أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مؤيد الحسيني العابد - تهتّك المفاهيم 9















المزيد.....


تهتّك المفاهيم 9


مؤيد الحسيني العابد
أكاديمي وكاتب وباحث

(Moayad Alabed)


الحوار المتمدن-العدد: 7610 - 2023 / 5 / 13 - 02:53
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لقد كتب ويكتب علماء الإجتماع أو علم الإجتماع السياسي عن ظروف تدهور النمطية الإجتماعية أو السلوك الإجتماعي التقليدي عبر التاريخ. ويبدأ التساؤل عن تلك العوامل التي ينبغي دراستها وإيجاد الحلول المناسبة لها كي ينمو السلوك المجتمعي متطورًا لا متدهورًا. وقد ركّز العديد من علماء الإجتماع على الجانب البيئي ودوره في التأثير في سلوك الأفراد وبالتالي سلوك البشرية التي تعيش في مثل هذه الظروف. ومن هؤلاء الدكتور علي الوردي الذي تأثّر بشكل واضح بالمدرسة الإجتماعية الأمريكية والتي تركّز أساسًا على الجانب البيئي ودوره في التأثير على السلوك العام. وهذا صحيح إن لم يكن التركيز عليها في الأساس وترك العوامل الأخرى والتي يلعب فيها دورًا كبيرًا هو ذلك السلوك الجمعي الذي وصم على المجتمع عبر التأريخ والذي يتحوّل الى حالة من العادة المستمرة التي تكون ما بين الجانبين الفسلجي والجانب البيئي العام. حيث ينشأ سلوك دخيل في حقيقته، لكن سيتحول الى نمط شبه ثابت في السلوك العام للمجتمع، ومن هنا ركّزت الكثير من الحركات النازية والقومية على هذا الجانب وإعتبرت الكثير من العادات التي ورثها الأبناء عن الآباء بإعتبارها ميزة تخصّ المجتمع وكأنّها ولدت معه. ومثل ذلك الكثير عند الحديث عن العرب مثلًا يقال إشتهروا بالكرم والشجاعة مع أنّ الكثير من المجتمعات العربية لا تمتلك مثل هاتين الخصلتين منذ زمن بعيد. فالأراضي مغتصبة والنفوس معتدى عليها والناس تئن من الفقر والجوع والإعتداء الأجنبي على الأرض ولا من متحرّك كي يأخذ زمام الأمر لينتفض بالكرم والشجاعة لمداراة أو معالجة مثل هذا التصرّف، أو قل الإعتداء الأجنبي. نعم إذا تحدثنا عن العامل المحيط لأهميته، مثلما تدخل على مكان نظيف وهادئ وبدرجة حرارة معتدلة تجعلك في وضع مريح مسترخي كما تفعله إجتماعات السياسة لتوقيع الإتفاقيات! فالنوم في فنادق النجوم الخمس وجلسات الهدوء والسمر وغير ذلك حتى يتنازل فيها صاحب الأرض عن أرضه كما حصل في مؤتمر أوسلو مثلًا بتوقيع الإتفاقية الفلسطينية الإسرائيلية في مثل هذه الأجواء حتى ظهر ياسر عرفات آنذاك وكأنّه مخدّر بعد التوقيع!
كذلك في الجانب النفسي الذي يغيّر من النمطية الإجتماعية حينما تتهيأ المستشفى بكلّ وسائل الراحة ليخرج منها المريض معافى ليس فقط جسديًا بل نفسيًا كذلك. فقد كشفت العديد من الدراسات البحثية (أن الغرف ذات الإضاءة الساطعة، الطبيعية منها والإصطناعية ، يمكن أن تحسّن النتائج الصحية مثل الإكتئاب، والإثارة، والنوم. ولو عمّمنا هذا الوضع على الجوانب الأخرى سنلاحظ كيف تلعب هذه السلوكيات في تغيير السلوك الجمعي للمجتمع من خلال تهيئة الأجواء المتراكمة إيجابًا ليكون المجتمع سويًّا. وهنا يمكن أن يكون للدولة الناهضة، النظر في هذا الجانب كي تريح الناس من هذا الضغط المتراكم على المخّ والأعصاب وعلى القلب وتساعد في إستنشاق الهواء الطيب وتخفّف بالتالي من هذا السلوك الغريب والتخفيف من الإعتداءات المتكرّرة ما بين أفراد المجتمع. فقد أهلك الإجهاد الشخصي والإجهاد البيئي الكثير من الناس. ولا مجال لنكران التأثير البيئي على أفراد المجتمع.
الإنتماء العشائري واللاوطنية
كي لايستفزّك العنوان أقول: الإنتماء العشائري الذي أقصده هو الذي يكون على حساب الوطنية وليس كونه إنتماء مجردًا!
يقع المجتمع العراقي منذ أكثر من قرن من الزمان تقريبًا تحت سطوة الإنتماء الى القبيلة على حساب الوطن، (الإنتماء الى العشيرة لا يعني الإنتماء الفسلجي أو الإنساني بقدر ما يتعلق بما ينحرف عن هذا الإنتماء الى لا إنتمائية للوطن، فكل الناس تنتمي الى تسلسل إنساني من جيل الى جيل ومن إنتماء جيلي الى إنتماء آخر وهذا أمر طبيعي، لكن أن يكون الإنتماء بديلًا عن الوطنية والزحف بإتجاه الإنتماء العنصري فهذا وضع خطير وبلا فائدة تذكر حتى في الإطار العنصري!) وهذا السلوك يكون طبيعيًا كلّما ضعفت الدولة وكيانها السياسي والأمنيّ وكلّما ضعفت المنظومة التعليمية والقيمية الوطنية لأسباب عديدة. وفي الزمن الحالي يتعرّض المجتمع العراقي الى سطوة كبيرة وغير طبيعية بعد تعرّض كيان الدولة والمجتمع لأكبر تهديد تعرّض له البلد منذ قرن أو أكثر من الزمن وقد أثّر ذلك على النسيج الإجتماعي بشكل واضح. حيث لعبت العوامل الأمنيّة الضعيفة دورًا خطيرًا في فكّ عرى المجتمع وبالتالي، أدّى الى ركون كلّ فرد الى قبيلته وعشيرته والى كيانات أخرى طائفية أو قومية، أكثر من أي ركون آخر، الى الدولة أو الى الدين أو الى التقليد المجتمعي العراقي الذي عرف عنه التكافل والتسامح. وممّا ساعد على إستمرار هذا الوضع الخطير هو تقنين هذا الوضع، أي جعله وفق مواد دستورية وقانونية بحجّة تدارك الإنهيارات المتلاحقة في كيان المجتمع. ومن ضمن السلوكيات التي باتت سلوكًا يوميًّا وفي كلّ منطقة من المناطق، هو العنف المستشري في المجتمع على أيّ خلاف بسيط. فتلاحظ الإشتباكات ما بين العشائر بكلّ أنواع الأسلحة في كلّ المحافظات تقريبًا ومن كلّ الإنتماءات القومية والدينية والطائفية. فتلاحظ في مناطق قد إتّسمت في بعض السلوكيات والتقاليد الإيجابية الشكليّة منها الكرم والوفاء الجميل لكن من جهة أخرى تلاحظ التقاتل على أبسط الأشياء، ومنها مثلًا قد قتل كلب من الكلاب الحارسة أو نتيجة رسوب طالب من تلك العشيرة أو وفاة مريض في مستشفى لتحمل أنواع الأسلحة بأسلوب الفزعة العشائرية لإستباحة مناطق العشيرة الأخرى أو تلك التي ينتمي إليها المعلم أو التي ينتمي إليها الطبيب المعالج. مما يقتضي تدخّل الدولة بشكل مباشر لحين فضّ النزاع الذي ما يلبث أن يتجدّد حينما تنسحب قطعات الشرطة أو الجيش من مناطق الإشتباك. وهذا إستنزاف واضح للدولة (!) وللإقتصاد، ناهيك عن تدمير للُحْمة المجتمع الذي باتت تتأرجح وتتراجع في الصراعات على أدنى شيء.
والخطورة الكبيرة في توجّه الجيل الحالي وهم الشباب الى هذا السلوك العشائري من خلال ما يكتبون ويعتزون بالإنتماء الى عشائرهم على حساب الإنتماء الى الوطن أو الدين. وكذلك تلاحظ العديد من الأسلحة الشخصية غير المرخّصة في السيارات وفي البيوت وحتى في غرف النوم! وعلى أدنى خصام أو نقاش تشهر الأسلحة ويبدأ التقاتل وربّما يكون ما بين الرجل وزوجته وبالتالي ما بين عشيرة الزوج وعشيرة الزوجة! وللأسف هذا الذي كان ويكون من سلوك عجيب في مجتمعات عشائرية في بلدان مجاورة قد إنتقل سلوكها الى المجتمع العراقي (وبعض المجتمعات العربية الأخرى)، بسلوك كان موجودًا من زمن غير قصير ولكن تأجّج من خلال التأثير بتلك المجتمعات المجاورة والتي تنتمي عشائرها أحيانا الى المجتمع العشائري العراقي أو بالعكس.
لقد أصبح سلوك الشباب في العنف خطيرًا الى الدرجة التي تشكّلت منها عصابات أو مجاميع تمتلك كلّ أنواع الأسلحة. أي أنّ السلوك قد تحوّل الى سلوك بشري معيّن وضيّق، ولكنّه يتّسع كلّما مرّ الزمن عليه بلا علاج. ومن هذا السلوك إنتشر الإبتزاز لتنفيذ الكثير من الرغبات الشخصية والغريزية ومنها يكون هناك جمع من المال من خلال الموظفين المرتشين الذي ينتمون الى عشائرهم لتقويتها وشراء السلاح والسيطرة على بعض مقاليد السلطة والإقتصاد ووصل الأمر الى تدمير ممنهج لثروة البلد الأساسية وهي البترول الذي بات تحت رحمة السماسرة والمهربين مع دعم غير رسمي من فاسدين في الدولة. وبالتالي تتحوّل الدولة (!) شيئا فشيئًا الى عنوان ضيّق تحت إمرة شيخ عشيرة أو قبيلة ما. لا تسلني عن الدليل فمواقع التواصل تعجّ بما أذكره لك! من رغبات ومصالح فاسدة وتطبيقات لجرائم وتنفيذ العديد من الأفكار التي تحمل السوء لهذا البلد. هنا تحولت الدولة (!) الى مشارِكة مباشرة في العنف المجتمعي مع سكون واضح في مجال التأثير من بعض المنتمين الى المؤسسة الدينية من كلّ الأديان والطوائف. وممّا يبعث على التقزّز هو إنتقال هذا السلوك العنفي الى المدارس والجامعات التي أصبحت لكلّ منطقة أو قبيلة أو دين أو طائفة جامعتها أو مدارسها التي تدرّس لبناء(!) أفكار هدّامة في معظمها على حساب الإنتماء الى الوطن. علمًا ترى من هؤلاء السائرين شكلًا على منهجية مرجع ديني مثلا ينتمي الى دولة أخرى، تلك الدولة التي يعتزّ فيها المواطن ببلده وإنتمائه الى ذلك البلد الذي يُمتدَح من قبل من أضاع بلده وسط الصراعات الشكلية المحلية. يتعرض المجتمع العربي والعراقي بالتحديد الى تفتيت خطير للحمته ونسيجه، وبالتالي الى تدمير ممنهج للآثار الحضارية التي بنت مثل هذه البلدان.
بعد تعرض العراق لأسوء حرب مبرمجة ضده من قبل العديد من البلدان التي تمتلك كل الأسلحة الفتاكة، بلغ العراق مبلغًا خطيرًا من التدمير لبيئته حيث لعبت هذه الحروب الدور الأكبر في تدمير نفسية البشر بشكل واضح من خلال مراقبة سلوكيات الناس. حيث تركت الحروب والتهديدات المستمرة للأمن وللإقتصاد آثارًا خطيرة على الإنسان وبالتالي على المجتمع عمومًا حتى بات سلوكًا طبيعيًّا عند العراقيين. فما تعرّض له الناس من فاقة منذ ثلاثة عقود من الزمن وعدم إكتراث النظام الفاشي بما يحصل لشعبه آنذاك أدّى ذلك الى شعور بالخيبة والتراجع خاصة وأنّ إعلام النظام الفاشي تعبأ بالحقد على كلّ ما هو خارج البلد، من أنظمة عربية وغير عربية حيث نشر الكراهية والحقد كي يحوّل الأخطاء والجرائم التي إرتكبها بحقّ البلد وأهل البلد ليرميها على الآخرين ممّن ليس لهم في الأمر ناقة ولا جَمَل، إلّا من أؤلئك الذين ساهموا في تدمير البلد من أحلاف الإستبداد (الأطلسي وبعض دول الجامعة العربية!). لذلك ترى العراقي الى الآن بين كره للخارج بكلّ أشكاله وبين الركون لما يقوله الخارج بكلّ أشكاله وتوجهاته كي يعوّض مما يختلج في صدره من آلام من أؤلئك. أقول قد لعب سلوك النظام بالمجتمع الكثير الكثير خاصة في حالة سقوطه على يد محتل بغيض سلب البلد كرامته وعزّته. لذلك يحتاج الناس الى وقت طويل ونهضة كبيرة لفهم ما جرى من خلال وضع أمين يسمح لهؤلاء الناس بالتفكير والتدبّر عمّاذا حصل. والتقرير عن الطرق الصحيحة لمعالجة ما ترتّب على ذلك.
لقد تعبأ الناس في البلد بالكراهية حتى لأبناء جلدتهم الذين هربوا من بطش النظام حيث كان العديد من هؤلاء الناس في الداخل يخدمون النظام أو في حالة ركون خوفًا من بطش النظام، ولا يلام الجزء الثاني على ركونه خوفًا من بطش النظام الفاشي الذي مزّق المجتمع وجعل كلًا من أهل الدار يكتب تقاريرًا فتنويّة وتجسّسية عن أخيه وإلّا فهو متواطيء مع الأعداء. حتى بات الناس في خوف وهلع حتى من هبوب رياح بسيطة (رياح إعلام أو سياسة!). ولا أقول أنّ الأمر سهل بل هو معقّد وصعب لا يتحمله إنسان سوي الّا ويترك أثرًا عليه في صحته أو في نفسه أو في تفصيلات أخرى تتعلق به. لقد تركت الحروب وضغوط النظام الكثير الكثير من ندب في نفوس وعواطف الناس، حيث وجب وضع الخطط المناسبة والعلمية لتدارك الموقف الذي يتوسّع كلّما مرّ عليه الزمن، إنّ لم تكن هناك الحلول المناسبة بالإستعانة بأهل الإختصاص من الداخل والخارج لمساعدة البلد. فتغيير السلوك وبعض العادات الدخيلة ليس بالأمر السهل دون حلول علمية منطقية تتلائم وأخلاق المجتمع الأصيلة وعاداته التي تركها وغادرها الكثير منهم. والحلول على شقّين يكون الأول ما يتعلق بالمجتمع وإرتباطه بالعالم الخارجي بعيدًا عن أيّ تأثير سلبي وضغط سياسي أو أمنيّ أو إقتصادي. والشقّ الثاني يتعلق بالأفراد وكيف تتمّ معالجة الكثير منهم. حيث ركن الكثير منهم الى اللادولة بحجج عديدة منها دينية ومنها عشائرية ومنها ما هو أعقد إذا ما لاحظنا الإسقاطات التي حدثت وتحدث والتي إرتبطت بالتصفيات على أساس ديني أو إيماني أو طائفي أو حزبي أو غير ذلك. فالكثير من الناس يعتقد أنّه الحق وغيره على الباطل يجب أن يحارَب وينتهي من هذا الوجود كي تبقى الحقيقة الواحدة التي يمثلها هو لا غيره! وتلك لعمري طامّة كبرى.
تعمل في العراق الآن العديد من المنظمات التي تساعد الى حدّ ما على إعداد الخطط لمساعدة المجتمع ولكنّها غير كافية. من هذه المنظّمات مثلًا أطبّاء بلا حدود، التي تعمل وفق خطط بسيطة غير دقيقة وفي أماكن معيّنة بلا دراسات علميّة تنزل الى المجتمع والى الأفراد. رغم وجود العديد من الأطبّاء النفسيين والصحيين والمستشارين الذين يقدمون النصائح والرعاية الحيويّة للحالات الصعبة والمتوسّطة، لكنّ عملهم لا يساوي ما يعانيه المجتمع من كوارث نفسيّة وصحيّة. وعملهم تلخّص في معالجة حالات الإجهاد والإكتئاب والفصام والقلق الشديد اللاحق للصدمة. لكنّني أعتقد أنّ الأمر أعقد من هذا بكثير. فالدولة في الكثير من مسؤولييها قد وقعوا كذلك ضحيّة التأثيرات المعقّدة التي جعلت من أكثرهم أناسًا معبّئين بالأحقاد والكراهية والضغط النفسي وبعض من فساد يمتدّ الى أكثر من ثلاثين عاما. لذلك ينبغي إجراء دراسات ميدانية بمساعدة جميع الدول ذات الأهليّة في هذا الجانب ووضع الخطط لبناء الإنسان والدولة من جديد على أسس أخلاقية مستمدّة من تأريخ البلد ومعتقداته، والتسامح والإنفتاح والتشخيص للكثير من حالات الضغط الإجتماعي والنفسي والصحي. ومساعدة البلد في بناء المستشفيات والمراكز الصحية المبنية على الأسس العالمية المتقدمة والعصريّة بوجود الخبراء من دول العالم لغرض البناء والمعالجة. ووضع الخطط الصحيحة في مجالات التعليم والبيئة والزراعة والصناعة وعلم النفس والإجتماع وعلم السياسة وغير ذلك. وسنعود الى ذلك مستقبلا وفق الزمن المتاح.
الأناركيّة
ليس غريبًا أن نستخدم بعض الإصطلاحات التي تعدّ خارجيّة المصدر والنشوء أو الإنشاء، حيث نستخدم هذا المصطلح من اللغة اليونانيّة كما تذكرها المصادر حيث تتأتى هذه الكلمة من خلال المعنى والإستخدام وليس من خلال اللغة المجرّدة. فهي في اللغة المجرّدة تعني (بدون حكّام) أي أنّ الدولة لا توجد فيها السُّلطة التي تدير دفّة الحكم. وفي المعنى التطبيقي أو في الاستخدام تعني الفوضى حينما لا يوجد حاكم للدولة أو يختزل وجود المجتمع بلا سُلطة تدير أو بلا أيّ إدارة سياسية تسوس الحياة الطبيعية للناس في هذه البقعة من سطح الأرض. وهنا تعني أن لا وجود لإدارة صحيحة وليس لا وجود لإدارة مجرّدة، وإلّا ما فائدة وجود المدير إن كان فاشلًا أو أحمقًا؟! هنا المصطلح الذي نحن بصدده هو الأناركيّة. حيث تشمل الأناركية المجتمع الذي لا تتوفّر فيه الرقابة الحكومية أو الرسمية على تفاصيل تتعلق بحياة الأفراد. وهنا نشير الى أهمية الإدارة الناجحة التي تدفع الى تطوير البلد أو المؤسسة، أي تسير بها الى الأمام كلّما مضى الزمن. وكذلك إن سيطرت قوى غير تلك الحكومية على مقاليد البلد فستتحوّل هذه البلاد الى الأناركية أو الفوضى العامّة والتي تهدّد ربّما حياة الأفراد والمجتمع عمومًا. وفي العراق هناك الأناركيّة الواضحة في كلّ مفاصل الدولة ومؤسساتها حينما يحكم المؤسسة أو الوزارة من ليس له خبرة في الإدارة أو ليس لديه القدرة على معالجة أي مشكلة في إطار العمل الأساس. وهنا يكون وجوده أو عدم وجوده على حدّ سواء، بل أكاد أجزم أنّ وجود الفاشل في إدارة المؤسسة أو أيّ إدارة صغيرة أو كبيرة في الدولة إنّما هو قتل لأيّ إبداع، وبالتالي تتحوّل المؤسسة بالفعل الى الفوضى التي ستكبر ككرة الثلج الى أن تعمّ الفوضى الدولة كلّها. لقد أثيرت العديد من الأمثلة على الأناركيّة على مستوى العالم حينما يسيطر عدد من المتظاهرين أو أيّ حركة من الحركات السياسيّة الجماهيريّة على مناطق معينة ليتحوّل قرار المكان الى هذه الحركات على حساب القانون والدولة. وبالتالي ستكون حالة الفوضى العامّة التي تكبر بمرور الزمن لتتحوّل الى معضلة لا يمكن حلّها بسهولة. ولنا في الفوضى التي حدثت عبر التأريخ في الولايات المتّحدة والتي كان آخرها ما أدّى الى إقتحام المتظاهرين من زمرة ترامب، بناية الكابيتول عام 2021. وحينما تنشر هذه القوى الفوضى في مكان ما تكون خارجة عن القانون لكن حينما تموّل سلطة المحتلّ مجاميع فوضويين لتدمير عرى البلد تكون حرية تعبير!
لقد أثيرت الأناركيّة في بعض المجتمعات العربية مموّلة من وكالة الإستخبارات الأمريكية تحت إسم الربيع العربي التي أريد لها أن تشتت وتقسّم الدول العربية وبعض الدول الضعيفة الأخرى ونشر الفوضى فيها بحجّة حرية تعبير عن رأي فرديّ أو رأي لجماعة معيّنة. وقد شمل ذلك تلك الفوضى المستمرّة في العراق بتسميات مختلفة.
مثال آخر حالي حول الأناركيّة
تعتبر الأناركيّة فلسفة سياسية وحركة تشكيكية في السلطة الحاكمة أو كما قلنا فلسفة عدم وجود الحاكم أو السلطة، من خلال حجج مختلفة يكون منها النبش في أوراق متعدّدة منها بحجّة معارضة لنفس السلطة كي تحدث المواجهة من نوع آخر كما يحصل الآن في السودان في المواجهة الأخطر وهي الإنقسام الحاصل في الجيش والميليشيات التي قاتلت مع نظام عمر البشير في دارفور. وهكذا نشأت الأناركيّة من نوع المواجهة المسلحة. وفي المستقبل القريب ستكون هناك سلطة ما بعد الأناركيّة لتخضع البلد لمعاهدات وإتفاقات مع السلطة المرابية على مستوى العالم وهي سلطة البنك الدولي التي لعبت بتدمير الكثير من البلدان بإخضاعها لديون قصمت ظهر الدول. ولنا عودة لشرح آكثر في هذا الجانب.
د.مؤيد الحسيني العابد



#مؤيد_الحسيني_العابد (هاشتاغ)       Moayad_Alabed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تهتّك المفاهيم 8
- تهتّك المفاهيم 7
- تهتّك المفاهيم 6
- تهتّك المفاهيم 5
- تهتّك المفاهيم 4
- تهتّك المفاهيم 3
- تهتّك المفاهيم 2
- تهتّك المفاهيم
- سباق التسلّح النوويّ والكارثة الإنسانيّة 22
- سباق التسلّح النوويّ والكارثة الإنسانيّة 21
- سباق التسلّح النوويّ والكارثة الإنسانيّة 20
- سباق التسلّح النوويّ والكارثة الإنسانيّة 19
- سباق التسلّح النوويّ والكارثة الإنسانيّة 18
- سباق التسلّح النوويّ والكارثة الإنسانيّة 17
- سباق التسلّح النوويّ والكارثة الإنسانيّة 16
- سباق التسلّح النوويّ والكارثة الإنسانيّة 15
- سباق التسلّح النوويّ والكارثة الإنسانيّة 14
- سباق التسلّح النوويّ والكارثة الإنسانيّة 13
- سباق التسلّح النوويّ والكارثة الإنسانيّة 12
- سباق التسلّح النوويّ والكارثة الإنسانيّة 11


المزيد.....




- زفاف أمباني وسيلين ديون صنعت الحدث في باريس والرياض.. أحداث ...
- وزير خارجية طالبان يجري أول اتصال بنظيره السوري.. ماذا بحثا؟ ...
- بلينكن يبحث مع نظيره الأوكراني مسألة الدعم الأمريكي لكييف
- بعد ضجة واسعة.. محافظ دمشق يصدر توضيحا بعد تصريحاته حول السل ...
- هل تتحول سوريا لساحة صراع تركي إسرائيلي؟
- ناسا تسجلاً إنجازاً جديداً بوصول مسبار باركر إلى أقرب نقطة م ...
- روما تندد باحتجاز صحفية إيطالية في إيران منذ أسبوع
- أردوغان يعلق على نهاية -ظلم البعث- في سوريا وانتصار السوريين ...
- الولايات المتحدة تزعم تورط روسيا في تحطم طائرة أكتاو
- لبنان.. توقيف سائق شاحنة على متنها 67 شخصا تسللوا من سوريا


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مؤيد الحسيني العابد - تهتّك المفاهيم 9