شذرات من الفلسفة والادب- تحديات الانحراف عن الفطرة الإنسانية: تأثيراتها وسبل التغلب عليها -1(113)

عاهد جمعة الخطيب
باحث علمي في الطب والفلسفة وعلم الاجتماع
(Ahed Jumah Khatib)

الحوار المتمدن-العدد: 7672 - 2023 / 7 / 14 - 09:57
المحور: الادب والفن
    

تحديات الانحراف عن الفطرة الإنسانية: تأثيراتها وسبل التغلب عليها
أكبر انحراف يواجهه الانسان ان يكون ضد فطرته
إن التفكير في مسألة أكبر انحراف يواجهه الإنسان بأن يكون ضد فطرته يتطلب منا استكشاف فلسفة الإنسان وفهم طبيعته الجوهرية. يُفهم الإنسان عادة على أنه كائن اجتماعي يعيش في مجتمع معقد يتكون من مجموعة من القيم والمعتقدات والتوجهات. ومع ذلك، هناك أيضًا نواحي فطرية للإنسان يجب أن نأخذها في الاعتبار عند مناقشة هذه المسألة.
أولاً وقبل كل شيء، يشير مصطلح "الفطرة" إلى الجوانب الأساسية والأصلية للإنسان، التي يكون مزدهرًا ومتوازنًا عندما يعيش وفقًا لها. يمكن أن تشمل هذه الفطرة الاحتياجات الأساسية مثل الحاجة إلى الغذاء والماء والمأوى، ولكنها تمتد أيضًا إلى الحاجة إلى الحب والانتماء والتعبير الإبداعي والنمو الروحي.
عندما يتجاهل الإنسان فطرته الأساسية أو يعارضها، فإنه يواجه انحرافًا كبيرًا يؤثر على رفاهيته العامة وسعادته الشخصية. فالإنسان الذي يعيش في تناقض مع فطرته يمكن أن يشعر بالاحتباس العاطفي والانعزال، وقد يكون غير راضٍ عن حياته بشكل عام.
من الناحية الأخلاقية والفلسفية، يُعتبر تجاهل الفطرة الإنسانية أو التمرد عليها بعض الأحيان انتهاكًا للأخلاق وللمبادئ الأساسية للوجود الإنساني. فمثلاً، عندما يقوم الإنسان بالأعمال الغير أخلاقية، مثل الظلم والعنف والخداع، فإنه يتحدى فطرته الإنسانية التي تتطلب التعايش السلمي والعدل.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون الانحراف عن الفطرة أيضًا تجاهلاً للطبيعة الأساسية للإنسان ككائن بيئي. فالإنسان جزء لا يتجزأ من الطبيعة ومترابط معها، وعندما يعارض فطرته البشرية في التعايش المستدام مع البيئة ويسيء معاملة الكوكب والكائنات الأخرى، فإنه يعرض نفسه ومجتمعه والكوكب للخطر.
باختصار، يمكن اعتبار أكبر انحراف يواجه الإنسان هو أن يكون ضد فطرته الأساسية، ففهم الفطرة واحترامها والعيش وفقًا لها يسهم في تحقيق السعادة والرفاه الشخصي، وأيضًا في تعزيز الأخلاق والتوازن البيئي.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي الانحراف عن الفطرة الإنسانية إلى عدم التوافق الداخلي والتوتر العاطفي. عندما يتجاهل الإنسان حقيقة فطرته ويعيش حياة تتعارض مع قيمه الأساسية واحتياجاته العميقة، فإنه يخلق صراعًا داخليًا بين ما يفعله وما يعتقد أنه يجب عليه فعله. هذا الصراع الداخلي يمكن أن يؤدي إلى شعور بالاضطراب العاطفي والاكتئاب والقلق.
وفي سياق التنمية الشخصية، فإن السعي لتحقيق النمو والتطور يستند إلى فهم الذات واحترام الفطرة الأساسية للإنسان. عندما يعيش الإنسان وفقًا لقدراته وشغفه ومواهبه الفطرية، يكون على الطريق الصحيح لتحقيق النجاح والتحقيق الذاتي.
علاوة على ذلك، يمكن أن يؤثر الانحراف عن الفطرة الإنسانية على العلاقات الاجتماعية والتواصل البيني. عندما يكون الإنسان في حالة عداء أو رفض لفطرته الأساسية، فإنه يصبح أقل قدرة على التفاعل والتواصل الصحي مع الآخرين. فالتعاطف والتفاهم والاحترام المتبادل يستندون إلى قبول الفطرة الإنسانية واحترامها في الآخرين وفي أنفسنا.
لذا، يمكن القول إن أكبر انحراف يواجه الإنسان هو أن يكون ضد فطرته الأساسية. وللتحقيق الشامل للسعادة والرضا والتوازن، يجب أن يكون الإنسان على اتصال بفطرته ويعيش وفقًا لما ينبع من داخله من احتياجات وقيم ومبادئ.

بالتأكيد، يمكن أن يكمل المرء حياته بشكل أكثر إشباعًا وتوافقًا عندما يعيش وفقًا لفطرته الأساسية. لذلك، ينبغي على الفرد استكشاف وفهم فطرته واحتياجاته العميقة. قد يشمل ذلك الاستكشاف الذاتي والتفكير العميق في القيم والمعتقدات والأهداف الشخصية.
عندما يعيش الإنسان وفقًا لفطرته، يشعر بالارتياح والتوازن والتحقق الشخصي. يكون لديه شعورًا بالتواصل مع أصوله وهويته الحقيقية، وهذا يمكنه من بناء علاقات أكثر صحة وتواصلًا أعمق مع الآخرين.
بالإضافة إلى ذلك، العيش وفقًا لفطرتنا الأساسية يمكن أن يساعدنا على تحقيق النمو والتطور الشخصي. عندما نستثمر في مواهبنا وقدراتنا الفطرية، نكتشف قدراتنا ونحقق إنجازات تجلب لنا الرضا والإشباع.
وأيضًا، من خلال العيش وفقًا لفطرتنا، نساهم في الحفاظ على التوازن البيئي. فالاحترام والاهتمام بالطبيعة والكوكب ينبع من فهمنا العميق لانتمائنا إلى البيئة وتوازننا معها كجزء منها.
باختصار، عندما يكون الإنسان متوافقًا مع فطرته الأساسية، يعيش حياة أكثر إشباعًا وسعادة وتوازنًا. فهم الفطرة واحترامها يعزز التواصل الصحي والعلاقات الإنسانية ويساهم في التطور الشخصي والمساهمة البناءة في المجتمع والحفاظ على التوازن البيئي.

#عاهد_جمعة_الخطيب (هاشتاغ)       Ahed_Jumah_Khatib#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات