|
مرايا الغياب/ بشير البرغوثي7
محمود شقير
الحوار المتمدن-العدد: 7613 - 2023 / 5 / 16 - 14:25
المحور:
الادب والفن
14
جاءت رحلتنا إلى الصين مع بدء الانقلاب العسكري الذي وقع في موسكو. وكانت محطة السي. إن. إن. للتلفزة، تنقل وقائع الأحداث في موسكو نقلاً حياً طوال الوقت، لغاية في نفس السي. إن. إن بطبيعة الحال. كنا، بشير وأنا، نجلس في صالة الفندق حينما لا يكون لدينا موعد أو زيارة أو اجتماع، ونمعن في التحدث عما يجري في موسكو. كان بشير معنياً بما يدور هناك (هل هي نهاية الثورة البلشفية؟) يصغي إلى الأخبار التي يبثها التلفاز، ويمعن في التفكير وفي التأمل في دلالة ذلك كله، وبين الحين والآخر يطلعني على بعض ملاحظات وأفكار سجلها على الورق، حول الثورة الروسية ومنطلقاتها ونجاحاتها وإخفاقاتها وما انتهت إليه من مصير. لم يكن فكره يهدأ لحظة واحدة. وهو معني دوماً بتحليل الظواهر السياسية التي تشغله، وفي الوقت نفسه كان لديه وقت للمزاح ولتأمل ما حوله من تفاصيل المكان، وللتعليق على ذلك في ظرف وبما يدلل على سعة المعلومات. رتب لنا المضيفون الصينيون رحلة في مركب متوسط الحجم. لم أعد أذكر إن كانت الرحلة في بحيرة أو في نهر. كنا أربعة: "بشير" وأنا، وأحد القياديين في الحزب الشيوعي الصيني ومرافقاً من العاملين في جهاز اللجنة المركزية للحزب، وهما يتحدثان العربية. جزء من الرحلة التي دامت ما يقرب من ساعة، كان مخصصاً للبحث في الوضع في الأرض المحتلة والدعم السياسي الذي تقدمه الصين للشعب الفلسطيني، وجزء آخر كان مخصصاً للراحة وللتأمل والنظر إلى البعيد، والتمتع بجمال الطبيعة في هذه البلاد العظيمة.
15
شغل موقع رئيس تحرير الطليعة الأسبوعية منذ تأسيسها العام 1978 وداوم طوال سنوات على كتابة مقالة سياسية أسبوعية، حظيت بإعجاب كثيرين من القراء ومن السياسيين، لما فيها من عمق النظرة وصواب التحليل، ولما تتسم به من إيجاز ووضوح. في العام 1994 تخلى عن رئاسة تحرير الصحيفة لكي يتفرغ للتنظيم، وتم اتخاذ قرار في المكتب السياسي للحزب باقتراح منه، بأن تسند رئاسة تحرير الصحيفة لي. ذهبت إلى حي شعفاط، للقائه في مكتبه في مقر مركز السلام والديمقراطية، المؤسسة غير الحكومية القريبة من الحزب. كانت صحافية شابة على وشك أن تنهي حواراً صحافياً معه. خرجت الصحافية ودار بيننا حديث عن الطليعة وعن استعدادي لتسلم منصب رئيس التحرير. أبديت موافقتي على تسلم المنصب، وكان بشير مرتاحاً لذلك. استلمت رئاسة تحرير الطليعة مدة عامين، توقفت بعدهما الصحيفة عن الصدور بسبب قلة الموارد المالية. كانت الطليعة في بدايات عهدها مقروءة على نطاق واسع، من أعضاء الحزب وأنصاره ومن المنتمين للحركة الوطنية الفلسطينية. وكانت توزع علناً في القدس فقط، في حين أنها ظلت توزع سراً في الضفة الغربية وقطاع غزة، ويبدو أن هذا الأمر أخذ يؤثر سلباً على انتشار الصحيفة مع مرور الوقت. كان الرفيقان عصام العاروري وسميح محسن من أبرز العاملين في الجريدة. كان عصام يشغل موقع سكرتير التحرير وسميح يشغل موقع المحرر الثقافي، ومعهما طاقم من خيرة الرفاق والرفيقات: فريد قواس، خولة عليان، فاتنة الزغير، محمود جميل أبو عيد، عاطف سعد، مصطفى البربار، حسين فرح الطويل، طاهر الشلودي، خالد الخالدي، وكان من كتاب الجريدة الرفاق نعيم الأشهب وعبد المجيد حمدان وحنا عميرة ومحمد البطراوي وطلعت الصفدي وآخرون. خلال السنتين، حاولت إدخال تحسينات على الصحيفة. أضفت صفحات جديدة إليها، من ست عشرة صفحة إلى عشرين صفحة. وسّعتُ الاهتمام بالأدب وأفردت له صفحات كافية. وأوليت اهتماماً ببعض المشكلات الاجتماعية ذات المنحى الأخلاقي التي تحدث في المجتمع، وتتابعها الصحافة عادة لما فيها من إثارة لفضول القراء (ندمت على ذلك فيما بعد، لأن عرض هذه المشكلات لا يعني شيئاً أبعد من نشر الفضائح). استحدثت زوايا أخرى جديدة في الصحيفة، ولم ينفع ذلك كله في إخراجها من أزمتها، لأسباب عديدة متراكمة، منها عدم اهتمام أعضاء الحزب أنفسهم بقراءتها، علاوة على أسباب أخرى أهمها انهيار الاتحاد السوفياتي، وما يعنيه ذلك من إحباط ومن استهتار بقيمة الأفكار ودورها في الحياة، واعتماد الانتفاضة الأولى على الفعاليات الميدانية وعدم لفت انتباه الجيل الجديد إلى ضرورة الاهتمام بالثقافة والعلم والمعرفة. ومع الأسف، فإن الانتفاضة الأولى أسهمت في تجهيل الشباب دون قصد، ثم جاءت الانتفاضة الثانية وتعمقت القطيعة مع الثقافة، وامتد تأثير ذلك إلى الآن. كان بشير معنياً بكتابة مقالته الأسبوعية للطليعة. نستلم المقالة منه ويراجعها أحد العاملين في الصحيفة بدقة لتلافي وقوع أي خطأ مطبعي، لأنه كان يستاء لمجرد وقوع خطأ مطبعي واحد في مقالته. الآن بعد انتهاء التجربة، أقر بأنني تصرفت بشكل فردي في عدد من المواقف، في حين كان يتعين علي أن أتشاور في ذلك مع بشير باعتباره الأمين العام للحزب، وباعتبار الصحيفة تابعة للحزب وناطقة باسمه. ومع ذلك، احتمل بشير هذا الأمر، ولم يبدر منه ما ينغص العلاقة بيننا. يتبع...
#محمود_شقير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مرايا الغياب/ بشير البرغوث6
-
مرايا الغياب/ بشير البرغوثي 5
-
مرايا الغياب/ بشير البرغوثي4
-
مرايا الغياب/ بشير البرغوثي3
-
مرايا الغياب/ بشير البرغوثي2
-
مرايا الغياب/ بشير البرغوثي1
-
مرايا الغياب/ سليمان النجاب18
-
مرايا الغياب/ سليمان النجاب16
-
مرايا الغياب/ سليمان النجاب15
-
مرايا الغياب/ سليمان النجاب14
-
مرايا الغياب/ سليمان النجاب 13
-
مرايا الغياب/ سليمان النجاب12
-
الأرملة... رواية اجتماعية لجميل السلحوت وديمة جمعة السمان
-
مرايا الغياب/ سليمان النجاب11
-
مرايا الغياب/ سليمان النجاب 10
-
مرايا الغياب/ سليمان النجاب9
-
مرايا الغياب/ سليمان النجاب8
-
مرايا الغياب/سليمان النجاب7
-
مرايا الغياب/ سليمان النجاب6
-
مرايا الغياب/ سليمان النجاب5
المزيد.....
-
تركي آل الشيخ يشوق متابعيه بالمزيد من كواليس فيلم -Seven Dog
...
-
وفاة فنانة سورية شابة بعد تعرضها لأزمة صحية (صورة)
-
وفاة فنانة سورية.. أدركت موتها قبل أيام بمنشور على فيسبوك
-
هآرتس: مدينة -تل أبيب- التوراتية لم توجد قط
-
تمتلك أسرار ثروة ضخمة.. الممثلة السعودية ريم الحبيب بمسلسل -
...
-
طهران.. مهرجان فجر السينمائي منصة فنية مهمة في المنطقة
-
سقوط -شمس الأغنية- على المسرح وحملها علم الثورة السوري يثير
...
-
أزياء وفنون شعبية وثقافة في درب الساعي
-
رحيل أسامة منزلجي.. رحلة حياة في ترجمة الأدب العالمي
-
مصر.. مفاجأة في قضية طلاق الفنان الراحل محمود عبد العزيز وبو
...
المزيد.....
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
المزيد.....
|