مسلسل معاوية والحسنين

عبدالامير العبادي

الحوار المتمدن-العدد: 7596 - 2023 / 4 / 29 - 19:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

مسلسل معاوية والحسنيين
لا معنى أن يكتب التأريخ وفق رؤية مذهبية تتأصل في فكر الكاتب وانحيازه لما يعرض او يكتب ذلك كون من كتب التأريخ حتما له جزء من الانحياز العاطفي والفكري الذي كان قد عاشه في مرحلة ربما اثناء الاحداث او بعدها بزمن او انه متخصص بكتابة التأريخ الا انه قد يعيش فترة من الزمن لا يستطيع ايصال كل الحقيقة والتفاصيل ولنا في احداث الحاضر أنموذج للاختلاف وتباين الاراء سيما في وطننا العربي فكثير منا يختلف في ما كتب عن الحقبة الناصرية وعن جمال عبدالناصر او العهد الملكي او الجمهوري وهل ان ما جرى هو انقلابات ام ثورات وهكذا الحال في تقييم الرجال وها هي الوقائع تسجل هذه الخلافات لحقب مرت قريبا لخمسة او ستة عقود لم نجد ما كتب عنها بموضوعية الا ماندر
وعود لمسلسل معاوية الذي منع من عرضه بسبب موقف الازهر وبعض الاطراف الشيعية اذ تجلى سبب المنع هو ظهور الاماميين الحسن والحسين ومنع مسبقا قبل أن يعرض وبعيدا عن هذا الرأي
فقد عرض المسلسل الذي قيل ان كلفة انتاجه بحدود مائة مليون دولار وقد تبنت شركة المها للانتاج انتاجه أضافة لمشاركة العديد من الممثليين من انحاء الوطن العربي مع أن وزير الاعلام المصري قد وجه بضرورة عدم عرض المسلسل كونه يجسد صور الصحابه على حد تصريحه مع رفض القنوات المصرية التي اصرت على عرضه
المسلسل سوري من اخراج عبدالباري ابو الخير وتمثيل
1-خالد الغويري/ دور الحسن
2- محمد المجالي/ دور الحسين
3- رشيد عساف / دور معاوية
4- تيسير ادريس/ مالك الاشتر
5- فارس الحلو / مالك بن سبأ
6-فتحي الهداوي/ حرقوس بن زهير
7-طلحت حمدي / الزبير بن العوام
8- زيناتي قدسية/ عدي بن حاتم الطائي
9-رياض وردياني/ طلحة بن عبيد الله
مع مشاركة العديد من الممثلين ومن الاردن ومصر ولبنان والجزائر والمغرب والكويت والسودان
وحين اتيحت لي رؤية المسلسل عبر اليوتيوب وجدت ان هناك ثمة مسلسلات عربية وايرانية وافلام عربية واجنبية منها فلم الرسالة الذي جسد دور الحمزة وقام باداء الدور الممثل القدير عبدالله غيث بنسخته العربية وكذلك مسلسل عمر الذي جسد شخصية عمر بن الخطاب والحسن والحسين اما الافلام الاجنبية فقد انتجت ادوارا للمسيح علاوة على تجسيد دور النبي يوسف في مسلسل يوسف
اذن هذه ليست المرة الاولى التي تعرض فيهاافلام ومسلسلات تعرض لشخوص عمر والحسن والحسين والمسيح ويوسف
لكني ارى ان ثمة صراعات طائفية وفكرية انتشرت في المرحلة الحالية اخذت تغذي هذه الصراعات مما نتج عنه الوقوف بالضد من عرض هذه العروض
اما الرؤية التحليلية لما عرض في مسلسل معاوية والحسن والحسين ارى ان المسلسل من ناحية الانتاج والتمثيل والاخراج
كان لا يختلف عن بقية المسلسلات الدينية والتأريخية ويكاد ان يقترب لمسلسل عمر بن الخطاب او المسلسلات التي عرضت في فترات سابقة
المسلسل لاجديد فيه من حيث الوقائع بل انه وقع في عرض لسرد تأريخي دون في فترات بعيدة عن المرحلة التي وقعت فيها الاحداث واحيانا كشف حالات مشكوك في وقوعها وهي مختلف عليها اذ برر وقوع الاحداث بسبب فتن اثيرت بسبب مثلا عبدالله بن سبأ اليهودي القادم من صنعاء والذي استسلم في عهد الخليفة عثمان وبحجة الثأر لدخوله الاسلام عنوة خاض غمار اثارة الفتنة بين عثمان وعلي واصحابه وجند العديد من الناس لاستحداث هذه الصراعات حتى نتج عن ذلك مقتل عثمان وحدوث بعدها معركة الجمل مع ان هذه الشخصية غير متفق عليها من قبل كتاب التشيع وحتى الطبري واخيرا ما اشار اليه طه حسين في الفتنة الكبرى من عدم قناعته به
والمسلسل لو امعنا الرؤية فيه لترتب علينا ان نسال
لماذا حدثت هذه الاحداث الجسام وهي تمتد لفترة ما بعد وفاة النبي محمد اذا كشفت هذه المرحلة قوة الصراعات القبلية والثأرية بين نمطين
النمط الاول يتمثل في قريش والنبي محمد الذي استطاع من نشر النبوة بالترغيب والترهيب وقدرته الالهية الجبارة على فرض الدخول بالاسلام ابتداء من معركة بدر والمعارك التي تلتها والبالغة حوالي 23معركة او غزوة وفرضه القيم الدينية على المجتمع البدوي وفرضه الفروض الاسلامية كالزكاة والحج والصوم والصلاة والموآخاة والمساواة بين القبائل وهذا لم يتناسب مع ماكان لبعض الاقوام والعشائر البدوية استساغة هذا الامر سيما الامويين
وكذلك ثمة سؤال ناتج من حياة الناس في هذه الفترة اذ كلهم مدججين بالاسلحة كالسيف والدرع وهم في حالة استنفار ولامعنى للحياة الاقتصادية والعلاقات المجتمعية وماهي المهن والاعمال التي كانت تدار وغياب واضح لدور المرأة
المسلسل استعرض قضية الفتنة في زمن عثمان ولم يبين اسبابها والذي كان يكمن برجالات وضعهم الخليفة في دول الامصار فاستحوذوا على السلطة حتى اصبح عندهم الثراء كبير جدا وقد اثيرت هذه المسألة عند العديد من الكتاب أضافة لاصطفاف الامويين التأريخي ومعادة الامام علي وآل بيت محمد لما خسروه من سلطان بعد السطوة للا سلام وسلطة الرسول ومساواتهم مع افراد المجتمع انه صراع اقتصادي واضح علاوة على مقتل شيوخهم وساداتهم مما نتج عنه لغة الثأر والتي لم تظهر في المسلسل كذلك يبين المسلسل كم هو كبير حجم الغضب وردات افعاله بدءاً من مقتل عثمان وما تلاه من مقتل علي ومعركة الجمل وصفين والنهروان وواقعة الطف وكم هي لغة العنف التي استعملت سيما في هذه الحروب خاصة في معركة الطف واستمرار هذا الصراع ليومنا هذا تحت يافطة نصرة الاسلام وما تقوم به الاحزاب الاسلامية كالقاعدة والدواعش وبعض الفصائل الشيعية من استنفار للصراعات انمايشير لقساوة تلك المرحلة واستمرارها ليومنا هذا
اقول ان عرض هذه المسلسلات هو تغذية فضة لوقائع مشكوك فيها وان صحت فلا جدوى منها سوى بيان قيمة لغة السيف والحرب والفتن وما تخوضه الامم الاسلامية من صراعات انما هو تواصل لمراحل تاريخية عفا عليه الزمن وتعبر عن خطاب الموت والقتل والبطش بغض النظر عن جرئية الحقائق وان وجدت فهي تتعلق بتلك المرحلة ولاكثر من الف وخمسمائة قرنا مضت من التخلف والتراجع لم تستطع هذه الامم من التطور والتمدن بل تكرس كل حالاتها النهضوية على الركون للتغيير من خلال الغرب وثقافة الغرب ولكم في واقعنا المؤلم دلالة واضحة المعالم من التقدم التكنولوجي والثقافي والحضاري الى مقارنته بقذارة الافكار المتطرفة التي ما زالت تقض مضجعنا وتفرض لغة الظلام والتراجع بشكل دائم

#عبدالامير_العبادي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات