أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رمزى حلمى لوقا - كومباوند ... قصة قصيرة














المزيد.....

كومباوند ... قصة قصيرة


رمزى حلمى لوقا

الحوار المتمدن-العدد: 7686 - 2023 / 7 / 28 - 18:29
المحور: الادب والفن
    


كان لابد لنا من عودةٍ .. السُّورُ يبدو أكثرَ ارتفاعًا عَمَّا بَنيناهُ .. الكاميراتُ ما زالت في أماكنِها .. تراقبُ الأحراشَ الممتدة إلى ما لا نهاية .. بعد أن تركناها كجناتِ اللهِ في أرضه .

تحسستُ حفنةً من الطمي المتحجرِ المجلوبة من الوادي .. وبعضَ النباتات الجافةِ .. الأرضُ لم ترَ الرطوبةَ منذ فترةٍ طويلةٍ .. النباتاتُ شديدةُ الجفافِ .. تحتاجُ لمزيدٍ من حرارةِ الصيفِ كي تشتعلَ ذاتيًا .. فماذا لو …… ؟

كان علينا أن ننتظر حتى يحلّ الظلامُ .. فافترشنا الرمالَ الملتهبة .. وبدأنا الزَحفَ نحو السّورِ بعد غروبِ الشمسِ .. كانت السماءُ بلا قمرٍ إلا من هلالٍ يُرسِلُ بالكاد صورَتَهُ البَاهِتةَ إلى قلوبنا المُرتَعشَةِ الغَاضبة .

على مسافةِ رميةِ حجرٍ وقفنا .. نظرتُ نحوهم .. رفعت يدي أحثهم على الثباتِ .. لم أكن قائدهم ولكنَّي كنتُ أكثرهم معرفة بالمكان .. فقد بنيناه بسواعدنا .. بالجهدِ والدَّمِ والعرقِ .. بنياهُ كالأبناء وطُردنا كالعبيد .

أشرت بيدي جهة اليمين .. حيث يكمنُ مخزنُ المؤنِ والغذاء .. فاتجهوا نحوه في هدوءٍ وحذر .. جريت بخِفةٍ نحو السورِ العالي .. حيث الحراس المرتزقة مُدججي السلاح .. يترنحون فوق السور في أبراجهم المحصنة .

وقفت في بقعة يلفها الظلامُ الدامسُ .. و بعيدًا عن تيار الهواء .. أشعلت الفتيل .. ألقيت بأول زجاجة مولوتوف نحو الجهة المعاكسة حتى أشتتَ انتباه الحراس .. إذ لم يكن في نيتنا استعمال العنف علي الرغم مما سقط منا علي أيديهم على مدار السنوات .. كنا ننفق كالأنعام تحت سياط الظلم والقسوة واستلاب الحقوق .. فلا نهنأ سوي بحفرة نائية في رمال الصحراء الشاسعة التي تفصلهم عن العمار دون شاهد قبر أو ملمح للاستدلال .

ما أن عبرت كتلة اللهب .. حتى امتلأ الفضاءُ الساكنُ .. بوابلٍ من الرصاص الحي .. بينما اندفع الآخرون كطوفانٍ من البقرِ الوحشي الثائر .. نحو مخازن الغذاء بعد أن اقتحموا البوابة الأمامية.. يسبقهم جحيمٌ من المشاعلِ الطائرة .. حيث بدأت النيران في إلتهام السرايات القريبة بسرعة مرعبة .

كان يدفعهم الجوع .. و تحصدهم الرصاصات الطائشة .. يتساقطون .. فيأتي من خلفهم من يطأ على أجسادهم المنهزمة غير عابئٍ بشئٍ ليواصل الهجومَ في جنونٍ مطبق .

كانت تحصيناتهم في مواجهة قسوة الجوع الذي يلتهم أحشاءنا و كبرياءنا و كرامتنا .. كنا ندرك أن خسائرنا ستكون فادحة .. لكن كان الموت حتميًا .. فإن لم يكن برصاصاتهم المذعورة .. فبالفناء جوعًا بعد أن حرمونا الزاد والماء والمأوى

كان لابد من التحرك نحو المجهول .. عسى أن يتبقى من جحافلنا من يستطيع أن يصل لمخازن الغذاء .. و يقتنص منه بعض المؤن .. كانت المعادلة : قوتهم الغاشمة مقابل استهانتنا بالموت .. لذا كان لابد أن ننتصر .

كان انهيار ساكني القصور .. و حراسهم .. مفاجأة غير متوقعة .. كان نظامًا هشًا فيما يبدو .. حتى أن الحراس فروا تاركين سلاحهم بعد أول إلتحام حقيقي بين فريقنا و فريقهم .. الجوع جعلنا نتعامل بوحشية و قسوة لم تخطر لنا على بال.. لم نكن مدربين .. و لم يكن الأمر مخططاً له.. بل كان حتميًا بالضرورة .. حاولت السيطرة على الأمر .. ولكن كانت الأحداث قد أصبحت خارج نطاق السيطرة .

النار أشعلت في كل أركان الكمبوند ذو السور العالي .. كانت القصور الفاخرة المتناثرة بين الحدائق تتلألأ كالمشاعل .. بينما الأجساد المشتعلة تجري نحو الخارج تسبقها صرخات مجنونة .. حيث كان يلقى عليها مزيدًا من البنزين .. كان طقسًا إنتقاميًا بشعًا

أخرجت أوراق المظالم التي قدمتها وقائمة بأسماء العذارى اللائي ذُبِحَ شرفهن على موائد الأسياد وأسماء الرجال الذين اختفوا خلف قضبان سجونهم وألقيتها في الوهج المحيط

حاولت التماسك ولكني انهرت باكيًا قسوة ما ارتكبت أيدينا ..
تركت المنظر خلفي متجهًا لعمق المجهول بينما صوت أحدهم يصرخ :
ألا تأخذ شيئًا من الغنائم ؟

من بعيد كانت أصوات سيارات الشرطة و الإسعاف والحماية المدنية تقترب بكثافة عالية بينما صوت انفجارات خزانات الوقود والسيارات تضج من خلفي كالألعاب النارية في سماء المدينة



#رمزى_حلمى_لوقا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قَرارٌ صعب
- بَيَان فَنِّي قصير
- أسرة ... قصة قصيرة
- Whatsapp
- فرعون ... قصة قصيرة جدًا
- طَوطَم ... قصة قصيرة
- إتش تي مِل ... قصة قصيرة جدًا
- أثر ... قصة قصيرة جدًا
- كلمات تبحث عن عنوان أو معنى
- كَآخرِ هَالِكٍ
- ربما
- من ذا يَهتَمْ!
- طَعنَةُ الرُّوح
- فَلنَتَّفِق
- مَدَائِنُ حَائِرَة
- تَذَكَّرِي
- مَريَم (التعويض/ العوض)
- ديوجين
- سالومي.....مشهد إفتتاحي
- هيباتيا


المزيد.....




- مصر.. الشاب المصفوع من قبل عمرو دياب يعلق على قرار إحالة -ال ...
- مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 26 مترجمة بجودة hd قصة عشق
- -نيويورك بوست-: تأجيل إصدار الحكم بحق ترامب في تهم صمت الممث ...
- مصر.. إحالة الفنان عمرو دياب إلى المحاكمة العاجلة
- الروائي الفائز بكتارا يوسف حسين: الكتابة تصف ما لا تكشفه الص ...
- الموسيقى تواجه أصوات الحرب في غزة
- بسبب المرسوم 54.. عمران: رقابة السلطة تكبل الكاريكاتير في تو ...
- أشبه بالأفلام.. هروب 43 قردًا من منشأة أبحاث والشرطة تحاول ا ...
- 50 دولة تشارك في المهرجان السينمائي الطلابي الدولي الـ44 في ...
- فرح قاسم: فيلم -نحن في الداخل- وثائقي شخصي عن الحب والوداع ب ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رمزى حلمى لوقا - كومباوند ... قصة قصيرة