|
تجَّارُ الجَمالِ الزَّائِف
علي الجنابي
كاتب
(Ali . El-ganabi)
الحوار المتمدن-العدد: 7605 - 2023 / 5 / 8 - 17:31
المحور:
كتابات ساخرة
الى/ طبيبُ تَجميلِ النِّساء بلا تَّحية.. كيفَ يرتضي جرّاحٌ ذو طبِّ مُعتَبرٍ لذاته أن تكونَ بلا ذوقٍ وبلا أدب، وأن تسقطَ ذاتُهُ في جُبٍّ مَجٍّ بلا وازعٍ ولا مبررٍ ولا سبب. أما علمَ أنَّ العلمَ نورٌ، وأنَّ درجةَ الطبِّ أتت ضمن أعلى رُتب، وأنَّ تخصصَ الطبَّ ذو سقفٍ عالٍ لا ينالُهُ كلُّ مَن دَّبَ فَهَبَّ وطلب. وإنَّ إحترامَ الذَّاتِ فرضٌ وواجبٌ في العُرفِ قد وجب. ورُغمَ أنَّ طالبَ الطبِّ جاهدَ لينالَ شهادةً مُعتبرةَ اللقب، بيدَ أنّ منهم مَن إنتكسَ على رأسهِ فإرتكسَ ليجَعلَ رأسَ شهادتهِ هو الذَّنب، ومامِن تفسيرٍ لذا إنتكاسٍ وإرتكاسٍ وذا جَعلٍ إلّا تأويلَ أنَّ الذَّنبَ لا ينجذبُ فيلتويَ إلّا مع قرينٍ من ذنب. فهلّا دَرَى طبيبَ الدُبُرِ والأرداف أن التَّجميلَ -ماخلا إزالة تشويهٍ وعيبِ بالضرورة- محَرَّمٌ شرعاً وهو مستهجنٌ عُرفاً، وهو بينَ النّاسِ غيرُ مُستّحب، وهلّا إنتهى الى أنَّ دَراهمَ الحريمِ لن تجعلَ منه رجلاً ذا وزنٍ وقيمةٍ في مجالسِ الحسب والنسب. إنَّ تجارةَ أو مايُسَمَّى زوراً ب (عَملياتِ) تَجميلِ النِّساء قد ذاعَت بلا رادعٍ ولا شجب، فشاعَت في النِّساءِ من حضرٍ ومدرٍ أرجاء إمَّةِ العَرَبِ، فضاعَت وجوهُهُنَّ فبات الرَّجلُ لا يَميزُ رأسَ إحداهُنَّ من الذنب! وترى الحريم يَنَمنَ جنبَ بعولتِهنَّ تحتَ أضغاثِ أحلامٍ بطنينٍ وهلوسةٍ بأنينٍ وندب؛ " وي! إنَّ خشمي وسيم لوما أنه ههُنا عطب، وكذا فيما ههُنا عطب، وخدّي سليم لو أنَّ بهِ غمازةً بثقب، وحنكي حميم لوما أنّهُ مُربَّعٌ كدولابِ " خالتي عمشة" من خيزران الخشب، وخصري قويم لولا طياتُ شحمٍ متراكمٍ بإربٍ وبلا سبب ..". ثمَّ تراهن يُصبحنَ في صبحِهُنَّ فيَجنحنَ من فورِهُنَّ إلى جُحر طبيب الأرداف وكأنَّه ثعلبٌ مُتَربِّصٌ بهنَّ مُحتَجَب، ليُحَوِّرَ أنفَ الحُرمةِ إيّاها الى عجوةٍ يَبَسٍ نَقَرَ جنبَيها غرابٌ ذو شَغَب، أو لحُصرمةٍ مُتخرِّمةٍ سَقطَت في حالكِ قيعةٍ لبقيةِ شتلاتٍ من عنب! وأمّا الشِّفاهُ فيُصيَّرهنَّ نسخةً لدُبُرٍ مُحمَّرٍ لرضيعٍ بَدينٍ يَصرُخُ من غُسلِ غائطهِ بصَخَب! وأمّا رُموشُ العيونِ فما عادت رموشاً إذ ضاعَ عنها جذرُها وطُمِسَ الهَدَب، فأمسَت الرموشُ أسلاكَ عسكرٍ شائكةٍ تحاذي مبزلََ ماءٍ آسنٍ غشَّاهُ القصب. وثَمَّ الحاجبانِ! أو هكذا كانت تسمِيَتَهما قبل إنقراضِهما والدّيناصور بنيزكٍ صامتٍ بلا صخب، فقد أُصيبَا بلفحةِ (ليزرٍ)بِتَبب، والليزرُ هو نارٌ بلا فتيلٍ ولا دخانٍ وبلا لَهَب! لقد أضحَتِ الحُرمةُ في بلدان العرب تقفُ في مطبَخِها ولكأنّها رُزمةُ عيدانٍ من حطب، ونبراتُ صوتِها كمثل نبراتِ تيكَ التي كانوا يُنادونها "حمَّالةُ الحطبِ". بيد أنَّ الشيئَ الذي يبعثُ في النَّفسِ العَجَب، أنَّ تهي المرأَةَ المُحَوَّرةَ المُطَوَّرَةَ قد ظُنّت أنَّها نالت رقمُ العجيبةِ الثَّامنُ في سلسلةِ الدنيا العَجب ! قد شاهَت وجوهُ الحريم وبرزنَ متمايلاتٍ بوجوهٍ مُصَنَّعةٍ مُقَنَّعةٍ وكأنَّهنَّ وجوهٌ من صفيحٍ أو كقاعِ مُستنقعٍ قد نَضَب! فمَن شاءَ أن يرتبط بأحداهنَّ فلا يختارُها من زفةٍ عرسٍ ومنها ينتخِب، بل من عزاءٍ بلطمٍ وعويلٍ منتَحَب. مهلاً طبيب، لرُبّما نساءُ قومِ (سيدِنا لوط عليهِ السلامُ) كُنَّ للتَّجميلِ مُدمِناتٍ بإسرافٍ غيرِ مُقتَضَب، فترى قُلُوبَ بُعولتِهُنَّ قدِ اشْمَأَزَّتْ وتّقطَّعَ فيهم من القلبِ العَصَب، فإستبدَلوهنَّ مكرهين بذكرانِ لقضاء حاجةِ مُضطَرٍّ مُضطَرِب، فيا لخوفي على رجالات العرب أن يُصيبَهمُ مثل ما أصابَ ذكران قومِ لوطٍ من فاحشةٍ ومن سوءٍ في المُنقَلَب. رَحِمَ الرحمنُ الأمَّ والجَدّة والعَمَّةَ والخَالة، فقد كنَّ جميلاتٍ ذوات كياسةٍ ونسبٍ وحَسَب! وما عرَفْنَ تحايلاً ولا إحتَرَفنَ تمايلاً والصُّبغُ ما تجرأ على أظافرِهُنَّ إن يقتَرَب. وإذ كُنَّ هُنَّ سيداتٌ الجمالِ الطَّريٍّ الفطريِّ الذي وَلَّى وذَهَب. وإذ كانَ الوجهُ فيهنَّ كمثل لؤلؤٍ مكنونٍ أو كعقيقةٍ على خاتمِ من ذهب. ذلك الجمالُ جمالٌ نديٌّ نقيُّ بهيٌّ غيرُ منفوخٍ ولا مَمزوجٍ بعصارةِ دهانٍ من كَذِب. جمالٌ آسرٌ ساحرٌ غيرُ مُكتَسَبٍ ولا مُحتَلَب. ذاك أنه جمالٌ مُتَفَجِّرٌ من بين أصابع بديعِ السَّمواتِ وربِّ النَّحلِ والنَّخلِ وربِّ كلِّ حقبٍ وعقب. وإنَّما الجمالُ هبةُ الوهّابِ لا تُصَنَّعُ على طاولةٍ خلفَ جدارٍ ولا تُكتَسَب. فمتى يعلمُ سماسرةُ الطبٍّ أنَّ العلمَ نورٌ، وأنَّ الطبَّ في سُلَّمِهِ في أعلى رُتب. فبالأمس كانَ الطبيبُ هو المؤتَمَنُ على العرضِ في ديار العرب، واليوم أضحى الطَّبيبُ مؤمِناً بالأردافِ ربَّاً والشّحومِ ديناً والشِّفاهِ رسولاً مُؤيَّداً بما في أروقة الطِّبِّ من زُبرٍ ومن كُتب. وذلكم هو عينُ السقوطِ في هاوية السَّفاهةِ والشغب واللعبِ بصخب. ثمَّ تحيةٌ لكلِّ طبيبٍ من بقيةٍ من نخب، لم يزلْ ملتزماً بشرفِ هذا اللقب، وتراهُ لا يحتسي عصائرَ من زغب وشطائرَ من شحومٍ مكبكبةٍ فوقَ الرُّكب، وما برحَ يستحي من قيلِ الأنام إن هجاهُ قولاً أو إن كَتَب، وتراه يحسِبُ حسابَ كلَّ عيبٍ وملامةٍ وحتى العتب.
#علي_الجنابي (هاشتاغ)
Ali_._El-ganabi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما الأمرُ بِنُمُوٍّ بلِ إنقِلاب
-
وأولئِكُمُ القَوْمُ العَبَث
-
(القَولُ الفَصلُ في القَلبِ والعَقل)
-
هَلّا دَرَيتَ أنَّك النّوْفَلُ النَّفَلُ
-
مُناجاةٌ : (مَاذا عَسَانِي)
-
صديقتي الخالة
-
منادِيلُ الطُّفُولَةِ
-
لا فِرَاقَ يَا عِراقَ
-
أبو بَكرِ الصَّديق في خِطابٍ مُتَلفَزٍّ (AB BAKR AL-SIDDIQ I
...
-
نَهرُ البَيَانِ فِي البَيْداء
-
سُويْدُ السُّويداء
-
أيا أنتُمُ أيا غَوغاءُ
-
[الطّوافُ حولَ قَصرِ باكنغهام]
-
الحَقُّ الباطِلُ !
-
حُروبُ العِنَب
-
[ سُلَّمُ البُستان ]!
-
[عِصابةُ] نّبِيِّنا مُحَمَّد
-
القتلُ على نارٍ هادئة
-
(شِراعُ الشُّهرةِ في شُعاعِ شَاشَة)
-
[ - أبو العَتاهِية- وأنا ]
المزيد.....
-
الحكاية المطرّزة لغزو النورمان لإنجلترا.. مشروع لترميم -نسيج
...
-
-شاهد إثبات- لأغاثا كريستي.. 100 عام من الإثارة
-
مركز أبوظبي للغة العربية يكرّم الفائزين بالدورة الرابعة لمسا
...
-
هل أصلح صناع فيلم -بضع ساعات في يوم ما- أخطاء الرواية؟
-
الشيخ أمين إبرو: هرر مركز تاريخي للعلم وتعايش الأديان في إثي
...
-
رحيل عالمة روسية أمضت 30 عاما في دراسة المخطوطات العلمية الع
...
-
فيلم -الهواء- للمخرج أليكسي غيرمان يظفر بجائزة -النسر الذهبي
...
-
من المسرح للهجمات المسلحة ضد الإسرائيليين، من هو زكريا الزبي
...
-
اصدارات مركز مندلي لعام 2025م
-
مصر.. قرار عاجل من النيابة ضد نجل فنان شهير تسبب بمقتل شخص و
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|