أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم النجار - الرصاصة 666 محاكمة التاريخ وإعادة صياغته














المزيد.....

الرصاصة 666 محاكمة التاريخ وإعادة صياغته


سليم النجار

الحوار المتمدن-العدد: 7622 - 2023 / 5 / 25 - 10:21
المحور: الادب والفن
    


سليم النجار (كاتب أردني)

يعد العنوان بمثابة التسمية التي تلصق بسلعة او ببضاعة ما؛ حيث يجب أن تكون لهذه التسمية قوة إشعاعية إشهارية جارفة؛ لأن الهدف من العنوان هو الإبهار والتأثير لحمل القارئ على اقتناء الرواية/ السلعة وهنا تتدخل بقوة وظيفة الإغواء. هي صيغة عنوان شكّلتها بنية تركيبية ثلاثية وتصدرتها عبارة تجلت صورتها على شكل رقم «الرصاصة 666 «؛ صيغة ملفوظ لوني ينفتح على اكثر من أفق تأويلي وبعد دلالي، باعتباره لونا ملتبسا؛ إذ يحيل إلى الشيء وضدّه، إلى الحياة والموت في آن: :ودّع الفرح بيتنا عندما خرج أبي محمّلا على اكتاف الأحبّة وسط عويل ونواح شقّ عنان السّماء» (ص٢٣).

تعمل رواية «الرصاصة 666 » للكاتبة تفاحة بطارسة، والصادرة عن دار يافا للنشر والتوزيع، على تحريك المفاصل المعطلة في ثقافتنا، وتعيد الدماء النقية لواقعنا الذي يشكو من فقر دم سريع؛ تجددهُ وتحكّ على جراح ظنّ البعض انها اندملت: «عندها تذكرت تصرفاته؛ ورحتُ انظر في كلّ الجهات؛ ابحث عن ماء لأغسل به وجهي؛ واتخلص من تلك الآثار التي تتركها الخيانة فينا» (ص١٨١). جاءت الرواية كصرخة؛ وكل إبداع هو صرخة–كما يقول سارتر، لتوقظ جنون أصابعي، وتستفز إيقاعات وتناغمات قريحتي المرهونة بحالات القصيدة، جاءت إليّ بكلّ ملامحها الوثنية والإيمانية: «بدا البيت الجبليّ قلعة تحوم فوقها غيوم بألوان بيضاء حينا آخر» (ص١٩٩).


تمثل رواية «الرصاصة 666» أفكارا وأوطانا جديدة، حيث استطاعت الكاتبة من خلالها أن تحاكم التاريخ، وتُعيد صياغته، وتضع له أبجدية جديدةً، بل وتؤثر في التاريخ بحسب تعبير سارتر. والهدف هو الرقيّ بإنسان المكان، وصنع الحياة له، وإقامة كرنفلات دائمة لخطواته ودموعه واحلامه؛ حين تتوفر الجرأة والشجاعة لدى المبدعة، التي تعمل على تصوير الوطن إنسانا ومكانا؛ معتبرة أن سلطة القهر زائلة وإن رمزت لهذه السلطة بالخيمة: «اجتمع العشرات من الاشخاص في نفس الخيمة في انتظار خيام جديدة تُقام لهم» (ص٦٦).


رواية «الرصاصة 666» هي سيرة إنسان يتفجّر، يثور على نفسه، يتجدّد بالمزيد من الدّمع والدم والحزن، يبحث عن صباحات لمْ يعشها: «نقضنا كلّ يوم من أيّامنا غبار يوم مضى؛ لتستعدّ لشروق اليوم التّالي؛ ونحن نعلمُ أنّه سيحملُ فاجعةً جديدةً؛ ويقدم الموت بمشهدٍ مسرحِّي جديد» (ص٢٠). لقد بنت الروائية تفاحة بطارسة تقنية أدواتها التعبيرية على حبر الذكرى؛ فكانت وسيلتها في الإقناع والتأثير؛ ومصدرا للتكتيك (وهو الأهم) في الرواية؛ أما الرسائل فهي صفحات مكتوبة بنبض «الوجع والقهر» الناحلة المرتجفة؛ ونزيف ذكرى الخيمة-الوطن الجديد، ورؤى «اللاجئة» بصرف النظر عن الأسماء؛ لانها تُصبح بلا معنى إن لم تكن الخيمة رديفتها؛ فتصبح أبجديتها غموض وضباب الأيام. هي ليست مجرد رسائل، بل هي كمياء حبر ودمع واحتراق وخلاصة أحلام الذات الجريحة: «لم تأخرت يا أدهم؟ أين أنت؟ رحلت السفينة!» (ص٢٣٦).


وبين نار تشتعلُ هنا، وأناس أبرياء يُقتلونَ هناك، وبينَ بكاء بدمع حجري وحزنٍ مزمن وفرح زخرفي، يلتقي زعماء الموت ليقرروا: (تعلمين انّ الموت والأمل والرّجاء والسّراب خدع بصريّة؛ تتربصُ جميعها بنا كما هي الحياة» (ص٤١). جاءت رواية «الرصاصة 666 » جرئية وجارحة وموجعة العبارات والجمل والرؤى؛ خيالها واقعي بتلقائية التناول والمعالجة. فنزيف أصابعها وثورة كلماتها هذه، راهنت على أمطار الفرح التي ستفضي جرأتها يوماً إلى يقظة حقيقيّة؛ ووعي فكري شامل. لسرد تفاحة بطارسة مرجعياته المتعّددة أو شيفرته المرجعية ؛ كما يسّميها رولان بارت. فالاسترجاع التذكري الواقعي والمتخيّل معا هو أساس قوة وجمال التكتيك في هذه الرواية، وكان لدى الروائية أبجدية متقنة لخلق وجود فاعل وحقيقي؛ فخيالها أكثر تأثيرا ووقعا وألماً. هو سرد جدلي يرتقي بكلمات وجمل وأخيلة بكامل طقوس أوجاعها؛ وهي تتقافز بألم قلب مُغرم بالإيحاء! حيث يتنوع الأسلوب ويتجدّد ليزداد إثارة كلما تعمقنا بالقراءة، وفق شروط حريصة على السيرة الذاتية والسيرة الغيرية نحو البوح عبر المونولوج الداخلي، وصولا إلى الفانتازيا ?لتي تتمظهر في لحظات بين الحضور والغياب، وبين الواقع والخيال.



#سليم_النجار (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرواية النسوية في الأردن
- قنابل الجهاد الإسلامي سيارة للأجرة
- رواية أغثني
- رواية ظل الغراب للكاتب سعيد الصالحي
- رواية جدائل الصبر للكاتبة إيمان كريمين
- سليماني شهيد القدس ،غزة ناكرة للجميل
- هفاف الخوف شعر أحمد عارضة
- الدم الفلسطيني في غزة ليل الفضائيات
- اليسار الفلسطيني فهلوة الفكر وسذاجة الحكاية
- رواية حكاية صابر للأسير محمود عيسى
- حماس حقيبة بلا يد
- فتنة الموقف في رواية كويت بغداد عمان
- سماسرة الجهل
- حمار الحراسة حين يغفو!
- الثقافة العربية بين حانا ومانا
- مفكرون بلا حدود
- الإعلام بين الإنحياز والموضوعية
- الإخوان المسلمين على طريق جهنم
- غسان كنفاني رعد ونحن بلا أمطار
- هواجس في ذكرى استشهاد صلاح خلف أبو إياد


المزيد.....




- عاجل | حماس: إقدام مجموعة من المجرمين على خطف وقتل أحد عناصر ...
- الشيخ عبد الله المبارك الصباح.. رجل ثقافة وفكر وعطاء
- 6 أفلام تتنافس على الإيرادات بين الكوميديا والمغامرة في عيد ...
- -في عز الضهر-.. مينا مسعود يكشف عن الإعلان الرسمي لأول أفلام ...
- واتساب يتيح للمستخدمين إضافة الموسيقى إلى الحالة
- “الكــوميديــا تعــود بقــوة مع عــامــر“ فيلم شباب البومب 2 ...
- طه دسوقي.. من خجول المسرح إلى نجم الشاشة
- -الغرفة الزهراء-.. زنزانة إسرائيلية ظاهرها العذاب وباطنها ال ...
- نوال الزغبي تتعثر على المسرح خلال حفلها في بيروت وتعلق: -كنت ...
- موكب الخيول والموسيقى يزيّن شوارع دكا في عيد الفطر


المزيد.....

- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم النجار - الرصاصة 666 محاكمة التاريخ وإعادة صياغته