كاظم فنجان الحمامي
الحوار المتمدن-العدد: 7669 - 2023 / 7 / 11 - 09:30
المحور:
كتابات ساخرة
قل لي ما الذي يشغل بال شبابنا هذه الأيام ؟، فأخبرك عن مدى نجاح السلطات في تعميق ونشر ثقافة التفاهة بين التجمعات السكانية الفقيرة. ثم أنظر إلى نسبة المشاهدات المليونية التي طغت على صفحات رواد مواقع التواصل كي ترى بنفسك المشهد الحقيقي لأحوالنا المتدهورة. فقد رقص جمع غفير من الشباب على وحدة ونص تضامناً مع (صاحبة الفستان الأزرق)، التي قدمت عرضها المجاني الجريء في حفلة زميلتها التي تدرس معها قواعد الآداب في كلية الآداب. فانقلبت الدنيا في مصر، وأصبحت رقصتها حديث الشارع في معظم المدن الطربية والتكتوكية، ثم تحول موضوعها إلى قضية رأي عام، شغل محاور البرامج السياسية، وطغى على الحصار المفروض على جنين في فلسطين، والزحف المبرمج نحو حقل درة شمال غرب الخليج العربي. وتراجعت اخبار العمليات الحربية في الحرب الاوكرانية، وتناسى الناس أخبار القتال المروع بين حميدتي والبرهان في السودان، وتلاشت اخبار المباريات النهائية بين مصر والمغرب. وسجلت صاحبة الفستان الأزرق نظريات جديدة في هز الأكتاف والتلاعب بالأرداف، والتحكم بزوايا المرونة الجسدية المتناغمة مع الايقاعات الشعبية، وفقدت الكولومبية شاكيرا شهرتها أمام تلك الراقصة العابرة لخطوط الطول والعرض. .
لكن السؤال الأهم، هو: من الذي كان يقف وراء المضخات الإعلامية التي سارعت لتضخيم الخبر ونشره بالصوت والصورة على هذا النطاق الواسع في غضون سويعات معدودات ؟. .
فقد كانت البنت مجرد راقصة وبترقص. شأنها شأن أي راقصة في قاعات الافراح والليالي الملاح. .
لم ينتبه عامة الناس إلى الجهات التي أسهمت بشكل مباشر في حملات تضخيم الموضوع بقصد الإلهاء، حيث لا يوجد لدى بعض الحكومات أفضل من تغطية مشاكلها سوى هذه الرقصة المثيرة للغرائز الجنسية المكبوتة. فحتى تختفي المشاكل، وتصبح في طي النسيان، فأن أفضل الطرق لطمس أخبار المآسي والاخفاقات تتمثل باللجوء إلى أساليب الإلهاء. والدليل على ذلك ان الناس في مصر تناسوا صدمة الجريمة البشعة التي ارتكبها الضابط المستهتر (حسام) في مدينة مدينتي بالقاهرة، والتي قتل فيها الدكتورة الصيدلانية مع سبق الاصرار والترصد، وتسبب في تدمير أسرتها. .
وهكذا جاءت رقصة صاحبة الفستان الازرق لكي تطوي صفحات وصفحات من الفواجع والآهات، والكوارث والنكبات. . .
#كاظم_فنجان_الحمامي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟