قحطان الفرج الله
الحوار المتمدن-العدد: 7676 - 2023 / 7 / 18 - 00:53
المحور:
الادب والفن
لا توجد علاقة بين الفلسفة والتصوف فلا يمكن فلسفة الغيب ولا يمكن عقلنة التذوق الصوفي… هذا ما قاله لي احد الطلبة ….
قد يكون هذا الكلام فيه شيء من الغموض بعض الشيء، ولكن بالنظر إلى أدوات الفلسفة المعروفة ومناهجها الواضحة، وعمودها (العقل) الذي يطرح السؤال باحثًا عن السؤال الآخر، يكتشف الفارق الكبير في المنهج، فالتصوف يُنحي منطق (العقل) جانبًا متخذًا من إرادة الاتصال بالله الطريق والمنهج للمعرفة والتذوق، والحلاج (ت 309هـ) هو نقطة البداية في التجربة الفكرية الخطيرة للتصوف التي احدثت صدمة قال عنها (الجنيد): (احدثت ثغرة في الإسلام لا تسدها الا رأسك) وهذا ما كان قطع رأس الحلاج ولكن الثغرة لم تسد!!! لماذا الحلاج من جديد ؟ الذي يطلع ببساطة على شطحات الصوفية وكلامهم المركز ، يكتشف فيه الكثير الذي يتخطى ما قاله الحلاج… فالبسطامي (ت 261 هـ) على سبيل المثال اباح بالكثير من الأسرار وفسر العديد من المعاملات والعبادات بطريقة تخالف الشريعة بشكل واضح، ولكن (الجنيد) دافع عنه، والصوفية تغاضوا … في رأيي الفرق ان شطحات البسطاني وغيره هي أقوال وافعال تنم عن تجارب شخصية خالصة لا تستهدف انتاج نظرية يمكن أن تُكون منهجًا للتصوف بشكله العام ، " أما الحلاج فقد اقحم التصوف في ميدان الفلسفة بمحاولة تفسير الوجود: وهذا ما اثار انتاج نظريات صوفية في تفسير الوجود والمعرفة والقيم، وبرز بشكل واضح في منطق السهروردي ، وابن عربي، والجيلي، ومع ذلك فهذه النظريات تكشف عن عدم قدرة الصوفية المتفلسفون أن "يدعوا أنهم توصلوا إلى هذه النظريات بمنهج الذوق أو انها تجربة روحية في اقصاء خطير للمنهج الصوفي القائم على ذلك، كذلك لا يمكن الحكم على هذه النظريات بأنها تتويج الذوق لعمل العقل، كما هو الحال لدى أفلوطين، واسبينوزا، لأن هذين وأمثالهم فلاسفة تصرفوا، أما السهروردي، وأبن عربي، صوفية تفلسفوا وليس في قدرتهم أن يدعوا انهم توجوا بالعقل عمل الذوق، لان الذوق في رأي الصوفية أسمى من العقل….
وبالنتيجة أصبح هؤلاء الصوفية المتفلسفون وعلى رأسهم الحلاج اشبه بالجسم الغريب تمامًا على التصوف إن لم يكن مسخًا، ويكون هولاء بمنطق التصوف الطرقي قد ارتكبوا خطأ منهجيًا خطيرًا في حق التصوف، فضلا عن الخطيئة الدينية التي تبيح قطع الرؤس حيث افتتن الناس والتبس عليهم أمر التفلسف بالاعتقاد ….
#قحطان_الفرج_الله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟