أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - السياسة الثقافية واللغوية بالمغرب















المزيد.....

السياسة الثقافية واللغوية بالمغرب


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 7608 - 2023 / 5 / 11 - 18:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


" بينما أنا بصدد معالجة هذه الدراسة ، كنت اتعرض لاعتداءات البوليس السياسي الذي حاول تغيير ما اكتبه ، وفي نفس الوقت مدير البوليس السياسي كان يقطع الكونكسيون عن منزلي ، وما يزال الى الآن ، وسأضطر للذهاب الى Cyber لإرسالها ، واكيد سيكون بوليسيا في انتظاري كالمعتاد Le bourreau et le tortionnaire " .
الخطاب التنموي الذي يتم انتاجه ، سواء من طرف الدولة البطريركية ، الرعوية ، الكمبرادورية ، الطقوسية ، الغارقة في تقاليدها المرعية التي تسخر الأمم والشعوب منها ، الثيوقراطية ، المفترسة التي تعشق ثروة المغاربة المفقرين ، وتعشق اليورو والدولار ، وتهرب ثروة المفقرين لتكدس بطرق خبيثة في الحسابات البنكية لمصاصي دم الرعايا ( الشعب ) الجاهل كل الجهل .. ، او من جانب ( النخب ) المعارضة شكليا للسياسة الرسمية للدولة المخزنية البوليسية ، وهي المعارضة البرجوازية من منظور برجوازي صرف ، خطاب اقتصادوي ، يتناول عملية التنمية مع استبعاد جوانبها الثقافية ، المطالبة بالديمقراطية كشرط أساسي .. ، بقيت مقصورة على الجانب المتعلق بالمشاركة السياسية ضمن أجهزة الدولة الرعوية ، البطريركية ، المركانتيلية ، الباتريمونيالية ، دون المطالبة بالحق المتعلق بالديمقراطية الثقافية ، المدخل الصحيح المؤسس لطريق التغيير .المشاريع الإصلاحية ( الأحزاب الاصلاحوية ) ، او التثويرية لمختلف التوجهات اليسراوية فشلت ، نظرا لغربتها الثقافية ، أي سياسة الاسقاط من فوق ، فكان نفوذها ضئيلا جدا . فاغلب اطر وقادة الاتجاهات المذكورة ، تلقوا تعليمهم الاجباري في المدارس التي أُنشأت مع دخول الاستعمار ، مع العلم ان المدرسة في المغرب ، لم تأت كتلبية لحاجات المجتمع الثقافية على تعددية هاته الثقافة ، وإنما كاستجابة لحاجات الاستعمار ، في خلق نخب تقنية متشبعة ثقافيا بالإيديولوجية التحديثية الغربية ، وحاجة الدولة المخزنية البوليسية التي مثلث المدرسة بالنسبة لها وسيلة للتحكم في المجتمع القبلي ، الطاغي ، والنافد ، وصهره في نموذج احادي : النموذج العربي الإسلامي المنفتح على الغرب ، وبالتالي فالثقافة تكون قد تحددت انطلاقا من رغبة الدولة المخزنية ، البوليسية ، الرعوية ، البطريركية في اندماج مختلف مكونات التراب الوطني ، في قالب احادي ، وهو قالب الدولة الطقوسية والتقليدانية . أي ان ضرورات مد السيطرة السياسية ، والتحكم في التراب الوطني ، فرضتا منظورا معينا للثقافة ، يمكن تلخيصه في المنظور النخبوي الذي يجعل الثقافة مرادفا للتعليم المدرسي . فاصبح المتمدرس هو المثقف ، والغير متمدرس غير مثقف ، مع العلم ان التعليم في المغرب الذي فشل الفشل الذريع ، بعيدا كل البعد عن ثقافة غالبية السكان ، لدرجة وجود مفارقة بين البرامج ولغات التدريس ، وواقع الحياة اليومية ، وكما يقول Paul Pascon السوسيولوجي الذي اغتالته المخابرات المغربية في حادثة سير مصطنعة ، عندما كان متوجها الى موريتانية " ان المدرسة المغربية لا تفتح المجال امام الافراد لولوج الحياة ، وانما لولوج الإدارة " . وللإشارة فان Paul Pascon ، كان صديقا للأستاذ عزيز بلال ، الذي تعرض لحريق مصطنع ب New-York بداخل فندق ، وكان في مهمة مع طاقم ادريس البصري الذي اغتال بحادثة سير مصطنعة عبدالسلام المؤذن ..ان هذا المنظور يحوّل الثقافة من شيء ضروري يملكه جميع الافراد ، الى امتياز تحتكره الخاصة دون العامة ، مما يؤدي الى ابعاد اغلب جماهير الشعب من المشاركة الثقافية ، وبالتالي ابعادها من المشاركة السياسية والنقابية ... الخ . ومن ثم اصبحنا نسمع عن مثقفين غير مثقفين ( قارء – ما قاريشْ ) . و قبل الاستعمار ، وبعده بعد غلو الاتجاه الاسلاموي ، كان ولا يزال مصطلح ( العالِم ) يحيل الى تلك العناصر التي اختصت في أمور الدين والمجتمع ، وكانت ولا زالت تتدخل في توجيه حياة الناس ، عبر إصدار فتاوى . ومنذ بداية السبعينات استعمل مفهوم ( مثقف ) للدلالة على خريجي الجامعات ، والمؤسسات التعليمية الذين يستعملون الكتابة باللغة العربية الكلاسيكسية ، واللغات الرومية . فدخلت الثقافة من هذا المنظور مجال القيمة ، فاصبحنا نسمع عن مثقف ، ومثقف جدا ، حسب درجات الاستحقاق والديبلومات .
ان تأطير الثقافة ضمن هذا الفضاء النخبوي ، التعسفي ، هو الذي سيتحكم في السياسة الثقافية واللغوية للدولة الرعوية البطريركية . اذن ما هي الأسس العامة لهذه السياسة ؟ .
1 ) الدولة والثقافة :
اذا كنا نعتبر رغم تعدد التعريفات ، انّ الثقافة هي مجمل الأنساق الرمزية ، والتمثلات ، والمعارف ، ومنظومة القيم الموجهة لسلوكات الافراد والجماعات ، وانّ الثقافة كنسيج عام وطني لا تتأسس ، الاّ على ابعاد جهوية محلية ، فانّ السياسة الثقافية للدولة كدولة طقوسية ، رعوية ، بطريركية ، وثيوقراطية ستنبني على :
--- عدم الاعتراف بالثقافات واللغات الام للجماعات .
--- تأطير الهوية المغربية داخل مجال عربي إسلامي مشرقي .
--- الانفتاح على الغرب .
--- استبعاد البعد المغاربي والافريقي للهوية المغربية .
ا ) لقد كان الهدف الأساسي للسياسة الثقافية ، هو نشر أيديولوجية الفئة – الطبقية المالكة للحكم ، أي الماسكة للسلطة ، مما أدى الى اقصاء الثقافة واللغة القبائلية على مستوى النموذج ( وسائل الاعلام ، التدريس ... ) ، رغم انتشارها في الواقع ، حيث يلاحظ غياب تدريس اللغة البربرية بالطرق الدقيقة في المؤسسات التعليمية عامة ، وعدم مراعاة الخصوصيات الجهوية في تحديد البرامج الثقافية ، واقصاء اللغات اليومية من وسائل الاعلام .
ب ) عدم الاعتراف باللغة والثقافة البربرية بالشكل المطلوب ، و الاكتفاء بمشاريع الذغدة ، التي ارتبطت بضرورة الشرعنة السياسية Légitimation politique للطبقة الحاكمة . هذه الشرعية Légitimité مؤسسة على القومية العربية دون غيرها .
ج ) وبالتالي سنلاحظ ان التأريخ للمغرب ، سيبدأ مع فترة دخول الإسلام ، وبالتالي فأصول المغرب ستتحول الى أصول مشرقية ، كأنّ تاريخ المغرب ابتدأ في الجزيرة العربية .
اذن ستخضع " الثقافة " لضرورات الشرعنة السياسية ، على أرضية الارتباط بالوطن ، ليس كهوية متعددة ، وكذاكرة ، وانما كطبقة حاكمة تنهش ثروات المغاربة السكان الأصليين . فبدل شعار مختلف الثقافات لمختلف ولجميع الافراد ، نجد شعار نفس الثقافة لمختلف ولجميع الافراد .. ولإنجاز تلك الغاية ، سيتم تجنيد مختلف المؤسسات ( الحديثة ) ،من مدارس ، ومعاهد ، ووسائل اعلام . غير ان انشاء وزارة الثقافة سيعرف عدة توترات لأسباب متعددة ، على رأسها صعوبة فصل الثقافة عن التعليم ، كما هو الشأن في الدول الغربية .. بالإضافة الى التناقض ، واللاّتكامل الحاصل بين مقومات النماذج الثقافية المخزنية ، التقليدانية ، والطقوسية ، والشكل التنظيمي والوظائفي للوزارة كجهاز غربي ( تحديثي ) على الشكل الفرنسي . كيف ذلك ؟ .
من المعروف ان سياسة الدولة البطريركية ، الرعوية ، المخزنولوجية ، في مجال ( التحديث ) الاقتصادي ، هي استمرار لنفس السياسة الفرنسية ، حيث العمل على ربط الفلاحة باقتصاد السوق وبالصناعة . ولتسهيل تلك المسألة عملت الدولة على حل المشكلة العقارية ، بمصادرة أراضي القبائل ، وإدخال عنصري الحيازة والتحفيظ Immatriculation / délivritation ، وإعادة هيكلة الخريطة الجغرافية والسكانية ، من خلال ربط الفخذات والدواوير ، بالجماعات المحلية ، وفتح المجال امام ظهور الملكيات الخاصة الشاسعة ، والاستمارات . أي باختصار شديد مصادرة النموذج القبلي لأجل النموذج الرأسمالي . لكن هل يمكن التحدث عن نفس الشيء بالنسبة للجانب الثقافي ؟ .
د ) بخلاف سياستها في الجزائر ، اتبعت فرنسا سياسة حمائية في المغرب ، حيث حافظت على المؤسسات التقليدية ، واستعملتها لتسهيل انجاز برامجها وخططها الاستعمارية بنجاح وباقل تكلفة .
ان هذه المؤسسات التقليدانية الطقوسية ، هي بالأساس " دار المخزن " . أي الدولة المخزنية البوليسية ، وليس الحكومة لانها حكومة الملك . لهذا السبب نجد على المستوى السياسي ، بل والاقتصادي معاً نظرا لفعل الاوّل في العنصر الثاني ، ما يسمى بلغة Max Feber السوسيولوجي الألماني ب " البتريمونيالية " ، نظرا لكون عملية التحديث ، إضافة الى كونها أتت من الخارج ، فإنها لم تعطل المؤسسات الثقافية والسياسية للدولة البتريمونيالية ، الكمبردورية ، الرعوية ، والبطريركية . في المقابل لم يكن سهلا احداث وزارة مستقلة للثقافة ، خصوصا اذا اخذنا بعين الاعتبار المنظور المدرسي / النخبوي للدولة المخزنية البوليسية ، اتجاه كل ما يدخل في اطار الثقافة .
ففي عهد الاستعمار الذي ندم عليه مغاربة اليوم ويشتاقون اليه ، كانت هناك " إدارة التثقيف العمومي " ACP ، وعلى شاكلتها أنشئت سنة 1968 وزارة التربية والفنون الجميلة ، برئاسة محمد الفاسي ، ثم تحولت الى " وزارة الدولة المكلفة بالشؤون الثقافية والتعليم الأصيل " ، مع احتفاظها بنفس الوزير .
وفي 11 غشت 1971 ، أُحدثت " وزارة الثقافة ، والتعليم العالي ، والثانوي ، والاصيل ، وتكوين الأطر " ( محمد العسكي كوزير ) ، يساعده محمد شفيق ككاتب دولة ملحق ) ، وأُنشأت وزارة مستقلة للتعليم الابتدائي برئاسة حدو الشيگر ، وفي نفس السنة 13 ابريل 1972 ( انقلاب الطائرة ) ( الإضرابات – السنة البيضاء – الاعتقالات ... الخ ) ، تحولت الى " وزارة التعليم الأصيل " ، دون تكوين الأطر ، برئاسة الوزير الحبيب الفهري ، وبعد ستة شهور ، تم تحويلها الى وزارة التعليم ، دون ثقافة ، وحصل ربط الثقافة بوزارة " الحبوس والاوقاف الإسلامية " ( مكي الناصري كوزير ) . وفي ابريل 1974 ، أحدثت وزارة الدولة المكلفة بالشؤون الثقافية برئاسة الوزير ( أبا حنيني) ، وتوالت السنون ، وتعددت عناوين الثقافة ، والتعليم ،والتعليم الأصيل ... الخ ، ومات الحسن الثاني ، وجاء محمد السادس ، والثقافة والتعليم لا تزال عالقة ، وفي ازمة عجز النظام البوليسي المخزني عن حلها . بل لقد تم ردم الثقافة لان الثقافة قضية ماتت بموت القضية ، وتم تدمير المدرسة العمومية ، من دون ان ينجح القطاع الخاص ، في ملئ الفراغ الذي تركه موت المدرسة العمومية ..
2 ) الدولة واللغة :
) يتميز المغرب بوجود لغتين رسميتان العربية الفصحى ، والفرنسية التي تمثل الوجود الفرنسي المستمر في المغرب ، رغم انه يبدو مهزوزا بسبب فضيحة وجريمة Pegasus gate ، وملف حقوق الانسان ، وملف الصحراء الغربية .. فالبربرية تستعمل للتوظيف في الصراع السياسي ، كاعتراف محمد السادس بالسنة البربرية مؤخرا ، في مواجهة التهديد الذي ينتظره القصر ، سواء من الخارج وهو الغالب او حتى من الداخل بسبب الجوع والتفقير ، والازمة الأكثر من مستفحلة .. فاللعب على التناقضات التي تطبع الوسط المغربي ، يمكن ترويجها في كل وقت وحين ، ويمكن استعمالها لتعريض قاعدة النظام المنكمشة .. أي فرق تسد .
لكن رغم ذلك تبقى الفرنسية ضرورية ، باعتبار ان عملية التحديث التي اتبعتها الدولة ، تتأسس على الاستيراد ، وليس على الإنتاج كما هو شأن كل دول العالم التابع . وتعمل فرنسا في اطار سياستها في المغرب وبشمال افريقيا ، على دعم اللغة الفرنسية ، لأنها ضمان استمرار عملية التثاقف اللاّمتكافئة .
ومنذ البدايات الأولى " للاستقلال " ، برزت في صفوف اطراف الحركة الوطنية ، دعوات متعددة الى التعريب . والملاحظ ان النخب الأشد دفاعا عن عمليات التعريب ، هي التي ترسل أبنائها الى المدارس الفرنسية ، بالإضافة الى كون وضعية اللغة العربية الكلاسيكية ، ضعيفة في سوق التداول اللساني . فاللغات الام : العربية الدارجة والبربرية ، هي المتداولة في الحياة اليومية للأفراد ، مع الإشارة الى ان اللغة كيفما كانت ، لا توجد خارج استعمالات الافراد لها ، ومع ذلك نلاحظ على صعيد التوزيع القيمي للغات ، ان هناك فاصلا لدى المتكلمين ، بين الاستعمال اللغوي وبين القيمة اللغوية اذ – وهذا ناتج عن التأثيرات المدرسية – لا تعطى القيمة للغة معينة ، الاّ اذا أصبحت معترفا بها داخل الدولة الرسمية ، وخصوصا الإعلامية .
يلاحظ ان الفرنسية تحتل الصدارة في سوق القيم اللغوية ، باعتبارها لغة الخبز والارتقاء الاجتماعي ، وتستعمل في الغالب في الوضعيات البروتوكولية ، وفي العلاقة بين الجنسين لذا الفئات المتوسطة والمحظوظة ، حيث يتم التخاطب بها ، ممزوجة بالدارجة العربية ، وهي تحيل الى الحاضر والمستقبل ، بينما تحيل اللغة العربية الفصحى الى الماضي و " الثرات " . بالمقابل لا تحيل لغة التخاطب اليومي اية قيمة سلوكاتية لماذا ؟ .
ان وضعية الكتابة هي التي تكسب الفرنسية والعربية ، بُعدا ومكانة مرموقة على المستوى الرمزي . فالشفاهي لم يدخل بعد مجال الكتابة ، غير انّ المشكل لا يتجلى فقط في لغات لم تكتب وما زالت الدولة لم تسمح بكتاباتها ، بل أيضا في الموقع الذي يحتله ما هو شفاهي في السوق اللغوية ، اذ يعتبر بضاعة غير قابلة لإنتاج رأسمال مادي او رمزي ( هدْرة الزنقة ) . انها لغة خارج مؤسسات الدولة المخزنية البوليسية الكاتمة للأنفاس .
ان شفاهية اللغة هو بمثابة اذكار لوجودها كلغة . واذا كان Pascon يقول " بان اللغة لا تصلح لإقامة التواصل ، بل لتحديد الوجود " . فهل يمكن الحديث بالنسبة للإنسان المغربي عن وجودين : وجود شعوري داخل اللغة ، ووجود لا شعوري داخل اللغة – الشفاهية ، ممّا يؤدي الى حرمان الغير متمدرس " الجاهل " للعربية الفصحى مثلا من وجود حقيقي وشعوري ، وبالتالي انطلاقا من العلاقة العضوية بين اللغة والهوية ، هل يمكن القول بهويتين ، هوية حقيقية مفقودة على صعيد النموذج ، الاعتراف ، وهوية مزيفة معترف بها كنموذج حي ؟
حين تعتبر ذاتا ما نفسها سلبية ، فإنها تسعى الى الهروب والاندماج في لسان وثقافة الاخر ، وتوجد هذه الظاهرة في حالات الغلبة ، سواء تعلق الامر باللون ، او بالدين ، او الاقتصاد ، او الثقافة .. الخ . ذلك ان جماعة ما ترفض اصلها ، وتعارض كل ما يذكرها بذاكرتها وبانتمائها الفعلي ، وتشكل القرابة وسيلة للهروب من الذات ، وتحقيق الاستيعاب من طرف الاخر ، وتنتشر هذه الظاهرة في أوساط الموظفين الصغار ، وتنبني على عدة ثنائيات : بادية / مدينة / فقر / غنى ... الخ .
وخلاصة القول ان اللغة ليست وسيلة للتواصل ، بل لتحديد الوجود فعلا . ان الغياب الثقافي واللغوي ، يؤدي الى الغياب السياسي والمجتمعي . لهذا نتساءل بصدد المسألة الديمقراطية ، كيف يمكن اشراك جماعة ما على المستوى السياسي ، مع تغييبها على المستوى الثقافي . لهذا السبب نجد ان
اغلب قواعد التنظيمات السياسية ، لا تعرف سوى التصفيق ، والانصياع للقيادات دون فعل يذكر . 2-1 ) زيادة على هذا الجانب ، هناك ما يصطلح عليه بالتنشئة الاجتماعية للأفراد ، وهنا ترتبط اللغة بالثقافة والهوية ارتباطا وطيدا . ولتقريب الصورة نبدأ بسؤال من التاريخ القريب : لماذا قاوم بعض اجدادنا عملية الدخول الى المدارس ؟
الإجابة قد تتطلب تحليلا سوسيو-تاريخي معمقا ، لكن هذا لا يمنع من بعض الإشارات : لقد واجه دخول الاستعمار مقاومة شديدة من طرق القبائل المغربية ، مقاومة لم تكن عسكرية فقط ، بل ثقافية أيضا ، وما زلنا نتذكر المرأة الدخيسية من نواحي مكناس ، التي القت امام جرار حتى تمنعه من المرور على ارض الجماعة ، وفي المقابل كانت النخب المغربية التي تلقت تعليمها بالبعثات الفرنسية ، وبفرنسا ، تطالب الدولة بالسير بعيدا في عمليات " التحديث القروي " ، عبر ادخال التقنية واقتصاد السوق .
إننا إزاء موقفين هنا : القبيلة المعبر عن مقاومة ثقافية . – موقف النخب المعبر عن ثقافة المستعمر ومشاريعه . كيف ذلك ؟
ان ادخال الجرار كتقنية ليس محايدا . بل يعكس ادخالا لثقافة ولآلية معينة ، هي باختصار آلية اقتصاد السوق ، بينما يعتمد الاقتصاد القبلي على الإنتاج لأجل تلبية حاجات القبيلة ، وليس للاستثمار والتصدير ، وإعادة انتاج الثروة ، ويلعب السوق الأسبوعي دورا في مد الدواوير بالمواد الحرفية الاستعمالية ، بينما السوق في الرأسمالية يخضع لمقاييس الإنتاج والربح . فالأرض بدورها رأسمال ، والحاجة الى الزيادة في الإنتاج عند القبيلة ، تفرضها التحديات الداخلية خاصة الديمغرافية ... بالنسبة للنخب التي تكونت في البعثات الفرنسية ، فأنها تشبعت بالثقافة الغربية الفرنسية ، فليس غريبا ان تنطق بلسان غير لسانها . والسياسة التعليمية للدولة على المستوى اللغوي ، تقوم على تلقين أبناء البوادي الناطقين بالبربرية ، لسانا غير لسانهم الام ، لإدماجهم وتحيلهم الى هويات منحدرة .
ان هذه باختصار بعض العناصر التي يمكن الانطلاق منها اثناء دراسة السياسية الثقافية واللغوية للدولة المخزنية ، في افق طرح لقضايا الحقيقية التي كانت مهمة ، نظرا لطغيان المنظور الاقتصادوي والسياسوي في النظرية الاشتراكية العلمية لسنين طويلة



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إدارة تويتر وإدارة الفيسبوك
- جبهة البوليساريو
- البنية السرية
- هل هناك شيء يدبر ضد شخص الملك محمد السادس ؟
- قوة الأشياء وقوة الأفكار
- الاتحاد المغربي للشغل
- اليسار الجديد والعمل النقابي
- تاريخ المقاومة المغربية الشعبية لقبائل زيان المجاهدة أبناء خ ...
- تحليل الدولة العلوية ( 6 )
- تحليل الدولة العلوية ( 4 )
- تحليل الدولة العلوية ( 3 )
- تفكيك الدولة العلوية ( 2 )
- تفكيك الدولة العلوية
- الاحلاف .
- وجهة نظر في الديمقراطية ( الفصل الثالث )
- وجهة نظر في الديمقراطية ( 2 )
- وجهة نظر في الديمقراطية
- الديمقراطية كأداة للترويض السياسي
- السياسة بين الحب والحرب
- الغلاء وارتفاع الأسعار في المغرب .


المزيد.....




- انحرف وانفجر أمام الكاميرا.. شاهد لحظة تحطم صاروخ فضاء ألمان ...
- كيف رد علي خامنئي على تهديدات ترامب بقصف إيران؟
- الشرع بعد صلاة العيد بقصر الشعب: -أمامنا طريق طويل وشاق-
- -بوليتيكو-: ترامب يخفف لهجته تجاه بوتين ويعلن ثقته في صواب ق ...
- تقارير: مقتل أكثر من 700 إثر انهيار مساجد بسبب الزلزال في مي ...
- ترامب: الرسوم الجمركية المضادة ستستهدف جميع البلدان
- أرمينيا تخطر -الأمن الجماعي- برفضها الإسهام في تمويل المنظمة ...
- هولندا تدعم أسطولها بسفينة عسكرية من جيل جديد
- هولندا تعلن عن ملياري يورو إضافية لتسليح نظام كييف
- أسباب عدم انتظام دقات القلب


المزيد.....

- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - السياسة الثقافية واللغوية بالمغرب