|
(منتهى اللذة..منتهى الألم) مقال
نور فهمي
كاتبة
(Noor Fahmy)
الحوار المتمدن-العدد: 7598 - 2023 / 5 / 1 - 08:54
المحور:
الادب والفن
فى (خانة اليك) تقع أحيانا اختياراتنا؛ بين تقبل الموت بمازوخية التسليم، وبين مقاومة سادية الأقدار بتحدى وعند، وينتهى بنا الحال أخيرا، إما منتصرين، أو منتحرين! ماذا يحدث إذن فى حالة التعلق المرضى بشخص ما، ثم فقدانه نهائيا بالموت؟! فى فيلم(الحياة..منتهى اللذة)؛ تمثل البطلة نموذجا حيا للتعلق المرضى بوالدها، فتختفى معالم الحياة فيها تماما بعد وفاته، ولا يشغلها أمرا سوى أن ترحل لتلحق به فى داره(حسب إيمانها). "اليتم ده عاهة..زى اللى راحت رجله أو ايده، أو عينه" تفرز حروف هذه الجملة بمنتهى الصدق، فى أحد المشاهد بينها وبين صديقتها المقربة. وتقر وتعترف بتلقائية شديدة بأنها تتمنى الموت، وترغب فيه بشدة، كما لو كانت تعترف بحبها السرى لشخص ما!! يؤثر ذلك على علاقتها بزوجها الذى تعشقه، ورغم ذلك تنتهز كل فرصة للإبتعاد عنه، فهو لم يدرك أن كل ما تحتاجه زوجته فى هذا التوقيت تحديدا؛ هو (احتواء خالص) لا رغبة جنسية تشوبه، ولا تمهيدات لعلاقة حميمة تعكر صفوه! تمر البطلة بحالة اكتئاب شديدة، وترحل بخيالها وفكرها كليا عن الدنيا؛ فتحتويها ذكريات أبيها وتهدهدها، ولا تجد لها أى مسكن آخر لمرارة الفقد وآلام الفراق سوى ذلك. وبدلا من أن يشاركها زوجها عالمها، ويحاول أن يسرى عنها بالطريقة التى ترضيها وتهديها، آثر توبيخها وتذكيرها فى كل لحظة أن والدها انتهى ومات ، وأن الأحياء أهم وأبقى! فتبرر حزنها وانعزالها مفسرة لزوجها؛ بأنه من الطبيعى جدا، أن تحزن ثلاثة أشهر على رجل عاشت معه عمرا بأكمله؛ رجلا كان لها أبيها وأمها بعد وفاة الأخيرة فى عمر صغيرة!! فعلام اذن التوبيخ والسخرية؟! وعلى غرار هذا السلوك؛ نشاهد أيضا البطل فى فيلم (آسف على الإزعاج)؛ وقد عالج مرارة الفقد بحيلة (الوهم) فلم تنتهى علاقته بوالده حين وفاته، ظلا على تواصل وحوار دائم ومثمر، حتى وإن كان(متخيل)، لكنه بالنهاية انقذه من الموت والعزلة، انتشله من براثن الاكتئاب والألم، وكانت أمه أحيانا تجاريه فى هذا الوهم. وحينما استسلم فى النهاية للعلاج النفسى، تألم وتأذى، ثم سرعان ما عاد لأوهامه مرة أخرى بخيالات مستمرة عاونته على ممارسة نشاطاته اليومية، ومواصلة حياته برضا ولو كان جزئيا!! فهل جرب أحدكم أن يهدهد اوهامه، علها تكون الملاذ الأخير؟! عودة أخرى لفيلم(الحياة..منتهى اللذة)، والزاوية التى عالج بها الأمر، والتى أرى أنها غير منصفة بالمرة؛ فبدلا من محاولة الزوج للتفهم والتقرب فى (إطار) تحتاجه زوجته بحق، أظهرت مدى ظلم الزوجة لزوجها، بامتناعها عن معاشرته جنسيا لثلاثة أشهر ، مما أدى فى النهاية إلى خيانته لها، وبالطبع لو خان الرجل؛ لتفنن حينها كل من حوله فى أعذار لا حصر لها ولا عدد، كما اعتدنا دائما فى مجتمعاتنا!! اتساءل الآن " ماذا عنها وعن احتياجاتها وشعورها، ماذا لو تبدلت الآية فأصبح الزوج مكانها، يعانى وفى حاجة لمن يرعاه نفسيا فوق كل شئ؟! هل فى هذه الحالة تكون الخيانة مبررة إذا اقدمت عليها المرأة؟ هل سينصفها أحد، أم سيكون قتلها عندئذ مهمة دينية ووطنية؟! تقع (البطلة) فى معضلة حقيقة؛ فإما التسليم المازوخى لسادية القدر، وإما اختيار(الانتحار) كبديل وحل لمعاناتها! وبعد فترة طويلة من المقاومة والشد والجذب وطول العناد، حان الوقت أخيرا لتصحيح المسار والاندماج فى النشاطات اليومية المعتادة، وصلح ما افسدته حالتها النفسية بعلاقتها بزوجها فتقول: "انا نسيت انى عايشة..حقيقة كان لازم أواجهها حتى لو مش على مزاجى" وهنا فقط تختفى مقاومتها للقدر، تسلم له؛ فتحدث المعجزة، ويكون لها ما اردت: (الموت) بطلقة رصاصة طائشة التى بدلا من أن تصيب زوجها، أصابتها هى فى المقابل. حدث ذلك أثناء رقصها مع زوجها فى ليلة صلحهما، عندما استسلمت نهائيا لإرادة القدر، حينما اعلنت هزيمتها أمام مشيئته! فعلى مدار مدة الفيلم كله ظلت تقاوم القدر وتعاند حيله، ولم يحدث لها ما أرادت إلا عندما امتثلت واستسلمت! كانت تختار "الموت" على "الحياة" فى كل خطوة وفى كل موقف وقرار، حتى برفضها للعلاج النفسى. كانت على وشك الانتحار فى إحدى المرات، ولكنها تراجعت فى اللحظة الأخيرة. وللمفارقة العجيبة؛ ماتت بينما كانت ترقص فى أحضان القدر، ماتت فقط، حينما اتحدت كليا مع إرادة الحياة، وقد بادلها الموت أخيرا حبا بحب!! فهل نصل نحن البشر؛ "للذة المنشودة" شريطة أن نتقبل مرارة الألم؟! هل يكون التسليم أحيانا بوابة أخيرة لولوج الأمل؟! أم يبقى "الوهم" سبيلنا الأوحد والأمثل للنجاة؟!
#نور_فهمي (هاشتاغ)
Noor_Fahmy#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
آيات سينمائية..تلاوة امرأة
-
حرية موقوتة (نص نثرى)
-
انتحار عارية (قصة قصيرة)
-
سمعة الكترونية (قصة قصيرة)
المزيد.....
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
-
3isk : المؤسس عثمان الحلقة 171 مترجمة بجودة HD على قناة ATV
...
-
-مين يصدق-.. أشرف عبدالباقي أمام عدسة ابنته زينة السينمائية
...
-
NOOR PLAY .. المؤسس عثمان الموسم السادس الحلقه 171 مترجمة HD
...
-
بجودة HD مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 171 مترجمة بالعربي علي قص
...
-
بجودة HD مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 171 مترجمة بالعربي علي قص
...
-
حالا استقبل تردد قناة روتانا سينما Rotana Cinema الجديد 2024
...
-
ممثل أميركي يرفض كوب -ستاربكس- على المسرح ويدعو إلى المقاطعة
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|