أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لبابة صبري - الوطن وحق العودة - قراءة في فيلم عباس 36














المزيد.....

الوطن وحق العودة - قراءة في فيلم عباس 36


لبابة صبري

الحوار المتمدن-العدد: 7643 - 2023 / 6 / 15 - 15:51
المحور: الادب والفن
    


يعدّ فيلم عباس 36 للمخرجة مروة جبارة والمخرجة المشاركة نضال رافع توثيقًا لفكرة التهجير في نكبة 1948، والقصة التي يعرضها الفيلم هي لعائلتين فلسطينيين يربطهما بيت واحد في حيفا، ولكن الفيلم يتجاوز هاتين العائلتين ليتحدث عن جميع الفلسطينيين الذين هم في الشتات ويحلمون بالعودة.
نضال تعيش هي وأهلها في بيت أصله لفلسطيني (جدّ دينا) والذي تم تهجيره من بيته، وقد اشترى أهل نضال هذا البيت من شخص يهودي، تقول نضال عند كتابة والدها (علي رافع) رسالة لصاحب البيت الأصلي (فؤاد أبو الغيدا): يكتب لغائب بينما في حضوره غائب عن سيادة المكان.
دينا أبو الغيدا حفيدة صاحب البيت الأصلي جاءت من واشنطن مع زوجها وابنتيها، كانت شخصية دينا مفعمة بالتفاؤل للعودة إلى حيفا والشوق إلى الماضي ورغبة في شراء منزل جدّها من جديد. كانت دينا الحلقة الأساس الذي أوصلت نضال مع صاحب المنزل فؤاد أبو الغيدا.
يستند الفيلم إلى سرد للحقائق والمعلومات التي جرت قبل نكبة 1948 وكذلك إلى سرد وقائع الفلسطينيين بعد النّكبة سواء داخل فلسطين أو خارجها، تميّز الفلسطينيون بإصرارهم على التمسّك بالأمل وإعادة كل الذكريات بما يخدم حلم العودة، يعبّر الفيلم عن مفهوم سرد الأحداث والتي هي نوع من أنواع السير التاريخية التي تخص شعب من الشعوب، وفي هذا النوع من السير تنتعش الذاكرة لتسرد حقائق ومعلومات التي جرت خلال فترة معينة من الحياة، وفي هذه الحالة لا بد أن تلجأ الشخصية الأساسية (نضال) إلى تقديم المشاعر والأحاسيس والرغبات التي تضمنها سير الحياة. كما يعبّر الفيلم عن حالة الشتات والضياع في شخصية نضال عند حديثها عن نشأتها في بيت غائب، هذا الغائب قد يأتي يوم ويعود إلى منزله.
لعلّ القيمة الفلسفية التي تظهر في الفيلم هي فكرة الحضور والغياب وحالة الفصام بين الإنسان والحيّز الفلسطينييْن في حيفا، حيث تقول نضال "نشأت في بيت غائب، جعلت هاجس المكان يجثم على صدري دون حراك، إلى حين عودة"، نلاحظ أنّ الإخراج اعتمد على اللحظات التاريخية الفارقة التي سطر فيها الحضور غياب، والغياب حضور. وكان وجدان الفلسطينيين نقاط إتكاء تساعد في تكوين أرضية تاريخية زمنية للفيلم، وكذلك نماذج سردية تدفع الشريط قدمًا في حبكته حيث تبدأ من ذكرى النكبة ثم زيارة العائلة إلى شاطئ الطنطورة (القرية التي شهدت مذبحة مروّعة في النّكبة)، مرورًا بالنّكسة وزيارة العاصمة البريطانيّة يوم ذكرى وعد بلفور، وبالتالي فإنّ تسلسل الأحداث يتحوّل إلى روزنامة تواريخ وطنيّة.
تملك الشخصيّتان (نضال ودينا) الرغبة في نقل "روزنامة تواريخ وطنية" إلى الجيل الجديد، وهذا ما وجدناه لدى شخصية (نضال) التي لم تمل من البحث عن أصحاب البيت الأصليين التي تقطنه هي وعائلتها وتحثّهم على العودة إلى الوطن، إذ حاولت نضال ذلك خلال زيارتها إلى الدّوحة للقاء جمال أبو الغيدا حاملة معها أغصان من الزيتون الفلسطيني وحفنة من التراب، جعلته يحنّ إلى مدينته حيفا التي كان أهله يسكنوها قبل النكبة، وهو لم يسبق له أن رآها. يشير الزيتون هنا إلى الوطن والصمود والتمسك بالأرض، ويثير هذا المشهد مشاعر الصدق والشوق للوطن.
يُظهر الفيلم دور المرأة وتحوّلها إلى فعل حقيقي؛ حيث يصف الفيلم نضال المرأة بتمسك (سارة رافع) بحقّ أسرة أبو غيدا الذين هم أصحاب البيت الحقيقين، وهذا ما لاحظناه عندما رفضت أن يتم أي تغير في معالم البيت الأساسية حفاظًا على تعب هذه العائلة في بناء منزلهم وكذلك حفاظًا على ذكرياتهم في هذا البيت، حيث احتفظت بالمخطوطات والصور القديمة الموجودة فيه، وهذا إشارة إلى أنّ عائلة أبو الغيدا يمكن أن تعود يومًا ما إلى بيتها، كما قامت الابنة نضال رافع في تأكيد حقّ أبو الغيدا بالمنزل. وبذلك تعبّر المرأة عن الفعل الحقيقي وتحوّلت صورة المرأة النمطية الفلسطينية بوصفها أم الشهيد والأسير إلى المرأة المناضلة الباحثة عن حق العودة.
كان حي عباس حيًّا أرستقراطيًا للفلسطينين في حيفا، وكل بيت هو ملك لعائلة عريقة، وقد بُنيت أغلب البيوت عام 1920 و1930، وبعد النكبة تحوّلت هذه البيوت حسب القانون إلى أملاك غائبين، فقد تحدّث المهندس الذي كان يروي معلومات بناء البيوت لدينا ونضال عن أنّ النكبة لم تكن فقط نكبة للناس حيث تم تهجيرهم قسرًا من بيوتهم، وإنما أيضًا يمكن اعتباره نكبة للبناء والعمارات، حيث تم محي ملامح البناء من الطراز الفلسطيني القديم؛ أي البيت المبنيّ من حجر وله أقواس وله أكثر من مدخل؛ مدخل للصالون لاستقبال الضيوف، ومدخل لأهل البيت، وهناك غرفة في الوسط تفتح البيت أمام ساكنيه ليدخلوا منها إلى باقي الغرف، وبعد النّكبة تمّ تقسيم البناء إلى وحدات سكنية صغيرة، وهذا ما ساهم في تغير وتحوّل ملامح البناء الفلسطيني القديم إلى إنتاج البناء الحداثوي للاستعمار الإسرائيلي. وجدير بالذكّر أنّ الاستعمار البريطاني أيضًا قام بإدخال الحداثوية في الأبنية الفلسطينية في عشرينات وثلاثينات القرن الماضي، إلّا أنّ بناية عبّاس 36 لم تطلها حداثوية الاستعمار البريطاني، وذلك بناءً على وصف المهندس لبناية أبو الغيدا.
يعبّر الفيلم عن الأمل والإرادة للعودة إلى الوطن، وتشجيع جميع الفلسطينين في الشتات إلى العودة، كلّ منهم إلى منزله الذي شيّده وبناه قبل النكبة. لقد ظهر الحب والشوق في كل من الشخصيتين نضال ودينا؛ نضال التي حملت على نفسها أمانة البحث عن أصحاب البيت الأصليين التي تسكنه في سبيل إبقاء حلم العودة هدفًا في حياتها، ودينا -بعد أن تعرفت على سكان بيت جدها- تمسّكت بفكرة العودة والذي هو حق لكل فلسطيني.



#لبابة_صبري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في رواية -رحلة إلى ذات إمرأة- للكاتبة صباح بشير


المزيد.....




- عن -الأمالي-.. قراءة في المسار والخط!
- فلورنس بيو تُلح على السماح لها بقفزة جريئة في فيلم -Thunderb ...
- مصر.. تأييد لإلزام مطرب المهرجانات حسن شاكوش بدفع نفقة لطليق ...
- مصممة زي محمد رمضان المثير للجدل في مهرجان -كوتشيلا- ترد على ...
- مخرج فيلم عالمي شارك فيه ترامب منذ أكثر من 30 عاما يخشى ترح ...
- كرّم أحمد حلمي.. إعلان جوائز الدورة الرابعة من مهرجان -هوليو ...
- ابن حزم الأندلسي.. العالم والفقيه والشاعر الذي أُحرقت كتبه
- الكويت ولبنان يمنعان عرض فيلم لـ-ديزني- تشارك فيه ممثلة إسرا ...
- بوتين يتحدث باللغة الألمانية مع ألماني انتقل إلى روسيا بموجب ...
- مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لبابة صبري - الوطن وحق العودة - قراءة في فيلم عباس 36