أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إلياس شتواني - الحقيقة من منظور الرصاص والصواريخ














المزيد.....

الحقيقة من منظور الرصاص والصواريخ


إلياس شتواني
باحث وشاعر


الحوار المتمدن-العدد: 7661 - 2023 / 7 / 3 - 09:32
المحور: الادب والفن
    


كان يومًا صيفيًا حارًا. في حوالي الساعة العاشرة صباحًا، تجمع عدد كبير من الناس على الساحل المجاور لمنزلي. كنت أشرب قهوتي الصباحية كالمعتاد عندما سمعت ضجة عالية خارج نافذتي. كان عليّ أن أنظر عبر النافذة، ليس لأنها كانت مفتوحة بالفعل بسبب الحرارة الشديدة، ولكن بسبب الهتافات المدوية المنبعثة من ذلك الحشد. كان المشهد مهيبًا. كان هناك الآلاف، إن لم يكن مئات الآلاف من الأشخاص يقفون دفعة واحدة على الشاطئ. كانوا يحملون لافتات كبيرة، ويصرخون بأعلى حناجرهم بإجماع "دعونا نذهب".
في البداية، لم أكن أعرف بالضبط ما الذي كان يحدث. العديد من الأسئلة والأفكار أثيرت في ذهني. كان الساحل عبارة عن ثكنات عسكرية مهجورة، والتي على الرغم من سنوات من الإهمال، لا زالت قائمة. المنطقة المحيطة بأكملها غير مصرح بها للمدنيين. تفيد الشائعات المتداولة أن المكان كان يستخدم كمستودع لتجار الأسلحة المحليين، الأمر الذي خلق هالة من الخوف والقلق في قلوب السكان المحليين. إنهم يعرفون ما يجري، ومن يدير الأمور في المدينة حقًا، بل في البلد بأكمله. عينت السلطات المحلية ضابطي شرطة مدججين بالسلاح عند كل طرف من أطراف الساحل البالغ طوله ثلاثة أميال، وأربعة آخرين في كل من البوابات الأربع الرئيسية. وباستثناء التصاريح المرخصة، فمن المستحيل دخول أي منطقة، حيث كانت محاطة بأسلاك شائكة شديدة الطول و الانحدار.
كان المكان سرًا، لا يعرفه إلا السكان المحليون. ولكن ما لم يكن سراً هو كيف عانى هؤلاء الفقراء وعاشوا حياة بائسة حقًا. كانوا يعيشون في حالة من اليأس، بل ويجيدون كيفية تبريره. لكن ليس بعد الآن. جاء سكان البلدة، في أعداد كبيرة، لعبور الخط المحظور.
نزلت الدرج وشققت طريقي بسرعة نحو الفناء الخلفي. أخذتُ سلمًا على عجل، عدّلتُه تجاه الحائط، وصعدت بخطى سريعة و حذرة. كان المشهد واقعيا. لم أكن أهذي ولا أتخيل. كان حشدا ضخما يقف على الشاطئ، يصرخ الآن بكلمات غير مفهومة وبنبرة غير منتظمة. كان الرجال والنساء من مختلف الأعمار، مع الأطفال الصغار، يحملون حقائبا ويلوحون بعصي وهراوات. كان هؤلاء البؤساء يحاولون حقا اقتحام أحد أقرب مراكز الشرطة.
رجل اقترب من العتبة، أصيب على الفور برصاص ما بدا وكأنه قناص مختبئ بداخل المركز. كان لصوت الرصاصة تأثير عميق على الحشد، حيث ارتد في تردد مضطرد.
لم يستغرق الأمر سوى دقائق قبل وصول المدفعية الثقيلة والمروحيات.
كان مشهدا مروعا.
الحشد الذي كان يتحرك أصبح الآن عبارة عن جثث هامدة ملقاة على الأرض.
القليل فقط تمكن من الفرار.
هؤلاء نجوا من المذبحة فقط ليرووا القصة، لكن في صمت.
قصة البؤس و الثورة.
قصة الأحلام و الرصاص.
كل الماضي دفن تحت دوي الرصاص والصواريخ، و تحت حبيبات الرمل المضجرة بالدماء.
دماء الأطفال و النساء.
تناهى الى سمعي حشرجة شيخ كبير يلفظ أنفاسه الأخيرة:
لكن المستقبل لنا.
الثورة ماضية.
الثورة لن تموت...



#إلياس_شتواني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لقد كان مجرد شيطان
- المعرفة و السلطة: الإنسان نتاج خطابات
- المذهب النفعي: السعادة ليست فكرة مجردة
- كارل يونغ: نحن جميعا مجرمون ممكنون بحكم طبيعتنا البشرية
- هل يتجه الدين إلى قراءة خوارزمية بحتة؟
- هل نحن فعلا نعيش نهاية الطبيعة؟
- نظرية التطور: مقدمة قصيرة جدا
- لقد قتلنا الإله
- باروخ سبينوزا: البحث عن الله
- الأزمة السياسية بين المغرب والجزائر: التاريخ و الحاضر
- كائنات سماوية (Celestines)
- النبي محمد خارج المراجع الاسلامية
- عندما باع السلطان حفيظ المغرب للاستعمار الفرنسي ب40000 فرنكا
- عيد العمال: إجابات صغيرة على الأسئلة الكبيرة
- عقلانية الْمُعْتَزِلَةُ بين فشل الماضي و مقتضى الحاضر
- الجوانب السياسية لرمضان
- الاختلافات بين الطوائف المسيحية
- صلاة التراويح: بدعة عمر بن الخطاب
- العدالة البيئية Environmental Justice
- الفلسفة المثالية لأفلاطون


المزيد.....




- شيرين عبد الوهاب تعلق على قضية تسريبات حسام حبيب عن أسرتها
- الفنانة السورية كندة علوش تكشف تفاصيل إصابتها بمرض السرطان
- بيان صادر عن تجمع اتحرك لدعم المقاومة ومجابهة التطبيع بخصوص ...
- عقود من الإبداع والمقاومة.. فنانون ينعون الفلسطينية ريم اللو ...
- فيديو جديد يزعم أنه يظهر الممثل بالدوين يلوح بمسدس ويشهره بو ...
- إيران: إلغاء حكم الإعدام بحق مغني الراب توماج صالحي
- إيران.. إلغاء حكم الأعدام بحق مغني الراب توماج صالحي
- مبروك.. هنا رابط استخراج نتيجة الدبلومات الفنية لعام 2024 بر ...
- مركز 3 بدور السينما.. فيلم عصابة الماكس كامل بطولة أحمد فهي. ...
- هتابع كل جديد.. تردد قناة الزعيم سينما الجديد 2024 علي قمر ن ...


المزيد.....

- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إلياس شتواني - الحقيقة من منظور الرصاص والصواريخ