|
السياسة الثقافية واللغوية بالمغرب
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 7608 - 2023 / 5 / 11 - 18:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
" بينما أنا بصدد معالجة هذه الدراسة ، كنت اتعرض لاعتداءات البوليس السياسي الذي حاول تغيير ما اكتبه ، وفي نفس الوقت مدير البوليس السياسي كان يقطع الكونكسيون عن منزلي ، وما يزال الى الآن ، وسأضطر للذهاب الى Cyber لإرسالها ، واكيد سيكون بوليسيا في انتظاري كالمعتاد Le bourreau et le tortionnaire " . الخطاب التنموي الذي يتم انتاجه ، سواء من طرف الدولة البطريركية ، الرعوية ، الكمبرادورية ، الطقوسية ، الغارقة في تقاليدها المرعية التي تسخر الأمم والشعوب منها ، الثيوقراطية ، المفترسة التي تعشق ثروة المغاربة المفقرين ، وتعشق اليورو والدولار ، وتهرب ثروة المفقرين لتكدس بطرق خبيثة في الحسابات البنكية لمصاصي دم الرعايا ( الشعب ) الجاهل كل الجهل .. ، او من جانب ( النخب ) المعارضة شكليا للسياسة الرسمية للدولة المخزنية البوليسية ، وهي المعارضة البرجوازية من منظور برجوازي صرف ، خطاب اقتصادوي ، يتناول عملية التنمية مع استبعاد جوانبها الثقافية ، المطالبة بالديمقراطية كشرط أساسي .. ، بقيت مقصورة على الجانب المتعلق بالمشاركة السياسية ضمن أجهزة الدولة الرعوية ، البطريركية ، المركانتيلية ، الباتريمونيالية ، دون المطالبة بالحق المتعلق بالديمقراطية الثقافية ، المدخل الصحيح المؤسس لطريق التغيير .المشاريع الإصلاحية ( الأحزاب الاصلاحوية ) ، او التثويرية لمختلف التوجهات اليسراوية فشلت ، نظرا لغربتها الثقافية ، أي سياسة الاسقاط من فوق ، فكان نفوذها ضئيلا جدا . فاغلب اطر وقادة الاتجاهات المذكورة ، تلقوا تعليمهم الاجباري في المدارس التي أُنشأت مع دخول الاستعمار ، مع العلم ان المدرسة في المغرب ، لم تأت كتلبية لحاجات المجتمع الثقافية على تعددية هاته الثقافة ، وإنما كاستجابة لحاجات الاستعمار ، في خلق نخب تقنية متشبعة ثقافيا بالإيديولوجية التحديثية الغربية ، وحاجة الدولة المخزنية البوليسية التي مثلث المدرسة بالنسبة لها وسيلة للتحكم في المجتمع القبلي ، الطاغي ، والنافد ، وصهره في نموذج احادي : النموذج العربي الإسلامي المنفتح على الغرب ، وبالتالي فالثقافة تكون قد تحددت انطلاقا من رغبة الدولة المخزنية ، البوليسية ، الرعوية ، البطريركية في اندماج مختلف مكونات التراب الوطني ، في قالب احادي ، وهو قالب الدولة الطقوسية والتقليدانية . أي ان ضرورات مد السيطرة السياسية ، والتحكم في التراب الوطني ، فرضتا منظورا معينا للثقافة ، يمكن تلخيصه في المنظور النخبوي الذي يجعل الثقافة مرادفا للتعليم المدرسي . فاصبح المتمدرس هو المثقف ، والغير متمدرس غير مثقف ، مع العلم ان التعليم في المغرب الذي فشل الفشل الذريع ، بعيدا كل البعد عن ثقافة غالبية السكان ، لدرجة وجود مفارقة بين البرامج ولغات التدريس ، وواقع الحياة اليومية ، وكما يقول Paul Pascon السوسيولوجي الذي اغتالته المخابرات المغربية في حادثة سير مصطنعة ، عندما كان متوجها الى موريتانية " ان المدرسة المغربية لا تفتح المجال امام الافراد لولوج الحياة ، وانما لولوج الإدارة " . وللإشارة فان Paul Pascon ، كان صديقا للأستاذ عزيز بلال ، الذي تعرض لحريق مصطنع ب New-York بداخل فندق ، وكان في مهمة مع طاقم ادريس البصري الذي اغتال بحادثة سير مصطنعة عبدالسلام المؤذن ..ان هذا المنظور يحوّل الثقافة من شيء ضروري يملكه جميع الافراد ، الى امتياز تحتكره الخاصة دون العامة ، مما يؤدي الى ابعاد اغلب جماهير الشعب من المشاركة الثقافية ، وبالتالي ابعادها من المشاركة السياسية والنقابية ... الخ . ومن ثم اصبحنا نسمع عن مثقفين غير مثقفين ( قارء – ما قاريشْ ) . و قبل الاستعمار ، وبعده بعد غلو الاتجاه الاسلاموي ، كان ولا يزال مصطلح ( العالِم ) يحيل الى تلك العناصر التي اختصت في أمور الدين والمجتمع ، وكانت ولا زالت تتدخل في توجيه حياة الناس ، عبر إصدار فتاوى . ومنذ بداية السبعينات استعمل مفهوم ( مثقف ) للدلالة على خريجي الجامعات ، والمؤسسات التعليمية الذين يستعملون الكتابة باللغة العربية الكلاسيكسية ، واللغات الرومية . فدخلت الثقافة من هذا المنظور مجال القيمة ، فاصبحنا نسمع عن مثقف ، ومثقف جدا ، حسب درجات الاستحقاق والديبلومات . ان تأطير الثقافة ضمن هذا الفضاء النخبوي ، التعسفي ، هو الذي سيتحكم في السياسة الثقافية واللغوية للدولة الرعوية البطريركية . اذن ما هي الأسس العامة لهذه السياسة ؟ . 1 ) الدولة والثقافة : اذا كنا نعتبر رغم تعدد التعريفات ، انّ الثقافة هي مجمل الأنساق الرمزية ، والتمثلات ، والمعارف ، ومنظومة القيم الموجهة لسلوكات الافراد والجماعات ، وانّ الثقافة كنسيج عام وطني لا تتأسس ، الاّ على ابعاد جهوية محلية ، فانّ السياسة الثقافية للدولة كدولة طقوسية ، رعوية ، بطريركية ، وثيوقراطية ستنبني على : --- عدم الاعتراف بالثقافات واللغات الام للجماعات . --- تأطير الهوية المغربية داخل مجال عربي إسلامي مشرقي . --- الانفتاح على الغرب . --- استبعاد البعد المغاربي والافريقي للهوية المغربية . ا ) لقد كان الهدف الأساسي للسياسة الثقافية ، هو نشر أيديولوجية الفئة – الطبقية المالكة للحكم ، أي الماسكة للسلطة ، مما أدى الى اقصاء الثقافة واللغة القبائلية على مستوى النموذج ( وسائل الاعلام ، التدريس ... ) ، رغم انتشارها في الواقع ، حيث يلاحظ غياب تدريس اللغة البربرية بالطرق الدقيقة في المؤسسات التعليمية عامة ، وعدم مراعاة الخصوصيات الجهوية في تحديد البرامج الثقافية ، واقصاء اللغات اليومية من وسائل الاعلام . ب ) عدم الاعتراف باللغة والثقافة البربرية بالشكل المطلوب ، و الاكتفاء بمشاريع الذغدة ، التي ارتبطت بضرورة الشرعنة السياسية Légitimation politique للطبقة الحاكمة . هذه الشرعية Légitimité مؤسسة على القومية العربية دون غيرها . ج ) وبالتالي سنلاحظ ان التأريخ للمغرب ، سيبدأ مع فترة دخول الإسلام ، وبالتالي فأصول المغرب ستتحول الى أصول مشرقية ، كأنّ تاريخ المغرب ابتدأ في الجزيرة العربية . اذن ستخضع " الثقافة " لضرورات الشرعنة السياسية ، على أرضية الارتباط بالوطن ، ليس كهوية متعددة ، وكذاكرة ، وانما كطبقة حاكمة تنهش ثروات المغاربة السكان الأصليين . فبدل شعار مختلف الثقافات لمختلف ولجميع الافراد ، نجد شعار نفس الثقافة لمختلف ولجميع الافراد .. ولإنجاز تلك الغاية ، سيتم تجنيد مختلف المؤسسات ( الحديثة ) ،من مدارس ، ومعاهد ، ووسائل اعلام . غير ان انشاء وزارة الثقافة سيعرف عدة توترات لأسباب متعددة ، على رأسها صعوبة فصل الثقافة عن التعليم ، كما هو الشأن في الدول الغربية .. بالإضافة الى التناقض ، واللاّتكامل الحاصل بين مقومات النماذج الثقافية المخزنية ، التقليدانية ، والطقوسية ، والشكل التنظيمي والوظائفي للوزارة كجهاز غربي ( تحديثي ) على الشكل الفرنسي . كيف ذلك ؟ . من المعروف ان سياسة الدولة البطريركية ، الرعوية ، المخزنولوجية ، في مجال ( التحديث ) الاقتصادي ، هي استمرار لنفس السياسة الفرنسية ، حيث العمل على ربط الفلاحة باقتصاد السوق وبالصناعة . ولتسهيل تلك المسألة عملت الدولة على حل المشكلة العقارية ، بمصادرة أراضي القبائل ، وإدخال عنصري الحيازة والتحفيظ Immatriculation / délivritation ، وإعادة هيكلة الخريطة الجغرافية والسكانية ، من خلال ربط الفخذات والدواوير ، بالجماعات المحلية ، وفتح المجال امام ظهور الملكيات الخاصة الشاسعة ، والاستمارات . أي باختصار شديد مصادرة النموذج القبلي لأجل النموذج الرأسمالي . لكن هل يمكن التحدث عن نفس الشيء بالنسبة للجانب الثقافي ؟ . د ) بخلاف سياستها في الجزائر ، اتبعت فرنسا سياسة حمائية في المغرب ، حيث حافظت على المؤسسات التقليدية ، واستعملتها لتسهيل انجاز برامجها وخططها الاستعمارية بنجاح وباقل تكلفة . ان هذه المؤسسات التقليدانية الطقوسية ، هي بالأساس " دار المخزن " . أي الدولة المخزنية البوليسية ، وليس الحكومة لانها حكومة الملك . لهذا السبب نجد على المستوى السياسي ، بل والاقتصادي معاً نظرا لفعل الاوّل في العنصر الثاني ، ما يسمى بلغة Max Feber السوسيولوجي الألماني ب " البتريمونيالية " ، نظرا لكون عملية التحديث ، إضافة الى كونها أتت من الخارج ، فإنها لم تعطل المؤسسات الثقافية والسياسية للدولة البتريمونيالية ، الكمبردورية ، الرعوية ، والبطريركية . في المقابل لم يكن سهلا احداث وزارة مستقلة للثقافة ، خصوصا اذا اخذنا بعين الاعتبار المنظور المدرسي / النخبوي للدولة المخزنية البوليسية ، اتجاه كل ما يدخل في اطار الثقافة . ففي عهد الاستعمار الذي ندم عليه مغاربة اليوم ويشتاقون اليه ، كانت هناك " إدارة التثقيف العمومي " ACP ، وعلى شاكلتها أنشئت سنة 1968 وزارة التربية والفنون الجميلة ، برئاسة محمد الفاسي ، ثم تحولت الى " وزارة الدولة المكلفة بالشؤون الثقافية والتعليم الأصيل " ، مع احتفاظها بنفس الوزير . وفي 11 غشت 1971 ، أُحدثت " وزارة الثقافة ، والتعليم العالي ، والثانوي ، والاصيل ، وتكوين الأطر " ( محمد العسكي كوزير ) ، يساعده محمد شفيق ككاتب دولة ملحق ) ، وأُنشأت وزارة مستقلة للتعليم الابتدائي برئاسة حدو الشيگر ، وفي نفس السنة 13 ابريل 1972 ( انقلاب الطائرة ) ( الإضرابات – السنة البيضاء – الاعتقالات ... الخ ) ، تحولت الى " وزارة التعليم الأصيل " ، دون تكوين الأطر ، برئاسة الوزير الحبيب الفهري ، وبعد ستة شهور ، تم تحويلها الى وزارة التعليم ، دون ثقافة ، وحصل ربط الثقافة بوزارة " الحبوس والاوقاف الإسلامية " ( مكي الناصري كوزير ) . وفي ابريل 1974 ، أحدثت وزارة الدولة المكلفة بالشؤون الثقافية برئاسة الوزير ( أبا حنيني) ، وتوالت السنون ، وتعددت عناوين الثقافة ، والتعليم ،والتعليم الأصيل ... الخ ، ومات الحسن الثاني ، وجاء محمد السادس ، والثقافة والتعليم لا تزال عالقة ، وفي ازمة عجز النظام البوليسي المخزني عن حلها . بل لقد تم ردم الثقافة لان الثقافة قضية ماتت بموت القضية ، وتم تدمير المدرسة العمومية ، من دون ان ينجح القطاع الخاص ، في ملئ الفراغ الذي تركه موت المدرسة العمومية .. 2 ) الدولة واللغة : ) يتميز المغرب بوجود لغتين رسميتان العربية الفصحى ، والفرنسية التي تمثل الوجود الفرنسي المستمر في المغرب ، رغم انه يبدو مهزوزا بسبب فضيحة وجريمة Pegasus gate ، وملف حقوق الانسان ، وملف الصحراء الغربية .. فالبربرية تستعمل للتوظيف في الصراع السياسي ، كاعتراف محمد السادس بالسنة البربرية مؤخرا ، في مواجهة التهديد الذي ينتظره القصر ، سواء من الخارج وهو الغالب او حتى من الداخل بسبب الجوع والتفقير ، والازمة الأكثر من مستفحلة .. فاللعب على التناقضات التي تطبع الوسط المغربي ، يمكن ترويجها في كل وقت وحين ، ويمكن استعمالها لتعريض قاعدة النظام المنكمشة .. أي فرق تسد . لكن رغم ذلك تبقى الفرنسية ضرورية ، باعتبار ان عملية التحديث التي اتبعتها الدولة ، تتأسس على الاستيراد ، وليس على الإنتاج كما هو شأن كل دول العالم التابع . وتعمل فرنسا في اطار سياستها في المغرب وبشمال افريقيا ، على دعم اللغة الفرنسية ، لأنها ضمان استمرار عملية التثاقف اللاّمتكافئة . ومنذ البدايات الأولى " للاستقلال " ، برزت في صفوف اطراف الحركة الوطنية ، دعوات متعددة الى التعريب . والملاحظ ان النخب الأشد دفاعا عن عمليات التعريب ، هي التي ترسل أبنائها الى المدارس الفرنسية ، بالإضافة الى كون وضعية اللغة العربية الكلاسيكية ، ضعيفة في سوق التداول اللساني . فاللغات الام : العربية الدارجة والبربرية ، هي المتداولة في الحياة اليومية للأفراد ، مع الإشارة الى ان اللغة كيفما كانت ، لا توجد خارج استعمالات الافراد لها ، ومع ذلك نلاحظ على صعيد التوزيع القيمي للغات ، ان هناك فاصلا لدى المتكلمين ، بين الاستعمال اللغوي وبين القيمة اللغوية اذ – وهذا ناتج عن التأثيرات المدرسية – لا تعطى القيمة للغة معينة ، الاّ اذا أصبحت معترفا بها داخل الدولة الرسمية ، وخصوصا الإعلامية . يلاحظ ان الفرنسية تحتل الصدارة في سوق القيم اللغوية ، باعتبارها لغة الخبز والارتقاء الاجتماعي ، وتستعمل في الغالب في الوضعيات البروتوكولية ، وفي العلاقة بين الجنسين لذا الفئات المتوسطة والمحظوظة ، حيث يتم التخاطب بها ، ممزوجة بالدارجة العربية ، وهي تحيل الى الحاضر والمستقبل ، بينما تحيل اللغة العربية الفصحى الى الماضي و " الثرات " . بالمقابل لا تحيل لغة التخاطب اليومي اية قيمة سلوكاتية لماذا ؟ . ان وضعية الكتابة هي التي تكسب الفرنسية والعربية ، بُعدا ومكانة مرموقة على المستوى الرمزي . فالشفاهي لم يدخل بعد مجال الكتابة ، غير انّ المشكل لا يتجلى فقط في لغات لم تكتب وما زالت الدولة لم تسمح بكتاباتها ، بل أيضا في الموقع الذي يحتله ما هو شفاهي في السوق اللغوية ، اذ يعتبر بضاعة غير قابلة لإنتاج رأسمال مادي او رمزي ( هدْرة الزنقة ) . انها لغة خارج مؤسسات الدولة المخزنية البوليسية الكاتمة للأنفاس . ان شفاهية اللغة هو بمثابة اذكار لوجودها كلغة . واذا كان Pascon يقول " بان اللغة لا تصلح لإقامة التواصل ، بل لتحديد الوجود " . فهل يمكن الحديث بالنسبة للإنسان المغربي عن وجودين : وجود شعوري داخل اللغة ، ووجود لا شعوري داخل اللغة – الشفاهية ، ممّا يؤدي الى حرمان الغير متمدرس " الجاهل " للعربية الفصحى مثلا من وجود حقيقي وشعوري ، وبالتالي انطلاقا من العلاقة العضوية بين اللغة والهوية ، هل يمكن القول بهويتين ، هوية حقيقية مفقودة على صعيد النموذج ، الاعتراف ، وهوية مزيفة معترف بها كنموذج حي ؟ حين تعتبر ذاتا ما نفسها سلبية ، فإنها تسعى الى الهروب والاندماج في لسان وثقافة الاخر ، وتوجد هذه الظاهرة في حالات الغلبة ، سواء تعلق الامر باللون ، او بالدين ، او الاقتصاد ، او الثقافة .. الخ . ذلك ان جماعة ما ترفض اصلها ، وتعارض كل ما يذكرها بذاكرتها وبانتمائها الفعلي ، وتشكل القرابة وسيلة للهروب من الذات ، وتحقيق الاستيعاب من طرف الاخر ، وتنتشر هذه الظاهرة في أوساط الموظفين الصغار ، وتنبني على عدة ثنائيات : بادية / مدينة / فقر / غنى ... الخ . وخلاصة القول ان اللغة ليست وسيلة للتواصل ، بل لتحديد الوجود فعلا . ان الغياب الثقافي واللغوي ، يؤدي الى الغياب السياسي والمجتمعي . لهذا نتساءل بصدد المسألة الديمقراطية ، كيف يمكن اشراك جماعة ما على المستوى السياسي ، مع تغييبها على المستوى الثقافي . لهذا السبب نجد ان اغلب قواعد التنظيمات السياسية ، لا تعرف سوى التصفيق ، والانصياع للقيادات دون فعل يذكر . 2-1 ) زيادة على هذا الجانب ، هناك ما يصطلح عليه بالتنشئة الاجتماعية للأفراد ، وهنا ترتبط اللغة بالثقافة والهوية ارتباطا وطيدا . ولتقريب الصورة نبدأ بسؤال من التاريخ القريب : لماذا قاوم بعض اجدادنا عملية الدخول الى المدارس ؟ الإجابة قد تتطلب تحليلا سوسيو-تاريخي معمقا ، لكن هذا لا يمنع من بعض الإشارات : لقد واجه دخول الاستعمار مقاومة شديدة من طرق القبائل المغربية ، مقاومة لم تكن عسكرية فقط ، بل ثقافية أيضا ، وما زلنا نتذكر المرأة الدخيسية من نواحي مكناس ، التي القت امام جرار حتى تمنعه من المرور على ارض الجماعة ، وفي المقابل كانت النخب المغربية التي تلقت تعليمها بالبعثات الفرنسية ، وبفرنسا ، تطالب الدولة بالسير بعيدا في عمليات " التحديث القروي " ، عبر ادخال التقنية واقتصاد السوق . إننا إزاء موقفين هنا : القبيلة المعبر عن مقاومة ثقافية . – موقف النخب المعبر عن ثقافة المستعمر ومشاريعه . كيف ذلك ؟ ان ادخال الجرار كتقنية ليس محايدا . بل يعكس ادخالا لثقافة ولآلية معينة ، هي باختصار آلية اقتصاد السوق ، بينما يعتمد الاقتصاد القبلي على الإنتاج لأجل تلبية حاجات القبيلة ، وليس للاستثمار والتصدير ، وإعادة انتاج الثروة ، ويلعب السوق الأسبوعي دورا في مد الدواوير بالمواد الحرفية الاستعمالية ، بينما السوق في الرأسمالية يخضع لمقاييس الإنتاج والربح . فالأرض بدورها رأسمال ، والحاجة الى الزيادة في الإنتاج عند القبيلة ، تفرضها التحديات الداخلية خاصة الديمغرافية ... بالنسبة للنخب التي تكونت في البعثات الفرنسية ، فأنها تشبعت بالثقافة الغربية الفرنسية ، فليس غريبا ان تنطق بلسان غير لسانها . والسياسة التعليمية للدولة على المستوى اللغوي ، تقوم على تلقين أبناء البوادي الناطقين بالبربرية ، لسانا غير لسانهم الام ، لإدماجهم وتحيلهم الى هويات منحدرة . ان هذه باختصار بعض العناصر التي يمكن الانطلاق منها اثناء دراسة السياسية الثقافية واللغوية للدولة المخزنية ، في افق طرح لقضايا الحقيقية التي كانت مهمة ، نظرا لطغيان المنظور الاقتصادوي والسياسوي في النظرية الاشتراكية العلمية لسنين طويلة
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إدارة تويتر وإدارة الفيسبوك
-
جبهة البوليساريو
-
البنية السرية
-
هل هناك شيء يدبر ضد شخص الملك محمد السادس ؟
-
قوة الأشياء وقوة الأفكار
-
الاتحاد المغربي للشغل
-
اليسار الجديد والعمل النقابي
-
تاريخ المقاومة المغربية الشعبية لقبائل زيان المجاهدة أبناء خ
...
-
تحليل الدولة العلوية ( 6 )
-
تحليل الدولة العلوية ( 4 )
-
تحليل الدولة العلوية ( 3 )
-
تفكيك الدولة العلوية ( 2 )
-
تفكيك الدولة العلوية
-
الاحلاف .
-
وجهة نظر في الديمقراطية ( الفصل الثالث )
-
وجهة نظر في الديمقراطية ( 2 )
-
وجهة نظر في الديمقراطية
-
الديمقراطية كأداة للترويض السياسي
-
السياسة بين الحب والحرب
-
الغلاء وارتفاع الأسعار في المغرب .
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|