|
جمجمة وعظمتان !
علاء الزيدي
الحوار المتمدن-العدد: 1720 - 2006 / 10 / 31 - 09:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
طاحونة الموت التي تدور في العراق ، بلا توقف ، تدفع الإنسان إلى التساؤل باستغراب ، حول عدم اقتراح أي شخص أو جهة عـَلـَما ً عراقيا ً جديدا ً بجمجمة وعظمتين ، ليس من باب اتهام أية جهة من الجهات المسيطرة ( سواء ً كانت أميركا أو غيرها ) بالقرصنة وقطع الطرق ، ولكن لأن هذا الرمز هو الأقرب لما يجري على مسرح الحدث . الموت المجاني المتواصل ، في بلاد الخير والعطاء والحضارات ، بعضهم يعطيه صفة لصيقة بشعب العراق ، لدواع ٍ عنصرية وطائفية تمتزج بعض أدلتها وتخريجاتها بالخرافة . فالعراقيون في نظر هذا البعض ، خذلوا الإمام الحسين بعد أن دعوه ، ولم يكتفوا بذلك ، بل قتلوه وأهل بيته وأصحابه وسبوا عياله ، فحق ّ عليهم القول فدمّرهم الله تدميرا ً ، حتى بأثر مستقبلي . وعلى هذا الصعيد ، تختفي أو تـُخفى كل القرائن التاريخية التي تؤكد ، أن نصف شعب الكوفة المعنيِّ كان في السجن ، والنصف الآخر لم يكن عراقيا ً ولا مواليا ً للحسين ، بدليل قول الإمام مخاطبا ً من قاتلوه : إن كنتم عـُرُبا ً كما تزعمون . البعض الآخر ، وهو مغرض أيضا ً ، يرى أن العراقيين لايمكن أن يسوسهم بنجاح إلا النموذج الحجّاجي الدموي . وكأن الشعوب الشقيقة الأخرى تتنعـّم في بحبوحة الديمقراطية والتعددية والحرية ، ورغم ذلك فهي تتحرك بانضباط شديد وروتين رهيب ، كعقارب الساعة تماما ً. فلا جرائم ، ولا أشلاء مقطعة ومخبأة في أكياس تلقى في حاويات القمامة ، ولا اغتصاب ولا ذبح ، ولا ثأر و لا غدر ، ولا غرام وانتقام ! ويقفز أمامي ، هنا ، مثال طريف . فالرئيس المصري حسني مبارك ادعى في مقابلة مثيرة للجدل ، أن الرئيس العراقي الأسبق صدام كان مناسبا ً لحكم العراق ( لو كان عادلا ً ) على حد تعبير الرئيس المصري . وفي ذلك الحين ، أي عند بث المقابلة ، عبـّر مراقبون عن اعتقادهم بأن عدل الرئيس مبارك مثار للإعجاب حقا ً . فقد سـُجـِن المعارض أيمن نور الرئيس السابق لحزب الغد لمدة خمس سنوات ، رغم حصوله على المركز الثاني في الانتخابات الرئاسية الأخيرة . ولـُـفـِّـقت له تهمة التزوير ، لا لشيء ، سوى لوقوفه في وجه الرئيس حسني والترشيح مقابله لرئاسة الجمهورية . وقال الشاهد الرئيس في القضية أمام المحكمة إن أجهزة الأمن أجبرته على الشهادة ضد أيمن نور . وفي وقت آخر اعتدي بالضرب على زوجة نور جميلة إسماعيل بدعوى إهانتها رجال الشرطة . دوران ماكنة الموت في العراق ، متعدد المناشىء ، في رأيي ، لكن أهم أسبابه ، هو رغبة الإدارة التي تمسك بزمام الأمور في هذا البلد ، وهي الأميركية طبعا ً ، في أن يستمر أتـّون النار في الاتـّقاد . والرئيس جورج بوش أكد قبل أيام بصراحة ، ولعلها المرة الألف ، أن العراق ميدان معركته الأول والأساس والأصلي مع الإرهاب ، وأنه سيبقى في العراق مادام الحفاظ على الأمن والأمان في الولايات المتحدة يتطلب ذلك . وأرجوك ؛ آتـِني بمن يحدد موعدا ً دقيقا ً لنهاية معركة الأمن والأمان هذه ، على المستوى المنظور أو البعيد ، وسأقبـّله على جبينه شاكرا ً فضله ! كل يوم تفتعل الإدارة الأميركية قصة جديدة ، لإيقاد النار المتأججة . و لاحاجة لاستعراض هذه القصص أو تعدادها ، فهي أكثر من معروفة . لكن سؤالا ً ملحاحا ً يثور في داخلي ، يقول : أيـُعقـَـل أن أكون الجهبذ الوحيد الذي يحقق هذا السبق في الاكتشاف ، من بين كل هذه الفحول المتصارعة على صفحات الإنترنت ! لماذا تبحث أصابع كتـّابنا عن أية ضحية ، لتحميلها في الحق والباطل وزر الدماء العراقية الجارية ، فيما تظل القوة الأولى التي يصب استمرار الاضطراب والفوضى في مصلحتها بمنأى عن الاتهام ، متذرعين بالدمقرطة الأميركية المزعومة ، التي لم نر َ منها إلا صورا ً شكلية وفارغة من المحتوى . طيب ، سيقال أليست هناك بالفعل ، في العراق ، حكومة منتخبة عبر الاقتراع الشعبي المباشر ، تضم معظم قطاعات الشعب ، وسيجاب عليه ، بأن هذه الحكومة المنتخبة فعلا تبدو كمن أ ُلقي َ في البحر ِ مكتوفا ً وقيل له : إيـّاك إيـّاك أن تبتل بالماء ِ . فلا هي تمتلك جيشا ً مسلـّحا ً تسليحا ً مناسبا ً لردع المتمردين والإرهابيين . و لاهي تمتلك القرار الحاسم في كل شيء . ولا هي تمثل حزبا ً أو تيارا موحدا أو متماسكا ً ولديه برنامج واضح وإرادة متينة تنبع عن قناعات سياسية راسخة . حكومة مفتوحة النوافذ على كل الاتجاهات ، فلا أسرار ولا قدرات تخابرية وطنية حقا ً تضمن لخططها الكتمان اللازم والقدرة التنفيذية الصاعقة . حكومة ضعيفة بكل معنى لكل حرف في هذه الكلمة . فلماذا يتجه اللوم لغير من يستحق اللوم ؟ بصراحة ، ولا يزعلن َّ أصدقاء الإدارة الأميركية ، تتركز كل أوراق الحل في يد أميركا ، كما كان الرئيس المصري الراحل أنور السادات يؤكد . وللتذكير فقط : أشير إلى ماحصل إثر اضطرابات لوس أنجليس الأميركية العام 1992 ، والتي اندلعت بسبب تبرئة السلطات الأميركية رجال البوليس الذين اعتدوا بالضرب المبرح على الشاب الاسود رودني كنغ العام 1991. لقد كانت حوادث الشغب تلك الأسوأ في تاريخ أميركا المعاصر ، لكن الإدارة حلت الأزمة في غضون ثلاثة أيام فقط .. بأكبر جرعة من العنف .. وأقصى حد من الحزم والحسم . فكيف " عجز " الحاكم الفعلي للعراق ، منذ العام 2003 ، عن حل أية مشكلة أمنية ، مهما كانت بسيطة وجزئية وعادية . إنها إرادة وقرار مسبقان ، ولكم رأيكم ولي رأيي ! عيون الكلام : صلاح نيازي : إذا وقعت السكين على الرقبة ، فهل يقلق الخروف : كيف يـُطبـَخ أو من سيأكله ؟
#علاء_الزيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طائف ميت
-
هل سيعي رئيس الوزراء الدرس الأردني ؟
-
التاريخ الاسود يخرج لسانه لعباس الأبيض !
-
عظام فخذ بطول عود الثقاب !
-
طالبان في الشطرة
-
الرجاء عدم التعرض للإخوة الإرهابيين !
-
مات صدام غدا !
-
دكتور إياد .. كيف تسمعني أجب !
-
العراقي .. منفعل ..عصبي .. هائج
-
البوابة الشرقية - بلا حارس أجير
-
هل هي خاتمة أحزان العراقيين ؟
-
ماذا جرى في المجر الكبير ؟ -- التليفزيون البريطاني .. شاهد
...
-
حزب البعث العربي الإسراطيني !
-
قد لا يعالج السرطان بالدعاء دائما
-
التلازم اللاشعوري بين الجلبي وقص الاذن !
-
من عشقته .. قتلته ؛ القصة الكاملة
-
حكاية تبعث على القشعريرة
-
صدى السنين - 3
-
هل يفعلها الجلبي ؟
-
العراقيات لا يردن حريتهن !
المزيد.....
-
لحظة تصدي رجل هارب لشرطي أمريكي أدخلته في حالة حرجة.. شاهد م
...
-
بروتوكول تعاون عسكري بين مصر والصومال وسط خلاف بين مقديشيو و
...
-
برلين تؤكد أن التحقيق في تفجير -السيل الشمالي- لن يؤثر على ع
...
-
نائب نمساوي يدعو إلى وقف المساعدات لأوكرانيا بسبب تورطها في
...
-
سامي الجميّل في بلا قيود: تطرف حزب الله وإسرائيل يصعب إيجاد
...
-
إيران: إصابة أم بالشلل النصفي بعد إصابتها برصاص الشرطة بسبب
...
-
فلسطيني يستخرج شهادة ميلاد توأمه.. ويعود ليجدهما مقتولين مع
...
-
عدد القتلى في غزة يقترب من -40 ألفاً- منذ بدء الحرب، ووزير إ
...
-
لإفساح المجال لوجوه جديدة في اليابان.. كيشيدا يعلن عزمه الت
...
-
زيلينسكي: قواتنا أسرت أكثر من 100 جندي روسي في كورسك صباح ال
...
المزيد.....
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
المزيد.....
|