 - 22:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تكاد قناة بنما تضاهي قناة السويس من حيث الأهمية الاستراتيجية في موقعها كممر خطير للملاحة الدولية، ولئن كانت الولايات المتحدة قد نأت بنفسها عن المشاركة في العدوان الثلاثي على مصر الذي قامت به كل من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، خريف 1956، على خلفية تأميم قناة السويس الذي أقدم عليه الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، فإن الولايات المتحدة نفسها التي كانت ومازالت ترى في أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي حديقتها الخلفية الحكر عليها لم تتحمل مواقف وسياسات الزعيم الوطني البنمي عمر توريخوس الذي وقف حجر عثرة في وجه مطامعها الأستعمارية في قناة بلاده الواقعة في برزخ استراتيجي يتوسط بين المحيط الأطلسي والمحيط الهادي والبحر الكاريبي، فقررت في صيف 1981 أغتياله من خلال حادث طائرة عسكرية مدبر جعلته غامضاً . ويخصص جون بركنز، عميل السي آي إيه،أربعة فصول من كتابه البالغ الأهمية " الاغتيال الأقتصادي للأمم"،دار الطناني للنشر والتوزيع، الطبعة الرابعة، القاهرة ( ص81-ص 99) يوثق فيها-تحت تأثير تأنيب ضميره- دوره في تلك الأحداث التي دفعت حكومة بلاده إلى اغتيال توريخوس، بعدما كانت مطمئنة إلى توجهاته في البداية كجنرال غير يساري ، ،لكن مشكلته برزت مع واشنطون حينما أبى الانصياع للهيمنة الأميركية التي تٌعرّض مصالح بلاده الاقتصادية للاستغلال الصريح. وإذ ذكرنا في مقال سابق أن نضال اليسار في هذه المنطقة تكتنفه صعوبات موضوعية شتى، لكنها ليست بدرجة كبيرة كالتي يخوضها اليسار في منطقتنا العربية ومناطق اخرى عديدة من العالم، والتي من بينها المعوقات الدينية والطائفية التي تحول دون تمتع الجماهير في مطلق الأحوال والأزمنة بالوعي الصحي الطبقي المعمق. وإذ تبيّن أن كثيرين من أبناء شعوب أمريكا اللاتينية اسم عمر، إلا أنهم بعفويتهم الطيبة لم يتوقفوا عند ما يحمله هذا الاسم من هوية أو دلالة دينية، فقد شاع الاسم بينهم تحت تأثير انتشار التراث الأندلسي العربي الإسلامي الوافد من أسبانيا إلى مستعمراتها في أميركا الجنوبية، في حين أضحت الأسماء العربية في عالمنا العربي والبلدان الإسلامية لا تخلو في الغالب من الدلالة على هوية صاحبها الدينية أو الطائفية حتى لو لم يكن له يد في هذا الأختيار، علماً بأن الأسماء العربية لم تكن تعرف الهويات المذهبية خلال صدر الإسلام قبل انقسام المسلمين إلى طوائف .
ولأن لبنان كان واحداً من أكثر الدول العربية التي عانت وما زالت من النزاعات الطائفية غير الخالية من التسييس والدسائس الأستعمارية لطمس جوهر الصراع الطبقي، فقد قرر المفكر والأديب العربي المسيحي اللبناني الكبير الراحل مارون عبود( ت 1962) القريب من اليسار، تسمية ابنه البكر محمداً تيمناً باسم نبي الإسلام محمد، وبارك له هذه البادرة الجريئة شريكه في الوطن اللبناني والديانة الواحدة، الأديب والمؤرخ أمين الريحاني ، وبعث إليه من مهجره مهنئاً: "أخي مارون عبود أصافحك بيد الحُب والإعجاب وأهنئك بصبيك الجديد، أحسنت يامارون أحسنت وخير الآباء أنت،أن المستقبل لهذا الجيل من الإخوان…" وأهدى طفله المولود قصيدة جميلة هذا مطلعها:
عشت ياابني ياخير صبي/ ولدته أمه في رجب
فهتفنا واسمه محمد / أيها التاريخ لا تستغرب
خفف الدهشة واخشع إن رأيت / ابن مارون سميا للنبي
أمه ما ولدته مسلما/ أو مسيحياً ولكن عربي
والنبي القرشي المصطفى/ آية للشرق وفخر العرب
وينقل الناشط السياسي والناقد التقدمي اللبناني الراحل محمد دكروب عنه سبب تسميته ابنه محمداً : لأن لسميه النبي محمد العربي مقاماً سامياً في نفسي، وأحبه حُباً جماً، وأعجب بشخصيته الفذة.ويضيف بأنه كرهه إلى حد الأشمئزاز- على حد تعبيره - اتخاذ الأسماء العربية بين ابناء الوطن الواحد علامة استرشادية للتكاره والانقسام الطائفي فيما بينهم. ولعل أبا محمد مارون عبود-كما يحب أن يُكنى-والذي تُوفي 1962 قد أرتاح قلبه دون أن يشهد حرب شعبه الأهلية الطوبلة ( 1975- 1990) والتي كان من أشد رزاياها التعرف على اسم الفرد واسم منطقته؛ للأستدلال على هويته الدينية من قِبل الميليشيات المتحاربة عند حواجزها المقيتة، فيتم بناءً على ذلك غالباً في الحال.
ولعل الشاعر السوري الراحل محمد الماغوط الذي كانت تعاني بلده هو الآخر من هذه الإشكالية المقيتة والتي كان لها حضور قوي في أجهاض الثورة السورية، بالتوازي مع أنتفاضات وأحداث الربيع العربي ، نقول لعله تأثر ببادرة مارون عبود تلك، وكتب في إحدى قطعه النثرية الشعرية الجريئة متهكما من دلالات الأسماء في صراع الهويات المفتعل، ومما جاء فيها: " سأنجب طفلاً أسميه آدم.. لأن الأسامي في زماننا تهمة.. فلن أسميه محمد ولا عيسى.. لن أسميه علياً ولا عمرا .. لن أسميه صداماً ولا حسينا.. ولا حتى زكريا أو إبراهيم .. ولا حتى ديفيد ولا جورج .. أخاف أن يكبر عنصريا.. وأن يكون له من اسمه نصيب.. " .



#رضي_السماك (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منى عبد الناصر والإشتراكية على الطريقة الناصرية
- جنين بين النكبة والصمود
- صولتان لإعصار ضواحي باريس
- الحديث الأخير مع ناظم ( 3- 3)
- الحديث الأخير مع ناظم (2- 3 )
- الحديث الأخير مع ناظم( 1- 2)
- كوارث قوارب الموت.. من يتحمل المسؤولية؟
- ستون عاماً على رحيل ناظم حكمت
- صراع العسكر ومستقبل السودان
- أما زالت القضايا القومية ذات راهنية؟
- الرأسمالية والإنفاق على أسلحة الدمار الشامل
- الحرب الروسية الأوكرانية وحروب الأستدراج
- أي مصير لنفائس الكتب النادرة؟
- لماذا فشلت الثورة المضادة في البرازيل ؟
- ثلاث فضائح عالمية بجلاجل
- سقي الله دار الساقي
- السيناريست نجيب محفوظ
- السينارست نجيب محفوظ
- روسيا و - بؤس الفلسفة الدوغينية -
- هل تستعيد القارة العجوز شبابها ؟


المزيد.....




- رئيسة الاتحاد الأوروبي تحذر ترامب من فرض رسوم جمركية على أور ...
- وسط توترات سياسية... الدانمارك تشتري مئات الصواريخ الفرنسية ...
- لافروف: سلمنا واشنطن قائمة بخروق كييف
- الجيش الإسرائيلي يواصل انتهاك اتفاق الهدنة مع لبنان
- ترامب يبحث مع السيسي -الحلول الممكنة- في غزة ويشيد بـ-التقدم ...
- بعد قرارها بحق لوبان... القاضية الفرنسية تحت حراسة مشددة إثر ...
- زلزال ميانمار المدمر: تضاؤل الآمال في العثور على مزيد من الن ...
- ماذا وراء التهدئة الدبلوماسية بين باريس والجزائر؟
- -حماس- تدين مقتل أحد عناصر الشرطة في دير البلح وتشدد على أهم ...
- زيلينسكي يؤكد استلام أوكرانيا 6 أنظمة دفاع جوي من ليتوانيا


المزيد.....

- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضي السماك - السياسة والأسماء والهويات الطائفية