أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - الاغتراب واللاغتراب: مواجهة بين لوكاتش وهايدجر (الجزء الخامس)














المزيد.....

الاغتراب واللاغتراب: مواجهة بين لوكاتش وهايدجر (الجزء الخامس)


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 7622 - 2023 / 5 / 25 - 02:49
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تتطلب المواجهة بين آراء سارتر وآراء لوكاش حول المسألتين الأساسيتين المتمثلتين في التسليع والاغتراب إعادة بناء دقيقة للتحليلات التي طورها الأول في "نقد العقل الجدلي" والثاني في "أنطولوجيا الوجود الاجتماعي". لقد تمكنا من إثبات أن سارتر كان حساسا لاعتبارات لوكاتش بشأن التسليع Verdinglichung (دون أن نتمكن من تحديد متى علم الفيلسوف الفرنسي بالكتاب الصادر سنة 1923، والذي لم تكن نسخته الفرنسية موجودة في عام 1950). يمكن لنا أن نتذكر في هذا السياق الإشادة المؤكدة التي قدمها ميرلو بونتي عن الكتاب الماركسي الأول من قبل لوكاتش، والذي يشهد عليه الفصل عن الماركسية "الغربية" من كتاب مغامرات الديالكتيك" (1955) والذي يحتل فيه نقد التسليع مكانة بارزة.
من المحتمل تماما أن يكون ميرلو بونتي أحد المعجبين بلوكاتش، هو الذي نقل إلى سارتر نص لوكاتش (رسالة طويلة موجهة في عام 1946 - حملت الرسالة عنوان الأزمنة الحديثة - من ميرلو بونتي إلى فيلسوف بودابست، فيها تحدث عن حقيقة أن "التاريخ والوعي الطبقي" كتاب لوكاتش الوحيد "المعروف قليلاً" في باريس رغم وجود نسخ قليلة" منه وأنه "ينتقل من يد إلى يد"، يقدم دليلاً على الاهتمام القوي لمؤلف "فينومينولوجيا الإدراك" بلوكاتش، مفكر الذاتية). تكمن المشكلة التي تهمنا هنا في معرفة إلى أي مدى تلائم تحليلات سارتر في النقد نفس الانتقادات التي وجهها لوكاش إلى أخطاء كتابه المؤلف في مرحلة شبابه، وبشكل أكثر تحديدا، إلى أي مدى كان سارتر يميل، مثل لوكاتش في "التاريخ والوعي الطبقي"، إلى مماثلة التسليع، وفوق كل شيء الاغتراب، بالتشييئ.
عندما ظهر للوكاتش عام 1948، كتابه بعنوان "الوجودية أو الماركسية؟" عن دار النشر Nagel بباريس، ركز نقده القاسي للوجودية بشكل طبيعي على :"الوجود والعدم"، كامتداد للتنصل من الكتاب-المصفوفة "الوجود والزمن"، مع الأخذ في الاعتبار كذلك النصوص اللاحقة مثل المحاضرة حول "الوجودية نزعة إنسانية" أو كتاب "المادية والثورة" ( 1946).
لقد كان مستبعدا في ذلك الوقت الشك في أن سارتر سوف يتطور نحو التزام مذهل بأطروحات المادية التاريخية، وذهب إلى حد أن وصف في "مسائل في المنهج" (1957) فكر ماركس بأنه "فلسفة عصرنا"، "لا يمكن تجاوزه" طالما لم يتم التغلب على الظروف التي ولّدته. لذلك رحب الفيلسوف الماركسي باهتمام شديد بنشر " نقد العقل الجدلي" في عام 1960، وهو توليفة عظيمة لمرحلة جديدة من تفكير سارتر، وشعر في البداية بانه يدفعه لكتابة تعليق على عمل كان علامة على تحول سارتر نحو فكر لطالما انتسب هو نفسه إليه.
ومع ذلك، لم يتحقق هذا المشروع، وربما لم يكن التنازل عنه غير مرتبط بكون الاغتراب مسألة صعبة (vexata quaestio)، وهو خط فاصل حقيقي بين "الفلسفة الوجودية" والفكر المستوحى من ماركس. يجب أن نوضح على الفور أنه وفقا لشهادته الخاصة، لم يثابر لوكاتش في قراءة نقد سارتر (قرأ المئتي صفحة الأولى)، ووجد الكتاب "صادقا جدا" ( sehr anständig )، ولكنه "مربك للغاية وممل".
يمكننا أن نضيف أنه وفقا لشهادات أخرى للمعني بالأمر، صُدم لوكاتش بحقيقة أن سارتر دافع في تاويله للمواقف الماركسية التي كانت تشبه في بعض الأحيان كثيرا تلك التي عبر عنها بنفسه ذات مرة في "التاريخ والوعي الطبقي"، وبالتحديد تلك التي كان من المفترض أن يكون قد صححها وتجاوزها بشكل نهائي طي كتابيه "علم الجمال" و"أنطولوجيا الوجود الاجتماعي". وفي ما يتعلق بمسألة ديالكتيك الطبيعة، مثلا، أو حول الطابع الأنطولوجي للمادية الماركسية، أو في ما يخص غاية عدم التلقي في تعارض مع نظرية الانعكاس، انضم سارتر، دون أن يعرف ذلك، إلى مواقف الشاب لوكاتش، التي رفضت بصرامة وتعرضت للنقد من طرف فكره الناضج. وعندما قدم لوكاتش، في تقديمه المخصص للطبعة الثانية (1967) لكتابه "التاريخ والوعي الطبقي"، صاغ لوكاتش التأكيد المتناقض بجلاء والذي مفاده أن الحظوة الكبيرة التي نالها كتابه المبكر تعود إلى حد كبير إلى أطروحاته الخاطئة، كان يفكر بالتأكيد أيضا في استعادة الوجوديين الفرنسيين للمماثلة الشهيرة للاغتراب بالتشييئ.
من اتصاله ب"نقد العقل الجدلي" وتحول سارتر إلى المادية التاريخية، اكتسب لوكاتش الاقتناع بأنه على الرغم من التغييرات الكبيرة التي حدثت في فكر سارتر منذ "الوجود والعدم"، فإن الفيلسوف الفرنسي لم يحرر نفسه حقا من المفهوم الهايدجري عن Geworfenheit (عن الإنسان كوجود - مقذوف به - في - العالم). لقد كان التعايش في فكر سارتر الثاني بين الأنطولوجيا الوجودية القديمة والالتزام الصادق والمدروس بأطروحات المادية التاريخية هو ما أثار غضب لوكاتش وشارك مع مراسليه شعوره بأن فكر سارتر ظل مخترقا ب"تمزق" بصمه بعلامة "انتقائية" معينة (هكذا تحدث في رسالة بتاريخ 6 يونيو 1963 إلى آدم شاف عن "اضطراب انتقائي"
(eklektische Zerrissenheit) في فلسفة سارتر الأخير، وفي رسالة وجهها بعد بضعة أشهر إلى البرازيلي كارلوس نيلسون كوتينيو، حدد فكرته، مشيرا إلى عدم التوافق الأساسي بين Geworfenheit (القذف) الهايدجريّ والأنثروبولوجيا الماركسيّة.
(يتبع)  



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاغتراب واللاغتراب: مواجهة بين لوكاتش وهايدجر (الجزء الرابع ...
- الاغتراب واللاغتراب: مواجهة بين لوكاتش وهايدجر (الجزء الثالث ...
- ما هي المهام التي على مجموعة السبع إنجازها؟
- الاغتراب واللاغتراب: مواجهة بين لوكاتش وهايدجر (الجزء الثاني ...
- الاغتراب واللاغتراب: مواجهة بين لوكاتش وهايدجر (الجزء الأول)
- الإرهاب اليهودي من منظور دومينيك فيدال، ترجمة وتقديم أحمد رب ...
- وادي زم: وما زالت المتابعات القضائية تلاحق المناضل والحقوقي ...
- من المهدي بن بركة إلى ياسر عرفات.. كتاب يتتبع مسار الاغتيالا ...
- شذرات من هنا وهناك
- العلم كموضوع فلسفي
- العلم كموضوع فلسفي (الجزء الثالث والأخير)
- الانتخابات في تركيا.. بين انتظار الجولة الثانية وانتقاد المع ...
- العلم كموضوع فلسفي (الجزء الثاني)
- العلم كموضوع فلسفي (الجزء الأول)
- تطورات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ميدانيا وإعلاميا
- التعارض بين العلم والدين حسب برتراند راسل
- جان بول سارتر: لا مجال للاختيار بين الفلسفة الوجودية والمنزع ...
- تفاصيل وافية عن الهجوم الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة
- الجبهة المغربية تندد بالعدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة
- في حوار مع فرانسوا بيغودو: البرجوازية تحبذ دوام النظام القائ ...


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - الاغتراب واللاغتراب: مواجهة بين لوكاتش وهايدجر (الجزء الخامس)