أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - ماذا قال كافكا في رسالته الى والده؟














المزيد.....

ماذا قال كافكا في رسالته الى والده؟


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 7634 - 2023 / 6 / 6 - 00:56
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تسود معظم اعمال كافكا الكوابيس، والقضايا النفسية المزعجة، القلقة التي تنغص عليك عيشك، ولا غرابة، فإن هذا الأديب المتشائم، عاش حياة الضنك والبؤس، كذلك الشرود الفكري والذهني، فأنعكس الأمر سلبيا على حياته، وبات نزوح التشرد النفسي جزءًا كبيرًا من واقعه المؤلم. لذا لا نستغرب عندما نجد المرارة والسوداوية، تكسو جُل نتاجه الابداعي.     فمثلا في قصته الطويلة "المسخ" والتي استوحاها من الاديب الكبير دوستويفسكي، في روايته "في قبوي" وفي ترجمة أخرى "رسائل من تحت الارض" وفي ترجمة اخري، ايضا، "الإنسان الصرصار". المهم، كافكا يعيشنا في اجواء رعب، ونحن نقرأ ونتمعن في سطور هذه القصة، والتي للأسف إن بعض ضعاف النفوس، اصحاب دور النشر، كتب على غلافها بأنها رواية.
   المسخ تعني الانسان الذي يعيش هذا الوجود الضحل، يعيشه بكل تناقضاته ومجونه وترهاته، وهو لا يشعر بواقعه الحقيقي، فعاش الاستلاب الفكري والروحي، وغدى في بحبوحة من العيش، بل أنه يعيش كأي حيوان يدب على هذا الارض.
   في رسالته، هذه، التي خصصها كافكا الى والده، عبر فيها عن عن آلامه، اولا، كونه كان مصابا بمرض السل (التدرن) وهذا المرض بالنهاية انتصر عليه، فكان يؤرق ليله الطويل، فيئن تحت طائل هذا الداء اللعين، فلا من يسمع بث تألمه وشكواه، الا المربية وباقي الخدم، وهنّ مشغولات في قضاياهن الخاصة، واعمال البيت الموكلة اليهنّ. ثم يقول كلام يخص به والده، كلام اشبه بالمصارحة والعتب، كون والده قد اهمله تماما، فكان يغيب عنه اياما طويلة، في العمل ومشاكل العمل، حيث كانت طبيعة عمله تقتضي، ان يبيت الايام والليالي لتوفير العيش الرغيد، لم يكن قد دار في خلد الوالد، ان ابتعاده عن اسرته كان لها انعماسها السلبي، كما الايحابي.
   يبث كافكا شكواه الى والده، بكلمات تنم عن اسى دفين، وشجن مباغت لم يستطع كتمه، فراح ينثره على شكل حسرات جياشة. فيقول: منذ ان وعيت وأنا مهتم أشد الاهتمام بإثبات وجودي الفكري، بحيث كل شيء كان عندي سيان. لم يشغلني غير مشاغل نفسي، لكن هذا الانشغال كان بشتى الطرق مثلا انشغالي بصحتي. لقد بدأ بشكل مخيف. وقد تصاعد هذا التخوف بدرجات لا تحصى حتى انتهى في آخر المطاف الى مرض حقيقي. لكنني خلال ذلك لم اكن متأكدا من أي شيء، وكنت بحاجة الى اثبات جديد لوجودي في كل لحظة.
   كافكا كان يطلب، بل يترجى من أبيه أن يفهمه، او يحاول ذلك جاهدا، على اعتبار إن الاب بالنسبة للولد هو القدوة التي يقتدي بها، قائلا له: أنك لم تحافظ على الوصايا التي الزمتها نفسك، وفرضتها عليه، فلهذا، يقول كافكا أصبح العالم بالنسبة له مقسم الى ثلاثة عوالم:
   في العالم الاول، كنت أنا العبد، اعيش تحت قوانين وضعت لي وحدي، ولم أتمكن أبدا، فوق هذا من الاستجابة لها كلها، ولا أدري لماذا؟.
  وفي العالم الثاني، كان بعيدا عن عالمي لا نهاية له، وكنت أنت تعيش فيه مشغولا بالحكومة، وإصدار الأوامر، وبالغضب بسبب عدم الامتثال لهذه الأوامر.
   والعالم الثالث وهو العالم الأخير، حيث كان يعيش بقية الناس سُعداء محررين عن الأوامر وتنفيذها.
   وهنا كافكا كأنه يريد أن يتحرر من سلطة الأب، تحررا نهائيا، لأنه رأى ان عبودية الأب مسلطة عليه كالسيف الصارم، لا يستطيع ان يفلت منها حتى ينطلق الى عوالمه، حيث التفكير والانطلاق من اوامر صارمة، يشرف عليه الاب وهي ليس بما يطمح نحو السمو الذاتي، والتفرد بالقرارات التي تحدد مصيره، وتضمن له المستقبل المرجو.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اشارات موشومة بالخفاء
- مزاغل من هذيان
- هدم وترميم البياض
- تولستوي: الموت والمعاناة أشباح تصرخ على المرء2/ 2
- تولستوي: الموت والمعاناة أشباح تصرخ على المرء1/ 2
- يجب أن تصل الفكرة إلى الشخص في شكل الوحي لتكون فكرة موحية
- معظم الناس يفضلون الموت على التفكير
- ماركس...الإنسان لا يعيش بالخبز وحده
- الصورة القاتمة في قصة (نهاية المطاف) للقاص جاسم خلف فلحي
- صورة الابداع في (لا تأتِ متأخراً) للشاعر جلال حسن
- ندوب الشّجن في نص (خارج السّرب تمامًا) للشاعرة ليلى عبد الأم ...
- وحدها بوصلة الضّوء
- تجليات لصورة الواقع في نص (يوميات عبد الأمير الحصيري) للشاعر ...
- قراءة في (فلسفة التاريخ عند فيكو) للمؤلفة أبو السعود ٣/ ...
- قراءة في (فلسفة التاريخ عند فيكو) للمؤلفة عطيات أبو السعود 2 ...
- قراءة في (فلسفة التاريخ عند فيكو) للمؤلفة عطيات أبو السعود 1 ...
- مدينة الثورة: ذكريات بطعم الألم
- في يوسفياته...يرسم الشاعر واثق الجلبي وجودية بطعم الهمس
- هيباتيا: لذة الفلسفة أفضل من لذة الجنس 1/2
- هيباتيا: لذة الفلسفة أفضل من لذة الجنس 2/ 2


المزيد.....




- السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد
- بعد القطيعة.. هل هناك أمل في تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق؟ ...
- ضابط أوكراني: نظام كييف تخلص من كبار مسؤولي أمن الدولة عام 2 ...
- رئيسة البرلمان الأوروبي: ما يحدث في ألمانيا اختبار حقيقي لأو ...
- مباشر: قتلى وجرحى في ضربة إسرائيلية على مبنى سكني وسط بيروت ...
- أوكرانيا تطلب من حلفائها الغربيين تزويدها بأنظمة دفاع جوي حد ...
- غارات إسرائيلية مكثفة على وسط بيروت والضاحية
- أوكرانيا تطالب الغرب بأنظمة دفاع جوي حديثة للتصدي لصواريخ رو ...
- عشرات الشهداء والجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة من غزة ...
- كيف يواصل الدفاع المدني اللبناني عمله رغم التهديدات والاستهد ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - ماذا قال كافكا في رسالته الى والده؟