سليمان يوسف يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 7619 - 2023 / 5 / 22 - 09:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مقدمة البحث: الأقليات، جماعات ، أقوام بشرية تتميز، عرقياً أو قومياً أو دينياً أو مذهبياً أو لغوياً ،عن (الغالبية العددية) من السكان في مجتمع أو بلد ما، يجمعها شعور بالانتماء المشترك ووحدة المصير والرغبة القوية في الحفاظ على هويتها الخاصة والخلاص من هيمنة واستبداد الأغلبية . تطورات وتحولات سياسية وفكرية ومجتمعية كبيرة وعميقة حصلت في المنطقة والعالم في العقود الأخيرة، أبرزت مسألة الأقليات على السطح السياسي والاجتماعي كإحدى أخطر التحديات الداخلية لكثير من الدول، خاصة دول منطقة الشرق الأوسط و أسيا الصغرى(سوريا الكبرى . بلاد ما بين النهرين. مصر ووادي النيل، تركيا )، حيث يترعرع فيها كل أنواع الأقليات(القومية،الدينية ،الاثنية ،اللغوية ،المذهبية ..) . مع أن معظم هذه الأقليات تتحدر من شعوب أصيلة متجذرة في تاريخ المنطقة ، هي مضطهدة من قبل الأغلبية العددية ، محرومة من حقوقها في المواطنة الكاملة ، مستبعدة عن الحياة السياسية وعن المشاركة الفعلية في حكم وادارة أوطانها الأم . ظروف وأوضاع محلية وعوامل تاريخية معينة ، قد تُمكن الأقلية في بلد ما من الوصول الى السلطة وتهميش الأغلبية العددية. هكذا حالات تبقى شاذة في الحياة السياسية للدول والشعوب .
قاعدة (اللامساواة الدينية) التي جاء بها الإسلام ، وقاعدة (اللامساواة القومية) التي جاء بها القوميون( أتراك و عرب)، بالإضافة إلى طبيعة الأنظمة السياسية والحكومات اللاديمقراطية ،تعد من العوامل والأسباب الأساسية لبروز وتفاقم معضلة الأقليات (الدينية والقومية) في سوريا وبقية دول المنطقة .. السياسة القائمة على التمايز والتفضيل بين أبناء الوطن الواحد، قد تفرق ما جمعه التاريخ ووحدته الجغرافية،من شعوب وأقوام وملل. سوريا الكبرى أو التاريخية يعود تاريخها الى أكثر من 7000 آلاف عام، شكلت عبر تاريخها الطويل ومازالت، موطناً لكثير من الشعوب والأقوام والثقافات والديانات واللغات. الأزمة السورية الراهنة أبرزت قضية الأقليات(الاثنية والدينية) في سوريا ونبهت الى مخاطر هذه المشكلة المزمنة على أمن واستقرار ووحدة البلاد، إذا ما بقيت من دون معالجة وطنية صحيحة.. فهي كـ"النار تحت الرماد".
(عبر سلسلة مقالات) سنتناول، بشيء من النقد والتحليل ،مواقف الأحزاب والحركات والتيارات السياسية الأساسية المتواجدة على الساحة السورية، بمختلف أتجاهاتها وانتماءاتها (القومية والإسلامية واليسارية)، من مسألة الأقليات(الاثنية والدينية) في سوريا، ذلك في ضوء ما هو متوفر لدينا من وثائق حزبية وبرامج سياسية ومواقف وتصريحات معلنة لمسئولي وقيادات هذه الأحزاب والمنظمات والحركات السياسية.. على أمل أن تساهم هذه الدراسة في إيجاد مخارج وحلول وطنية ديمقراطية عادلة لمعضلة الأقليات.. المقال الأول سنتناول فيه موقف وسياسات (حزب البعث العربي الاشتراكي) الحاكم .. (يتبع)..
#سليمان_يوسف_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟