عيد الاعياد ياعدن

ليلى جمل الليل

الحوار المتمدن-العدد: 7661 - 2023 / 7 / 3 - 09:33
المحور: الادب والفن
    

مرحبا..

عزيزي القارئ، عيد مبارك..
هل تذكر يوم أخذتك في رحلة خاطفة في أنحاء مدينة عدن!؟.
اليوم دعني أحدثك عن طقوس العيد عندنا، في هذه الأيام، يتهافت الناس على الصيام فيها وأداء العبادات، البعض لا يقوى على الصيام نظرا للطقس الحار الذي يصل أحيانا إلى 40 درجة مئوية، هل بدأت تتعرق!..
حسنا لا عجب إذن أن يكتفي البعض وأنا على رأسهم أصوم يوم عرفة منفردا !.
دعني أخبرك ما هو الجميل في يوم عرفة، في الصباح تستعد ربات البيوت لتنظيف المنزل، وقد حرصت كل واحدة منهن على شراء العطور والبخور التي ترشها وتبخر بها ثياب العيد، إن كنت تساءلت كيف تتم عملية التبخير، يتم وضع البخور الذي يصنع محليا، على المبخرة وهي أنية فخارية نملؤها بالجمر نضعها داخل أداة خاصة لذلك وتسمى #المِشجب، مصنوع من سعف النخيل، فهو عيدان مطوية تتقاطع عند الرأس ويأخذ شكل الرصاصة مدببة الرأس!، هل أضحكك الوصف؟!، معك حق أثرت الحروب في أدمغتنا حقا، ثم تضع الثياب على المشجب من فوق نرصها طبقات ونرش عليها العطور الخاصة للبخور، ثياب نساء هي على الأغلب جلابيات وهي،ثقافة واردة من البلدان المجاورة، لكن #الزي_العدني ويسمى ( الدرع ) وهو الزي الرسمي بالغ القدم تأريحيا وهو ثوب بتصميم بسيط للغاية خفيف شفاف أما من القطن الصافي( الويل) كزي يومي، أو للأفراح المصنوع من قماش حرير ( الجارجيت)، أو أقمشة مختلطة من حرير والقطن أحيانا من الجوخ أو الشيفون، كما يرتدى تحتها روب، أما ثياب الرجال (وهي من ثلاث قطع، إزار، قميص ، وشال للرأس، #الإزار ويسمى أيضا #المَعَو أو #المَقْطَب،
حسنا لا تستغربون كل ماسبق مرادفات الفوطة التي تلف حول الخصر الى ما فوق الكاحل، نعم إن كنت تخيلت الأزار الذي يرتديه الرجال في اندونيسيا.. فقد أصبت يا صديقي!، يلبس أيضا في مناطق متفرقة في شمال اليمن، واحناء من الهند وبنجلادش، ومناطق في الخليج العربي ، لكنه في الغالب هو زي الرجال في المحافظات الجنوبية قاطبة، لا تقلق إنه يضيف طابعا خاصا لرجل اليمني الجنوبي, لا يبدو أحمقا على الإطلاق كما يخيل لك الآن!!..
أمال شال الرأس فيشبه ايضا الشال الذي يلفه البنجالييون في الهند على روئسهم كذلك بلدان الخليج، احيانا في مناطق أخرى منهم يعتمرون الشال الأبيض ويضعون العقال عليه، لكننا لا نضع شيء، مثل الشال الفلسطيني.. تذكر شكل الرئيس الراحل ياسر عرفات كان دوما يعتمره _رحمه الله_أنه شبيه الشال العدني ،
في طقوس العيد، ثياب الرجال هي الأكثر تدليلا ، نبخرها بالعود الأصلي، هنا يبدأ التباهي بجودة أنواع العطور والعود و#البخور، في اليمن له أهمية بالغة بشكل مطرد
، وجذوره التاريخية تضرب في القدم، وفي عدن وما حولها هو طقس بالغ الاهمية للحتفاء باي مناسبة دينية أو إجتماعية، يصنع من عدت عناصر طبيعية، مثل اللبان، او عود الصندل، والمُر، المسك، العفص، وأخرى بحرية كظفر الحوت، والعنبر وعطور التي تضاف إليه، كل نوع بخور خاص بمناسبة، لعلي أكتب عن ذلك لاحقا.. إذ يتباهى الرجال بذاك الدلال..
من الذي يفوح برائحة الأجمل..؟ يعني أنه متزوج من أفضل زوجة وربة منزل !
بعد صلاة العيد التي تقام في خارج المساجد في ساحات أوسع لاستيعاب أكبر قدر من المصلين، هناك يهنئون بعضهم البعض فيما النساء يجهزن الفطور من الخبز المحمص بالمقلاة المدعو #خبز_الملوح_العدني، أو المخمر المخبوز في تنور ندعو #الخمير.. الآخير محبوب الجميع، نميل للأطعمة الأقل دسامة نظرا لحرارة الطقس، تقدم وجبة الإفطار بعد الفراغ من ذبح الأضحية، التي غالبا ما تكون خروف، أو تيس، ونظرا لغلو ثمن الأضاحي موخرا، فقط القادرون يقومون بهذه الفريضة، هنا تبرز روح العيد في مجتمعنا العدني أو الجنوبي بشكل عام، تقسم جزاء من الأضحية للأقارب، وجزاء صدقة لمن ضاقت حاله عن أدائها.
أما الغداء فقد أطلعتكم عليه مسبقا، عن الزربيان، لكن هناك أطباق أخرى مثل: #المظبي العدني ويكبخ في آنية فخارية تدعى #القصيص يةضع على الجمر، أوالحم #الحنيذ، وهو لحم مضغوط ومبهر، واللحم بالمرق، وهناك أنواعا أخرى في اليمن،منها #المندي وهو مطبوخ بلف اللحم بأورق الموز!
و#العصيدة وهي عجين من الدقيق، مطبوخ بالحليب واللبن، هناك #العقدة شبيهة باليخنة، هناك طبق متفرد ايضا من المقبلات وهو حار كالشطة، مخلل #الليم نسميه #المكبوس أو #العُشار نخلل اليمون صغير الحجم بالملح، ونضيف عليه خليط الفلفل الأحمر الذي نسميه #البسباس.
تتفرد به عدن والمحافظات الجنوبية لأننا نتناوله طوال السنة، مع وجبة الغداء بذات، ماذا عن الحلو؟
له أيضا مكانته عندنا نصنعه من السميد والسكر ويرش عليه جوز الهند والفول السوداني، أو اللوز الصنعاني، والزبيب، وهناك أطباق اخرى..
نعود للطقوس في عصر يوم عرفة، في مناطق الشعبية بتحديد، التي لا زالت تحتفظ بالفلكلور، تخرج الأطفال الحارة بمجموعات تدق أبواب سكانها، طلبا لسكاكر والحلويات العيد، في القديم القريب كان ناس يوزعون التمر المعجون بسمن على شكل كور مغطاة بالسمسم، أما الآن حلت السكاكر والمقرمشات المعلبة محل ذلك للأسف، ترتدي الصغيرات الجالبيات الشعبية الجديدة..
الجدير بالذكر حلت الجلبات وهي حديثة العهد، جاءت من ثقافة ظول الجوار، ولأنها ناسبت ثقافتنا فقد شاع أرتداؤها، وصار من العادات مؤخرا، لا أنكر حجم المتعة في مشاهدة ذلك المنظر، نهم الأطفال ومغالطاتهم لأخذ المزيد مضحك حقا، والأمتع كشفك لحيلهم ومواجهتهم وزجر الفهلوة.. بطريقة كوميدية طبعا!.
يأتي مساء ويحين دور كعك العيد، على غالب من مواقع التواصل الذي قاربت بين مطابخ العرب في صناعة الكعك وغيره، دخل معمول التمر، كعك جوز الهند وغيرها على مطبخنا، لكن طبقنا المتفرد الذي نحتفي به هو (القُرمش)، وهو كعك مقلي! ، نعم رغم ميلنا للأقل دسما من الأطعمة إلا أننا نقلى الكعك، ألسنا شعبا ملئ بتناقضات!، إنه ذو نكهة فريدة هش واسم على مسمى مقرمش للغاية.
في صباح العيد قد أخبرتكم أعلاه عن صلاة العيد والأضاحي، لكن هل اخبرتكم
اننا نقوم بذبح أضاحينا في أسطح البيوت، أو داخل أسوار المنازل بعد أن يتم خضاب الأضحية بالحناء ،أو السدر والتكبير عليها، لنيل البركة، وإضفاء جو روحاني. يخرج الصبية مع أوليائهم
لحضور الطقس، والمساعدة في تنظيف المكان بعد إفراغ الذبائح. البعض اختصر هذه العادة وأخذ ذبيحته إلى المسلخ البلدي، لكن أقل بهجة صراحة وقد اختبرت الطريقتين..
تبقى عصر العيد في اليوم الأول من أيام التشريق، بعد غداء دسم يهرول الرجال عادة في اليمن قاطبة إلى أسواق القات!. إذن ماهو القات؟
سأحاول شرح ذلك بإيجاز ، سأعطيه تعريفا اخترعته بنفسي!، إنه شجر بأوراق صغيرة يانعة شديدة الخضرة وهو أكبر عامل لانحسار شجرة البن، لأن ظروف زراعته واحتياجه لكميات وافرة من المياه جعلته يزاحم شجرة البن العريقة ...
باختصار يوفر للمزارع عائدا ضخما، ونظرا للإهمال الشديد من المعنيين بالأمر.. زاحم شجرة البن، واستولى على أراضيها، لكن يظل السبب الأول هو الفساد الإداري والمالي، والانفلات، وذلك لأن اليمني يهدر أمولا طائلة لشرائها كل يوم، وكذلك شجع على انتشار الرشاوي عندما انضم إليه انعدام الضمير، والفقر والغلاء الموحش!!
حسنا سأكتفي بهذا الحديث عن القات.. أكاد أشعر بحنق شديدا من القارى اليمني عند التطرق إلى موضوع حساس كهذا!!، يقال:(( إذا عصيتم فاستتروا)). أشعر برغبته في رشقي بالحجارة
لكن لأكون منصفة، حالة مضغ القات تجذرت في مجتمعنا بتجذر الأزمات والحروب عادات مستحدثة لا جذور لها في التاريخ اليمني!، إنما هي حالة هروب من وضع بلد بمجلسين رئاسيين، وحكومتين، ومجلسي نواب، لكل محافظة محافظان واحد يتبع نظام الحوثي، والآخر نظام الشرعية، ولا أستبعد أن يضاف الثالث فينتمي إلى التيار الثالث المؤثر في البلد وهو المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو صاحب دعوة العودة إلى وضع ما قبل الوحدة..
إلى هنا حدودي الأدبية تتوقف..
ليس لأني أخشى على رقبتي، ، فلبلدي تهون الروح..
فقط لأن الموضوع حساس للغاية، وشائك ومؤلم في آن واحد..وهناك مئات المقالات عن هذا تغنيني عن الحديث فيما لست أهلا له!
أسمح لي عزيزي القارئ أن أنهي مقالتي هنا..

تحية من قلب عدن إليك.

#ليلى_جمل_الليل (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات