|
أيّتها الغافية بين أمواجِ الحنين! من أدب الرسائل
صبري يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1717 - 2006 / 10 / 28 - 09:45
المحور:
الادب والفن
تنتابني ارتعاشات من نكهةِ نصاعةِ السَّماء .. لا أسأل عنكِ كي تخفّفي من صقيعِ غربتي أو تمنحيني دفءَ العناقِ، أسألُ عنكِ لأنَّكِ صديقةٌ متاخمةٌ لرذاذاتِ القلبِ وشهقةِ الاشتياقِ، أنتِ وردةٌ يانعة في نداوةِ حرفي، مبرعمة بكلِّ إرتقاءٍ بين تلالِ حبري، أسألُ عنكِ لأنَّكِ عبرتِ الغلاصمَ الخفيّة من شواطئِ الرُّوحِ، أحنّ إليكِ أكثرَ ممّا تحنّين إليَّ لأنّي لملمتكِ بكلّ إنتعاشٍ ووضعتكِ على ضفافِ القلبِ، سقيتكِ عشقاً مفتوحاً من رحيق خمرتي، أَلَم تسكري من خمرتي مراراً يا أبهى خمرة ارتشفتها على امتدادِ معابرِ العمرِ؟! صديقتي، يا أغلى عشبة برّية ترعرعَت فوق جبهتي! جوعُكِ، عطشُكِ وروحُكِ الهائمة تتلألأُ دائماً فوق نداوةِ خدّي وحدائق صدري، كنتُ وما أزالُ قلقاً عليكِ، كم سربلتكِ الحيرة قبلَ أن توجّهي أنظارك نحو شواطئ دفئي على ايقاعِ حفيفِ اللَّيلِ، أتواصلُ معكِ يا زهرةَ الرُّوحِ رغم أنفِ البحارِ، ورغم أنفِ الصَّقيعِ ورغمَ أنفِ اللَّيلِ، أنتِ أجمل تائهة ملتحمة في بهاء ِالعناقِ، تواصلٌ عشقيّ منعشٌ لمساحاتِ الرُّوحِ عبر جموحِ التِّلالِ، تواصلٌ يصبُّ في أعذبِ بحيراتِ روضةِ الاشتعالِ. آهٍ يا جمرتي، "كم من الآهات حتّى هاجت البحار!" أحبُّكِ بطريقةٍ خارجة عن المألوفِ، تعبرينَ عوالمي بطريقةٍ تضاهي أبهى خمائل الحلمِ، نجحنا في اقتحامِ مناسِكِ العشقِ، لأنّنا أدركنا سريعاً أن نضارةَ الحياةِ تنبعُ من خصوبةِ الرُّوحِ وتجلّياتِ العناقِ، روحُكِ تنعشُ تعاريجَ الحلمِ يا رائعة الرائعات وشوقُكِ إلى خمائلي يمسح عن ربوعِ الرُّوحِ ضجرِ السّنينِ! صديقتي، أيّتها الأنثى المعفّرة بالحنينِ، أحبُّكِ بطريقةٍ جلجامشيّة، أيّتها الصَّديقة الهادئة الصّاخبة الطريّة المزنّرة بالشَّوق والدُّفءِ العميقِ! يا أعمق من شهقتي، من اغفاءةِ المساءِ، كم من العمر سنعيشُ كي نقابل هكذا عشقٍ يا أعذب تائهة عبرَت تيهي! كنتِ في بادئ الأمر قلقةً على استمرارية تجلِّياتِ الجموحِ، تتصورينني شاعراً متدفِّقاًً كشلالٍ مهتاجٍ في اندلاعاتِ تلاوين العشقِ، منعشاً للروح، تتمنَّينَ أن أعانقَكِ عناقاً سرمديّاً، وها أنتِ تتوارينَ أحياناً عن وميض الشَّوقِ مثلَ النَّسيمِ، أبحثُ عنكِ بين خدودِ الشَّفقِ، لكنّكِ تعبرينَ خلسةً بين طيَّاتِ الغمامِ كي تستحمّي برذاذاتِ المطرِ الآتي، لا ألومكِ يا جميلتي لأنّكِ عطشى منذُ بزوغِ السّنينِ، جامحة في رحاب الدُّفءِ ورعشاتِ الحنينِ، كم أرغبُ أن أهمسَ لتلالكِ الشَّامخة همساً من وهجِ القصائد، لا تقلقي يا قمري، سأكتبُ لكِ نصوصاً هائجة مثل اهتياجِ منابعِ الأحلام، نصوصاً تليقُ بنداوةِ الشُّوقِ واشتعالاتِ العشقِ العميقِ، ها قد وضعتكِ في برنامجِ الحلمِ الآتي، سأنقشُ حرفي فوقَ بهجةِ الشَّوقِ، سأنسجُ شهقةَ الشهقاتِ ضمنَ ينابيعِ أنشودةِ الفرحِ الآتي، أنتِ فرحي الآتي، أنتِ بسمةُ عشقٍ فوقَ وجنةِ الرُّوحِ! سأهديكِ ديواناً برمّته يا أجمل روضةٍ عبرَت فضاءَ حياتي، ستقرئين رذاذات عشقي المتعانق مع شوقكِ الدافئ، ستجدينَ كم هو لذيذ ومنعش عشقُ الشُّعراء وشوقُ الشُّعراء وتواصلُ الشُّعراء. أحببتُكِ يا صديقتي بطريقة صاخبة وهادئة أيضاً، فالحبّ خفقةُ عناقٍ متطايرٍ من خدودِ الأمّهاتِ، ما أزال أرجِّحُ أنَّ روحي كانت تعانقُ روحَكِ منذ آلافِ السّنينِ وكانت روحاً واحدة، فإنفصلت الرُّوحان في فضاءِ الكونِ إلى أن وجدت نفسيها فالتحمت إلتحاماً عشقياً، ثم بدأت تنفصل ثانية إلى أن تلتحم في مستقبل الأيام، هل ثمّةَ مستقبل لمستقبلِ الأيام؟ أحبّكِ يا صديقتي دون أن تدري وبعد أن تدري ودون أن أدري وبعد أن أدري، أحبّكِ لأنكِ أنثى من نكهةِ الجمرِ وعبِقة أكثر من أريجِ البيلسان، لديكِ روحٌ تنعشُ الرُّوحَ وشوقٌ يمسحُ عن جبهةِ القلب أحزانَ الفصولِ! كم من العناقِ حتّى إنقشعت سماكات ضجر السّنين! تعالي يا أنشودتي ننشدُ أنشودةَ العشقِ الآتي وندمغُ بصمةَ عشقنا فوقَ تلالِ الزَّمنِ لعلّه يزهرُ حبقاً أعبق من السَّوسنِ يا أبهى سوسنة تعانقت مع تموّجات الضّياءِ، وجعٌ يطهّرني من خشونةِ العمرِ، إنّه وجع العشقِ وَوَجعُ الشَّوقِ إلى بيادر الأهل، آهٍ، تاهَ العمرُ بين وجعِ الانتظارِ ووجع ِالارتماءِ فوقَ بوّاباتِ المدائنِ، مدائنُ الغربةِ مشنفرة فوقَ جبهةِ ليلي، وحدُه الشِّعر ينتشلني من غبارِ السّنينِ ومن صقيع ليلي الطَّويل، ويسقيني خمرة الانتعاش ثم يفرشُ لي وهادَ الرُّوحِ بأبهى أنواعِ المروجِ، وحدُهُ الشِّعرُ يسربلني بعشقٍ مفتوح على مساحاتِ الرُّوحِ ويمنحني ألقَ البقاءِ فوقَ حبقِ وردةٍ متماهية مع زرقةِ السَّماءِ!
#صبري_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أيّتها الملوّنة بأريجِ الزَّيزفون من أدب الرسائل
-
با أميرة الليل من أدب الرسائل
-
قراءة تحليليّة لرواية عراقي في باريس، لصموئيل شمعون 4 .. 4
-
قراءة تحليليّة لرواية عراقي في باريس، لصموئيل شمعون 3 ..4
-
قراءة تحليليّة لرواية عراقي في باريس، لصموئيل شمعون 2 4
-
قراءة تحليليّة لرواية عراقي في باريس، لصموئيل شمعون 1 4
-
أنشودة الحياة ج 7 ص 700
-
أنشودة الحياة ج 7 ص 699
-
أنشودة الحياة ج 7 ص 698
-
أنشودة الحياة ج 7 ص 697
-
أنشودة الحياة ج 7 ص 696
-
أنشودة الحياة ج 7 ص 695
-
أنشودة الحياة ج 7 ص 694
-
أنشودة الحياة ج 7 ص 693
-
أنشودة الحياة ج 7 ص 692
-
أنشودة الحياة
-
أنشودة الحياة ج 7 ص 690
-
أنشودة الحياة ج 7 ص 689
-
أنشودة الحياة ج 7 ص 688
-
أنشودة الحياة ج 7 ص 687
المزيد.....
-
شاهد.. -موسى كليم الله- يتألق في مهرجان فجر السينمائي الـ43
...
-
اكتشاف جديد تحت لوحة الرسام الإيطالي تيتسيان!
-
ميل غيبسون صانع الأفلام المثير للجدل يعود بـ-مخاطر الطيران-
...
-
80 ساعة من السرد المتواصل.. مهرجان الحكاية بمراكش يدخل موسوع
...
-
بعد إثارته الجدل في حفل الغرامي.. كاني ويست يكشف عن إصابته ب
...
-
مهندس تونسي يهجر التدريس الأكاديمي لإحياء صناعة البلاط الأند
...
-
كواليس -مدهشة- لأداء عبلة كامل ومحمد هنيدي بفيلم الرسوم المت
...
-
إحياء المعالم الأثرية في الموصل يعيد للمدينة -هويتها-
-
هاريسون فورد سعيد بالجزء الـ5 من فيلم -إنديانا جونز- رغم ضعف
...
-
كرنفال البندقية.. تقليد ساحر يجمع بين التاريخ والفن والغموض
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|