أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - الموت حائر أمام أغاني عبدالكريم عبدالقادر














المزيد.....

الموت حائر أمام أغاني عبدالكريم عبدالقادر


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 7613 - 2023 / 5 / 16 - 16:20
المحور: الادب والفن
    


قبل عقود كان يوسف البصري يقف منتشيًا بجوار سيارته التي كانت من طراز ستيني نادر، وربما كانت الوحيدة من نوعها في البصرة. وكل من يعرف يوسف يدرك أن ذلك الانتشاء لا يعود للسيارة، بل لجهاز المسجل الخاص بها، وهو من نوع منقرض يشتغل بأشرطة كاسيت غير متوفرة مما كان متداولاً. لكن أي فائدة لمسجل لا تجد ما يشغّله؟ كان البصري يتباهى بامتلاك كاسيت واحد لمسجله النادر لعبدالكريم عبدالقادر، لا يمل من سماعه كلما تجول بسيارته العتيقة في المدينة التي كانت في يوم ما فينيسيا الشرق.
الوله العراقي بأغاني عبدالكريم عبدالقادر الذي لوح لنا بالوداع الجمعة لا تختصره قصة البصري، فقد كانت أغاني هذا الفنان الذي غادر العراق في ستينات القرن الماضي، أنشودة فراق مؤثرة يتداولها الجنود على سواترهم، فيما كانت إذاعة بغداد باذخة الكرم في بثها لأغاني تذوب ولهاً لصوت عاشق جريح.
هكذا كبر ابن قضاء الزبير في مدينة الكويت فيما بقي العراق بعيداً وعزيزاً عليه، إذ لم يزره كل تلك العقود، “لا أحد يؤكد إن كانت ثمة زيارات شخصية لأهله في البصرة”، لكن عبدالكريم عبدالقادر كما اعترف للفنان فؤاد سالم الذي عاش سنوات في الكويت، كان يستبد به حنين غامض عندما يستمع إلى أغنياته من إذاعة بغداد، ويشعر بطعم مختلف لتلك الأغاني. وباستثناء أغنية وطنية مشتركة “هلا بغداد” مع عبدالله الرويشد، لماذا لم يكن غناء عبدالكريم عبدالقادر عراقياً؟
ذلك أمر يعزى إلى طبيعة حياته الشخصية التي عاش فيها ضمن فئة البدون، ولم يحصل على الجنسية الكويتية إلا في مراحل متأخرة من عمره. ومع كل ما كان يجمعه مع ملحنين عراقيين لم يكن يبادر للحصول على لحن، إذ بقي بخصوصيته الغنائية التي كانت تمتلك فرادتها، ويمكن أن تكون المعادل الموسيقي لأغنية البيئات العراقية التي شاعت منذ ستينات القرن الماضي.
لم يتراجع الارتقاء الأدائي عند عبدالكريم مع كل التنوع اللحني الذي رافق تجربة هذا الفنان على مدار أكثر من نصف قرن، ويمكن انتقاء أي أغنية له بشكل عشوائي من بين أكثر من 250 أغنية مسجلة، لنجد تأثير العُرب الصوتية المتفردة في صوته وهي تبوح بروح المفردة لا آليتها. وذلك، لعمري، الدرس المثالي في الغناء.
ولأن صوته مؤثر في تعبيريته بقي يسافر بالأرواح الهائمة، ولم تغب أغانيه عن القلب والذاكرة، حيث شكّل مع الفنان يوسف المهنا علامة غنائية بقيت تطوف بين العاشقين على ضفاف الخليج العربي وتعبُر من العراق حتى بلاد الشام. من يعود إلى لحن المهنا لقصيدة عبداللطيف البناي “وداعية” يدرك لماذا كان هذا الصوت جريحاً.
كما شكّل مع الموسيقار السعودي عبدالرب إدريس علامة فارقة. تكفي الإشارة إلى أغنية “هذا أنا” التي كتبها بدر بورسلي، اللحن الذي حملَ تاريخاً من الموسيقى الأوبرالية الساحرة عندما صنعَ إدريس أحد أهم الدروس اللحنية في الغناء المعاصر. وكان عبدالكريم يُعبّر في هذا اللحن عن حقيقة صوته الذي لا يكتفي بالانطلاق من حنجرة لفرط صفائها بدت وكأن الفنان يغني بمسامات جسده برمته!
لا يمكن قراءة تجربة عبدالكريم من دون المرور بألحان راشد الخضر، “للصبر آخر” التي كتبها عبداللطيف البناي و”يكفي خلاص” ليوسف الناصر، وتوجها في واحدة من أعمق الأغاني العربية المعاصرة “بعيون البشر” التي كتبها عبداللطيف البناي.
ولا تغيب هنا مهما طال الزمان ألحان سليمان الملا، أحد كبار صنّاع التعبيرية في صوت عبدالكريم في أغنيتي “لا خطاوينا” و”ما امنعك”.
رحل عبدالكريم عبدالقادر، فيا للموت الذي أخذ الصوت الجريح، وبقي حائراً أمام أغانيه! وداعاً أبا خالد.



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رئيسي يربت على كتف الأسد “انتصرنا”!
- العالم يمتلك ما يكفي من الشجاعة للابتعاد عن واشنطن
- جوانا تقربنا من الوعد الزائف
- أنا أصدّق ماسك، ومتى كذب!
- التكرلي فضّل وينترسون على بالدوين
- وزيرة تهوي إلى الحضيض
- الصرافية سيد الجسور
- هل الغرب نظيف أخلاقياً بما يكفي بشأن العراق
- إجحاف بحق الأغنية الوطنية العراقية
- كرسي مخزي للسوداني في قمة الديمقراطية
- التبضع من سوق الغبار السياسي في العراق
- الأغاني كلها تخذل كاظم السعدي
- استرضاء من أُرغم على تجرع السم
- عن أيام ابتسام وغادة
- المدونة العمياء عن المحتوى الهابط في العراق
- دروس الكراهية من بن غفير إلى المالكي
- الوقت يقيس جودة حياتنا
- حرب الحمقى على الموتى
- ومتى كان غير حديث التصدع في العراق؟
- قبو شاهق للفساد في بغداد


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - الموت حائر أمام أغاني عبدالكريم عبدالقادر