أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - بين بوتين وبريغوجين، الديكتاتورية نظام فاشل














المزيد.....

بين بوتين وبريغوجين، الديكتاتورية نظام فاشل


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 7653 - 2023 / 6 / 25 - 22:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ربما كان مالك مجموعة فاجنر شبه العسكرية، يفغيني بريغوجين، يمَّني النفس أن مجرد زحفه السلس باتجاه العاصمة الروسية، موسكو، كافٍ لإيقاظ العاطفة في نفوس قاطنيها لكي ينزلوا إلى الشوارع ويستقبلوه استقبال الأبطال الفاتحين، على خلفية انتصاراته ودعايته المشهودة من ساحة القتال داخل الأراضي الأوكرانية. كان مجرد نزولهم إلى الشارع كافٍ بحد ذاته للإطاحة بنظام الحكم في ثاني أقوى دولة في العالم خلال بضع ساعات أو أيام معدودة، في سيناريو مماثل لما حدث بالفعل في الماضي القريب مع النظام السوفيتي. لكن، لسبب أو لآخر، لم ينزل أهالي موسكو، ولم يسقط النظام. مع ذلك، قد فضح هذا التمرد المُجهض مدى هشاشة النظام الروسي الحاكم بعدما كاد يتداعى من تلقاء نفسه من الداخل ودون مقاومة تُذكر، مثلما فعل سلفه.

ما كان بريغوجين يتوقع أنه بمجرد أن يدخل العاصمة محمياً بقواته ومحاطاً بتصفيق وتهليل الجماهير العريضة سيتلاشى رئيس البلاد، فلاديمير بوتين، أو الحكومة أو مؤسسات الدولة من جيش وأجهزة أمنية وبرلمان وقضاء وخلافه. روسيا دولة حقيقية، وقوية، لا يمكن أبداً أن تتبخر وتزول بين عشية وضحاها. وهي دولة مؤسسات حقيقية، ذات مراكز قانونية مؤصلة ومستقرة ومحمية. وهنا يكمن الفارق بين الدولة واللا-دولة، أو هذه التي تفتقر مؤسساتها بشتى أنواعها إلى المركز القانوني المؤصل والمستقر والمحمي، مثل العديد من الدول الفاشلة حول العالم. لكن روسيا، رغم كونها دولة مؤسسات قانونية حقيقية، هي في الوقت نفسه دولة استبداد في السياسة والاقتصاد والمجتمع وكافة أوجه معيشتها. روسيا دولة مؤسسات مثل أي دولة في أوروبا الغربية أو أمريكا الشمالية. لكن يظل هناك اختلاف جوهري يفصل بين المؤسسات الروسية ونظيراتها الأوروبية والأمريكية، أو حتى اليابانية والتركية والكورية الجنوبية.

في روسيا، الرجال الأقوياء، مثل بوتين وبريغوجين، هم إلى حد كبير من يؤصلون ويقررون ويحمون المراكز القانونية لمؤسسات الدولة. في النظم الديمقراطية "القانون" هو من يؤطر المناصب ويؤصلها ويملي كيفية شغلها وممارستها ومغادرتها، في استقلالية وحيدة كاملة عن شاغليها الحاضرين أو الطامعين في شغلها مستقبلاً. في النظم الديكتاتورية، التي ربما تجسد روسيا خير مثال لها في الوقت الحاضر، "القوة" تحتل "القانون"، تسخره لأغراضها وتجعله يُفَّصل المناصب على مقاسها. وهي التي تؤصل له وتقرره وتحميه، وتخدم كحاضنته وأبيه الروحي على الدوام.

في كل الدول، لا يوجد من هو أقوى من قوة السلاح. الديمقراطيات تبني سداً منيعاً تسميه "القانون" يفصل بين قوة السلاح (أو المال أو الجاه أو النفوذ أو أي قوة خام أخرى) وبين تبوء مناصب الخدمة العامة في الدولة، من الرئيس إلى الغفير. ولكي يؤدي القانون هذه الوظيفة الأساسية، لابد أن يكون محايداً ومستقلاً عن أي شكل من أشكال القوة. لهذا تنتهج الديمقراطيات حول العالم من الوسائل والتدابير والموازين والضوابط والكوابح والحريات والحقوق والضمانات الدستورية وخلافه ما يضمن الحد الأدنى الضروري من الحياد والاستقلال لقوانينها المنظمة لكافة أوجه الحياة هناك، من الحكم إلى الترفيه حتى حقوق المثليين.

في روسيا هذا السد مفقود، والطريق ممهد وواسع ومفتوح دون عراقيل أو ضوابط وكوابح أو موازين أو حريات أو ضمانات أو حقوق مواطنة من "القوة" إلى "القانون"، فيما يشبه طريق صاحب القوة المتمردة يفغيني بريغوجين السريع والمفتوح دون مقاومة تذكر من مدينة روستوف الجنوبية حتى ضواحي موسكو، التي لو قُدِّر له مجرد الدخول إليها لكان النظام الروسي كله في عداد المفقودين. ما كان سيتجه إلى القصر الجمهوري ويلقي ببوتين من نافذته ويتربع فوق كرسييه كما كان يفعل الأقوياء المنتصرون في القياصرة السِمان خلال الأزمنة القديمة. كان، كما فعل بوتين وأمثاله، سيدعي حماية الشرعية والدولة الروسية ومؤسساتها من الفاسدين والمتخاذلين والخونة، وحماية بوتين والنظام نفسه من أعدائه، مثل وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ورئيس هيئة الأركان العامة الجنرال فاليري غيراسيموف. لكنه في واقع الأمر وحقيقته، بفضل دخوله الظافر إلى العاصمة، سيصبح صاحب القوة والأمر والنهي الفعلي الذي- كما فعل بوتين نفسه- سيحتل القانون لكي يمتطيه ويصل فوق ظهره مع أقرب انتخابات شكلية ومصطنعة إلى سدة الكرملين.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من شيطان الرأسمالية وملائكة الشيوعية- صناعة التطرف
- الكوميديان أند العسكري
- ثغرة الوعي والخطة الكونية
- اللهُ الذي لا نُريده
- الله الذي لا نراه
- بوتين في المصيدة- كش مات
- حتى لا ننهش جُثَة الوطن
- حين تُفسد الحكومة مواطنيها
- مصاحفُ فوق الأسنة وأمةُ بلا نبي
- أليست الجمهورية الإيرانية -إسلامية-؟
- ماذا لو حكم الإخوان المسلمون؟
- في الإسلام، الديمقراطية حلال أم حرام؟
- نظرة على مستقبل الجيوش في الجمهوريات العربية
- ميلشياوية من أزمة شرعية
- كيف حُشِّرت مصرَ في العُنُق
- الاستعمار بين المثالية والواقعية
- حتى لا نخون الوطن بسبب طاغية: صدام نموذجاً
- كيف نتطور؟
- غزوة الصناديق الإسرائيلية
- لماذا نعيش؟


المزيد.....




- ماكرون يطرد 12 موظفا في الدبلوماسية ويستدعي سفير بلاده في ال ...
- ابنتا بوعلام صنصال تطالبان ماكرون السعي لإطلاق سراح والدهما ...
- الجميع -هدف مشروع-.. محللة توضح أهمية الفاشر لـ-الدعم السريع ...
- إسرائيل: لن تدخل أية مساعدات قريبا إلى غزة للضغط على حماس
- عباس إلى دمشق الجمعة المقبل للقاء نظيره الشرع
- الداخلية التركية تعلن القبض على 89 إرهابيا يشتبه بهم بالانتم ...
- إسرائيل تفرج عن 10 أسرى فلسطينيين من قطاع غزة
- الحكومة اللبنانية تطلق مشروع إعادة تأهيل طريق المطار
- شاهد.. -سرايا القدس- تعرض مشاهد من قصف استهدف الجيش الإسرائي ...
- بكين تمدّ جسورًا مع جنوب شرق آسيا


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - بين بوتين وبريغوجين، الديكتاتورية نظام فاشل