|
التغيير الاجتماعي والسياسي الهجيني : ديناميات المجتمع المأزوم (وجهة نظر في الاقتصاد السياسي )
مظهر محمد صالح
الحوار المتمدن-العدد: 7655 - 2023 / 6 / 27 - 02:48
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
في جو فكري اكاديمي عاصف اقامت الجمعية العراقية لعلم النفس السياسي مؤتمرها العلمي الخامس بتاريخ 22 حزيران /يونيو 2023 بالتعاون مع جمعية الامل العراقية ، ذلك تحت عنوان :التغيير الاجتماعي والسياسي في الدول المأزومة : المُحركات والمسارات والمآلات ..،اذ تزامنت اطرحة المفكر الدكتور فارس نظمي الذي اسس لهذا الفضاء بمحاوره المختلفة بين علم النفس وعلم الاجتماع وعلم الاديان والثقافات المتوسطية من جهة وببن العمود الرائع الذي طرحه المفكر السياسي ابراهيم العبادي في 26 حزيران /يونيو 2023 تحت عنوان : العراق بعد مئة عام !! متناولًا فيه طبيعة التغيرات السياسة والاجتماعية في بلاد تاسس نظامها الملكي في العام 1921 على معادلة (الاستبدال الامبراطوري ) ولمصلحة احتلال الدولة الراسمالية المركزية (الانكلو سكسونية ) في هذه المرة ولواحدة من اطراف العالم المحيطية المفتوحة للتدخل الخارجي وهو العراق .اذ ذهب العبادي الى تحليل كينونات الازمة الاجتماعية والسياسية خلال القرن العراقي السياسي الاول ، قرن التاسيس منذ العام 1921 .في حين وجدت من جانبي اهمية طرح واحدة من اشكاليات اجتماعيات علم الاقتصاد السياسي في خضم مجتمع اثني متعدد الديانات يتصارع على تقاسم الريع باشكاله المختلفة وفقدانه منهج التاسيس لمسارات التنمية الاقتصادية وعلى نحو ينسجم ومعطيات الدولة الحديثة في بناء مؤسسات مجتمعات مستقرة غير مأزومة .
2- الاحتلالات والديمقراطية البرلمانية.
ومن وحي فضاء الجدليات انفآ يمكن القول انه مضى قرن من الزمن بين تاسيس الملكية العراقية وتاسيس نظام ديمقراطي بديل في التعددية الاثنية والطائفية … كي نستدل على كينونة التغيير في مجتمع شرق اوسطي طرفي تعرض لاحتلالين من دولتين مركزيتين خلال قرن اتسم بالظاهرة الامبريالية الراسمالية وذلك في بلاد تقلبت بين شهوة الاستحواذ على الريع الزراعي وشهوة الاستحواذ على الريع النفطي . اذ لحق كلا الاحتلالين نمط وتركيب سياسي كبنية فوقية ظل عنوانها الديمقراطية البرلمانية . ربما اختلف العراق عن غيره من دول العالم الطرفية بتنوع ديني واثني ،الا ان ذلك لم ينفى غلبة العقد الاجتماعي لقوى ما قبل الدولة وهي الثلاثية نفسها : القبيلة و الغنيمة والمعتقد وهم قيود ولدّت مجتمع مأزوم طوال مئة عام لقرن التاسيس . فالتطورات الكمية evolutions في حياة الشعوب : وهي العملية التي من خلالها تتطور الأنواع الجديدة أو مجموعات الاجتماعية من الأشكال الموجودة مسبقًا عبر الأجيال المتعاقبة لتضيف نمطا من انماط الحراك الكمي المستقر الذي ينتج منه على الدوام قوى انتاج وعلاقات انتاج تاسس لانعطاف حاد في التطور وهي الثورات الاجتماعية ، ظل شي لم يتحقق للاسف (كي يتاسس بناء فوقي يسمى الدولة بمؤسساتها وسلطاتها وهو نتاج التغيير التطوري الذي ينتهي بالثورات او المنعطفات الحادة في التطور) . فعلى مدار قرن من الزمن حلت الازمات المتعاقبة successive crises في بلادنا لتولد (تطور هجيني hybrid evolution ) الذي لم يترك للبلاد فرص التقدم الاجتماعي والسياسي الناجز ليبلغ مستوى الثورات revolutions حقا وتنتهي الازمة المجتمعية او التنوع المازوم سياسيا واقتصاديا فيه ،بل على العكس ظل قرن التاسيس الاول في مخاض عسير مثل اقصى ما بلغته من التطور الفعلي المحكوم بقوى ما قبل الدولة من انتفاضات وحركات وانقلابات عسكرية وغيرها ولكن ظلت دون مستوى الثورة او حالة انعطافات التطور ،ما تركت (حالة هجينة من التطور والتغيير الكمي) الذي لم تبلغ القوى الاجتماعية فيه نقطة انعطافات التطور التاريخي في حياة الامة خلال قرن التاسيس الاول. 3-فاذا كان التغيير يعني إحداث فرق جوهري غالبًا ما يصل إلى فقدان الهوية القديمة أو استبدال شيء بآخر، فان هيمنة هوية اجتماعية واحدة تقوم على قوة (القبيلة والغنيمة والعقيدة )قد ظلت تؤسس لعقد اجتماعي ساكن يوفر لقوىً ما قبل الدولة ادوات بقاءها وديمومة افرازات المجتمع المأزوم .بل امسى (التغير الهجيني hybrid change ) الذي هو مرحلة هي دون بلوغ انعطاف في التغيير ادت الى انتكاسات او احباط التغيير نفسه وتحويل المجتمع اوالمجتمع السياسي الى مجتمع مازوم على الدوام جراء الصراع لقوى ما قبل الدولة في توليد توافق بين القبيلة والغنيمة والعقيدة. 4- الصراع على الريع والبنية الاجتماعية السياسية المأزومة. فصراعات قوى ما قبل الدولة وتمدد نفوذها في تحصيل ريوع الزروع ونهب الفوائض في الحقبة الملكية وسلاسل الازمات والانقلابات التي تبعت تاسيس الدولة منذ الاحتلال الاول 1921، لم تلغى الصراع على ريع النفط بعد قرن تاسيس الدولة في ظل الاحتلال الثاني 2003.فغياب منهج التنمية (الذي هو اساس التطور evolution -والخالي من نفوذ العقد الاجتماعي لقوى ما قبل الدولة و القادر حقاً على دفع هيكلة نمط الانتاج وبنيته التحتية اي بناء قوى الانتاج وعلاقات الانتاج) قد تمت ازالته ببنية فوقية موروثة ستاتيكية وهي سيادة فرضية قوى ما قبل الدولة pre state assumption نفسها، التي تمتلك زمام التغيير المازوم اجتماعيا دون السماح ببناء الدولة الحديثة طالما يتاح تقاسم الريع لنفوذها دون منهج التنمية وتوظيف الريع النفطي في عجلة التطور الاقتصادي والاجتماعي بشكل صريح . وهكذا يرصف قرن التاسيس في بلادنا بمثابة قرن( التغيير الهجيني hybrid change الشديد الريعية )و المحكوم بقوى ما قبل الدولة في ستاتيكيات النفوذ و الهيمنة على انتزاع الريع دون توافر منهج للتنمية والتطور الاقتصادي الناجز ليترك قرن التأسيس بصمة في التقدم الاجتماعي خالية من آثار الأزمات المستدامة . (( انتهى))
#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدمعة الناطقة: طفرة في جذور المدرسة التفكيكية المشرقية
-
الحفلة التعاونية: بين المطرقة والسندان
-
السرد وملامح علم الدلالات :( السيمائيات-Semiotics )في الفكر
...
-
التصوف الريعي: قراءة في الفكر الاقتصادي العراقي المعاصر.
-
أميران عربيان في ضيافة البيت الابيض
-
التصارعية وازمة الثقافة المشرقية
-
على تخوم المسألة الشرقية .. حرب الخرطوم انموذجاً.
-
خرائط اعالي الشرق السياسية: المصالحة السعودية- الايرانية
-
حجاب الجهالة أم الغشاوة المعاكسة
-
المُراوَغة القسرية: خداع ام خلاص
-
اللَّذَّة والحرية الهايدونية
-
تفجر الخصومات وظاهرة (الهبيتوتس ) المشرقية : ثنائية ( الحرية
...
-
ملامح الفلسفة التفكيكية المشرقية: العادلي انموذجاً.
-
مملكة الكلام الرافديني -القوة العظمى
-
مملكة الكلام الرافديني (القوة العظمى)
-
العولمة الموازية والتطرف الايديولوجي
-
سوق الصرف في العراق: حوار الاستقرار
-
سوق الصرف في العراق : حوار نحو الاستقرار
-
الحواضن السياسية:بين الاختطاف و التشظي
-
الدولة التجمعية وقوى التفكيك: الواقع والفلسفة
المزيد.....
-
توقيع اتفاقية تعاون عسكري بين مصر والكويت
-
مشاهد من تحرير الجيش الروسي نوفوفاسيليفكا في جمهورية دونيتسك
...
-
حريق مفاجئ في مطار رفيق الحريري من دون تسجيل إصابات
-
الشرع يناقش مع ولي العهد السعودي تعزيز العلاقات ومستقبل سوري
...
-
بوندسليغا.. ليفركوزن يفوز بعشرة لاعبين ويواصل مطاردة بايرن ا
...
-
روبوت سداسي الأرجل صيني يؤدي مهمات في القطب الجنوبي
-
بوتين: نخب أوروبا ستخضع لأوامر ترمب
-
إيران تزيح الستار عن صاروخ -اعتماد- الباليستي بمدى 1700 كيلو
...
-
-تلفزيون سوريا-: ظهور شقيق للرئيس أحمد الشرع علنا في السعودي
...
-
الرئيس البنمي يعلن إنهاء مشاركة بلاده في مبادرة الحزام والطر
...
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|