نبيه القاسم
الحوار المتمدن-العدد: 7639 - 2023 / 6 / 11 - 00:58
المحور:
الادب والفن
ثلاث سنوات على فراق الشاعرة الفلسطينيّة ابنة القدس
سميرة الخطيب "ليلى المقدسيّة"
سميرة تظلين حاضرة رغم الغياب
نبيه القاسم
يومها قلتُ لسميرة:
مبروك يا سميرة..
أخيرا حقّقتِ ما كُنتِ تصبين إليه ورأت كلماتُك النّور. ووصَلَتْ إلى قلب كلّ إنسان كُنتِ تودّين وصولَها إليه.
لقد عرفتُ فيك شاعرة يوم سمعتُكِ أوّل مرّة تُردّدين فيها قصيدتك العَصماء (معي عيناك)، ويومها سألتُك مُستغربا:
-لماذا لا تنشرين قصائدك؟
وكان جوابُك: وهل أجدُ مَنْ يقرأه؟
ومرّت الأيام، وأنتِ تكتبين، وتكتبين حتى كان ونشرتِ أوّلَ قصيدة لكِ تحت اسم "ليلى المقدسيّة". وتساءل الكثيرون: مِنْ تكون هذه الشاعرة؟ أمقدسيّة هي؟
وصمتنا يومها نستمعُ إلى تعليقات الآخرين ونبتسم.
وأُقلّبُ اليوم صفحات ديوانك البكر بين يديَّ، وأُعيدُ قراءةَ كلّ قصيدة منه كنتُ شاهدا على تكوّنها وولادتها، المَرّة بعد المَرَّة، وأتمثّلك مُتَجسّدة أمامي.. سميرة الفتاة الذكيّة السّاذجة، الضاحكة الباكية، الثرثارة الصّامتة، المَرحة الهادئة، السّعيدة التّعسة، سميرة التي أعرفها.
وتخونني الكلمات. فعفوك يا سميرة..
وأرتدُّ لشوارع وزقاقات القدس، واستحضرُ معظمَ الصديقات والأصدقاء الذين كانوا، وصوتك الجميل الحزين الذي يُردّد:
إنّني في غَدٍ راحله
لا تَسَلْني لماذا..
إلانَ
نوَيْتُ الرّحيلْ.
والقدس كانت ولا تزال هي المدينة الوطن الذي أحببنا، ولها كانت أفئدتُنا ترنو وكلماتُنا تُردّدُ. والقدس هي مدينة الشاعرة سميرة الخطيب التي أنشدَتْ لها القصائدَ، العديدة وهذه واحدة منها:
شُكرا يا ربَّ الدّارْ
شُكرا..
أنا لا أشرب ْ
قاطعتُ الخمرةَ والخَمّارْ
أيضا لا أسمع ُ موسيقى
فأنا لا أملكُ أنْ أطربْ
إلّا.. إنْ جاء نهارْ
شكرا
عُذْرا. فلتشربْ أنتْ
إجرعْ ما شئتْ
فأنا لن أشربَ إلّا
نخبَ تبدّدِ سُحبِ الأحزانْ
نخبَ عظامِ الشيطانْ
نَخْبَ تحطُّم بابِ الزنزانةِ
في رأسِ السّجّانْ
إذْ ذاكَ سأشربْ..
وسأطربْ..
وسأصنع كأسي من جمجمةِ جَبانْ
كي نحسُوَ خَمْرَ الإشراقِ
أحبابي.. وأنا.. ورفاقي
وجحافلُ شعبي المُتلاقي
من بعدِ الغربة-
بالأحضانْ
* * *
ستعودُ الشمسُ لسورِ القدسِ،
ويرحلُ عن بلدي الطّغيانْ
سيعودُ الفرحُ، ويعلو الصّرحُ..
لأنّا نُؤمنُ بالإنسانْ.
• سميرة الخطيب. ديوان "القرية الزانية" منشورات "الفكر الجديد" القدس نيسان 1971)
#نبيه_القاسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟